السبت 5 مارس 2022 - 15:25
الخرطوم : إبتهاج متوكل
تواجه البلاد “مأزق اقتصادي حرج “، بحسب الخبراء والمختصين يحتاج لوضع خارطة للخروج من هذه الأزمة الراهنة، ومناقشة التحديات، والتأكيد على آفاق النجاح، بغية تحقيق الخروج الآمن، موضحين أن حكومة السودان هي المسؤول الرئيس عن إخفاق التنمية في السودان، مشددين على أن أزمة البلاد )أخلاقية وطنية وإهدار للوقت(، ودعوا إلى إنشاء مفوضية لضبط التخطيط.
تشخيص الحالة
حدد وكيل وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، عبدالله إبراهيم، مشكلات الاقتصاد في عدم زيادة الإنتاج والإنتاجية، داعيًا لإنتاج سلع ذات ميزة نسبية ولديها سوق عالمي، ربط نجاح مشروع الجزيرة، لوجود سوق للأقطان، كذلك غياب الإنتاج من أجل الصادر، وهي تحتاج تهيئة البنى التحتية ووسائل التخزين، وزاد أهم شيء في الصادر الاستدامة، لأن المستورد محكوم بمواقيت.
وقال الثلاثاء ، في حلقة نقاش حول الوضع الاقتصادي الراهن وسيناريوهات الانتقال إلى النمو الاقتصادي المستدام، إن هنالك ازدواجية بين القطاعين الاقتصادي التقليدي والحديث، وأن القطاع الحديث يجد الاهتمام فيما يتعلق بالإجراءات والسياسات والتمويل، ومع ذلك للأسف يعمل بالخسارة، بينما الاقتصاد التقليدي هو الداعم الاقتصادي حاليًا، لأن التكلفة فيه صفرًا، وتابع أنه قطاع “منسي ومهمل”، رغم أن معظم الصادرات تأتي من التقليدي.
سياسات منفردة
وأقر إبراهيم، بوجود مشكلة في الشمول المالي، ليس بسبب وجود مشكلة في البنوك أو الاتصالات، إنما نتيجة للتعامل مع التكنولوجيا، وأضاف: إحدى المشاكل توسع القطاع غير الرسمي، الذي صار له دخول عالية عكس القطاع المنظم، وبموجبه يقوم جزء يسير بسداد الضرائب، كذلك توجد مشكلة في رسم السياسات، رغم مساعي المالية لاشراك أكبر عدد من القطاعات لدى وضع السياسات، حول سياسات الإيرادات والإنفاق، إلا أنه عند التنفيذ يتفاجأون بوضع سياسة” منفردة”، مستدلًا بما قام به بنك السودان في عدم إشراك منتجي الذهب في سياساته، وفي حال إشراكهم منذ البداية، لتفادي المشكلة الماثلة حاليًا.
وذكر، أن وزارة المالية مسؤولة عن إدارة الاقتصاد القومي، إلا أنها فقدت ذلك لأسباب عدة، وصارت ليست لديها الهيمنة على إدارة الاقتصاد، إلى جانب عدم قدرتها على ولاية المال العام، مما جعلها تفقد القدرة في السيطرة على الاقتصاد، لذلك هنالك مشكلة كبيرة في إدارة الاقتصاد، مشددًا على قيام وزارة المالية بدورها.
وأكد إبراهيم، تأثير تمويل عجز الموازنة بالاستدانة من الجهاز المصرفي، على كل مؤشرات الاقتصاد السوداني، مبينًا أن زيادة الأجور بنسبة ٦٠٠٪ في عام ٢٠٢٠م، في ظل عدم وجود موارد كافية لتغطيتها، أدت للجوء إلى الاستدانة من قبل البنك المركزي، وتسبب ذلك في ارتفاع معدلات التضخم لثلاثة أرقام ) وماتزال هنالك مشكلة في كيفية تمويل العجز(، مبينًا أن سياسة الاستدانة من الجهاز المصرفي تكون إيجابية، حال تم صرفها في مشروعات إنتاجية، وتبرز سلبيتها عند استغلالها في الصرف الجاري.
عجز كبير
وأفاد إبراهيم، أن عجز الموازنة حاليًا كبير، لأن تعويضات العاملين تمثل ٣٠٪ من حجم الإيرادات، ودعم المحروقات يأتي بنحو ٣٠٪، كذلك دعم الولايات بحوالي ٣٠٪، مما يعني أن ٩٠٪ من حجم العجز يكون في ثلاثة محاور فقط.
ونوه إبراهيم، إلى أن المالية تتحمل ٩٦٪ من تكلفة تشغيل الكهرباء، مما أثر على موازنة الدولة، في عدم الإيفاء بالصرف على قطاعات مهمة أخرى كالصحة والتعليم، وبرر قطوعات الكهرباء في العام الماضي، للتقصير في دفع المبالغ المطلوبة لتخليص بواخر الفيرنس، نتج عنه عدم استقرار التيار الكهربائي بالبلاد، وزاد هذا الأمر دفع للبحث عن إيرادات للكهرباء، وزيادة تعرفة الكهرباء، ورغم ذلك ما تزال المالية تتحمل٦٩٪ لدعم الوقود، بما يعادل حوالي ٧٣٥ مليار جنيه في الموازنة للوقود، متوقعًا زيادتها بسبب أحداث أوكرانيا، خاصة أن سعر برميل الوقود اليوم ١١٠ دولارات، لذلك نجد أن بند الدعم في الموازنة يواجه إشكالات.
وشدد إبراهيم على أن هنالك عوامل كثيرة، تسببت في حدوث القفزة العالية للدولار في السوق الأسود، رغم أن توحيد سعره خلال فبراير ٢٠٢١م، إلا أن السوق الأسود مايزال مستمرًا.
تخطيط اقتصادي
وأمن إبراهيم ، على أهمية إنشاء مفوضية قومية للتخطيط الاقتصادي، تكون المسؤول الأول، ومن أبرز مهامها التحكم في صرف أموال العون الخارجي، وأن وزارة المالية ظلت تضع برامج جيدة، إلا أنها تصطدم في التنفيذ واقعيًا، وأشار إلى وجود برنامج مع صندوق النقد الدولي يستمر لفترة ٣٩ شهرًا ، وبموجبه تم إعفاء جزء من الديون وحال إنجازه بصورة جيدة، يحصل السودان، على إلغاء جزء كبير من الديون.
مأزق اقتصادي
وقال مدير الإدارة العامة للمنظمات الإقليمية والدولية، أحمد شريف إن البلاد مواجهة “بمأزق اقتصادي حرج”، مشددًا على وضع سيناريوهات للوضع الاقتصادي الراهن، وخطط ومقومات للمعالجة الاقتصادية لفترات قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى، والوقوف على المؤشرات الكلية وغيرها، من سعر الصرف ومدى درجة خطورة الوضع.
وأضاف أن ورقة الورشة تناولت موضوعات الاقتصاد الكلي والجزئي إلى جانب الفقر والبطالة وتدهور سعر الصرف بالإضافة إلى وجود عجز مستمر في ميزانية الدولة لعدم فرض الحكومة للسياسات المالية والنقدية، لافتًا إلى أن الورقة تطرقت لأهمية ولاية المالية على المال العام وهيمنة الحكومة على الاقتصاد مع غياب السياسة النقدية، مشيرًا إلى أن هنالك اتهامًا واضحًا بهيمنة السياسة المالية على النقدية، مؤكدًا على أهمية رأس المال البشري وربط سوق العمل بمركز التدريب المهني، داعيًا إلى ضرورة تحقيق الأولويات في التنمية الاجتماعية إلى جانب زيادة الإنتاج والإنتاجية .
خارطة جديدة
و أكد الأمين العام للمركز الإفريقي لدراسات الحوكمة والسلام والتحول، د. محمود زين العابدين، أن الحلقة هدفت إلى وضع خارطة طريق للخروج من الأزمة الراهنة ومناقشة التحديات وآفاق النجاح، وقال إن المركز نظم عددًا من الحلقات المتتالية في إطار إيجاد الحلول المطلوبة لعدة قضايا والمساهمة في وضع رؤى تفيد في وضع خارطة طريق واضحة المسارات.
الأزمة الراهنة
وأوضحت مدير عام السياسات والتخطيط الاقتصادي بوزارة المالية، فاتن محمد فضل أن حلقة النقاش قامت استنادًا على الحوار والنقاش العلمي للخروج من الأزمة الراهنة، وتحديد أهم التحديات ورصد الاتجاهات السياسة الرشيدة لتحقيق التنمية المستدامة، وأشارت إلى اختلال التوازن العام في الميزان الخارجي وارتفاع حجم الاستيراد، مما يحدث عجزًا في ميزان المدفوعات إضافة إلى عدم توازن العرض للنقود وتشوهات سعر الصرف.
الخروج الآمن
واستعرض العضو المنتدب لشركة المورد للاستشارات، د. أنس حسن حامد، أهمية الدراسات الاقتصادية والاستراتيجية لإحداث نمو اقتصادي مرتفع ومستدام للسودان، لأهمية استصحاب الوضع الاقتصادي الراهن. وصولًا إلى الوضع المنشود وكيفية الخروج الآمن.
وذكر ، في ورقته ان الوضع الراهن يتسم بضعف السياسات ونسبة بطالة عالية في وسط الشباب وانعدام سوق العمل إلى جانب تدهور العملة َوعدم استقرارها، ولفت إلى فشل السودان ومنذ السبعينيات في تحقيق استقرار، ودعا لسياسات محكمة لتحقيق الاستقرار وإصلاحات مالية ونقدية، ومضى قائلًا إن معدلات التضخم العالية تعيق الادخار والاستثمار وتحول دون عجلة النمو، مما أدى إلى تحول النشاط الاقتصادي إلى ” المضاربات” وتسبب أيضًا في معدلات التضخم العالية في توزيع “عشوائي للثروة”.
نمط جديد
وقال أنس ، إن تحقيق معدلات نمو عالية ومستمرة لفترة طويلة وفقًا لأدبيات التنمية، وأن الدول التي نجحت في تقليل نسب الفقر وتجاوز الضعف الاقتصادي هي التي نجحت في وضع استراتيجية عادلة لتحقيق النمو الإقتصادي العالي و المستمر.
وأضاف: ماعاد لدينا” وقت لاضاعته” ولا مجال لارتكاب أخطاء فالسودان يحتاج لنمط تفكير جديد، وإن تحقيق معدلات نمو عالية تفوق ٧ ٪، يتطلب استراتيجية شاملة تتضمن السياسات التي تكفل استقرار الاقتصاد الكلي والجزئي ومستويات الاستثمار وسياسة التجارة الخارجية ونقل التكنلوجيا والنظام الإلكتروني والابتكار والتوزيع المنصف للدخل لتحقيق النمو الشامل التنمية الحضرية.
وأقر بأن الحكومة تعاني من عجز كبير ومستمر في ميزانية الدولة وضعف الإيرادات بسبب ضعف القدرة الضريبية للدولة، لأن الضرائب تشكل حوالي ٦٪ من إجمالي الناتج المحلي، معتبرًا ضعف القدرة الضريبية بالقصور، ولا بد من نظام ضريبي فعال وعادل وهي مهام أساسية لأي حكومة راشدة إلى جانب معالجة ضعف الإنفاق العام للدولة.
ودعا أنس إلى أهمية دراسة العوامل المختلفة التي أدت إلى زيادة الاستهلاك القومي وعدم تناسق الإنفاق العام واختلال قطاعات النمو، بالإضافة إلى عدم التناسب في كمية النمو والعرض الحقيقي للسلع والخدمات، ولفت إلى ضرورة الخروج والتعافي من هذه الاختلالات.
ممارسة ضارة
وأرجع غياب فعالية السياسة النقدية إلى هيمنة السياسة المالية والتي حولت بنك السودان المركزي إلى ممول، ورأى أن تمويل عجز الموازنة بطباعة النقود “ممارسة ذات سمة اقتصادية ضارة ” وزاد قائلًا لعل سهولة تمويل عجز الموازنة بطباعة النقود، هي التي أدت لتقاعس الدوله عن تقوية قوتها الضريبية .
وأشار إلى أن كفاءه الأسواق والسعر المبني وتخصيص الموارد والمنافسة والتغيير الهيكلي وكفاءة الأسواق بكل أنواعها مالية وسلع وخدمات مهمة للنمو الاقتصادي المستدام وعلى الحكومة بمستوياتها المختلفة أن تشدد الرقابة والتنظيم، وشدد على أن الاستثمار العام والبنية التحتية المتطوره شرط لازم لتحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة ومستدامة لتعزيز تنافسية الاقتصاد السوداني بالاستثمار الخاص والمحلي والأجنبي المباشر ونوه أنس إلى تدني الادخار في السودان بسبب معدلات التضخم العالية والمستمرة، ولذلك تهرب المدخرات الخاصة إلى خارج البلاد إلى دول مثل مصر، الإمارات إثيوبيا، مناديًا بضرورة إصلاح سوق العمل وجعله مرنًا لتحقيق معدلات نمو مرتفعة ومستمرة، معتبرًا أن سياسة التجارة الخارجية أحد أهم العناصر المهمة، وحال أخطأنا فيها سوف نفشل في تحقيق النمو المطلوب.
التوزيع المنصف
وأكد أنس، مواجهة الاقتصاد لمشكلة كبيرة في سعر الصرف حيث يتم الهروب من الجنيه إلى الدولار كمخزن للقيمة، ثم وحدة حساب، ولفت إلى أن سعر الدولار في السوق الموازي أصبح يمثل مؤشراً لحالة الاقتصاد، وقال إن أي دولة تريد الحفاظ على النمو المستدام لا بد لها من مراكز البحوث الزراعية والبيطرية والطاقة والمعلومات والاتصال وتطبيقها في مجالات الإنتاج والإدارة، فضلًا عن أن استدامة النمو تعتمد على نوعية النمو على المدى الطويل، بالإضافة إلى التوزيع المنصف والتنمية الحضرية.
إخفاق التنمية
وأفاد أن دور الحكومة محوري وأساسي في تحقيق التنمية، وقال إن حكومة السودان هي المسؤول الرئيس عن إخفاق التنمية في السودان، منوهًا إلى هيمنة القطاع العام على الاقتصاد وصارت الحكومة مسؤولة عن توفير مشتقات النفط والقمح والسكر والكهرباء والماء َوغيرها، من السلع والخدمات، مبينًا أن الحكومة دورها تنظيمي فقط ويجب أن تعاون الناس وليس التحكم في حياتهم، جراء تحملها مسؤوليات كبيرة مما يجبرها على التنازل، وأشار إلى أنه يمكن تحقيق خطوات كبيرة بوضع أسس وسياسات محكمة واستراتيجية للنمو الاقتصادي
داعيًا لإنشاء مفوضية قومية للتخطيط الاقتصادي، تهدف إلى حشد الموارد البشرية والمالية واستنهاضها لإحداث أقصى نمو وتجنب هدر الموارد وتحديد أولويات التنمية الاقتصادية والاجتماعي.
المثلث الجهنمي
وصف عميد اقتصاد جامعة أم درمان الإسلامية السابق، بروفسير محمد خير حسن ، بناء احتياطي من النقد الأجنبي والإعفاءات الإيجابية، ثم الاختراق في ملف الإعفاءات من الديون، إلى جانب الإنتاج، بـ)المثلث الجهنمي( قاطعًا في حال حدوث اختراق في هذا المثلث من شأنه تطور القطاع الاقتصادي .وطالب محمد خير، بضرورة توفير الاستقرار السياسي والأمني، مبينًا أن الاستقرار مهم لجذب الاستثمارات الأجنبية والوطنية. واعتبر الاتفاق الحكومي )كارثة( رافضًا التمويل من البنك المركزي، مستحسنًا في الوقت ذاته أن يتم توجيه التمويل للإنتاج و البرامج التنموية، منتقدًا الحكومة اتخاذها الحلول السهلة برفع الدعم وزيادة الضرائب وعدم اتخاذها الحلول الصعبة.
وقال” أنا مؤمن بسياسة الصدمة” مطالبًا بضرورة مقاربة سعر الصرف بين السوق الموازي والتأشيري، لضمان جذب مدخرات العاملين بالخارج،مطالبًا بأهمية تبني سياسات لبناء احتياطي من النقد الاجنبي ، وتابع ) نحن نحلم وليست لنا بنيات لتحقيق الحلم( ، على حد تعبيره .
وطالب محمد خير بإغلاق تام للاستيراد باستثناء السلع الاستراتيجية لإحداث الاستقرار كما حدث في كثير من الدول، منوهًا لهيمنة السياسة المالية على النقدية بحقيقة غاية الحساسية داعيًا لاستغلالية بنك السودان، مشيرًا إلى أهمية سياسات تدعم الإنتاجية مشددًا على ضرورة إحكام العلاقة بين بنك السودان ووزارة المالية، مؤكدًا أن أكبر معوق لتمويل الإنتاجية أن هامش الربح٢٤%، وأقر محمد خير بأن أزمة السودان ) أخلاقية وطنية وإهدار للوقت(، ودعا لإنشاء مفوضية لضبط التخطيط.
ناقوس خطر
دقت موظفة بإدارة السياسات بوزارة المالية عائشة الهادي، ناقوس الخطر نحو الوضع الاقتصادي الراهن، وهاجمت الأنشطة غير المنظمة )الهامشية (، لأنها غير منتجة وتعاني من “فوضى عارمة، ويتم فيها تداول أموال ضخمة”، واعتبرتها مهددًا ودمارًا للاقتصاد الوطني، وقالت إن القطاعات الهامشية أثرت مباشرة على الاقتصاد الكلي، وأضافت : القوانين والتشريعات المختصة بهذا الشأن” ضعيفة”، لعدم وجود قانون رادع.
الخرطوم : إبتهاج متوكل
تواجه البلاد “مأزق اقتصادي حرج “، بحسب الخبراء والمختصين يحتاج لوضع خارطة للخروج من هذه الأزمة الراهنة، ومناقشة التحديات، والتأكيد على آفاق النجاح، بغية تحقيق الخروج الآمن، موضحين أن حكومة السودان هي المسؤول الرئيس عن إخفاق التنمية في السودان، مشددين على أن أزمة البلاد )أخلاقية وطنية وإهدار للوقت(، ودعوا إلى إنشاء مفوضية لضبط التخطيط.
تشخيص الحالة
حدد وكيل وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، عبدالله إبراهيم، مشكلات الاقتصاد في عدم زيادة الإنتاج والإنتاجية، داعيًا لإنتاج سلع ذات ميزة نسبية ولديها سوق عالمي، ربط نجاح مشروع الجزيرة، لوجود سوق للأقطان، كذلك غياب الإنتاج من أجل الصادر، وهي تحتاج تهيئة البنى التحتية ووسائل التخزين، وزاد أهم شيء في الصادر الاستدامة، لأن المستورد محكوم بمواقيت.
وقال الثلاثاء ، في حلقة نقاش حول الوضع الاقتصادي الراهن وسيناريوهات الانتقال إلى النمو الاقتصادي المستدام، إن هنالك ازدواجية بين القطاعين الاقتصادي التقليدي والحديث، وأن القطاع الحديث يجد الاهتمام فيما يتعلق بالإجراءات والسياسات والتمويل، ومع ذلك للأسف يعمل بالخسارة، بينما الاقتصاد التقليدي هو الداعم الاقتصادي حاليًا، لأن التكلفة فيه صفرًا، وتابع أنه قطاع “منسي ومهمل”، رغم أن معظم الصادرات تأتي من التقليدي.
سياسات منفردة
وأقر إبراهيم، بوجود مشكلة في الشمول المالي، ليس بسبب وجود مشكلة في البنوك أو الاتصالات، إنما نتيجة للتعامل مع التكنولوجيا، وأضاف: إحدى المشاكل توسع القطاع غير الرسمي، الذي صار له دخول عالية عكس القطاع المنظم، وبموجبه يقوم جزء يسير بسداد الضرائب، كذلك توجد مشكلة في رسم السياسات، رغم مساعي المالية لاشراك أكبر عدد من القطاعات لدى وضع السياسات، حول سياسات الإيرادات والإنفاق، إلا أنه عند التنفيذ يتفاجأون بوضع سياسة” منفردة”، مستدلًا بما قام به بنك السودان في عدم إشراك منتجي الذهب في سياساته، وفي حال إشراكهم منذ البداية، لتفادي المشكلة الماثلة حاليًا.
وذكر، أن وزارة المالية مسؤولة عن إدارة الاقتصاد القومي، إلا أنها فقدت ذلك لأسباب عدة، وصارت ليست لديها الهيمنة على إدارة الاقتصاد، إلى جانب عدم قدرتها على ولاية المال العام، مما جعلها تفقد القدرة في السيطرة على الاقتصاد، لذلك هنالك مشكلة كبيرة في إدارة الاقتصاد، مشددًا على قيام وزارة المالية بدورها.
وأكد إبراهيم، تأثير تمويل عجز الموازنة بالاستدانة من الجهاز المصرفي، على كل مؤشرات الاقتصاد السوداني، مبينًا أن زيادة الأجور بنسبة ٦٠٠٪ في عام ٢٠٢٠م، في ظل عدم وجود موارد كافية لتغطيتها، أدت للجوء إلى الاستدانة من قبل البنك المركزي، وتسبب ذلك في ارتفاع معدلات التضخم لثلاثة أرقام ) وماتزال هنالك مشكلة في كيفية تمويل العجز(، مبينًا أن سياسة الاستدانة من الجهاز المصرفي تكون إيجابية، حال تم صرفها في مشروعات إنتاجية، وتبرز سلبيتها عند استغلالها في الصرف الجاري.
عجز كبير
وأفاد إبراهيم، أن عجز الموازنة حاليًا كبير، لأن تعويضات العاملين تمثل ٣٠٪ من حجم الإيرادات، ودعم المحروقات يأتي بنحو ٣٠٪، كذلك دعم الولايات بحوالي ٣٠٪، مما يعني أن ٩٠٪ من حجم العجز يكون في ثلاثة محاور فقط.
ونوه إبراهيم، إلى أن المالية تتحمل ٩٦٪ من تكلفة تشغيل الكهرباء، مما أثر على موازنة الدولة، في عدم الإيفاء بالصرف على قطاعات مهمة أخرى كالصحة والتعليم، وبرر قطوعات الكهرباء في العام الماضي، للتقصير في دفع المبالغ المطلوبة لتخليص بواخر الفيرنس، نتج عنه عدم استقرار التيار الكهربائي بالبلاد، وزاد هذا الأمر دفع للبحث عن إيرادات للكهرباء، وزيادة تعرفة الكهرباء، ورغم ذلك ما تزال المالية تتحمل٦٩٪ لدعم الوقود، بما يعادل حوالي ٧٣٥ مليار جنيه في الموازنة للوقود، متوقعًا زيادتها بسبب أحداث أوكرانيا، خاصة أن سعر برميل الوقود اليوم ١١٠ دولارات، لذلك نجد أن بند الدعم في الموازنة يواجه إشكالات.
وشدد إبراهيم على أن هنالك عوامل كثيرة، تسببت في حدوث القفزة العالية للدولار في السوق الأسود، رغم أن توحيد سعره خلال فبراير ٢٠٢١م، إلا أن السوق الأسود مايزال مستمرًا.
تخطيط اقتصادي
وأمن إبراهيم ، على أهمية إنشاء مفوضية قومية للتخطيط الاقتصادي، تكون المسؤول الأول، ومن أبرز مهامها التحكم في صرف أموال العون الخارجي، وأن وزارة المالية ظلت تضع برامج جيدة، إلا أنها تصطدم في التنفيذ واقعيًا، وأشار إلى وجود برنامج مع صندوق النقد الدولي يستمر لفترة ٣٩ شهرًا ، وبموجبه تم إعفاء جزء من الديون وحال إنجازه بصورة جيدة، يحصل السودان، على إلغاء جزء كبير من الديون.
مأزق اقتصادي
وقال مدير الإدارة العامة للمنظمات الإقليمية والدولية، أحمد شريف إن البلاد مواجهة “بمأزق اقتصادي حرج”، مشددًا على وضع سيناريوهات للوضع الاقتصادي الراهن، وخطط ومقومات للمعالجة الاقتصادية لفترات قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى، والوقوف على المؤشرات الكلية وغيرها، من سعر الصرف ومدى درجة خطورة الوضع.
وأضاف أن ورقة الورشة تناولت موضوعات الاقتصاد الكلي والجزئي إلى جانب الفقر والبطالة وتدهور سعر الصرف بالإضافة إلى وجود عجز مستمر في ميزانية الدولة لعدم فرض الحكومة للسياسات المالية والنقدية، لافتًا إلى أن الورقة تطرقت لأهمية ولاية المالية على المال العام وهيمنة الحكومة على الاقتصاد مع غياب السياسة النقدية، مشيرًا إلى أن هنالك اتهامًا واضحًا بهيمنة السياسة المالية على النقدية، مؤكدًا على أهمية رأس المال البشري وربط سوق العمل بمركز التدريب المهني، داعيًا إلى ضرورة تحقيق الأولويات في التنمية الاجتماعية إلى جانب زيادة الإنتاج والإنتاجية .
خارطة جديدة
و أكد الأمين العام للمركز الإفريقي لدراسات الحوكمة والسلام والتحول، د. محمود زين العابدين، أن الحلقة هدفت إلى وضع خارطة طريق للخروج من الأزمة الراهنة ومناقشة التحديات وآفاق النجاح، وقال إن المركز نظم عددًا من الحلقات المتتالية في إطار إيجاد الحلول المطلوبة لعدة قضايا والمساهمة في وضع رؤى تفيد في وضع خارطة طريق واضحة المسارات.
الأزمة الراهنة
وأوضحت مدير عام السياسات والتخطيط الاقتصادي بوزارة المالية، فاتن محمد فضل أن حلقة النقاش قامت استنادًا على الحوار والنقاش العلمي للخروج من الأزمة الراهنة، وتحديد أهم التحديات ورصد الاتجاهات السياسة الرشيدة لتحقيق التنمية المستدامة، وأشارت إلى اختلال التوازن العام في الميزان الخارجي وارتفاع حجم الاستيراد، مما يحدث عجزًا في ميزان المدفوعات إضافة إلى عدم توازن العرض للنقود وتشوهات سعر الصرف.
الخروج الآمن
واستعرض العضو المنتدب لشركة المورد للاستشارات، د. أنس حسن حامد، أهمية الدراسات الاقتصادية والاستراتيجية لإحداث نمو اقتصادي مرتفع ومستدام للسودان، لأهمية استصحاب الوضع الاقتصادي الراهن. وصولًا إلى الوضع المنشود وكيفية الخروج الآمن.
وذكر ، في ورقته ان الوضع الراهن يتسم بضعف السياسات ونسبة بطالة عالية في وسط الشباب وانعدام سوق العمل إلى جانب تدهور العملة َوعدم استقرارها، ولفت إلى فشل السودان ومنذ السبعينيات في تحقيق استقرار، ودعا لسياسات محكمة لتحقيق الاستقرار وإصلاحات مالية ونقدية، ومضى قائلًا إن معدلات التضخم العالية تعيق الادخار والاستثمار وتحول دون عجلة النمو، مما أدى إلى تحول النشاط الاقتصادي إلى ” المضاربات” وتسبب أيضًا في معدلات التضخم العالية في توزيع “عشوائي للثروة”.
نمط جديد
وقال أنس ، إن تحقيق معدلات نمو عالية ومستمرة لفترة طويلة وفقًا لأدبيات التنمية، وأن الدول التي نجحت في تقليل نسب الفقر وتجاوز الضعف الاقتصادي هي التي نجحت في وضع استراتيجية عادلة لتحقيق النمو الإقتصادي العالي و المستمر.
وأضاف: ماعاد لدينا” وقت لاضاعته” ولا مجال لارتكاب أخطاء فالسودان يحتاج لنمط تفكير جديد، وإن تحقيق معدلات نمو عالية تفوق ٧ ٪، يتطلب استراتيجية شاملة تتضمن السياسات التي تكفل استقرار الاقتصاد الكلي والجزئي ومستويات الاستثمار وسياسة التجارة الخارجية ونقل التكنلوجيا والنظام الإلكتروني والابتكار والتوزيع المنصف للدخل لتحقيق النمو الشامل التنمية الحضرية.
وأقر بأن الحكومة تعاني من عجز كبير ومستمر في ميزانية الدولة وضعف الإيرادات بسبب ضعف القدرة الضريبية للدولة، لأن الضرائب تشكل حوالي ٦٪ من إجمالي الناتج المحلي، معتبرًا ضعف القدرة الضريبية بالقصور، ولا بد من نظام ضريبي فعال وعادل وهي مهام أساسية لأي حكومة راشدة إلى جانب معالجة ضعف الإنفاق العام للدولة.
ودعا أنس إلى أهمية دراسة العوامل المختلفة التي أدت إلى زيادة الاستهلاك القومي وعدم تناسق الإنفاق العام واختلال قطاعات النمو، بالإضافة إلى عدم التناسب في كمية النمو والعرض الحقيقي للسلع والخدمات، ولفت إلى ضرورة الخروج والتعافي من هذه الاختلالات.
ممارسة ضارة
وأرجع غياب فعالية السياسة النقدية إلى هيمنة السياسة المالية والتي حولت بنك السودان المركزي إلى ممول، ورأى أن تمويل عجز الموازنة بطباعة النقود “ممارسة ذات سمة اقتصادية ضارة ” وزاد قائلًا لعل سهولة تمويل عجز الموازنة بطباعة النقود، هي التي أدت لتقاعس الدوله عن تقوية قوتها الضريبية .
وأشار إلى أن كفاءه الأسواق والسعر المبني وتخصيص الموارد والمنافسة والتغيير الهيكلي وكفاءة الأسواق بكل أنواعها مالية وسلع وخدمات مهمة للنمو الاقتصادي المستدام وعلى الحكومة بمستوياتها المختلفة أن تشدد الرقابة والتنظيم، وشدد على أن الاستثمار العام والبنية التحتية المتطوره شرط لازم لتحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة ومستدامة لتعزيز تنافسية الاقتصاد السوداني بالاستثمار الخاص والمحلي والأجنبي المباشر ونوه أنس إلى تدني الادخار في السودان بسبب معدلات التضخم العالية والمستمرة، ولذلك تهرب المدخرات الخاصة إلى خارج البلاد إلى دول مثل مصر، الإمارات إثيوبيا، مناديًا بضرورة إصلاح سوق العمل وجعله مرنًا لتحقيق معدلات نمو مرتفعة ومستمرة، معتبرًا أن سياسة التجارة الخارجية أحد أهم العناصر المهمة، وحال أخطأنا فيها سوف نفشل في تحقيق النمو المطلوب.
التوزيع المنصف
وأكد أنس، مواجهة الاقتصاد لمشكلة كبيرة في سعر الصرف حيث يتم الهروب من الجنيه إلى الدولار كمخزن للقيمة، ثم وحدة حساب، ولفت إلى أن سعر الدولار في السوق الموازي أصبح يمثل مؤشراً لحالة الاقتصاد، وقال إن أي دولة تريد الحفاظ على النمو المستدام لا بد لها من مراكز البحوث الزراعية والبيطرية والطاقة والمعلومات والاتصال وتطبيقها في مجالات الإنتاج والإدارة، فضلًا عن أن استدامة النمو تعتمد على نوعية النمو على المدى الطويل، بالإضافة إلى التوزيع المنصف والتنمية الحضرية.
إخفاق التنمية
وأفاد أن دور الحكومة محوري وأساسي في تحقيق التنمية، وقال إن حكومة السودان هي المسؤول الرئيس عن إخفاق التنمية في السودان، منوهًا إلى هيمنة القطاع العام على الاقتصاد وصارت الحكومة مسؤولة عن توفير مشتقات النفط والقمح والسكر والكهرباء والماء َوغيرها، من السلع والخدمات، مبينًا أن الحكومة دورها تنظيمي فقط ويجب أن تعاون الناس وليس التحكم في حياتهم، جراء تحملها مسؤوليات كبيرة مما يجبرها على التنازل، وأشار إلى أنه يمكن تحقيق خطوات كبيرة بوضع أسس وسياسات محكمة واستراتيجية للنمو الاقتصادي
داعيًا لإنشاء مفوضية قومية للتخطيط الاقتصادي، تهدف إلى حشد الموارد البشرية والمالية واستنهاضها لإحداث أقصى نمو وتجنب هدر الموارد وتحديد أولويات التنمية الاقتصادية والاجتماعي.
المثلث الجهنمي
وصف عميد اقتصاد جامعة أم درمان الإسلامية السابق، بروفسير محمد خير حسن ، بناء احتياطي من النقد الأجنبي والإعفاءات الإيجابية، ثم الاختراق في ملف الإعفاءات من الديون، إلى جانب الإنتاج، بـ)المثلث الجهنمي( قاطعًا في حال حدوث اختراق في هذا المثلث من شأنه تطور القطاع الاقتصادي .وطالب محمد خير، بضرورة توفير الاستقرار السياسي والأمني، مبينًا أن الاستقرار مهم لجذب الاستثمارات الأجنبية والوطنية. واعتبر الاتفاق الحكومي )كارثة( رافضًا التمويل من البنك المركزي، مستحسنًا في الوقت ذاته أن يتم توجيه التمويل للإنتاج و البرامج التنموية، منتقدًا الحكومة اتخاذها الحلول السهلة برفع الدعم وزيادة الضرائب وعدم اتخاذها الحلول الصعبة.
وقال” أنا مؤمن بسياسة الصدمة” مطالبًا بضرورة مقاربة سعر الصرف بين السوق الموازي والتأشيري، لضمان جذب مدخرات العاملين بالخارج،مطالبًا بأهمية تبني سياسات لبناء احتياطي من النقد الاجنبي ، وتابع ) نحن نحلم وليست لنا بنيات لتحقيق الحلم( ، على حد تعبيره .
وطالب محمد خير بإغلاق تام للاستيراد باستثناء السلع الاستراتيجية لإحداث الاستقرار كما حدث في كثير من الدول، منوهًا لهيمنة السياسة المالية على النقدية بحقيقة غاية الحساسية داعيًا لاستغلالية بنك السودان، مشيرًا إلى أهمية سياسات تدعم الإنتاجية مشددًا على ضرورة إحكام العلاقة بين بنك السودان ووزارة المالية، مؤكدًا أن أكبر معوق لتمويل الإنتاجية أن هامش الربح٢٤%، وأقر محمد خير بأن أزمة السودان ) أخلاقية وطنية وإهدار للوقت(، ودعا لإنشاء مفوضية لضبط التخطيط.
ناقوس خطر
دقت موظفة بإدارة السياسات بوزارة المالية عائشة الهادي، ناقوس الخطر نحو الوضع الاقتصادي الراهن، وهاجمت الأنشطة غير المنظمة )الهامشية (، لأنها غير منتجة وتعاني من “فوضى عارمة، ويتم فيها تداول أموال ضخمة”، واعتبرتها مهددًا ودمارًا للاقتصاد الوطني، وقالت إن القطاعات الهامشية أثرت مباشرة على الاقتصاد الكلي، وأضافت : القوانين والتشريعات المختصة بهذا الشأن” ضعيفة”، لعدم وجود قانون رادع.