السبت 5 مارس 2022 - 20:24
تقرير: نجدة بشارة
دشّنت “حملة مبادرون”، لإعادة تفويض “المؤسس”د. عبد الله حمدوك للمرة الثالثة على التوالي ليكون رئيساً للوزراء. وبالعودة الى الوراء، ولأول مرة في التاريخ السياسي، أجمعت كل القوى السياسية وقاعدة شعبية عريضة، اضافة الى قوى الثورة على تفويض د. حمدوك لقيادة الفترة الانتقالية ، وباركته رئيساً للوزراء في يوليو 2019م، وبعد عامين من تقلده المنصب، حلّت حكومته في الخامس والعشرين من أكتوبر بإيعاز وقرارات البرهان الأخيرة، لكن وفي خضم التقاطعات والخلافات بين المكونين المدني والعسكري، اتجهت الانظار الى حمدوك الذي وجد القبول مجدداً، ليُعاد تفويضه للمرة الثانية من قبل رئيس مجلس السيادة وقطاع شعبي عريض، لكن ولأن (الرياح دائماً لا تأتي بما تشتهي السفن)، قاد الضغط السياسي الذي وجده حمدوك وعدم تعاون القوى السياسية كما ذكر في خطاب وداعه، قادته الى الاستقالة من منصبه بعد شهرين فقط من تفويضه في الأول من يناير للعام الجاري.
إعادة إنتاج
وبينما يمضي الوقت، ومع تصاعد الأزمة، وانسداد أفق الحل، وعجز القوى المدنية في إيجاد البديل الأمثل الذي تلتف حوله كل القطاعات والكيانات السياسية, عادت مجموعة من الشباب لم يفصحوا عن جهتهم السياسية او انتمائهم سموا أنفسهم (مبادرون) الى قيادة حملة لإعادة انتاج حمدوك كشخص مستقل تكنوقراطي لقيادة الجهاز التنفيذي لما تبقى من الانتقال.
والخميس، دشنت الحملة بـ(ساحة الحرية)، الساحة الخضراء سابقاً. ونصت المبادرة على عودة حمدوك بصلاحيات كاملة ليكون الأجهزة التنفيذية والعدلية ولتحقيق اهداف الانتقال وتفعيل ازالة التمكين وفق القانون دون مواربة او خضوع لأي طرف وبتشاور فقط مع بقية الاطراف في العملية السياسية وقوى الشارع, واشارت المبادرة الى ضرورة تسوية سياسية بقيادة د. حمدوك، وبيّنت ان الفترة الاخيرة شهدت تصاعد الخلاف بين شركاء الفترة الانتقالية مما يشكل خطراً جدياً لا على الفترة الانتقالية فحسب, بل على وجود السودان نفسه، وقد بذلت مجهودات في التواصل مع الأطراف المختلفة ونزع فتيل الأزمة، والتي رأى أنها لن تُحل إلا في إطار تسوية سياسية شاملة تشمل توحيد الجبهة المدنية والعسكريين وإيجاد رؤية مشتركة بينهما للتوجه صوب إنجاح المرحلة الانتقالية وبناء الدولة المدنية الديمقراطية التي تنهض على قاعدة المواطنة، وهذا لا يتأتى إلا في ظل وجود قيادة يلتف حولها ويؤيدها جميع الفرقاء.
جدل ولغط
في الأثناء, تباينت ردود الفعل على منصات التواصل الاجتماعي بين مؤيد لعودة حمدوك الى الواجهة السياسية، وتقديم كامل التفويض له وبين رافض للعودة، ووجهة نظر المؤيدين ان حمدوك يمتاز بالحنكة السياسية، والقدرة العالية على التصدي وحسم المواقف. بينما يرى الرافضون لعودته ان حمدوك يجب أن يُقدم للمحاكمة وليس للحكم, وقالوا وفق ما رصدته “الصيحة” من مُساجلات على منصات التواصل الاجتماعي أن حمدوك أعاد السودان إلى عهد الوصاية, والمندوب السامي فولكر يتبختر في البلاد, وأضافوا: في عهده خرجت كل الولايات تماماً عن طوع المركز, واوضحوا ان حمدوك دفع أكثر من ٣٣٠ مليون دولار من تعب الشعب السوداني لشراء رضاء الأمريكان ولم نحصد سوى ارتفاع سعر الدولار إلى معدلات خرافية وتبعاً لذلك انفلتت الأسعار وانعدمت أسباب الحياة ولم نحصد إلا رياح العدم, ورأوا ان منظمي الحملة ما هم إلا بعض المنتسبين لـ(قحت).
العودة بالشباك
وفي تعليق سابق للقيادي بالحزب الشيوعي كمال كرار لـ(الصيحة) قال إن حمدوك مشهود له حرصه على التوافق السياسي من خلال تأكيده على التمسك بالوثيقة الدستورية.
تأييد ولكن!
في ذات السياق, أجمع معظم المراقبين على أن د. حمدوك كسب تأييد وود الشارع السوداني طيلة فترة ادارته لحكومة الفترة الانتقالية الأولى، حتى اصبح ملهماً للشارع فجاءت عبارة (شكراً حمدوك) على كل المواقف العظيمة التي تستدعي الامتنان، ثم ومع تزايد التوتر بين الجيش والمدنيين في الإدارة المشتركة خلال سبتمبر من العام الماضي, قدم حمدوك خارطة طريق للخروج من الأزمة, وقال إنه ليس محايداً أو وسيطاً في النزاع, بل إن موقفه الواضح والثابت هو الانحياز الكامل للانتقال الديمقراطي المدني. ولأن السياسة لعبة التقلبات والمتغيرات، زجّت الأحداث بحمدوك عشية الخامس والعشرين من أكتوبر في أتون المواجهة بين حاضنته السياسية، وبين المكون العسكري في الحكومة، وداخل إقامته الجبرية، التي فرضتها قرارات 25 أكتوبر، يومها تصاعدت بورصة حمدوك الشعبية.
أخذ فرصته
ويرى المحلل السياسي د. عبد الرحمن أبو خريس في حديثه لـ(الصيحة) أن د. حمدوك شخصية إدارية تنفيذية بحتة ولم يمارس السياسية لا عبر النقابات ولا حتى النشاطات الطلابية، وأردف أنّ حمدوك وجد الفرصة من خلال تأييد قوى الثورة، ولكن حمدوك ربما وجد أن القوى المدنية التي كان يستند عليها أصبحت تُشكِّل عبئاً في طريق تنفيذ مهامه الانتقالية من خلال التشرذمات والانقسامات وسط هذه القوى والتي ظهرت بالمظهر الضعيف، وبالتالي ربما اختار حمدوك الابتعاد عن المشهد السياسي، وقال أبو خريس إنّ حمدوك اخذ فرصته كاملة وذهب بكامل إرادته، ولكن مشهود له أنه من الشخصيات ليّنة الجانب ويمسك بالعصا من المنتصف ويسعى لخلق الإجماع الوطني.
لا تفويض جديد
ووصف المحلل السياسي د. الحاج حمد في حديثه لـ(الصيحة) حمدوك بأنه رجل دبلوماسي يميل الى (مسك العصا من النصف)، وهي سمة التردد ويشبه بذلك كل موظفي الأمم المتحدة ولا فرق بينه وبين فولكر، أو أي مدير منظمة أممية هنا في السودان. وقال هذا ما جعل رصيده الشعبي في ازدياد بالسودان، وأوضح أن عودة حمدوك لن تخدم هذه المرحلة لا سيما وانه ترجّل عن صهوة الجواد بكامل قناعته، وزاد يمكن أن يحصل على التأييد لكنه لن يعود بالتأكيد.
تقرير: نجدة بشارة
دشّنت “حملة مبادرون”، لإعادة تفويض “المؤسس”د. عبد الله حمدوك للمرة الثالثة على التوالي ليكون رئيساً للوزراء. وبالعودة الى الوراء، ولأول مرة في التاريخ السياسي، أجمعت كل القوى السياسية وقاعدة شعبية عريضة، اضافة الى قوى الثورة على تفويض د. حمدوك لقيادة الفترة الانتقالية ، وباركته رئيساً للوزراء في يوليو 2019م، وبعد عامين من تقلده المنصب، حلّت حكومته في الخامس والعشرين من أكتوبر بإيعاز وقرارات البرهان الأخيرة، لكن وفي خضم التقاطعات والخلافات بين المكونين المدني والعسكري، اتجهت الانظار الى حمدوك الذي وجد القبول مجدداً، ليُعاد تفويضه للمرة الثانية من قبل رئيس مجلس السيادة وقطاع شعبي عريض، لكن ولأن (الرياح دائماً لا تأتي بما تشتهي السفن)، قاد الضغط السياسي الذي وجده حمدوك وعدم تعاون القوى السياسية كما ذكر في خطاب وداعه، قادته الى الاستقالة من منصبه بعد شهرين فقط من تفويضه في الأول من يناير للعام الجاري.
إعادة إنتاج
وبينما يمضي الوقت، ومع تصاعد الأزمة، وانسداد أفق الحل، وعجز القوى المدنية في إيجاد البديل الأمثل الذي تلتف حوله كل القطاعات والكيانات السياسية, عادت مجموعة من الشباب لم يفصحوا عن جهتهم السياسية او انتمائهم سموا أنفسهم (مبادرون) الى قيادة حملة لإعادة انتاج حمدوك كشخص مستقل تكنوقراطي لقيادة الجهاز التنفيذي لما تبقى من الانتقال.
والخميس، دشنت الحملة بـ(ساحة الحرية)، الساحة الخضراء سابقاً. ونصت المبادرة على عودة حمدوك بصلاحيات كاملة ليكون الأجهزة التنفيذية والعدلية ولتحقيق اهداف الانتقال وتفعيل ازالة التمكين وفق القانون دون مواربة او خضوع لأي طرف وبتشاور فقط مع بقية الاطراف في العملية السياسية وقوى الشارع, واشارت المبادرة الى ضرورة تسوية سياسية بقيادة د. حمدوك، وبيّنت ان الفترة الاخيرة شهدت تصاعد الخلاف بين شركاء الفترة الانتقالية مما يشكل خطراً جدياً لا على الفترة الانتقالية فحسب, بل على وجود السودان نفسه، وقد بذلت مجهودات في التواصل مع الأطراف المختلفة ونزع فتيل الأزمة، والتي رأى أنها لن تُحل إلا في إطار تسوية سياسية شاملة تشمل توحيد الجبهة المدنية والعسكريين وإيجاد رؤية مشتركة بينهما للتوجه صوب إنجاح المرحلة الانتقالية وبناء الدولة المدنية الديمقراطية التي تنهض على قاعدة المواطنة، وهذا لا يتأتى إلا في ظل وجود قيادة يلتف حولها ويؤيدها جميع الفرقاء.
جدل ولغط
في الأثناء, تباينت ردود الفعل على منصات التواصل الاجتماعي بين مؤيد لعودة حمدوك الى الواجهة السياسية، وتقديم كامل التفويض له وبين رافض للعودة، ووجهة نظر المؤيدين ان حمدوك يمتاز بالحنكة السياسية، والقدرة العالية على التصدي وحسم المواقف. بينما يرى الرافضون لعودته ان حمدوك يجب أن يُقدم للمحاكمة وليس للحكم, وقالوا وفق ما رصدته “الصيحة” من مُساجلات على منصات التواصل الاجتماعي أن حمدوك أعاد السودان إلى عهد الوصاية, والمندوب السامي فولكر يتبختر في البلاد, وأضافوا: في عهده خرجت كل الولايات تماماً عن طوع المركز, واوضحوا ان حمدوك دفع أكثر من ٣٣٠ مليون دولار من تعب الشعب السوداني لشراء رضاء الأمريكان ولم نحصد سوى ارتفاع سعر الدولار إلى معدلات خرافية وتبعاً لذلك انفلتت الأسعار وانعدمت أسباب الحياة ولم نحصد إلا رياح العدم, ورأوا ان منظمي الحملة ما هم إلا بعض المنتسبين لـ(قحت).
العودة بالشباك
وفي تعليق سابق للقيادي بالحزب الشيوعي كمال كرار لـ(الصيحة) قال إن حمدوك مشهود له حرصه على التوافق السياسي من خلال تأكيده على التمسك بالوثيقة الدستورية.
تأييد ولكن!
في ذات السياق, أجمع معظم المراقبين على أن د. حمدوك كسب تأييد وود الشارع السوداني طيلة فترة ادارته لحكومة الفترة الانتقالية الأولى، حتى اصبح ملهماً للشارع فجاءت عبارة (شكراً حمدوك) على كل المواقف العظيمة التي تستدعي الامتنان، ثم ومع تزايد التوتر بين الجيش والمدنيين في الإدارة المشتركة خلال سبتمبر من العام الماضي, قدم حمدوك خارطة طريق للخروج من الأزمة, وقال إنه ليس محايداً أو وسيطاً في النزاع, بل إن موقفه الواضح والثابت هو الانحياز الكامل للانتقال الديمقراطي المدني. ولأن السياسة لعبة التقلبات والمتغيرات، زجّت الأحداث بحمدوك عشية الخامس والعشرين من أكتوبر في أتون المواجهة بين حاضنته السياسية، وبين المكون العسكري في الحكومة، وداخل إقامته الجبرية، التي فرضتها قرارات 25 أكتوبر، يومها تصاعدت بورصة حمدوك الشعبية.
أخذ فرصته
ويرى المحلل السياسي د. عبد الرحمن أبو خريس في حديثه لـ(الصيحة) أن د. حمدوك شخصية إدارية تنفيذية بحتة ولم يمارس السياسية لا عبر النقابات ولا حتى النشاطات الطلابية، وأردف أنّ حمدوك وجد الفرصة من خلال تأييد قوى الثورة، ولكن حمدوك ربما وجد أن القوى المدنية التي كان يستند عليها أصبحت تُشكِّل عبئاً في طريق تنفيذ مهامه الانتقالية من خلال التشرذمات والانقسامات وسط هذه القوى والتي ظهرت بالمظهر الضعيف، وبالتالي ربما اختار حمدوك الابتعاد عن المشهد السياسي، وقال أبو خريس إنّ حمدوك اخذ فرصته كاملة وذهب بكامل إرادته، ولكن مشهود له أنه من الشخصيات ليّنة الجانب ويمسك بالعصا من المنتصف ويسعى لخلق الإجماع الوطني.
لا تفويض جديد
ووصف المحلل السياسي د. الحاج حمد في حديثه لـ(الصيحة) حمدوك بأنه رجل دبلوماسي يميل الى (مسك العصا من النصف)، وهي سمة التردد ويشبه بذلك كل موظفي الأمم المتحدة ولا فرق بينه وبين فولكر، أو أي مدير منظمة أممية هنا في السودان. وقال هذا ما جعل رصيده الشعبي في ازدياد بالسودان، وأوضح أن عودة حمدوك لن تخدم هذه المرحلة لا سيما وانه ترجّل عن صهوة الجواد بكامل قناعته، وزاد يمكن أن يحصل على التأييد لكنه لن يعود بالتأكيد.