الأربعاء 9 مارس 2022 - 7:16
سورة التوبة
‏آية 18
تفسير ابن كثير
إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ )18(
) إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر (فشهد تعالى بالإيمان لعمار المساجد ، كما قال الإمام أحمد :
حدثنا سريج حدثنا ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ؛ أن دراجا أبا السمح حدثه ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد الخدري ؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان ؛ قال الله تعالى إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر (
ورواه الترمذي ، وابن مردويه ، والحاكم في مستدركه من حديث عبد الله بن وهب ، به .
وقال عبد بن حميد في مسنده : حدثنا يونس بن محمد ، حدثنا صالح المري ، عن ثابت البناني ، عن ميمون بن سياه ، وجعفر بن زيد ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنما عمار المساجد هم أهل الله .
ورواه الحافظ أبو بكر البزار ، عن عبد الواحد بن غياث ، عن صالح بن بشير المري ، عن ثابت ، عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنما عمار المساجد هم أهل الله ثم قال : لا نعلم رواه عن ثابت غير صالح .
وقد روى الدارقطني في الأفراد من طريق حكامة بنت عثمان بن دينار ، عن أبيها ، عن أخيه مالك بن دينار ، عن أنس مرفوعا : إذا أراد الله بقوم عاهة ، نظر إلى أهل المساجد ، فصرف عنهم . ثم قال : غريب .
وروى الحافظ البهاء في المستقصى ، عن أبيه بسنده إلى أبي أمية الطرسوسي : حدثنا منصور بن صقير ، حدثنا صالح المري ، عن ثابت ، عن أنس مرفوعا : يقول الله : وعزتي وجلالي ، إني لأهم بأهل الأرض عذابا ، فإذا نظرت إلى عمار بيوتي وإلى المتحابين في ، وإلى المستغفرين بالأسحار ، صرفت ذلك عنهم . ثم قال ابن عساكر : حديث غريب .
وقال الإمام أحمد : حدثنا روح ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، حدثنا العلاء بن زياد ، عن معاذ بن جبل ؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إن الشيطان ذئب الإنسان ، كذئب الغنم يأخذ الشاة القاصية والناحية ، فإياكم والشعاب ، وعليكم بالجماعة والعامة والمسجد .
وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون الأودي قال : أدركت أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم يقولون : إن المساجد بيوت الله في الأرض ، وإنه حق على الله أن يكرم من زاره فيها .
وقال المسعودي ، عن حبيب بن أبي ثابت وعدي بن ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : من سمع النداء بالصلاة ثم لم يجب ويأتي المسجد ويصلي ، فلا صلاة له ، وقد عصى الله ورسوله ، قال الله تعالى إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر (الآية رواه ابن مردويه .
وقد روي مرفوعا من وجه آخر ، وله شواهد من وجوه أخر ليس هذا موضع بسطها .
وقوله وأقام الصلاة (أي : التي هي أكبر عبادات البدن ،) وآتى الزكاة (أي : التي هي أفضل الأعمال المتعدية إلى بر الخلائق ،) ولم يخش إلا الله (أي : ولم يخف إلا من الله تعالى ، ولم يخش سواه ،) فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين (
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر (يقول : من وحد الله ، وآمن باليوم الآخر يقول : من آمن بما أنزل الله ،) وأقام الصلاة (يعني : الصلوات الخمس ،) ولم يخش إلا الله (يقول : لم يعبد إلا الله - ثم قال فعسى أولئك] أن يكونوا من المهتدين [(يقول : إن أولئك هم المفلحون ، كقوله لنبيه - صلى الله عليه وسلم - عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا (] الإسراء : 79 [يقول : إن ربك سيبعثك مقاما محمودا وهي الشفاعة ، وكل" عسى "في القرآن فهي واجبة .
وقال محمد بن إسحاق بن يسار - رحمه الله - : و" عسى "من الله حق .