الأربعاء 16 مارس 2022 - 18:43

محمد عبد الماجد يكتب: النظام الحالي هو )الإنقاذ( ذاتها لكن )شركة مختلفة(


)1(
 بدأ بعض المرجفين يتحدثون عن ايام البشير ، ويبكون عليها فى ظل التفلتات الامنية التى تمر بها البلاد والغلاء الطاحن الذي يعيشه الشعب السوداني والذي نعتبره نتاجاً طبيعياً للنظام البائد وامتداداً منطقياً له بسبب )مخلفات( نظام البشير التى مازالت مسيطرة على )مفاصل( الدولة ، بل على )قياداتها( ايضاً. الامر لم يعد قصراً على )المفاصل( وحدها ، فالنظام البائد يسيطر على كل شيء في الدولة وفي السلطة. لهذا تبقى التفلتات الامنية والغلاء نواتج طبيعية لفساد وخراب )30( سنة كانوا يتاجرون فيها بثروات البلاد وأراضيها ، يتاجرون حتى بـ)الدين( ، وقد بلغنا في ذلك شأواً كان فيه رئيس الجمهورية نفسه )سمسار( يتاجر في العملات الصعبة ويأخذ عمولته من الصفقات التى تعقدها الحكومة مع المستثمرين الاجانب والوطنيين.
 النظام البائد افسد اخلاقيات الناس – نحتاج لفترة طويلة حتى نرتب )دواخلنا( كما يجب ان تكون.
 كل هذه الاشياء سوف نحتاج من اجل اصلاحها وتعديلها الى زمن طويل، ونحتاج كذلك ان ندفع ثمناً غالياً لنصل الى الوضع الصحيح الذي يجب ان يكون فيه السودانيون بشيمهم وأخلاقياتهم المعروفة.
)2(
 حسابياً لو كان البشير الى وقتنا هذا هو الحاكم )بعد ان جرب كل المسكنات والكريمات والدهانات والأدوية لإطالة عمر الانقاذ واستنفد كل السبل للبقاء في السلطة( لو كان البشير رئيساً لكانت الاوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد اسوأ مما هي عليه الآن – لم تسقط الانقاذ إلا بعد ان استعملت واستهلكت كل الحلول.
 حلهم الاخير والوحيد كان يتمثل في ان يسلموا السلطة الى من هم في السلطة الآن ، فقد يعيدوها اليهم بعد ان تصبح الحياة مستحيلة لتعود الإنقاذ من جديد بنصف القيمة ونقبل بحياة افضل منها الموت.
 الشركات الخاسرة عندما تثقل كاهلها الضرائب وتصبح مطالبة بالديون وملاحقة من المحاكم ، وبعد ان تسوء سمعتها تغلق حساباتها وتعلن افلاسها ثم يشرع نفس اصحاب الشركة التى افلست في تأسيس شركة جديدة بنفس الاشخاص ولكن باسم جديد وفي موقع اخر يبعد عن الموقع السابق ليعيدوا سيرتهم من جديد في النهب والفساد ثم يغلقوها ويشرعون في تأسيس شركة جديدة وهكذا دواليك.
 الانقاذ فعلت نفس الشيء بعد ان ضاقت بهم السبل وفشلوا في كل شيء، قدموا لنا نظام الانقاذ من جديد ولكن باسم مختلف.
 السلطة الحاكمة الآن ينطبق عليها ما يقال عن )الدواء( عندما لا تجد الدواء )الاصلي( الذي تبحث عنه وتجد )دواءً( اخر بنفس مواصفات الدواء )الاصلي( الذي تبحث عنه ولكن )شركة مختلفة(. الصيدلي الماهر دائماً يجتهد لكي يقنعك ان هذا الدواء الذي يوجد في صيدليته هو نفس الدواء الذي تبحث عنه لكن )شركة مختلفة( وهو افضل من الدواء الاصلي نفسه!!
 هذه الحكومة هي حكومة )الانقاذ( ذاتها ولكن )شركة مختلفة(.
)3(
 ثار الشعب السوداني على الانقاذ ليس بسبب الضائقة المعيشة حتى يتم البكاء عليها الآن. ثار الشعب السوداني على الانقاذ من اجل كرامته – من اجل الوطن والحريات، ثاروا ضد الفساد والمحسوبية.
 هل نسيتم البشير عندما كان يقول انه يتحدى اى شخص إن كان يعرف )الهوت دوق( قبل حكومة الانقاذ؟ هذا الرئيس هو الذي كان يصرف في )البركاوي( على سفراء الدول الاوروبية ويتاجر في العملات الصعبة.
 هل نسى الناس تصريحات وزير المالية السابق علي محمود حينما قال : )البيوت في السودان كانت شينة( ، والناس بتسمع بـ)البيتزا( ، والآن توجد محلات كثيرة لها، والعربات كانت بكاسي بس، والآن توجد موديلات مختلفة من العربات(.
 هذه هي العقليات التى كانت تحكم السودان.
 نائب رئيس الجمهورية السابق الحاج آدم أكد خلال حديثه لإحدى الفضائيات أن الخرطوم إلى عهد قريب لم يكن بها ماء ولا كهرباء ولا حتى )صابون وكبريت( وهو نفسه الذي قال : )قبل مجيء الانقاذ ما كان في زول عندو قميصين والآن الدواليب مليانة(.
 كانوا يحسدونكم على الصابون والكبريت.
 ضد هذه العقليات ثار الشعب السوداني لم يثوروا من اجل الخبز والبنزين والكهرباء.
 مصطفى عثمان إسماعيل، مستشار الرئيس السوداني السابق، في مؤتمر صحفي بالعاصمة السعودية الرياض قال : )لو كنا نتعامل بالعنتريات، لما كان حال السودان اليوم، مقارنة مع ما كان حاله من قبل. هذه الحكومة عندما جاءت إلى السلطة، الشعب السوداني كان مثل الشحاتين.. حينما جاءت هذه الحكومة لم يكن هناك سكر، الشعب السوداني كان يشرب الشاي بـ)الجكه(.
 لقد علموا الشعب السوداني الهوت دوق وخبّروه بالسكر وجعلوا دواليب أي سوداني مليئة بالقمصان…كنا قبلهم مثل الشحاتين!!
 الذين كانوا يتحدثون باسم الدين قال وزير اعلامهم كمال عبيد ، القيادي بالمؤتمر الوطني المحلول في مؤتمر اذاعي قبل الانفصال: )لن يكون الجنوبي في الشمال مواطناً حال وقوع الانفصال(، وزاد : )كذلك لن يتمتع بحق المواطنة، والوظيفة، والامتيازات، ولا حق البيع والشراء في سوق الخرطوم( ، وتابع: )لن نعطيه )حقنة( في المستشفى(.
 يبخلون على المرضى بالحقنة عندما كانوا في السلطة.
 الوالى والقيادى السابق فى جهازى الامن وحزب المؤتمر الوطنى المحلولين والمنفذ للمشروع الحضارى )الإسلامى( عندما كان والياً لولاية شرق دارفور ، خاطب المواطنين ومليشياته قائلاً : )الذخيرة ما هينة يا جماعة … الذخيرة من عرق الشعب السودانى .. الذخيرة غالية ما تخسروا فى زول طلقة .. الطلقة أغلى منه ، الطلقة بـ 7 جنيه يا جماعة … ما تخسروا فى متمرد طلقة ، الطلقة أغلى منه جيبوه حى .. القتلى ما تدفنوهم خلوهم للصقور والوحوش(.
 كنا نتحدث عن انهم كانوا يبخلون بـ )الحقنة( ..انهم يبخلون حتى بـ )الطلقة(.
)4(
 بغم /
 في ظل هذه الاوضاع الاقتصادية التى تمر بها البلاد – القوات النظامية في حاجة الى الترشيد في استهلاك )الغاز المسيل للدموع( ضد المحتجين.
 هل تدرى هذه القوات كم يساوي سعر عبوة البمبان الواحدة؟ وهي تستورد بالعملة الصعبة حتى تفرطوا في استعمالها بهذه الصورة.
 وكل الطرق تؤدي الى )المدنية(.