الثلاثاء 22 مارس 2022 - 13:46
الخرطوم: ابتهاج متوكل
طبقت أمس، زيادات جمركية على كثير من السلع، دون زيادة في الرسم الجمركي البالغ )٤٣٠( جنيهاً، وذلك وفق إفادات لعدد من الموردين والمخلصين، تحدثوا لـ)السوداني(، واعتبروا أن زيادة الجمارك تنعكس سلباً، على الأسعار، وتراجع إيرادات الجمارك ثم الخزينة العامة للدولة، وذكروا أنها “زيادة للكارثة الموجودة أصلاً”، متوقعين أن تكون نتائجها وخيمة، ربما تؤدي إلى انفلات أمني بالبلاد، بسبب الضغوط المعيشية على المواطنين.
واستدل بعض المختصين، بواقعة حدث في عهد الرئيس السابق نميري، عندما واجه مشكلة إيرادات آنذاك، وجاءت توصية المسؤولين في حينها، بخفض الجمارك ورسوم الإنتاج على المواد المصنعة.
مواجهة الزيادات
وأفصح موردون، عن زيادات كبيرة في بعض النسب الجمركية، وإرجاع الرسم الإضافي لعدد من السلع.
وقال عدد من الموردين، لـ)السوداني( إن “سستم” التخليص تم إيقافه أمس الأول، بغرض تعديله، وأضافوا أن هنالك زيادة في جمارك بلغت نسبة )١٠٠٪(، لمعظم السلع والأواني المنزلية، والأجهزة الكهربية والأخشاب والأثاثات، والملبوسات الجاهزة. وأشاروا إلى أن كل الحلويات عليها رسم إضافي )٢٥%(، وإطارات السيارات الصغيرة )٢٥%( رسم إضافي، السيارات كبيرة )١٠%( رسم إضافي، وكذلك الدقيق زيادة جمارك )٣%( إلى جانب )٢٥%( رسم إضافي، ومستحضرات التجميل رسم إضافي بنسبة )٤٠%(. واطلعت )السوداني( على منشور جدول تعديل الفئات الجمركية، لعدد من السلع تم تطبيقه اليوم، دون زيادة في رسم الدولار الجمركي البالغ )٤٣٠( جنيهاً.
وشملت التعديلات في التعرفة الجمركية زيادات جديدة في الرسوم على الخضروات والفاكهة من )١٠٤٠%( لكل، البهارات من )١٠٢٥%(، وثبات رسوم كل من الفول المصري والبن والشاي في نسبة )٣%(، واستمرار إعفاء كل من العدس والأرزاق وتقاوى البطاطس وتقاوى الثوم وتقاوى الذرة الشامي من الرسوم الجمركية.
فقدان الإيرادات
وقال المورد قاسم الصديق لـ)السوداني( إن زيادة الفئات الجمركية وإعادة الرسم الإضافي لكثير من السلع، ينعكس سلباً على أسعار السلع، وتدني معدلات المبيعات، وتراجع إيرادات الجمارك، ثم الخزينة العامة للدولة، موضحاً أن العديد من الموردين ستقل طلبات استيرادتهم، ثم الجمارك وتراجع إيرادات الدولة، لافتاً إلى أن ما يحدث يبدو بدون “دراية وعلم “.
ضغوط وانيهار
واعتبر المورد عبد الرحمن الخليفة، الزيادات الجمركية” زيادة للكارثة الموجودة أصلاً”، وقال لـ)السوداني( إن هذه الزيادات نتائجها وخيمة، يمكنها أن تؤدي إلى انفلات أمني بالبلاد، بسبب الضغوط المعيشية على المواطنين، موضحاً أن الأوضاع الاقتصادية تنعكس سلباً على الاستقرار بالبلاد، وتابع: “المسؤولون يضغطون على الشعب هو “حيجيب من وين؟”، لافتاً إلى أن بعض المسؤولين يصدرون القرارات كأن ما يحدث شيء طبيعي، وذكر أن القطاع الخاص ظل يقدم النصائح والمشورة، ولكن دون استجابة، بينمت يتفاجأ المواطنون بقرارت تمس معيشتهم، داعياً إلى إيجاد بدائل أخرى، بخلاف المواطن، مشيراً إلى أن الأوضاع الاقتصادية على وشك الانهيار.
تحذير وهزيمة
وأكدت مصادر مطلعة، حدوث تأثيرات وزيادات كبيرة جداً، على أسعار السلع بالبلاد، بسبب الزيادات الجمركية.
وقالت لـ)السوداني( إن الزيادة تضاعفت بنسب فاقت الـ)١٠٠٪( لكثير من السلع، وشددت المصادر، على أن هذه السياسة تهزم الاقتصاد الرسمي، وتشجع التهريب لأنه أرخص من دفع الجمارك، وأضافت: العقلية التي تدير الاقتصاد ضعيفة تفكيرها “أسفل القدمين”، لا تنظر للمستقبل، وأبعاد هذه السياسات، وأشارت المصادر إلى أن البلاد تعاني من تضخم عالٍ، وتساءلت كيف يكون التعامل بمثل هذه السياسات؟، وذكرت أن مستقبل الاقتصاد السوداني “مظلم مظلم “.
واقعة نميري
وأشار مدير إدارة الاستيراد سابق بوزارة التجارة، إلى واقعة حدثت في عهد الرئيس السابق جعفر نميري، )تفيد أن البلاد آنذاك كانت تعاني من مشكلة إيرادات، وطلب من المختصين والمسؤولين إيجاد حل لتلك المشكلة، فجاءت المشورة بضرورة تخفيض الجمارك ورسوم الإنتاج على المواد المصنعة، ونفذت هذه السياسات وحققت نتائج أنعشت الاقتصاد، وامتلأت الخزينة العامة بالأموال، وارتفعت معدلات حركتي البيع والشراء، في الاقتصاد(، وقال لـ)السوداني( إن زيادة الجمارك ” لن تحقق أي شيء، ولن تجد الخزينة العامة أي أموال”، مبيناً أن السياسات تؤدي إلى تراجع حركة الاستيراد، وستنخفض إيرادات الجمارك، إلى جانب ارتفاع أسعار وتكاليف الخدمات.
فشل المالية
وأشار الخبير الاقتصادي، بروفسير كمال يوسف، إلى أن وزير المالية “يفشل” في إدارة الوزارة، ويزيد من معاناة المواطن المغلوب على أمره، وأرجع ذلك لعدم تفكيره في وضع خطة إسعافية، تشجع الإنتاج الزراعي والصناعي، واللجوء إلى “جيب المواطن” لسداد مصروفات الموازنة العامة.
وقال لـ)السوداني( إن هذه زيادة السياسة، هي أقصر طرق الفاشلين في إدارة الوزارة وموارد الدولة، متوقعاً أن ينعكس ذلك على ارتفاع معدل التضخم وحدوث “غلاء فاحش”، سوف ينعكس ذلك على انخفاض قيمة العملة المحلية مقابل العملات الصعبة، مؤكداً أن الأمر أصبح لا يطاق، لأسباب رفع دعم عن الوقود والدقيق والغاز والدواء وارتفاع جنوني للعملات الصعبة، وارتفاع الأسعار لكل السلع. وانفراط الأمن، وأفاد: “المواطن لن يستطيع العيش ولن يستكين”، وأتوقع خروج مظاهرات تندد بسياسات الحكومة الحالية. ”
الموارد الذاتية والطوارئ
يذكر أن مشروع الموازنة لعام ٢٠٢٢م، قدر إجمالي الإيرادات العامة بحوالي )٣.٣٢( تريليون جنيه، مقارنة بتقديرات ٢٠٢١م المعدلة البالغة )٢.٤٧( تريليون جنيه، بنسبة زيادة )٣٤٪(، وأن هذه الموازنة تعتمد على الموارد الذاتية، بدون منح وقروض.
وسبق أن طالبت توصيات حلقة النقاش حول الوضع الاقتصادي الراهن وسيناريوهات الانتقال إلى النمو الاقتصادي، بإجراءات سريعة وحاسمة في المدى القريب، تتعلق بمعرفة حجم العجز الحقيقي، في ميزان المدفوعات بحسابات “واقعية وشفافة”، ومعرفة العجز في الميزان التجاري بحسابات واقعية أيضاً، وتساءلت التوصيات ما هو العجز الآن؟، وما حجم الإيرادات الحقيقية، من أداء موازنة العام السابق؟.
وذكرت التوصيات، أنه حال توفر هذه الملعومات وحددت المشكلة بشكل واضح، يمكن تقديم توصيات عاجلة وتكوين غرفة طوارئ لمعالجة الوضع الاقتصادي، وإلى تبني سياسات اقتصادية سليمة واقعية، سريعة المردود لإيقاف التراجع، ولفتت التوصيات إلى أنه ربما تحتاج البلاد إلى إعلان حالة “الطوارئ الاقتصادية”، لوقف التدهور السريع في الوضع الاقتصادي، الذي ربما يؤدي إلى انفجار الأوضاع الاقتصادية ، بشكل أسرع مما نتوقع.
في المقابل، تشهد الأسواق موجة غلاء ومستويات عالية من التضخم، بينما يحذر خبراء الاقتصاد من ارتفاع جديد في الأسعار؛ بسبب زيادة الضرائب. وتشير بيانات حكومية إلى أن عدد المسجلين لدى وزارة المالية كدافعي ضرائب لا يتجاوز )200( ألف شخص، وهو رقم تعتبره مؤسسات المال والمعنيون ضعيفاً جداً مقارنة بعدد السكان البالغ )40( مليوناً.
زيادة الضرائب
وكشف تجار ومستوردون عن تطبيق وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، زيادة في ضريبة أرباح الأعمال وصلت إلى )30( في المائة للتجار، والشركات بزيادة نسبتها )100( في المائة، وارتفعت الضريبة علىى القطاع الصناعي إلى )15( في المائة بنسبة زيادة )50( في المائة.
وقال المستورد محمدين زين العابدين، في إفادة سابقة لـ”العربي الجديد” القطرية، إن هذه الزيادات الضريبية ستؤثر على أسعار السلع ليصبح السودان من أغلى الدول في العالم “ما يتناقض مع فرضية الوصول إلى استقرار اقتصادي بعد هذه الإجراءات، بل ستتسع دولة الجباية لتزيد المواطن فقراً والعاطل من العمل عطالة”.
وأضاف أن “الضرائب ستضيق حلقة الإنتاج لتقتصر على الأقلية، وسط هروب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية، كما ستحيل ما تبقى من المستثمرين إلى التهرب الضريبي، والعمل في الخفاء، بالإضافة الى زيادة التهريب والفساد”.
بدوره، شرح التاجر فضل المولى ياسين أن البلاد تعاني من فقر وجهل وسوء في الخدمات والتعليم والصحة مع الارتفاع الكبير في فواتير المعيشة اليومية.
واعتبر أن كل الأعمال مهددة بالتوقف من دون أن تقدم الحكومة أي خدمات للمواطن، مما يزيد صرف العمال ويرفع معدلات الفقر. وقال إن الوضع الحالي غير صحي، إذ لا يمكن للحكومة جباية الضرائب من دون تقديم خدمات لائقة في المقابل.
مشكلات تسعيرة
وحددت موازنة العام 2022 الإيرادات الضريبية بحوالي )1,943( مليار جنيه بنسبة زيادة )145( في المائة عن موازنة العام الماضي، وتمثل الإيرادات الضريبية حوالي )58( في المائة من إجمالي الإيرادات.
وتوقعت أستاذة الاقتصاد، إيناس إبراهيم، في حديث مع “العربي الجديد” أن تؤدي الزيادات الضريبية إلى مشكلات في تسعيرة العديد من السلع والمستلزمات المعيشية.
وشرحت أن المؤسسات المعنية بالزيادات تعمد لرفع قيمة الخدمة التي يتلقاها المواطن، في وقت لا تتحرك فيه المداخيل، بل تتآكل بفعل التضخم، مما يشكل مخاطر على الاستقرار ويهدد باحتجاجات جديدة.
ورأت أنه الأجدى أن تهتم الحكومة بتنمية القطاعات الإنتاجية بدلاً عن زيادة الضريبة عليها.
ورأى الاقتصادي محمد الزين أن على الحكومة تخفيف الأعباء الضريبية التي تُكبل المستثمرين وتخنق التجار والمواطنين، خاصة أن رجل الأعمال السوداني يدفع أنواعاً كثيرة من الضرائب والرسوم.
وقال إن الاعتماد على الإيرادات الضريبية كمصدر أساسي لتمويل الموازنة يمثل خطراً على الخزانة العامة للدولة في ظل تراجع أرباح أغلب الشركات في السودان نتيجة التداعيات السلبية لجائحة كورونا، وعدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي والأمني.
بدوره، اقترح المحلل الاقتصادي، هيثم فتحي، أن تسعى السلطات إلى زيادة الموارد من الاستثمارات المباشرة والصادرات والتجارة الخارجية حتى تستقيم الموازنة العامة للبلاد.
وقال إنه “عادة ما تقع الضرائب على عاتق ذوي الدخل المحدود والطبقة المتوسطة، ولن تكون زيادتها مجحفة فحسب، بل ستؤدي أيضاً إلى المزيد من الانكماش في الطلب، ما سيخفض الإنتاج، ما يعني تسريح العمالة وزيادة البطالة.
ولفت الخبير الاقتصادي، الفاتح محجوب، إلى أن زيادة الضرائب تعتبرها الحكومة إجراء ضمن حزمة سياسات نقدية ومالية لتخفيض التضخم الكبير الذي وصل إلى )318( في المائة.
ركود تضخمي
لكن في المقابل، دخل الاقتصاد السوداني في حالة ركود تضخمي نتج عنها توقف معظم المصانع عن العمل وحالة كساد تأثرت بها معظم السلع.
أما القطاع الخدمي الذي تلقى زيادة في الضرائب بنسبة )100( في المائة، فهو يعاني من كساد كبير، ولذلك فإن زيادة الضرائب قد تعصف بكثير من العاملين في هذا القطاع.
ومع ذلك، تابع الفاتح محجوب، فإن هذه الزيادة “قد تكون إجراء لا بد منه لتخفيض التضخم لكن يجب أن يكون مؤقتاً، بحيث يتم التراجع عنه بعد تحقيق الغرض منه، لأن هذه الزيادة ستحول دون دخول استثمارات جديدة إلى القطاعين الصناعي والخدمي”.
واعتبر الخبير الاقتصادي أمية يوسف أن رفع الدعم بالتزامن مع زيادة ضرائب على المصانع والمؤسسات، يُضعف قدرة المنتجات المحلية على منافسة السلع المستوردة، وبالتالي، يمكن توقع الوصول إلى ركود عام و”حينها لن تجد الدولة من تأخذ منه ضرائب بعد هروب ما تبقى من رؤوس الأموال”.
الخرطوم: ابتهاج متوكل
طبقت أمس، زيادات جمركية على كثير من السلع، دون زيادة في الرسم الجمركي البالغ )٤٣٠( جنيهاً، وذلك وفق إفادات لعدد من الموردين والمخلصين، تحدثوا لـ)السوداني(، واعتبروا أن زيادة الجمارك تنعكس سلباً، على الأسعار، وتراجع إيرادات الجمارك ثم الخزينة العامة للدولة، وذكروا أنها “زيادة للكارثة الموجودة أصلاً”، متوقعين أن تكون نتائجها وخيمة، ربما تؤدي إلى انفلات أمني بالبلاد، بسبب الضغوط المعيشية على المواطنين.
واستدل بعض المختصين، بواقعة حدث في عهد الرئيس السابق نميري، عندما واجه مشكلة إيرادات آنذاك، وجاءت توصية المسؤولين في حينها، بخفض الجمارك ورسوم الإنتاج على المواد المصنعة.
مواجهة الزيادات
وأفصح موردون، عن زيادات كبيرة في بعض النسب الجمركية، وإرجاع الرسم الإضافي لعدد من السلع.
وقال عدد من الموردين، لـ)السوداني( إن “سستم” التخليص تم إيقافه أمس الأول، بغرض تعديله، وأضافوا أن هنالك زيادة في جمارك بلغت نسبة )١٠٠٪(، لمعظم السلع والأواني المنزلية، والأجهزة الكهربية والأخشاب والأثاثات، والملبوسات الجاهزة. وأشاروا إلى أن كل الحلويات عليها رسم إضافي )٢٥%(، وإطارات السيارات الصغيرة )٢٥%( رسم إضافي، السيارات كبيرة )١٠%( رسم إضافي، وكذلك الدقيق زيادة جمارك )٣%( إلى جانب )٢٥%( رسم إضافي، ومستحضرات التجميل رسم إضافي بنسبة )٤٠%(. واطلعت )السوداني( على منشور جدول تعديل الفئات الجمركية، لعدد من السلع تم تطبيقه اليوم، دون زيادة في رسم الدولار الجمركي البالغ )٤٣٠( جنيهاً.
وشملت التعديلات في التعرفة الجمركية زيادات جديدة في الرسوم على الخضروات والفاكهة من )١٠٤٠%( لكل، البهارات من )١٠٢٥%(، وثبات رسوم كل من الفول المصري والبن والشاي في نسبة )٣%(، واستمرار إعفاء كل من العدس والأرزاق وتقاوى البطاطس وتقاوى الثوم وتقاوى الذرة الشامي من الرسوم الجمركية.
فقدان الإيرادات
وقال المورد قاسم الصديق لـ)السوداني( إن زيادة الفئات الجمركية وإعادة الرسم الإضافي لكثير من السلع، ينعكس سلباً على أسعار السلع، وتدني معدلات المبيعات، وتراجع إيرادات الجمارك، ثم الخزينة العامة للدولة، موضحاً أن العديد من الموردين ستقل طلبات استيرادتهم، ثم الجمارك وتراجع إيرادات الدولة، لافتاً إلى أن ما يحدث يبدو بدون “دراية وعلم “.
ضغوط وانيهار
واعتبر المورد عبد الرحمن الخليفة، الزيادات الجمركية” زيادة للكارثة الموجودة أصلاً”، وقال لـ)السوداني( إن هذه الزيادات نتائجها وخيمة، يمكنها أن تؤدي إلى انفلات أمني بالبلاد، بسبب الضغوط المعيشية على المواطنين، موضحاً أن الأوضاع الاقتصادية تنعكس سلباً على الاستقرار بالبلاد، وتابع: “المسؤولون يضغطون على الشعب هو “حيجيب من وين؟”، لافتاً إلى أن بعض المسؤولين يصدرون القرارات كأن ما يحدث شيء طبيعي، وذكر أن القطاع الخاص ظل يقدم النصائح والمشورة، ولكن دون استجابة، بينمت يتفاجأ المواطنون بقرارت تمس معيشتهم، داعياً إلى إيجاد بدائل أخرى، بخلاف المواطن، مشيراً إلى أن الأوضاع الاقتصادية على وشك الانهيار.
تحذير وهزيمة
وأكدت مصادر مطلعة، حدوث تأثيرات وزيادات كبيرة جداً، على أسعار السلع بالبلاد، بسبب الزيادات الجمركية.
وقالت لـ)السوداني( إن الزيادة تضاعفت بنسب فاقت الـ)١٠٠٪( لكثير من السلع، وشددت المصادر، على أن هذه السياسة تهزم الاقتصاد الرسمي، وتشجع التهريب لأنه أرخص من دفع الجمارك، وأضافت: العقلية التي تدير الاقتصاد ضعيفة تفكيرها “أسفل القدمين”، لا تنظر للمستقبل، وأبعاد هذه السياسات، وأشارت المصادر إلى أن البلاد تعاني من تضخم عالٍ، وتساءلت كيف يكون التعامل بمثل هذه السياسات؟، وذكرت أن مستقبل الاقتصاد السوداني “مظلم مظلم “.
واقعة نميري
وأشار مدير إدارة الاستيراد سابق بوزارة التجارة، إلى واقعة حدثت في عهد الرئيس السابق جعفر نميري، )تفيد أن البلاد آنذاك كانت تعاني من مشكلة إيرادات، وطلب من المختصين والمسؤولين إيجاد حل لتلك المشكلة، فجاءت المشورة بضرورة تخفيض الجمارك ورسوم الإنتاج على المواد المصنعة، ونفذت هذه السياسات وحققت نتائج أنعشت الاقتصاد، وامتلأت الخزينة العامة بالأموال، وارتفعت معدلات حركتي البيع والشراء، في الاقتصاد(، وقال لـ)السوداني( إن زيادة الجمارك ” لن تحقق أي شيء، ولن تجد الخزينة العامة أي أموال”، مبيناً أن السياسات تؤدي إلى تراجع حركة الاستيراد، وستنخفض إيرادات الجمارك، إلى جانب ارتفاع أسعار وتكاليف الخدمات.
فشل المالية
وأشار الخبير الاقتصادي، بروفسير كمال يوسف، إلى أن وزير المالية “يفشل” في إدارة الوزارة، ويزيد من معاناة المواطن المغلوب على أمره، وأرجع ذلك لعدم تفكيره في وضع خطة إسعافية، تشجع الإنتاج الزراعي والصناعي، واللجوء إلى “جيب المواطن” لسداد مصروفات الموازنة العامة.
وقال لـ)السوداني( إن هذه زيادة السياسة، هي أقصر طرق الفاشلين في إدارة الوزارة وموارد الدولة، متوقعاً أن ينعكس ذلك على ارتفاع معدل التضخم وحدوث “غلاء فاحش”، سوف ينعكس ذلك على انخفاض قيمة العملة المحلية مقابل العملات الصعبة، مؤكداً أن الأمر أصبح لا يطاق، لأسباب رفع دعم عن الوقود والدقيق والغاز والدواء وارتفاع جنوني للعملات الصعبة، وارتفاع الأسعار لكل السلع. وانفراط الأمن، وأفاد: “المواطن لن يستطيع العيش ولن يستكين”، وأتوقع خروج مظاهرات تندد بسياسات الحكومة الحالية. ”
الموارد الذاتية والطوارئ
يذكر أن مشروع الموازنة لعام ٢٠٢٢م، قدر إجمالي الإيرادات العامة بحوالي )٣.٣٢( تريليون جنيه، مقارنة بتقديرات ٢٠٢١م المعدلة البالغة )٢.٤٧( تريليون جنيه، بنسبة زيادة )٣٤٪(، وأن هذه الموازنة تعتمد على الموارد الذاتية، بدون منح وقروض.
وسبق أن طالبت توصيات حلقة النقاش حول الوضع الاقتصادي الراهن وسيناريوهات الانتقال إلى النمو الاقتصادي، بإجراءات سريعة وحاسمة في المدى القريب، تتعلق بمعرفة حجم العجز الحقيقي، في ميزان المدفوعات بحسابات “واقعية وشفافة”، ومعرفة العجز في الميزان التجاري بحسابات واقعية أيضاً، وتساءلت التوصيات ما هو العجز الآن؟، وما حجم الإيرادات الحقيقية، من أداء موازنة العام السابق؟.
وذكرت التوصيات، أنه حال توفر هذه الملعومات وحددت المشكلة بشكل واضح، يمكن تقديم توصيات عاجلة وتكوين غرفة طوارئ لمعالجة الوضع الاقتصادي، وإلى تبني سياسات اقتصادية سليمة واقعية، سريعة المردود لإيقاف التراجع، ولفتت التوصيات إلى أنه ربما تحتاج البلاد إلى إعلان حالة “الطوارئ الاقتصادية”، لوقف التدهور السريع في الوضع الاقتصادي، الذي ربما يؤدي إلى انفجار الأوضاع الاقتصادية ، بشكل أسرع مما نتوقع.
في المقابل، تشهد الأسواق موجة غلاء ومستويات عالية من التضخم، بينما يحذر خبراء الاقتصاد من ارتفاع جديد في الأسعار؛ بسبب زيادة الضرائب. وتشير بيانات حكومية إلى أن عدد المسجلين لدى وزارة المالية كدافعي ضرائب لا يتجاوز )200( ألف شخص، وهو رقم تعتبره مؤسسات المال والمعنيون ضعيفاً جداً مقارنة بعدد السكان البالغ )40( مليوناً.
زيادة الضرائب
وكشف تجار ومستوردون عن تطبيق وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، زيادة في ضريبة أرباح الأعمال وصلت إلى )30( في المائة للتجار، والشركات بزيادة نسبتها )100( في المائة، وارتفعت الضريبة علىى القطاع الصناعي إلى )15( في المائة بنسبة زيادة )50( في المائة.
وقال المستورد محمدين زين العابدين، في إفادة سابقة لـ”العربي الجديد” القطرية، إن هذه الزيادات الضريبية ستؤثر على أسعار السلع ليصبح السودان من أغلى الدول في العالم “ما يتناقض مع فرضية الوصول إلى استقرار اقتصادي بعد هذه الإجراءات، بل ستتسع دولة الجباية لتزيد المواطن فقراً والعاطل من العمل عطالة”.
وأضاف أن “الضرائب ستضيق حلقة الإنتاج لتقتصر على الأقلية، وسط هروب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية، كما ستحيل ما تبقى من المستثمرين إلى التهرب الضريبي، والعمل في الخفاء، بالإضافة الى زيادة التهريب والفساد”.
بدوره، شرح التاجر فضل المولى ياسين أن البلاد تعاني من فقر وجهل وسوء في الخدمات والتعليم والصحة مع الارتفاع الكبير في فواتير المعيشة اليومية.
واعتبر أن كل الأعمال مهددة بالتوقف من دون أن تقدم الحكومة أي خدمات للمواطن، مما يزيد صرف العمال ويرفع معدلات الفقر. وقال إن الوضع الحالي غير صحي، إذ لا يمكن للحكومة جباية الضرائب من دون تقديم خدمات لائقة في المقابل.
مشكلات تسعيرة
وحددت موازنة العام 2022 الإيرادات الضريبية بحوالي )1,943( مليار جنيه بنسبة زيادة )145( في المائة عن موازنة العام الماضي، وتمثل الإيرادات الضريبية حوالي )58( في المائة من إجمالي الإيرادات.
وتوقعت أستاذة الاقتصاد، إيناس إبراهيم، في حديث مع “العربي الجديد” أن تؤدي الزيادات الضريبية إلى مشكلات في تسعيرة العديد من السلع والمستلزمات المعيشية.
وشرحت أن المؤسسات المعنية بالزيادات تعمد لرفع قيمة الخدمة التي يتلقاها المواطن، في وقت لا تتحرك فيه المداخيل، بل تتآكل بفعل التضخم، مما يشكل مخاطر على الاستقرار ويهدد باحتجاجات جديدة.
ورأت أنه الأجدى أن تهتم الحكومة بتنمية القطاعات الإنتاجية بدلاً عن زيادة الضريبة عليها.
ورأى الاقتصادي محمد الزين أن على الحكومة تخفيف الأعباء الضريبية التي تُكبل المستثمرين وتخنق التجار والمواطنين، خاصة أن رجل الأعمال السوداني يدفع أنواعاً كثيرة من الضرائب والرسوم.
وقال إن الاعتماد على الإيرادات الضريبية كمصدر أساسي لتمويل الموازنة يمثل خطراً على الخزانة العامة للدولة في ظل تراجع أرباح أغلب الشركات في السودان نتيجة التداعيات السلبية لجائحة كورونا، وعدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي والأمني.
بدوره، اقترح المحلل الاقتصادي، هيثم فتحي، أن تسعى السلطات إلى زيادة الموارد من الاستثمارات المباشرة والصادرات والتجارة الخارجية حتى تستقيم الموازنة العامة للبلاد.
وقال إنه “عادة ما تقع الضرائب على عاتق ذوي الدخل المحدود والطبقة المتوسطة، ولن تكون زيادتها مجحفة فحسب، بل ستؤدي أيضاً إلى المزيد من الانكماش في الطلب، ما سيخفض الإنتاج، ما يعني تسريح العمالة وزيادة البطالة.
ولفت الخبير الاقتصادي، الفاتح محجوب، إلى أن زيادة الضرائب تعتبرها الحكومة إجراء ضمن حزمة سياسات نقدية ومالية لتخفيض التضخم الكبير الذي وصل إلى )318( في المائة.
ركود تضخمي
لكن في المقابل، دخل الاقتصاد السوداني في حالة ركود تضخمي نتج عنها توقف معظم المصانع عن العمل وحالة كساد تأثرت بها معظم السلع.
أما القطاع الخدمي الذي تلقى زيادة في الضرائب بنسبة )100( في المائة، فهو يعاني من كساد كبير، ولذلك فإن زيادة الضرائب قد تعصف بكثير من العاملين في هذا القطاع.
ومع ذلك، تابع الفاتح محجوب، فإن هذه الزيادة “قد تكون إجراء لا بد منه لتخفيض التضخم لكن يجب أن يكون مؤقتاً، بحيث يتم التراجع عنه بعد تحقيق الغرض منه، لأن هذه الزيادة ستحول دون دخول استثمارات جديدة إلى القطاعين الصناعي والخدمي”.
واعتبر الخبير الاقتصادي أمية يوسف أن رفع الدعم بالتزامن مع زيادة ضرائب على المصانع والمؤسسات، يُضعف قدرة المنتجات المحلية على منافسة السلع المستوردة، وبالتالي، يمكن توقع الوصول إلى ركود عام و”حينها لن تجد الدولة من تأخذ منه ضرائب بعد هروب ما تبقى من رؤوس الأموال”.