السبت 26 مارس 2022 - 18:54
احمد يوسف التاي يكتب: إليكم أيها الأحرار


يزخرُ إرشيف الصحف الورقية، والمواقع الإلكترونية بكمٍّ هائلٍ من المقالات المُشرِّفة لكتاب صحافيين لم يتوقفوا يوماً عن مواجهة طغيان نظام الثلاثين من يونيو الإنقلابي، واستبداده وفساده، ولم يهادنوا، ولم يداهنوا ،ولم يماروا ولم يروجوا يوماً لأباطيله ، ولم يسيروا خلف ركابه المزيف، فكان نصيبهم التنكيل والإعتقالات، والتهديد بحكم الإعدام في فصول تبدأ من نيابة أمن الدولة وتنتهي بمحكمة الإرهاب، فضلاً عن الإيقاف عن الكتابة، مرات عديدة، والتضييق في الرزق… هذه المواقف والوقائع والمقالات لهؤلاء الكتاب المصادمين، وثمنها الباهظ الذي دفعوه، موثق ومحفوظ وموجود كله في الإرشيف وفي المواقع الإلكترونية، فمن أراد التحقق من ذلك فـ “قوقل” جاهزة للخدمة، فالأمر لم يكن كلاما إنشائياً استهلاكياً، بل حقائق مجردة تماماً.. هذه الأقلام الحرة التي آثرت الوقوف في وجه طغيان الإنقاذ وفسادها، خلال الثلاثين سنة الماضية، وعبرت بصدق عن نبض الجماهير وتحسست حروفُها الأمينة مواضع آلام الناس وآمالها فعبرت بصدق عن الآلام والآمال والأحلام الكبيرة في دولة المواطنة والقانون والعدل والحرية، وواجهت جبروت نظام الجبهة الاسلامية بحقيقته المجردة، وكشفت فساده، ودجله، وزيفه وعرّته أمام الرأي العام، هذه الأقلام لهي قادرة اليوم أكثر من ذي قبل أن تستهدف بؤر العتمة داخل حكومة الثورة ، وقادرة على مواجهة الإستبداد والديكتاتورية والطغيان، وما أكثر هذه البؤر المظلمة التي بدأت تتكشف الآن.. رسالتي هذه أريد أن أوجهها بصفة خاصة إلى زملاء النضال الذين واجهوا الفساد والاستبداد والذين أعرفهم كما أعرف نفسي وأهل بيتي، رسالتي إليهم أن لا تضعوا السلاح، فالمعركة مازالت حامية الوطيس، وهناك كثير من الجيوب، وهناك “ذرية” بعضها من “بعض”، وهناك نفعيون فاسدون لبسوا عباءة الثورة فلابد من نزعها منهم حتى لاتتسخ، وهناك حالة “كيزانية” بالأجهزة التنفيذية والسياسية تتمثل في الممارسات السابقة فلازالت تتلبس الثورة ولابد من إزالة غشاوتها ليكون التغيير حقيقياً يعبر عن أهداف الثورة وعن آمال وطموحات الشعب الذي ضحى وقدم الشهداء، هناك “نفعيون”تسلقوا أسوار الثورة بلا تأريخ ولاكسب نضالي هم الآن الأكثر صراخاً وعويلاً لتغطية نقطة ضعفهم هذه، ويظهرون في مواقع التواصل وفي الاعلام وكأنهم أوصياء على ثورة الشعب السوداني يقابلون أي نقد لأداء وزراء الحكومة بعداءٍ شديدٍ وفجورٍ في الخصومة لإثبات ولاءهم للثورة وتعزيز مواقعهم بـ “الكواريك” وكيل السباب وتخويف الناس من نقد الحكومة بإلصاق تهم “الكوزنة”، والدولة العميقة، وتحت غبار هذه المعارك الكلامية والصراخ “تلبد” وتختبي الممارسات الفاسدة في مؤسسات الدولة، بذات السيناريو الذي عايشناه في نظام الجبهة الاسلامية المندحر… أقول لزملاء النضال الأحرار أن امتشقوا سيوفكم، وشدوا أحزمتكم فالطريق لايزال طويلاً، وان انتبهوا فأعداء الثورة ليس فلول النظام المندحر وحدهم، فهناك أعداء يرتدون قناع الثورة ويسيئون إليها بممارساتهم الفاسدة، وهناك مسؤولين بأجهزة الدولة ضعفاء فاشلِين أقل قامة من الثورة فهؤلاء ضرهم أكبر من نفعهم، لابد أن يكون تسليط الضوء على هذه البؤر المظلمة حماية للثورة وتقويماً للأداء ، فلايرهبنكم أدعياء النضال والانتهازيين بكثرة الصراخ، لايثنونكم عن واجبكم المقدس تجاه وطنكم وشعبكم وأهلكم،أعرف مدى صدقكم وتجردكم ونكران ذاتكم وجرأتكم في الحق… بعد نجاح الثورة هاتفني أيقونة الثورة وقائد مظاهرات شمبات الخليفة عمر حضرة الذي كان يفتح بيته للثوار ويطعمهم ويسقيهم والمظاهرات في أوجّها، هاتفني طالباً مني إبلاغ عدد مقدر من الصحافيين الأحرار لتكريمهم بميدان الربطة بشمبات نظير مواقفهم ونضالهم المشرف ضد نظام “الانقاذ”، ولم يكتف بذلك وصرح في حوار صحفي، وفي ندوة عامة بضرورة تكريم هذه الأقلام، لكني أثنيته عن ذلك وقلت له أن هؤلاء لايبحثون عن تكريم ولاثمن لواجبهم، ولا أظنهم يهتمون بأمر كهذا، وقد وافقني اغلبهم في ذلك، فهؤلاء عندما كانت “حامية” وجدهم الناس هم الأعلى صوتاً، والأكثر تضرراً وعندما “بردت ” تركوا الصوت العالي لغيرهم، وكأني بهم الآن ينزوون ويضعون السلاح في وقت اصبحت فيه البلاد أحوج للأقلام الأمينة الداعية للبناء الوطني وتصحيح مسار الإقتصاد ومحاصرة التشوهات، وبث الوعي وشحذ الهمم واستنهاض العزائم لبناء مشروع السودان النهضوي الكبير…..اللهم هذا قسمي فيما أملك.. ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.