الأحد 27 مارس 2022 - 19:17
الخرطوم:هنادي النور – هالة حافظ
)ما بنقول لزول بيع الدولار العندك لكن براهو حيجري على البنك عشان يصرفه. ان بنك السودان سيضخ كل احتياجات البنوك والصرافات والشركات من الدولار ابتداء من يوم الأحد القادم إن شاء الله(…. بهذه الكلمات بدا وزير المالية جبريل ابراهيم أكثر ثقة من ذي قبل عندما كان يصرح بان الوضع اكثر من سيئ عقب إجراءات 25 أكتوبر مترجيا المجتمع الدولي بالإيفاء بما التزم به قبل قرارات البرهان الذي فقد الأمل في الغرب واتجه نحو الخليج العربي .
وتبقت ساعات قليلة فاصلة تحبس فيها الأنفاس ترقبا لمدى صدق حديث وزير المالية عن ضخ بنك السودان المركزي اليوم الاحد مبالغ مالية الأجنبية بالمصارف ، تزامنا مع ترويج لأخبار نهاية الأسبوع الماضي بوصول ودائع مليارية دولارية خليجية أثمرتها زيارة رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان لدولتي الإمارات والسعودية مؤخرا،عقب انهيار مدو للعملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية حيث لامس الدولار حاجز الـ 800 جنيه،وعقب التصريحات الحكومية التي أطلقت عنانها بضخ اموال ضخمة شهد السوق الموازي ربكة كبيرة قادته لتوقف التجار التداول بالنقد الأجنبي وهبوط حاد في سعر الدولار وسط توقعات بزيادة تفوق الالف جنيه للدولار في حال لم تتمكن الحكومة من الإيفاء بما أدلت به من قول حيث استقرت أسعار العملات الأجنبية أمس.
انتعاش خطر
وكشف احد المتعاملين بالسوق السوداء لـ)الإنتباهة ( ان حركة البيع والشراء قد انتعشت بصفة طفيفة مع زيادة العرض وخفض الطلب مشيرا الى ان سعر الدولار سجل ٦٤٠ جنيها للشراء و٦٥٠ جنيها للبيع ، وسجل سعر الريال السعودي ١٦٢ جنيها الى ١٦٣ جنيها للبيع مع عدم وجود سعر ثابت لبقية العملات الأجنبية.
كذب الحكومة
بيد ان عميد كلية الاقتصاد السابق بجامعة امدرمان الإسلامية بروفيسر محمد خير حسن فند تصريحات وزير المالية قائلا ” بالنسبة لرواية الحكومة سوف يتسابق تجار السوق الموازي في ايداع أموالهم دون أن تأمرهم الحكومة وان اليوم ” الأحد” سيقوم بنك السودان بضخ عملات حرة للمصارف التجارية. ويتم تحسين عرض النقد الأجنبي في النظام المصرفي ويتاح لسلع الوارد المحددة وفقا للقوائم المسموح بها وبالتالي يغطي كل الطلب بوفرة من قبل بنك السودان وبالتالي تتحسن قيمة الجنيه حسب تصريحات وزير المالية . وقطع محمد بأن هذا الحديث لاتوجد به اي شواهد تسنده ، مردفا لاتحسن في الصادر وبالتالي تتدفق متحصلات النقد الأجنبي للبلاد ولا حوافز جاذبة يتدفق عبرها تحويلات المغتربين للنظام المصرفي بالبلاد. ولا ودائع مليارية جاءت من دول الخليج ” قطر او السعودية او الإمارات ” انما الأمر محض شائعات ، فيما يتعلق بالودائع المليارية ، متسائلا ” من أين لبنك السودان والنظام المصرفي بالبلاد احتياط كاف من النقد الأجنبي ليضخه للنظام المصرفي بالبلاد .
وتحدى محمد قائلا ” أنا أتوقع والأيام بيننا .”
أما جبريل ابراهيم نفسه والمؤسسات المصرفية وبنك السودان يعلمون هشاشة الاقتصاد السوداني التي ذكرتها أكثر من مرة وان الشائعات تحرك المؤشرات الاقتصادية الكلية بما فيها سعر الصرف يمنة ويسرى ، وصعودا وهبوطا ولذلك بدلا من وضع سياسات جاذبة لاجتذاب تحويلات المغتربين وبدلا من دعم قطاع الصادر والبنيات الأساسية وتحريك عجلة الإنتاج خاصة انتاج الصادر وبدلا من إحلال الواردات لتوفير بعض النقد الأجنبي لبعض سلع الوارد بدلا من فعل كل ذلك يصرحون مثل هذه التصريحات التي لاتجد تطرقها من الواقع. وبالشائعات يتحرك سعر الصرف قليلا . ولكن سوف يتبين للسوق الموازي بعد حين، مردفا وهذا الحين قريب جدا وان هذا الأمر محض شائعات وليس بمقدور الحكومة الكثير لتفعله لتحسين سعر الصرف باعتبار أن احتياطات النقد الأجنبي لديها ضعيفة جدا ما لم تحدث اختراقات ايجابية في المساحات التي ذكرت اعلاه فإن سعر صرف الجنيه السوداني لن يتحسن ولن تتحسن قيمة العملة الوطنية وستظل تدور الحكومة في هذا الوهم الكبير .
فقدان الثقة ..
هناك أزمة ثقة تعيشها الحكومة والمواطن تحدث عنها الخبير الاقتصادي بروفيسور عثمان عبدالوهاب بوب مؤكدا ان المواطن لم يعد يثق في تصريحات المسئولين ، مضيفا بأن الثقة هي احد أعمدة الاقتصاد لأن الشائعات والتصريحات الكثيرة التي لا يتم الوفاء بها تهز أعمدة الدولة.
وجزم بوب في حديثه لـ) الإنتباهة ( امس قائلا من الواضح الجلي ان هناك مضاربات كبيرة تستنزف الاقتصاد الوطني الذي تحول تدريجيا الى غير وطني ، من المثبت قولا وفعلا ان منظومة الموارد الوطنية ليست في يد السلطات.
ومن أهم الحقائق التي يراها الجميع أن السلطات التهمت كل قدرات المواطن على شراء حاجياته الضرورية ، وقطع بالقول ومن الثوابت ان كل وزراء المالية السابقين والحاليين اصبح كتابهم المقدس هو روشتة البنك الدولي.
وأضاف لو أعلن وزير المالية عن تغيير العملة والتقشف الحقيقي فربما تكون هذه خطوة لتصديقه.
غير علمي ..
ويتفق معه الخبير الاقتصادي لؤي عبدالمنعم واصفا تصريح وزير المالية بشأن تراجع قيمة الجنيه بانه غير علمي كون الدولار لا ينزل بنفس الوتيرة التي صعد بها لمجرد ضخه من قبل بنك السودان في المصارف لمقابلة الاستيراد و حاجة الأفراد للسفر ، و من خلال التجربة الأسعار لا تنزل مع الدولار ، كما أن أسعار الكهرباء و المواصلات مرتبطة بالوقود و أسعار الخبز مرتبطة بالقمح و الكهرباء . وجميعهم تم زيادتهم بشكل متواصل عدة مرات مما أضر بالانتاج و زاد تكلفته و كذلك ضيق على المواطنين في معيشتهم ، و لا نتوقع تحسينا للوضع بدون زيادة الإنتاج.
“حلم الجيعان عيش”
وفي المقابل تساءل الخبير الاقتصادي محمد نور كركساوي من أين لوزير المالية أن يحصل على قروض ، منحا او ودائع بالعملة الأجنية لتغطية فجوة الطلب المتزايد ، لردم الفجوة في الميزان التجاري و التي تقدر بحوالي ٣-٤ مليارات دولار تقريبا ، بالإضافة إلى أقساط الديون المستحقة ، طلبات السفر للعلاج ، العمرة، الرسوم الأجنبية وخلافه.
وأشار في حديثه لـ)الإنتباهة( انه حتى دول المحيط الإقليمي والتي أشيع بانها سوف تدعم الوضع الاقتصادي المتردي الحالي ربطت ذلك بالاستقرار السياسي وهو أساس المعضلة في علاج مشاكل الهيكل الاقتصادي اليوم.
تنافس :
ويقول رئيس قسم الدراسات الاقتصادية بمركز الراصد الفاتح عثمان ان انهيار سعر الصرف للجنيه السوداني حدث أساسا بسبب التنافس بين البنوك والسوق الموازية على موارد شحيحة اساسا من النقد الأجنبي بينما التصرف الصحيح هو أن البنوك يجب عليها أن تلبي كافة احتياجات المستوردين والمسافرين للخارج عندها فقط يمكن للسعر الذي تحدده هي أن يكتسب المصداقية وان يقبله المغتربون والمهاجرون والمصدرون وبالتالي يحدث ثبات لسعر الصرف وأشار في حديثه لـ )الإنتباهة( ان الأزمة تكمن في ضعف الثقة في مستقبل الاقتصاد السوداني في ظل تجميد المانحين الدوليين لمساعداتهم للسودان مع التضخم الكبير الناتج أصلا عن الحجم الكبير للكتلة النقدية مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي وهي اموال تبحث عن مخزن قيمة آمن ولذلك يتم شراء الدولار بأي ثمن مما يؤدي الى زيادة سرعة دوران النقود لضعف رغبة المواطنين في الاحتفاظ بالجنيه السوداني كمخزن للقيمة علاوة على سوء إدارة بنك السودان ووزارة المالية ووزارة التجارة لأزمة سعر الصرف للجنيه السوداني لأنها عملت على تحرير الجنيه من دون تدخل وهذا أمر خاطئ لجهة انه لا يراعي هشاشة الاقتصاد السوداني اضافة الى الظروف الناتجة عن أزمة إغلاق ميناء بورتسودان والطرق المؤدية إليه والتي تسببت في تجنب المستوردين لميناء بورتسودان واختيار الاستيراد عبر مصر وليبيا معتمدين على موارد السوق الموازية متجنبين مزادات بنك السودان وهو ما زاد من حجم الطلب على الدولار في السوق الموازية وهي سوق هشة تتأثر بسهولة بأي زيادة في الطلب او العرض مع تأثير الحرب الروسية الأوكرانية التي تسببت في زيادة أسعار كثير من السلع في السوق العالمية مما زاد من فاتورة الاستيراد وبالتالي زيادة الطلب على الدولار.
تباشير :
من جانبه قال الخبير الاقتصادي عادل عبدالمنعم ان تصريحات وزير المالية بانخفاض أسعار الدولار تعتبر تباشير جيدة لجهة انه كان من ضمن الوفد الذي زار الإمارات قبل ايام مشيرا الى ان الوفد قد تلقى وعودا بإيداعات من النقد الأجنبي من بعض الدول العربية ويمكن ان تُقدم لهم بعض المبالغ لتوضع في حسابات البنك المركزي كودائع لفترة معقولة لدعم الاقتصاد ونوه في حديثه لـ )الإنتباهة( ليس شرطا ان الدعم يكون في شكل منح او قروض بل يمكن منح السودان لودائع لفترة محددة، وتوقع ان تكون هناك بعض الودائع من الدول الغربية، مؤكدا على ان هذه الودائع قد تخفض سعر الدولار بصورة كبيرة لجهة ان ارتفاعه في الفترة الماضية بسبب المضاربات أكثر من انها قيمة حقيقية لجهة انه نتيجة لانخفاض سعر الجنيه أصبح هناك ركود في الاستيراد من الخارج مما ادى لعدم ارتفاع الطلب على العملة الحرة، مشيرا الى ان وزير المالية يملك عدة وسائل لخفض أسعار هذه العملات حتى حال عدم استلام ودائع من الدول العربية منه ايقاف الاستيراد نسبة لملابسات الأزمة العالمية لفترة عام وان يقتصر الاستيراد على الادوية ومدخلات الانتاج والسلع الاستراتيجية، مؤكدا على ان هذا القرار سيؤدي الى انخفاض كبير في قيمة العملات الأجنبية لجهة انه سيوقف استخداماتها بنسبة لا تقل عن ٥٠ ٪ اذ ان هذا الأمر سينعكس بإنخفاض قيمة العملات الأجنبية وان يعوض الفائض الجمركي عن طريق طباعة النقود والتمويل بالعجز واضاف هذا الأمر لن يؤدي الى ضغوط تضخمية كبيرة حال وجدنا الطريقة المثلى في ان يمر التمويل بالعجز دون البنوك، فضلا عن فرض الضرائب على الصادرات لتحقيق ٣٠٠ مليار جنيه لتمثل تعويض الفاقد الجمركي عن طريق ترشيد الواردات.
منظمة الشفافية السودانية أطلقت صافرة إنذار وطالبت الحكومة بأن تعلم )إن صح الخبر( أن هنالك ثغرات يمكن أن ينفذ عبرها الفساد لتتسرب هذه الأموال للمضاربين في النقد الأجنبي ، او يتم استخدامها في استيراد سلع هامشية، أو غير ذلك من الممارسات التي تضر بالاقتصاد الوطني.
وشددت في بيان لها على الحكومة ممثلة في أجهزتها الرسمية وخاصة بنك السودان ولتجني ثمار سياساتها خيرا لاقتصاد البلاد ، عليها لتفعيل الرقابة المجتمعية من صحافة ومنظمات مجتمع مدني وغيرها ، والرسمية كديوان المراجعة وغيره ، أن تكشف وتوضح بكل شفافية للرأي العام عن حجم الأموال التي سيتم ضخها في خزينة كل بنك من البنوك ،وعن عملاء تلك البنوك من أفراد أو جهات وحجم الأموال المطلوبة لكل جهة او فرد ، بالإضافة إلى الغرض من طلب النقد الأجنبي ، حتى لا يتم التلاعب به وتأكيد استخدامه فيما خصص له من واردات واحتياجات ضرورية ووصولها إلى البلاد وفق الإجراءات السليمة جودة وقيمة شرائية للمستهلك بعيدا عن فوضى الأسعار ، وليس سلعا هامشية تستنزف موارد البلاد من النقد الأجنبي. الى جانب الكشف عن الإجراءات القانونية الصارمة التي ستتخذها فعلا لا قولا تجاه كل من يحاول الالتفاف على الضوابط سواء من تلك الجهات التي تقوم باستيراد تلك السلع الهامشية ، أو الجهات الرسمية عبر الغرامات الجمركية مهما كان حجم ما تجنيه وزارة المالية من أموال.
وقالت على الحكومة أن تفهم إن كانت تريد حقيقة مصلحة الاقتصاد السوداني، أن الثغرة الكبرى التي يمكن أن ينفذ عبرها الفساد تتمثل في الكتلة النقدية الضخمة من العملة السودانية التي يمتلك غير السودانيين منها تقديرا حوالي ٩٠% بطريقة مباشرة وغير مباشرة كما تشير بعض الإحصائيات في أسهم ثلاث من شركات القطاع الخاص ،والتي يمكن وفق تلك الإحصائيات أن تبتلع في اقل من ثلاثة أسابيع فقط كل أموال تلك الوديعة، و على الحكومة ان تعلم أن من يملك كتلة سودانية ضخمة كهذه من غير السودانيين لن يبالي كم سيدفع مقابل أي عملة أجنبية كالدولار مهما ارتفعت قيمتها لشرائها من داخل السودان أو خارجه عبر وكلائهم ، لتسدد قيمتها هنا بالجنيه السوداني.
وجددت المنظمة عبارتها المعهودة أن الاقتصاد السوداني لن ينصلح حاله بسهولة ويسر ، وأن الجنيه لن يتعافى ما لم تتم معالجة أمر تلك الكتلة النقدية الضخمة المتدفقة يوميا وعلى مدار الثانية في أياد غير سودانية خاصة في قطاع الاتصالات ، وعبر استخدام الدولة حقها المشروع كدولة ذات سيادة في المادة الخاصة بالقطاع الخاص كما جاءت في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ، ذلك إن كانت جادة في اتخاذ خطوة مهمة لإصلاح حال اقتصاد البلاد، وحتى لا تضع الحكومة نفسها على الأقل في موضع شبهات الفساد الكبير الذي يعرف بأنه العلاقة بين نافذين في السلطة وأصحاب المال والأعمال للمصلحة الضيقة.
محرقة الجنيه
طالب الأمين العام للغرفة التجارية السابق الصادق الجلال خلال تعميم صحفي رجال الأعمال بضرورة اتخاذ موفق واضح في إيقاف محرقة الجنيه . وشن هجوما عنيفا على المضاربيين قائلا ” للأسف ننساق وراء لعبة قذرة ومضاربات وهمية تعمل على ضياع البلد . وجزم ان البلاد في طريقها الى الدمار. وشدد بضرورة قطع الطريق أمام المخربين ومدمرين البلد.
وطالب المستورين بإطلاق مبادرة لتوقف نهائيا عن الشراء مستدركا بالقول حتى لو وصل قيمة الجنيه ألف جازما يمكننا رفع قيمة الجنيه وإيقاف المضربات ” الوهمية ” وشدد الجلال على ضرورة ضخ حصائل الصادر في البنوك. وزيادة العرض.
وحث رجال أعمال بتحمل المسؤولية والتكاتف والتصدي لتفادي ضياع البلد. وقال الشعب يعيش في ضنك واستدرك قائلا ” عشان ما يطلع مسؤول ويحدث عن المضاربة. مطالبا الدولة بكشف المضاربين.
الخرطوم:هنادي النور – هالة حافظ
)ما بنقول لزول بيع الدولار العندك لكن براهو حيجري على البنك عشان يصرفه. ان بنك السودان سيضخ كل احتياجات البنوك والصرافات والشركات من الدولار ابتداء من يوم الأحد القادم إن شاء الله(…. بهذه الكلمات بدا وزير المالية جبريل ابراهيم أكثر ثقة من ذي قبل عندما كان يصرح بان الوضع اكثر من سيئ عقب إجراءات 25 أكتوبر مترجيا المجتمع الدولي بالإيفاء بما التزم به قبل قرارات البرهان الذي فقد الأمل في الغرب واتجه نحو الخليج العربي .
وتبقت ساعات قليلة فاصلة تحبس فيها الأنفاس ترقبا لمدى صدق حديث وزير المالية عن ضخ بنك السودان المركزي اليوم الاحد مبالغ مالية الأجنبية بالمصارف ، تزامنا مع ترويج لأخبار نهاية الأسبوع الماضي بوصول ودائع مليارية دولارية خليجية أثمرتها زيارة رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان لدولتي الإمارات والسعودية مؤخرا،عقب انهيار مدو للعملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية حيث لامس الدولار حاجز الـ 800 جنيه،وعقب التصريحات الحكومية التي أطلقت عنانها بضخ اموال ضخمة شهد السوق الموازي ربكة كبيرة قادته لتوقف التجار التداول بالنقد الأجنبي وهبوط حاد في سعر الدولار وسط توقعات بزيادة تفوق الالف جنيه للدولار في حال لم تتمكن الحكومة من الإيفاء بما أدلت به من قول حيث استقرت أسعار العملات الأجنبية أمس.
انتعاش خطر
وكشف احد المتعاملين بالسوق السوداء لـ)الإنتباهة ( ان حركة البيع والشراء قد انتعشت بصفة طفيفة مع زيادة العرض وخفض الطلب مشيرا الى ان سعر الدولار سجل ٦٤٠ جنيها للشراء و٦٥٠ جنيها للبيع ، وسجل سعر الريال السعودي ١٦٢ جنيها الى ١٦٣ جنيها للبيع مع عدم وجود سعر ثابت لبقية العملات الأجنبية.
كذب الحكومة
بيد ان عميد كلية الاقتصاد السابق بجامعة امدرمان الإسلامية بروفيسر محمد خير حسن فند تصريحات وزير المالية قائلا ” بالنسبة لرواية الحكومة سوف يتسابق تجار السوق الموازي في ايداع أموالهم دون أن تأمرهم الحكومة وان اليوم ” الأحد” سيقوم بنك السودان بضخ عملات حرة للمصارف التجارية. ويتم تحسين عرض النقد الأجنبي في النظام المصرفي ويتاح لسلع الوارد المحددة وفقا للقوائم المسموح بها وبالتالي يغطي كل الطلب بوفرة من قبل بنك السودان وبالتالي تتحسن قيمة الجنيه حسب تصريحات وزير المالية . وقطع محمد بأن هذا الحديث لاتوجد به اي شواهد تسنده ، مردفا لاتحسن في الصادر وبالتالي تتدفق متحصلات النقد الأجنبي للبلاد ولا حوافز جاذبة يتدفق عبرها تحويلات المغتربين للنظام المصرفي بالبلاد. ولا ودائع مليارية جاءت من دول الخليج ” قطر او السعودية او الإمارات ” انما الأمر محض شائعات ، فيما يتعلق بالودائع المليارية ، متسائلا ” من أين لبنك السودان والنظام المصرفي بالبلاد احتياط كاف من النقد الأجنبي ليضخه للنظام المصرفي بالبلاد .
وتحدى محمد قائلا ” أنا أتوقع والأيام بيننا .”
أما جبريل ابراهيم نفسه والمؤسسات المصرفية وبنك السودان يعلمون هشاشة الاقتصاد السوداني التي ذكرتها أكثر من مرة وان الشائعات تحرك المؤشرات الاقتصادية الكلية بما فيها سعر الصرف يمنة ويسرى ، وصعودا وهبوطا ولذلك بدلا من وضع سياسات جاذبة لاجتذاب تحويلات المغتربين وبدلا من دعم قطاع الصادر والبنيات الأساسية وتحريك عجلة الإنتاج خاصة انتاج الصادر وبدلا من إحلال الواردات لتوفير بعض النقد الأجنبي لبعض سلع الوارد بدلا من فعل كل ذلك يصرحون مثل هذه التصريحات التي لاتجد تطرقها من الواقع. وبالشائعات يتحرك سعر الصرف قليلا . ولكن سوف يتبين للسوق الموازي بعد حين، مردفا وهذا الحين قريب جدا وان هذا الأمر محض شائعات وليس بمقدور الحكومة الكثير لتفعله لتحسين سعر الصرف باعتبار أن احتياطات النقد الأجنبي لديها ضعيفة جدا ما لم تحدث اختراقات ايجابية في المساحات التي ذكرت اعلاه فإن سعر صرف الجنيه السوداني لن يتحسن ولن تتحسن قيمة العملة الوطنية وستظل تدور الحكومة في هذا الوهم الكبير .
فقدان الثقة ..
هناك أزمة ثقة تعيشها الحكومة والمواطن تحدث عنها الخبير الاقتصادي بروفيسور عثمان عبدالوهاب بوب مؤكدا ان المواطن لم يعد يثق في تصريحات المسئولين ، مضيفا بأن الثقة هي احد أعمدة الاقتصاد لأن الشائعات والتصريحات الكثيرة التي لا يتم الوفاء بها تهز أعمدة الدولة.
وجزم بوب في حديثه لـ) الإنتباهة ( امس قائلا من الواضح الجلي ان هناك مضاربات كبيرة تستنزف الاقتصاد الوطني الذي تحول تدريجيا الى غير وطني ، من المثبت قولا وفعلا ان منظومة الموارد الوطنية ليست في يد السلطات.
ومن أهم الحقائق التي يراها الجميع أن السلطات التهمت كل قدرات المواطن على شراء حاجياته الضرورية ، وقطع بالقول ومن الثوابت ان كل وزراء المالية السابقين والحاليين اصبح كتابهم المقدس هو روشتة البنك الدولي.
وأضاف لو أعلن وزير المالية عن تغيير العملة والتقشف الحقيقي فربما تكون هذه خطوة لتصديقه.
غير علمي ..
ويتفق معه الخبير الاقتصادي لؤي عبدالمنعم واصفا تصريح وزير المالية بشأن تراجع قيمة الجنيه بانه غير علمي كون الدولار لا ينزل بنفس الوتيرة التي صعد بها لمجرد ضخه من قبل بنك السودان في المصارف لمقابلة الاستيراد و حاجة الأفراد للسفر ، و من خلال التجربة الأسعار لا تنزل مع الدولار ، كما أن أسعار الكهرباء و المواصلات مرتبطة بالوقود و أسعار الخبز مرتبطة بالقمح و الكهرباء . وجميعهم تم زيادتهم بشكل متواصل عدة مرات مما أضر بالانتاج و زاد تكلفته و كذلك ضيق على المواطنين في معيشتهم ، و لا نتوقع تحسينا للوضع بدون زيادة الإنتاج.
“حلم الجيعان عيش”
وفي المقابل تساءل الخبير الاقتصادي محمد نور كركساوي من أين لوزير المالية أن يحصل على قروض ، منحا او ودائع بالعملة الأجنية لتغطية فجوة الطلب المتزايد ، لردم الفجوة في الميزان التجاري و التي تقدر بحوالي ٣-٤ مليارات دولار تقريبا ، بالإضافة إلى أقساط الديون المستحقة ، طلبات السفر للعلاج ، العمرة، الرسوم الأجنبية وخلافه.
وأشار في حديثه لـ)الإنتباهة( انه حتى دول المحيط الإقليمي والتي أشيع بانها سوف تدعم الوضع الاقتصادي المتردي الحالي ربطت ذلك بالاستقرار السياسي وهو أساس المعضلة في علاج مشاكل الهيكل الاقتصادي اليوم.
تنافس :
ويقول رئيس قسم الدراسات الاقتصادية بمركز الراصد الفاتح عثمان ان انهيار سعر الصرف للجنيه السوداني حدث أساسا بسبب التنافس بين البنوك والسوق الموازية على موارد شحيحة اساسا من النقد الأجنبي بينما التصرف الصحيح هو أن البنوك يجب عليها أن تلبي كافة احتياجات المستوردين والمسافرين للخارج عندها فقط يمكن للسعر الذي تحدده هي أن يكتسب المصداقية وان يقبله المغتربون والمهاجرون والمصدرون وبالتالي يحدث ثبات لسعر الصرف وأشار في حديثه لـ )الإنتباهة( ان الأزمة تكمن في ضعف الثقة في مستقبل الاقتصاد السوداني في ظل تجميد المانحين الدوليين لمساعداتهم للسودان مع التضخم الكبير الناتج أصلا عن الحجم الكبير للكتلة النقدية مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي وهي اموال تبحث عن مخزن قيمة آمن ولذلك يتم شراء الدولار بأي ثمن مما يؤدي الى زيادة سرعة دوران النقود لضعف رغبة المواطنين في الاحتفاظ بالجنيه السوداني كمخزن للقيمة علاوة على سوء إدارة بنك السودان ووزارة المالية ووزارة التجارة لأزمة سعر الصرف للجنيه السوداني لأنها عملت على تحرير الجنيه من دون تدخل وهذا أمر خاطئ لجهة انه لا يراعي هشاشة الاقتصاد السوداني اضافة الى الظروف الناتجة عن أزمة إغلاق ميناء بورتسودان والطرق المؤدية إليه والتي تسببت في تجنب المستوردين لميناء بورتسودان واختيار الاستيراد عبر مصر وليبيا معتمدين على موارد السوق الموازية متجنبين مزادات بنك السودان وهو ما زاد من حجم الطلب على الدولار في السوق الموازية وهي سوق هشة تتأثر بسهولة بأي زيادة في الطلب او العرض مع تأثير الحرب الروسية الأوكرانية التي تسببت في زيادة أسعار كثير من السلع في السوق العالمية مما زاد من فاتورة الاستيراد وبالتالي زيادة الطلب على الدولار.
تباشير :
من جانبه قال الخبير الاقتصادي عادل عبدالمنعم ان تصريحات وزير المالية بانخفاض أسعار الدولار تعتبر تباشير جيدة لجهة انه كان من ضمن الوفد الذي زار الإمارات قبل ايام مشيرا الى ان الوفد قد تلقى وعودا بإيداعات من النقد الأجنبي من بعض الدول العربية ويمكن ان تُقدم لهم بعض المبالغ لتوضع في حسابات البنك المركزي كودائع لفترة معقولة لدعم الاقتصاد ونوه في حديثه لـ )الإنتباهة( ليس شرطا ان الدعم يكون في شكل منح او قروض بل يمكن منح السودان لودائع لفترة محددة، وتوقع ان تكون هناك بعض الودائع من الدول الغربية، مؤكدا على ان هذه الودائع قد تخفض سعر الدولار بصورة كبيرة لجهة ان ارتفاعه في الفترة الماضية بسبب المضاربات أكثر من انها قيمة حقيقية لجهة انه نتيجة لانخفاض سعر الجنيه أصبح هناك ركود في الاستيراد من الخارج مما ادى لعدم ارتفاع الطلب على العملة الحرة، مشيرا الى ان وزير المالية يملك عدة وسائل لخفض أسعار هذه العملات حتى حال عدم استلام ودائع من الدول العربية منه ايقاف الاستيراد نسبة لملابسات الأزمة العالمية لفترة عام وان يقتصر الاستيراد على الادوية ومدخلات الانتاج والسلع الاستراتيجية، مؤكدا على ان هذا القرار سيؤدي الى انخفاض كبير في قيمة العملات الأجنبية لجهة انه سيوقف استخداماتها بنسبة لا تقل عن ٥٠ ٪ اذ ان هذا الأمر سينعكس بإنخفاض قيمة العملات الأجنبية وان يعوض الفائض الجمركي عن طريق طباعة النقود والتمويل بالعجز واضاف هذا الأمر لن يؤدي الى ضغوط تضخمية كبيرة حال وجدنا الطريقة المثلى في ان يمر التمويل بالعجز دون البنوك، فضلا عن فرض الضرائب على الصادرات لتحقيق ٣٠٠ مليار جنيه لتمثل تعويض الفاقد الجمركي عن طريق ترشيد الواردات.
منظمة الشفافية السودانية أطلقت صافرة إنذار وطالبت الحكومة بأن تعلم )إن صح الخبر( أن هنالك ثغرات يمكن أن ينفذ عبرها الفساد لتتسرب هذه الأموال للمضاربين في النقد الأجنبي ، او يتم استخدامها في استيراد سلع هامشية، أو غير ذلك من الممارسات التي تضر بالاقتصاد الوطني.
وشددت في بيان لها على الحكومة ممثلة في أجهزتها الرسمية وخاصة بنك السودان ولتجني ثمار سياساتها خيرا لاقتصاد البلاد ، عليها لتفعيل الرقابة المجتمعية من صحافة ومنظمات مجتمع مدني وغيرها ، والرسمية كديوان المراجعة وغيره ، أن تكشف وتوضح بكل شفافية للرأي العام عن حجم الأموال التي سيتم ضخها في خزينة كل بنك من البنوك ،وعن عملاء تلك البنوك من أفراد أو جهات وحجم الأموال المطلوبة لكل جهة او فرد ، بالإضافة إلى الغرض من طلب النقد الأجنبي ، حتى لا يتم التلاعب به وتأكيد استخدامه فيما خصص له من واردات واحتياجات ضرورية ووصولها إلى البلاد وفق الإجراءات السليمة جودة وقيمة شرائية للمستهلك بعيدا عن فوضى الأسعار ، وليس سلعا هامشية تستنزف موارد البلاد من النقد الأجنبي. الى جانب الكشف عن الإجراءات القانونية الصارمة التي ستتخذها فعلا لا قولا تجاه كل من يحاول الالتفاف على الضوابط سواء من تلك الجهات التي تقوم باستيراد تلك السلع الهامشية ، أو الجهات الرسمية عبر الغرامات الجمركية مهما كان حجم ما تجنيه وزارة المالية من أموال.
وقالت على الحكومة أن تفهم إن كانت تريد حقيقة مصلحة الاقتصاد السوداني، أن الثغرة الكبرى التي يمكن أن ينفذ عبرها الفساد تتمثل في الكتلة النقدية الضخمة من العملة السودانية التي يمتلك غير السودانيين منها تقديرا حوالي ٩٠% بطريقة مباشرة وغير مباشرة كما تشير بعض الإحصائيات في أسهم ثلاث من شركات القطاع الخاص ،والتي يمكن وفق تلك الإحصائيات أن تبتلع في اقل من ثلاثة أسابيع فقط كل أموال تلك الوديعة، و على الحكومة ان تعلم أن من يملك كتلة سودانية ضخمة كهذه من غير السودانيين لن يبالي كم سيدفع مقابل أي عملة أجنبية كالدولار مهما ارتفعت قيمتها لشرائها من داخل السودان أو خارجه عبر وكلائهم ، لتسدد قيمتها هنا بالجنيه السوداني.
وجددت المنظمة عبارتها المعهودة أن الاقتصاد السوداني لن ينصلح حاله بسهولة ويسر ، وأن الجنيه لن يتعافى ما لم تتم معالجة أمر تلك الكتلة النقدية الضخمة المتدفقة يوميا وعلى مدار الثانية في أياد غير سودانية خاصة في قطاع الاتصالات ، وعبر استخدام الدولة حقها المشروع كدولة ذات سيادة في المادة الخاصة بالقطاع الخاص كما جاءت في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ، ذلك إن كانت جادة في اتخاذ خطوة مهمة لإصلاح حال اقتصاد البلاد، وحتى لا تضع الحكومة نفسها على الأقل في موضع شبهات الفساد الكبير الذي يعرف بأنه العلاقة بين نافذين في السلطة وأصحاب المال والأعمال للمصلحة الضيقة.
محرقة الجنيه
طالب الأمين العام للغرفة التجارية السابق الصادق الجلال خلال تعميم صحفي رجال الأعمال بضرورة اتخاذ موفق واضح في إيقاف محرقة الجنيه . وشن هجوما عنيفا على المضاربيين قائلا ” للأسف ننساق وراء لعبة قذرة ومضاربات وهمية تعمل على ضياع البلد . وجزم ان البلاد في طريقها الى الدمار. وشدد بضرورة قطع الطريق أمام المخربين ومدمرين البلد.
وطالب المستورين بإطلاق مبادرة لتوقف نهائيا عن الشراء مستدركا بالقول حتى لو وصل قيمة الجنيه ألف جازما يمكننا رفع قيمة الجنيه وإيقاف المضربات ” الوهمية ” وشدد الجلال على ضرورة ضخ حصائل الصادر في البنوك. وزيادة العرض.
وحث رجال أعمال بتحمل المسؤولية والتكاتف والتصدي لتفادي ضياع البلد. وقال الشعب يعيش في ضنك واستدرك قائلا ” عشان ما يطلع مسؤول ويحدث عن المضاربة. مطالبا الدولة بكشف المضاربين.