الإثنين 23 مايو 2022 - 20:36
الخرطوم: هاجر سليمان
قوات نظامية ضخمة انتشرت في محيط القيادة العامة بالخرطوم واحاطت بها احاطة السوار بالمعصم، وانطلقت الشائعات بمواقع التواصل الاجتماعى لتقول ان الجيش يحبط محاولة انقلابية، ثم ما يلبث ان تنطلق شائعة أخرى تقول ان الجيش يحتوى بوادر انفلات امنى وسط قواته وتتوالى الشائعات.
قوات كبيرة وانتشار شائعات
كل تلك الشائعات مجافية للحقيقة، حيث لم تكن حقيقة تلك القوات المنتشرة بالخرطوم سوى ان الجيش يعد العدة للمشاركة فى أضخم حملة أمنية تهدف لبسط الامن والاستقرار واظهار القوة ودحر العصابات المتفلتة والسيطرة عليها، علماً بأن الجيش والقوات الامنية المختلفة اصبحت تشكل جسماً واحداً للقضاء على اوكار الجريمة بالعاصمة ومحاربتها ومداهمتها، وستتواصل عمليات الصيف الحاسم خلال الفترة القادمة للقضاء على مظاهر الجريمة وفق توجيهات رئيس مجلس السيادة ووزير الداخلية وقادة الشرطة.
وشاركت القوات المسلحة بأعداد كبيرة من قواتها ممثلة فى قوات الاستخبارات والشرطة العسكرية، بجانب قوات ضخمة من الدعم السريع وقوات المخابرات العامة، فضلاً عن صاحبة الجلد والرأس قوات الشرطة التى شاركت باضخم قواتها من شرطة العمليات والمباحث والنجدة والدوريات، بجانب قوات شرطة ولاية الخرطوم وقوات الاحتياطى المركزى وكافة ادارات الشرطة المختلفة. علماً بأن قيادات برتبة اللواء من الجيش والشرطة قادت تلك )الكتائب( التى تجاوزت )5( كتائب.
طوق أمني وساعة الصفر
تم تحديد ساعة الصفر للانطلاق فى ساعات مبكرة من فجر الاحد، وتحركت القوات التى وصلت الى منطقة جنوب الحزام، حيث وضعت )مايو( هدفاً لها وقصدت المنطقة، وفى حوالى الرابعة صباحاً كانت القوات قد انتشرت بكامل آلياتها وعتادها، وفرضت سيطرة تامة على أحياء )أنقولا( و )مانديلا( وطوقتها فى سياج أمنى يصعب اختراقه، ووقتها كانت الساعة تشير الى الرابعة وبضع دقائق من صباح امس الاحد.
وتمت عمليات دهم واسعة النطاق استهدفت اوكار الجريمة وبعض الرواكيب التى تستغل كمقر للعصابات، بجانب تدمير خمارات ومصانع خمور واستهداف اوكار المخدرات وعصابات النهب والسلب، واسفرت تلك الحملات عن توقيف )100( متهم على ذمة جرائم حيازة الخمور وتعاطيها ومخالفة اوامر الطوارئ والاشتباه، وتبين ان من بين المقبوضين معتادي اجرام بجانب ضبط )13( دراجة نارية و )9( ركشات غير مقننة، وتمت اراقة اكثر من )2000( برميل خمور بلدية فى طور التصنيع تكفى لسكان محلية باكملها، بجانب ضبط )4( تكاتك. واسفرت حملات الدهم التى استهدفت منازل مروجى وتجار المخدرات عن ضبط )240( رأساً من البنقو، بالاضافة الى ضبط )40( كريستال عرقى جاهز معد للترويج.
حملة ضخمة ونتائج ضعيفة
وتعتبر النتائج التى حققتها الحملة نتائج هزيلة وضعيفة مقارنةً بالمنطقة وما يتم فيها، ولا تتناسب اعداد المضبوطين والمخدرات المضبوطة مع حجم اوكار الاجرام التى تنتشر بالمنطقة، حيث كان من المتوقع ان تحرز الحملات ضبطيات اكبر حجماً لاسيما ان مناطق جنوب الحزام تضم اخطر بؤر واوكار الجريمة التى تنتشر بالعاصمة وتصدر انواعاً خطيرة من جرائم النهب والسلب وجرائم القتل وترويج المخدرات والخمور، خاصة انها تضم اعداداً كبيرة من الاجانب الذين هم من اخطر معتادى ارتكاب جرائم العنف، كما انها تضم أخطر العصابات واخطر مروجى المخدرات الذين اختفوا قبل وقت كافٍ من الحملة، مما يشير الى تلقيهم معلومات مسبقة قادت لاختفائهم، بدليل ان الحملات لم يضبط خلالها زعماء عصابات ولا زعماء عصابات متفلتة.
وتشير التوقعات الى احتمالية حدوث خطأ ما قاد الى تلك النتائج الضعيفة التى لو كانت الشرطة لوحدها لحققت نتائج أكبر منها، ولكن تشير توقعات الى ان معلومات استباقية وصلت الى العصابات وتجار المخدرات بالمنطقة، مما قاد الى اختفاء الرؤوس الكبيرة واختفاء عصابات المخدرات، الأمر الذى قاد الى ضبط تلك الضبطيات الضعيفة.
أحياء عشوائية قرب القصر
تقع مناطق جنوب الحزام على بعد مرمى حجر من وسط الخرطوم، حيث تبعد ما لا يزيد عن )12( كيلومتراً من القصر الرئاسى، وتتميز بتفاقم اعداد سكانها التي تقارب عدد سكان محليتين، علماً بأن 80% من مناطق جنوب الحزام غير مخططة باستثناء مناطق الازهرى والسلمة وعد حسين والمنصورة والانقاذ وبعض الاحياء، ويقيم سكان تلك الاحياء التى تعتبر من اخطر الاحياء المصدرة للجريمة فى مساكن عشوائية تنعدم في ما بينها الطرق نهائياً، ونجد ان انعدام التخطيط وعدم الانارة والخدمات يسهم كثيراً فى ارتفاع معدلات الجريمة، اضف الى ذلك ان عدداً كبيراً من سكان تلك المناطق من الفقراء واللاجئين وتتفشى بينهم مستويات الامية والبطالة والفقر، ويبدو الفقر جلياً فى انعدام التغذية المطلوبة، اضافة الى تفشي الامراض، كما ان هنالك اطفالاً يلقون حتفهم بسبب البرد والجوع وسوء التغذية بجانب تردى الخدمات، حيث تلاحظ ان اعداداً مقدرة من سكان تلك الاحياء يقضون حاجتهم فى العراء، مما يجعل تلك المناطق مسرحاً للجريمة.
والاحياء التى تمت مداهمتها ومحاصرتها وهى احياء انقولا ومانديلا، تعتبر من المناطق المغلقة ويتم فيها تصنيع الخمور، علماً بأن عدداً من سكانها لاجئون واجانب، اضف الى ذلك انها تعتبر سوقاً رائجة لتجارة المخدرات والسلاح والمسروقات، علماً بأن تلك المناطق تنتشر فيها نحو )13( سوقاً عشوائياً تخصصت فى بيع الاسلحة البيضاء التى تقوم بشرائها عناصر العصابات المتفلتة وهى )أطواق(، )جنازير(، )بدالات عجلات(، )سواطير(، بالاضافة الى سكاكين طول الواحدة منها يصل الى )40 سم( تستخدمها العصابات المتفلتة فى اعمال النهب والسلب.
عصابات كبيرة وأطراف مترامية
وفى بؤر الجريمة بجنوب الحزام عدد كبير من العصابات التى تمارس النهب والسلب خارج دائرة الاختصاص بوسط الخرطوم وفي مناطق مختلفة، وتنتشر فيها ما لا يقل عن )7( عصابات متفلتة معروفة بالاسم ابرزها عصابات )كاش موني(، )ويس خمج(، )المافيا(، )بلاك داى(، )جمايكا( وغيرها من العصابات المتفلتة، بالاضافة الى عصابات صبيانية تتكون من مجموعات من الاطفال.
ويذكر ان الشرطة سبق ان اوقفت عدداً من تلك العصابات وقدمت عناصرها للمحاكمات، الا ان عدداً كبيراً منهم خرج ضمن الذين شملهم العفو العام ابان جائحة )كورونا( فى عام 2020م. وتشير المعلومات الى ان عدداً كبيراً من تلك العصابات انضم الى حركات مسلحة واصبحوا من حملة السلاح والبطاقات العسكرية، حيث تمت عمليات تجنيد واسعة لعناصر من تلك العصابات المنتشرة في المنطقة.
ومناطق جنوب الحزام مناطق مترامية الاطراف، واية حملة تستهدف اثنين من الاحياء او حياً دون بقية الاحياء فهى حملات يمكن ان توصف بالفاشلة، لأن جنوب الحزام او تحديداً منطقة مايو تضم عدداً كبيراً من الاحياء التى لا يستهان بها وتعمل على تصدير الجريمة والعصابات المتفلتة وحتى عصابات التسول الى قلب العاصمة.
مايو او جمهورية مايو الليبرالية كما تحلو لأهلها تسميتها، تنتشر ابتداءً من مشرحة بشائر، وكلما توجهت جنوباً تضيق الطرق وتزداد كثافة المساكن واعداد المارة وكأن المنطقة فى محفل دائم، والمار عبر أزقتها لا يرى الا الاسلحة البيضاء وهى مخفاة بين طيات ملابس السواد الاعظم من المارة بتلك المناطق.
حي خارج نطاق القانون
حسب ملاحظاتنا فإن حيي )أنقولا( و )مانديلا( من الاحياء التى تكثر فيها حركة المواتر، وحى انقولا يعتبر من الاحياء التى تكثر فيها عمليات الـ )93( من القانون الجنائي، حيث يعتبر )الكاكى( فيه مستباحاً ويقوم بارتدائه اشخاص لا علاقة لهم باية قوات نظامية، وغالباً يتم ارتداؤه حينما تكون العصابات فى طريقها لارتكاب جرائم نهب وانتحال شخصية، والى وقت قريب كان حى انقولا عصياً على القوات النظامية، وحتى الآن مازال يطلق عليه اسم حى )خارج نطاق القانون( نسبة لصعوبة اقتحامه من قبل اية قوات نظامية، اضف الى ذلك انه يشهد اكتظاظاً سكانياً كبيراً وفيه تباين قبلى واضح، ويتسم اهله بالترابط والتماسك القوى الذى يصعب مهمة اختراقه من قبل القوات النظامية، لذلك نعتقد ان الحملة سبقتها اتصالات قادت الى افراغ المنطقة من كل المشتبه فيهم ومن العصابات وتجار المخدرات الذين يقطن عدد منهم في تلك المناطق.
إن النتائج التى توصلت اليها الحملة المشتركة كان بمقدور قوة شرطية من دفار واربع دوريات التوصل الى اكثر منها فى حال مداهمة حى واحد بمنطقة اخرى، ناهيك عن مناطق جنوب الحزام التى ظلت الى وقت قريب عصية على الانظمة وتشهد مقاومة كبيرة فى كل الاوقات التى تسير فيها حملات اليها.
تصدير الجريمة والحملة الأكبر
تعتبر الحملة التى اطلقتها القوات النظامية امس الاولى من نوعها قبل ما يتجاوز خمسة عشر عاماً، حيث سبقتها حملة واحدة مماثلة تمت فى مطلع الالفية الثالثة بقوات مشتركة مكونة من الشرطة والجيش وجهاز الامن والمخابرات وقوات العمليات، وتم ضرب طوق امنى بطريقة مماثلة، ووقتها اسفرت الحملات عن ضبط مركبات ومواتر وكميات من الذهب والمجوهرات واسلحة نارية وغيرها من المضبوطات، على الرغم من ان المنطقة لم تكن تشهد معدلات متنامية من الجريمة وعتاة المجرمين مثلما تشهدها الآن.
وفى عام 2014م اوقفت مباحث شرطة ولاية الخرطوم متهماً، وبالتحرى معه كشف انهم يومياً يأتون من مناطق جنوب الحزام فى شكل مجموعات ثنائية تتجاوز اعدادها اربعين من العصابات، ويقومون باقتحام العاصمة منذ الصباح ويمارسون عمليات خطف الهواتف او ما يعرف بـ )تسعة طويلة( الآن، وكذلك عمليات كسر زجاج السيارات وجرائم )ثبت شيل(، ومع تطور الجريمة اصبحت مناطق جنوب الحزام تصدر بصفة يومية ما لا يقل عن )80( فرداً من عصابات )تسعة طويلة( والنهب تحت تهديد السواطير، علماً بأن عدداً مقدراً من العصابات التى تقوم بممارسة )تسعة طويلة( وعمليات النهب بمواقف جاكسون ووسط الخرطوم من العصابات القادمة من تلك المناطق وفق التقارير الواردة.
ان عملية مداهمة جنوب الحزام بدت أشبه بعملية مداهمة كولمبيا، حيث استبقت العملية اتصالات اسهمت فى اختفاء مفاجئ لكبار تجار المخدرات، وهكذا اختفى عتاة المجرمين فى لحظة من تلك الاحياء التى تمت مداهمتها، وكذلك اختفاء عتاة المجرمين بطريقة مفاجئة استباقاً لحملة )الجغب(، ويرى خبراء ان الحملات لن تؤتي أكلها ما لم تفكر السلطات جادة فى القيام بعمليات تخطيط بمناطق جنوب الحزام وتوسعة الطرق واقامة نقاط ارتكاز ونقاط بسط امن شامل لخفض معدلات الجريمة.
وفى ذات السياق اشاد والى الخرطوم المكلف احمد عثمان بدور القوات النظامية فى حفظ الامن والاستقرار، مثمناً جهدها فى انفاذ العمليات النوعية التى تنفذها هذه الايام وتستهدف اوكار الجريمة، وخاطب الوالى القوة المشتركة التى نفذت الحملة، واوضح ان الحرية التى رفعت شعارها الثورة استخدمت بشكل خاطئ، وان القوات الامنية مكانها العمل الميدانى وليس المكاتب. وعبر عن تقديره لكافة القوات النظامية ودورها فى حفظ الأمن وبسط الاستقرار. واكد الوالى المكلف احمد عثمان استمرار الحملات للقضاء على الجريمة واوكارها وبسط الأمن في العاصمة.
الخرطوم: هاجر سليمان
قوات نظامية ضخمة انتشرت في محيط القيادة العامة بالخرطوم واحاطت بها احاطة السوار بالمعصم، وانطلقت الشائعات بمواقع التواصل الاجتماعى لتقول ان الجيش يحبط محاولة انقلابية، ثم ما يلبث ان تنطلق شائعة أخرى تقول ان الجيش يحتوى بوادر انفلات امنى وسط قواته وتتوالى الشائعات.
قوات كبيرة وانتشار شائعات
كل تلك الشائعات مجافية للحقيقة، حيث لم تكن حقيقة تلك القوات المنتشرة بالخرطوم سوى ان الجيش يعد العدة للمشاركة فى أضخم حملة أمنية تهدف لبسط الامن والاستقرار واظهار القوة ودحر العصابات المتفلتة والسيطرة عليها، علماً بأن الجيش والقوات الامنية المختلفة اصبحت تشكل جسماً واحداً للقضاء على اوكار الجريمة بالعاصمة ومحاربتها ومداهمتها، وستتواصل عمليات الصيف الحاسم خلال الفترة القادمة للقضاء على مظاهر الجريمة وفق توجيهات رئيس مجلس السيادة ووزير الداخلية وقادة الشرطة.
وشاركت القوات المسلحة بأعداد كبيرة من قواتها ممثلة فى قوات الاستخبارات والشرطة العسكرية، بجانب قوات ضخمة من الدعم السريع وقوات المخابرات العامة، فضلاً عن صاحبة الجلد والرأس قوات الشرطة التى شاركت باضخم قواتها من شرطة العمليات والمباحث والنجدة والدوريات، بجانب قوات شرطة ولاية الخرطوم وقوات الاحتياطى المركزى وكافة ادارات الشرطة المختلفة. علماً بأن قيادات برتبة اللواء من الجيش والشرطة قادت تلك )الكتائب( التى تجاوزت )5( كتائب.
طوق أمني وساعة الصفر
تم تحديد ساعة الصفر للانطلاق فى ساعات مبكرة من فجر الاحد، وتحركت القوات التى وصلت الى منطقة جنوب الحزام، حيث وضعت )مايو( هدفاً لها وقصدت المنطقة، وفى حوالى الرابعة صباحاً كانت القوات قد انتشرت بكامل آلياتها وعتادها، وفرضت سيطرة تامة على أحياء )أنقولا( و )مانديلا( وطوقتها فى سياج أمنى يصعب اختراقه، ووقتها كانت الساعة تشير الى الرابعة وبضع دقائق من صباح امس الاحد.
وتمت عمليات دهم واسعة النطاق استهدفت اوكار الجريمة وبعض الرواكيب التى تستغل كمقر للعصابات، بجانب تدمير خمارات ومصانع خمور واستهداف اوكار المخدرات وعصابات النهب والسلب، واسفرت تلك الحملات عن توقيف )100( متهم على ذمة جرائم حيازة الخمور وتعاطيها ومخالفة اوامر الطوارئ والاشتباه، وتبين ان من بين المقبوضين معتادي اجرام بجانب ضبط )13( دراجة نارية و )9( ركشات غير مقننة، وتمت اراقة اكثر من )2000( برميل خمور بلدية فى طور التصنيع تكفى لسكان محلية باكملها، بجانب ضبط )4( تكاتك. واسفرت حملات الدهم التى استهدفت منازل مروجى وتجار المخدرات عن ضبط )240( رأساً من البنقو، بالاضافة الى ضبط )40( كريستال عرقى جاهز معد للترويج.
حملة ضخمة ونتائج ضعيفة
وتعتبر النتائج التى حققتها الحملة نتائج هزيلة وضعيفة مقارنةً بالمنطقة وما يتم فيها، ولا تتناسب اعداد المضبوطين والمخدرات المضبوطة مع حجم اوكار الاجرام التى تنتشر بالمنطقة، حيث كان من المتوقع ان تحرز الحملات ضبطيات اكبر حجماً لاسيما ان مناطق جنوب الحزام تضم اخطر بؤر واوكار الجريمة التى تنتشر بالعاصمة وتصدر انواعاً خطيرة من جرائم النهب والسلب وجرائم القتل وترويج المخدرات والخمور، خاصة انها تضم اعداداً كبيرة من الاجانب الذين هم من اخطر معتادى ارتكاب جرائم العنف، كما انها تضم أخطر العصابات واخطر مروجى المخدرات الذين اختفوا قبل وقت كافٍ من الحملة، مما يشير الى تلقيهم معلومات مسبقة قادت لاختفائهم، بدليل ان الحملات لم يضبط خلالها زعماء عصابات ولا زعماء عصابات متفلتة.
وتشير التوقعات الى احتمالية حدوث خطأ ما قاد الى تلك النتائج الضعيفة التى لو كانت الشرطة لوحدها لحققت نتائج أكبر منها، ولكن تشير توقعات الى ان معلومات استباقية وصلت الى العصابات وتجار المخدرات بالمنطقة، مما قاد الى اختفاء الرؤوس الكبيرة واختفاء عصابات المخدرات، الأمر الذى قاد الى ضبط تلك الضبطيات الضعيفة.
أحياء عشوائية قرب القصر
تقع مناطق جنوب الحزام على بعد مرمى حجر من وسط الخرطوم، حيث تبعد ما لا يزيد عن )12( كيلومتراً من القصر الرئاسى، وتتميز بتفاقم اعداد سكانها التي تقارب عدد سكان محليتين، علماً بأن 80% من مناطق جنوب الحزام غير مخططة باستثناء مناطق الازهرى والسلمة وعد حسين والمنصورة والانقاذ وبعض الاحياء، ويقيم سكان تلك الاحياء التى تعتبر من اخطر الاحياء المصدرة للجريمة فى مساكن عشوائية تنعدم في ما بينها الطرق نهائياً، ونجد ان انعدام التخطيط وعدم الانارة والخدمات يسهم كثيراً فى ارتفاع معدلات الجريمة، اضف الى ذلك ان عدداً كبيراً من سكان تلك المناطق من الفقراء واللاجئين وتتفشى بينهم مستويات الامية والبطالة والفقر، ويبدو الفقر جلياً فى انعدام التغذية المطلوبة، اضافة الى تفشي الامراض، كما ان هنالك اطفالاً يلقون حتفهم بسبب البرد والجوع وسوء التغذية بجانب تردى الخدمات، حيث تلاحظ ان اعداداً مقدرة من سكان تلك الاحياء يقضون حاجتهم فى العراء، مما يجعل تلك المناطق مسرحاً للجريمة.
والاحياء التى تمت مداهمتها ومحاصرتها وهى احياء انقولا ومانديلا، تعتبر من المناطق المغلقة ويتم فيها تصنيع الخمور، علماً بأن عدداً من سكانها لاجئون واجانب، اضف الى ذلك انها تعتبر سوقاً رائجة لتجارة المخدرات والسلاح والمسروقات، علماً بأن تلك المناطق تنتشر فيها نحو )13( سوقاً عشوائياً تخصصت فى بيع الاسلحة البيضاء التى تقوم بشرائها عناصر العصابات المتفلتة وهى )أطواق(، )جنازير(، )بدالات عجلات(، )سواطير(، بالاضافة الى سكاكين طول الواحدة منها يصل الى )40 سم( تستخدمها العصابات المتفلتة فى اعمال النهب والسلب.
عصابات كبيرة وأطراف مترامية
وفى بؤر الجريمة بجنوب الحزام عدد كبير من العصابات التى تمارس النهب والسلب خارج دائرة الاختصاص بوسط الخرطوم وفي مناطق مختلفة، وتنتشر فيها ما لا يقل عن )7( عصابات متفلتة معروفة بالاسم ابرزها عصابات )كاش موني(، )ويس خمج(، )المافيا(، )بلاك داى(، )جمايكا( وغيرها من العصابات المتفلتة، بالاضافة الى عصابات صبيانية تتكون من مجموعات من الاطفال.
ويذكر ان الشرطة سبق ان اوقفت عدداً من تلك العصابات وقدمت عناصرها للمحاكمات، الا ان عدداً كبيراً منهم خرج ضمن الذين شملهم العفو العام ابان جائحة )كورونا( فى عام 2020م. وتشير المعلومات الى ان عدداً كبيراً من تلك العصابات انضم الى حركات مسلحة واصبحوا من حملة السلاح والبطاقات العسكرية، حيث تمت عمليات تجنيد واسعة لعناصر من تلك العصابات المنتشرة في المنطقة.
ومناطق جنوب الحزام مناطق مترامية الاطراف، واية حملة تستهدف اثنين من الاحياء او حياً دون بقية الاحياء فهى حملات يمكن ان توصف بالفاشلة، لأن جنوب الحزام او تحديداً منطقة مايو تضم عدداً كبيراً من الاحياء التى لا يستهان بها وتعمل على تصدير الجريمة والعصابات المتفلتة وحتى عصابات التسول الى قلب العاصمة.
مايو او جمهورية مايو الليبرالية كما تحلو لأهلها تسميتها، تنتشر ابتداءً من مشرحة بشائر، وكلما توجهت جنوباً تضيق الطرق وتزداد كثافة المساكن واعداد المارة وكأن المنطقة فى محفل دائم، والمار عبر أزقتها لا يرى الا الاسلحة البيضاء وهى مخفاة بين طيات ملابس السواد الاعظم من المارة بتلك المناطق.
حي خارج نطاق القانون
حسب ملاحظاتنا فإن حيي )أنقولا( و )مانديلا( من الاحياء التى تكثر فيها حركة المواتر، وحى انقولا يعتبر من الاحياء التى تكثر فيها عمليات الـ )93( من القانون الجنائي، حيث يعتبر )الكاكى( فيه مستباحاً ويقوم بارتدائه اشخاص لا علاقة لهم باية قوات نظامية، وغالباً يتم ارتداؤه حينما تكون العصابات فى طريقها لارتكاب جرائم نهب وانتحال شخصية، والى وقت قريب كان حى انقولا عصياً على القوات النظامية، وحتى الآن مازال يطلق عليه اسم حى )خارج نطاق القانون( نسبة لصعوبة اقتحامه من قبل اية قوات نظامية، اضف الى ذلك انه يشهد اكتظاظاً سكانياً كبيراً وفيه تباين قبلى واضح، ويتسم اهله بالترابط والتماسك القوى الذى يصعب مهمة اختراقه من قبل القوات النظامية، لذلك نعتقد ان الحملة سبقتها اتصالات قادت الى افراغ المنطقة من كل المشتبه فيهم ومن العصابات وتجار المخدرات الذين يقطن عدد منهم في تلك المناطق.
إن النتائج التى توصلت اليها الحملة المشتركة كان بمقدور قوة شرطية من دفار واربع دوريات التوصل الى اكثر منها فى حال مداهمة حى واحد بمنطقة اخرى، ناهيك عن مناطق جنوب الحزام التى ظلت الى وقت قريب عصية على الانظمة وتشهد مقاومة كبيرة فى كل الاوقات التى تسير فيها حملات اليها.
تصدير الجريمة والحملة الأكبر
تعتبر الحملة التى اطلقتها القوات النظامية امس الاولى من نوعها قبل ما يتجاوز خمسة عشر عاماً، حيث سبقتها حملة واحدة مماثلة تمت فى مطلع الالفية الثالثة بقوات مشتركة مكونة من الشرطة والجيش وجهاز الامن والمخابرات وقوات العمليات، وتم ضرب طوق امنى بطريقة مماثلة، ووقتها اسفرت الحملات عن ضبط مركبات ومواتر وكميات من الذهب والمجوهرات واسلحة نارية وغيرها من المضبوطات، على الرغم من ان المنطقة لم تكن تشهد معدلات متنامية من الجريمة وعتاة المجرمين مثلما تشهدها الآن.
وفى عام 2014م اوقفت مباحث شرطة ولاية الخرطوم متهماً، وبالتحرى معه كشف انهم يومياً يأتون من مناطق جنوب الحزام فى شكل مجموعات ثنائية تتجاوز اعدادها اربعين من العصابات، ويقومون باقتحام العاصمة منذ الصباح ويمارسون عمليات خطف الهواتف او ما يعرف بـ )تسعة طويلة( الآن، وكذلك عمليات كسر زجاج السيارات وجرائم )ثبت شيل(، ومع تطور الجريمة اصبحت مناطق جنوب الحزام تصدر بصفة يومية ما لا يقل عن )80( فرداً من عصابات )تسعة طويلة( والنهب تحت تهديد السواطير، علماً بأن عدداً مقدراً من العصابات التى تقوم بممارسة )تسعة طويلة( وعمليات النهب بمواقف جاكسون ووسط الخرطوم من العصابات القادمة من تلك المناطق وفق التقارير الواردة.
ان عملية مداهمة جنوب الحزام بدت أشبه بعملية مداهمة كولمبيا، حيث استبقت العملية اتصالات اسهمت فى اختفاء مفاجئ لكبار تجار المخدرات، وهكذا اختفى عتاة المجرمين فى لحظة من تلك الاحياء التى تمت مداهمتها، وكذلك اختفاء عتاة المجرمين بطريقة مفاجئة استباقاً لحملة )الجغب(، ويرى خبراء ان الحملات لن تؤتي أكلها ما لم تفكر السلطات جادة فى القيام بعمليات تخطيط بمناطق جنوب الحزام وتوسعة الطرق واقامة نقاط ارتكاز ونقاط بسط امن شامل لخفض معدلات الجريمة.
وفى ذات السياق اشاد والى الخرطوم المكلف احمد عثمان بدور القوات النظامية فى حفظ الامن والاستقرار، مثمناً جهدها فى انفاذ العمليات النوعية التى تنفذها هذه الايام وتستهدف اوكار الجريمة، وخاطب الوالى القوة المشتركة التى نفذت الحملة، واوضح ان الحرية التى رفعت شعارها الثورة استخدمت بشكل خاطئ، وان القوات الامنية مكانها العمل الميدانى وليس المكاتب. وعبر عن تقديره لكافة القوات النظامية ودورها فى حفظ الأمن وبسط الاستقرار. واكد الوالى المكلف احمد عثمان استمرار الحملات للقضاء على الجريمة واوكارها وبسط الأمن في العاصمة.