الجمعة 3 يونيو 2022 - 14:56

اغنيتان للعبادي لم نتعرّض لهما هما من االغنائيات التي صاغها على نهج لحني معلوم..فقد نظم الأولى )حليل شامه( ومطلعها )حليل شامه يا حليل شامه: حليل شامه الفي البنات شامه( على لحن شعبي مطروق من لدن: )حليل موسى يا حليل موسى..حليل موسى اللي الرجال خوسه(..! أما الأغنية الثانية فموضوعها دعوات وأمنيات بشفاء المحبوبة التي وقعت فريسة للحمى.. وهي:
ناديت رجال الهِمّه ..تنجو امونه من الحمى.. ناديت
وهي على نهج لحن أو رواية لحنية شهيرة في المديح يمكن التمثيل لها بقصيدة للمادح السوداني الشيخ حسن البصري هي:
شاشيت لي روح السنّه.. الهادي ريس الجنه.. شاشيت
…والغريب إن “ابو صلاح” في أغنيته )شقيقة البدرِ( يقول مصرّحاً بأن غرضه ومطلوبه غير غرض ومطلوب صاحب المدحة: يقول أبو صلاح:
ما سلمى وصغيرة القصرِ ما الشاشالا “حسن البصري”
تسبي الحور دقاق الخصرِ يا ملكة جمال العصرِ..!
اغنية )حليل شامه( فيها شجن عجيب يظهر مع سماع اللحن )ولا تسمعها من بادي فينفطر قلبك(..! وفيها وصف دقيق للجمال الجسدي المصحوب بأماني عسيرة التحقيق في رؤية المحبوبة خلال تجلياتها وانغماسها في مراسم الزينة الخاصة واحوالها وهي في طقس )الدخان( تلك )الساونا الشعبية السودانية العجيبة(..وكل ما يصاحب طقسها من حركة وسكون وما يضمخ جوّها من عطور وأبخرة طيبة..و)ما يتم ارتداؤه( خلالها مما يلي الجسم..)أو ما يتم خلعه(…!
يقول العبادي في )حليل شامه(:
حليل شامه في البنات يا خيت
حليل شامة يا مليحة الزي
حليل شامه ام ضميراً طي
وشلاخا كالكهارب ضي..!
وهؤلاء )الجماعة يرون ان )الشلوخ( تضئ و)تبق بالنور( والاضواء ويذكرون ذلك كثيراً في أغانيهم )الشلخ- العارض – الفصدة- الوسمة – الرشيم- النقرابي(:
يقول العبادي في أغنية )شيخ ريّا(
افلن شموس حين قنّبن : وجـّن )شـلوخن( وعـلّبن
)علّب النار أي اشعلها .. علّبن: اشتعلن بالضوء(
وأبو صلاح في أغنية )ما كنت رايق وساكن في صفا وتأمين : في الخوجلاب يا قلبي مني شالك مين؟(: يقول:
شُفنا )الشلوخ( تتقادح ..والخدود رايقين
)تتقادح تقدح وتتقاذف بالضوء(
ويقول في أغنية )فريع البانه المن نسمه(
نار قلبي بتوقد.. من )وسمه(
تلمع في خديدا.. كفرْ بسمه
وفي أغنيته )النيّة جدية السراح(:
يا ام رمشاً زي السلاح : أم )عارضـاً( في الظُلمه لاح
وفي شعر قديم:
هضـليم وافـراً قــادا : وضـاويه )شلوخا( وقّاده
)الهضليم الشَعر(
ويقول سيد عبد العزيز في )أقيس محاسنك بمَنْ(:
عروضك زي )عارضيك( صِفن
وود الرضي في )تلفان من الاجفان.. طير يا منام(
وَلع )الفَصًاد(.. و الأحور صاد.. جيدو الجام
قبًل صـاد.. للبيهن صاد .. قلباً هام
ويقول أيضاً في معنى إشراق الشلوخ:
تبكي و)النقرابي( يضحك..!
ويقول في )متى مزاري(:
نور تضاحِك بدرك )فصودك(
وفي )ينوحن لي حماماتن(:
تبق النور )وسيماتن( .. تضوى العتمه بسماتن
ﺣﺒﻴﺐ ﺍﺷﺘﻘﻨﺎ ﻧﺴﻤﺎﺗﻦ …ﺣﻠﻴﻞ ﺩﻳﻼﻙ ﺭﺷﻴﻤﺎﺗﻦ..!
وفي )البريق العاتم سماهو(:
الجبين اللامع فضاهو : نورو ضاحَك نور)عارضاهو(
ويرد في أحد الرميات:
من )شليخا( النور .. يضوي في خدودا
ويقول عمر البنا في )إمتى أرجع لأم در وأعودا(:
هناي ومُنية روحي ومقصودا/ اشوف رشيم يضوي بين )فصودا(
ويقول ود الرضي في رمية:
ﻋﺎﻣﺖ ﺍﻟﻔﺨّﻪ/ ﺗﻔﺠﻊ ﺍﻟﻮﺯﻩ
ﻭﺩﺍﻫﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﺨﻪ..
ﺗﻨﻄﻮﻯ ﺑُﺮﺻﻪ ﺗﻌﻠﻰ ﺗﺘﻤﺨﻰ
ﻭ)اﻟﻔِﺼﻴﺪه( ﺗﻘﻮﻝ ﻟﻠﺰُﻣﺎﻡ ﺇخا
)البُرصة نوع من قماش مخملي(
…والقصة طويلة.. ولنعد لما كنا فيه من أغنية العبادي )حليل شامه( حيث يواصل الوصف والحنين:
**
متبورة والقدم محكوم
مخصورة والكفل مركوم
حليل شامه يا الزَهول لا تهوم
مفدوعه والضفاير كوم
**
غزير ديسا ما قليل ما بحوق
ويتنّي جيدا خاتي عروق
خدود شامه عاشِقن ما بروق
زلال ريقا والثنايا بروق
**
اشوف شامه نايره غير حِفله
وبي وجودا زانت الحَفله
يبق نورا والبدور آفله
هلكتينا والله يا غافله
**
عاد شامه ياخي شي يفني
واياك عني يا ابني
الطالبني اصلو طالبني
اخو العذل يهدم ويبني
**
اتنين نقرت الساعه
وعقارب فكري لسّاعه
إبل فكري ضلّ كسّاعا
وضاقتبي الدنيا بي وساعا
)كسّاع( من الفعل كسع يكسع وهذه مفردة فصيحة نادرة.. في القواميس تحمل معنى زجر الإبل وحثها وقيادتها… ويحوّل العبادي استخدامها من التشبيه الحسي للمعنوي فجعل افكاره مثل الإبل التي ضل من يسوقها ويقودها..!!
**
قصدي ياخي في الدنيا
يحقق ربي ها المنيه
اشوف شامه في الضُحيّ عِنيه )أنطق الضحي بالتصغير(
وبي الفركة تبقى منتنيه
**
اشوف شامه بي ورا البوخه
وبالفركه تمشي مملوخه
بي تاجا تظلل الجوخه
واللولي يجري في شلوخا
الدخان يجعل العرَق صافياً شفافاً مثل حبات اللؤلؤ )إذا اتيح لشخص أن يشاهده في تلك اللحظات(.. ويصف العبادي قطرات من العرق وهي تنحدر على مجرى الشلوخ..!!
*
الأغنية الأخرى هي )ناديت رجال الهِمه(.. ولعل العبادي قصد أن يختار نظمها على لحن المديح لانها تحتشد بمناشدة )الأوليا والصالحين(.. ذكرهم بالاسم وبالطائفة وبالرمز بعد أن افتتح الدعاء بالنبي محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم:
يا المختار شفيع الأمه: نَفَس الجاهله ما ينخمّ
تصبح طيبه تسلم ضمّه: غير لي سرورا ما نتلمّ
ثم )آل البيت وقال كناية عنهم: البُضعة الشريفة الزاهرة والسلالة العفيفة الطاهرة لكي: )يورّوا الحُمى عيناً قاهره(
ثم: الخلفاء الستة:
يا الخُلفا الكرام السته: يا الفي الدنيا زيطكم شتّ
حيل أمونه ما ينبتّ : قولو الحُمى عادمه الحتّه
ثم يذكر السادة الأوليا وأصحاب الخرقة الصوفية بعد الفاروق والإمام علي: ويطلب منهم ان يحمّلوه ألم امونه بدلاً عنها:
)وجع امونه ضيفو عليّا(
ثم الصحابة بالجملة:
يا الآل والصحاب بالجمله: يا الدينكم صحيح صاغ عمله
مـن امونه شيلو الحمله: ماتضوق تاني )قرصة نمله(..!
ثم )الصُلاح قبة قبة(
اقيفوا سادتي الحسنيه: الغُر الطباعا سنيّه
يا الصُلاح بنيّه بنيّه: تبرا امونه.. جاهله ونيّه
*
يالقوم العهودا وفيّه: اهل الخِرقة الصوفيه
آمنة الريدا راسخ فيّا: تتعافى وتكون معفيه
*
اللُحاق عموم يصغولك: واهل الدايره يسمعوا قولك
واقع بي ابوك ورسولك: بِتك يابا..)اوقف طولك(..!!
ألحقوها يا جماعة…!!