الجمعة 3 يونيو 2022 - 20:41
سورة المؤمنون Al-Muminoon
آية 99
تفسير ابن كثير - Ibn-Katheer
حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ )99(
يخبر تعالى عن حال المحتضر عند الموت ، من الكافرين أو المفرطين في أمر الله تعالى ، وقيلهم عند ذلك ، وسؤالهم الرجعة إلى الدنيا ، ليصلح ما كان أفسده في مدة حياته; ولهذا قال :) رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا (كما قال تعالى :) وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين . ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون (] المنافقون : 10 , 11 [، وقال تعالى :) وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال (] إبراهيم : 44 [، وقال تعالى :) يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل (] الأعراف : 53 [، وقال تعالى :) ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون (] السجدة : 12 [، وقال تعالى :) ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين . بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون (] الأنعام : 27 , 28 [، وقال تعالى :) وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل (] الشورى : 44 [، وقال تعالى :) قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير (] غافر : 11 , 12 [، وقال تعالى :) وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير (] فاطر : 37 [، فذكر تعالى أنهم يسألون الرجعة ، فلا يجابون ، عند الاحتضار ، ويوم النشور ووقت العرض على الجبار ، وحين يعرضون على النار ، وهم في غمرات عذاب الجحيم .
وقوله : هاهنا :) كلا إنها كلمة هو قائلها (: كلا حرف ردع وزجر ، أي : لا نجيبه إلى ما طلب ولا نقبل منه .
وقوله :) كلا إنها كلمة هو قائلها (: قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : أي لا بد أن يقولها لا محالة كل محتضر ظالم .
ويحتمل أن يكون ذلك علة لقوله :" كلا "، أي : لأنها كلمة ، أي : سؤاله الرجوع ليعمل صالحا هو كلام منه ، وقول لا عمل معه ، ولو رد لما عمل صالحا ، ولكان يكذب في مقالته هذه ، كما قال تعالى :) ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون (
وقال محمد بن كعب القرظي :) حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت (قال : فيقول الجبار :) كلا إنها كلمة هو قائلها (.
وقال عمر بن عبد الله مولى غفرة : إذا سمعت الله يقول :) كلا (فإنما يقول : كذب .
وقال قتادة في قوله تعالى :) حتى إذا جاء أحدهم الموت (: قال : كان العلاء بن زياد يقول : لينزل أحدكم نفسه أنه قد حضره الموت ، فاستقال ربه فأقاله ، فليعمل بطاعة الله عز وجل .
وقال قتادة : والله ما تمنى أن يرجع إلى أهل ولا إلى عشيرة ، ولكن تمنى أن يرجع فيعمل بطاعة الله ، فانظروا أمنية الكافر المفرط فاعملوا بها ، ولا قوة إلا بالله . وعن محمد بن كعب القرظي نحوه .
وقال محمد بن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أحمد بن يوسف ، حدثنا فضيل يعني : ابن عياض عن ليث ، عن طلحة بن مصرف ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : إذا وضع يعني : الكافر في قبره ، فيرى مقعده من النار . قال : فيقول : رب ، ارجعون أتوب وأعمل صالحا . قال : فيقال : قد عمرت ما كنت معمرا . قال : فيضيق عليه قبره ، قال : فهو كالمنهوش ، ينام ويفزع ، تهوي إليه هوام الأرض وحياتها وعقاربها .
وقال أيضا : حدثنا أبي ، حدثنا عمرو بن علي ، حدثني سلمة بن تمام ، حدثنا علي بن زيد . عن سعيد بن المسيب ، عن عائشة ، أنها قالت : ويل لأهل المعاصي من أهل القبور!! تدخل عليهم في قبورهم حيات سود أو : دهم حية عند رأسه ، وحية عند رجليه ، يقرصانه حتى يلتقيا في وسطه ، فذلك العذاب في البرزخ الذي قال الله تعالى :) ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون (
وقال أبو صالح وغيره في قوله تعالى :) ومن ورائهم (يعني : أمامهم .
وقال مجاهد : البرزخ : الحاجز ما بين الدنيا والآخرة .
وقال محمد بن كعب : البرزخ : ما بين الدنيا والآخرة . ليسوا مع أهل الدنيا يأكلون ويشربون ، ولا مع أهل الآخرة يجازون بأعمالهم .
وقال أبو صخر : البرزخ : المقابر ، لا هم في الدنيا ، ولا هم في الآخرة ، فهم مقيمون إلى يوم يبعثون .
وفي قوله :) ومن ورائهم برزخ (: تهديد لهؤلاء المحتضرين من الظلمة بعذاب البرزخ ، كما قال :) من ورائهم جهنم (] الجاثية : 10 [وقال) ومن ورائه عذاب غليظ (] إبراهيم : 17 [.
وقوله :) إلى يوم يبعثون (أي : يستمر به العذاب إلى يوم البعث ، كما جاء في الحديث :" فلا يزال معذبا فيها "، أي : في الأرض .
ــــــــــــــــــ
الحديبة نيوز
.....
للاعلان بهذه المساحة واتساب
0919496619
سورة المؤمنون Al-Muminoon
آية 99
تفسير ابن كثير - Ibn-Katheer
حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ )99(
يخبر تعالى عن حال المحتضر عند الموت ، من الكافرين أو المفرطين في أمر الله تعالى ، وقيلهم عند ذلك ، وسؤالهم الرجعة إلى الدنيا ، ليصلح ما كان أفسده في مدة حياته; ولهذا قال :) رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا (كما قال تعالى :) وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين . ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون (] المنافقون : 10 , 11 [، وقال تعالى :) وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال (] إبراهيم : 44 [، وقال تعالى :) يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل (] الأعراف : 53 [، وقال تعالى :) ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون (] السجدة : 12 [، وقال تعالى :) ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين . بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون (] الأنعام : 27 , 28 [، وقال تعالى :) وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل (] الشورى : 44 [، وقال تعالى :) قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير (] غافر : 11 , 12 [، وقال تعالى :) وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير (] فاطر : 37 [، فذكر تعالى أنهم يسألون الرجعة ، فلا يجابون ، عند الاحتضار ، ويوم النشور ووقت العرض على الجبار ، وحين يعرضون على النار ، وهم في غمرات عذاب الجحيم .
وقوله : هاهنا :) كلا إنها كلمة هو قائلها (: كلا حرف ردع وزجر ، أي : لا نجيبه إلى ما طلب ولا نقبل منه .
وقوله :) كلا إنها كلمة هو قائلها (: قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : أي لا بد أن يقولها لا محالة كل محتضر ظالم .
ويحتمل أن يكون ذلك علة لقوله :" كلا "، أي : لأنها كلمة ، أي : سؤاله الرجوع ليعمل صالحا هو كلام منه ، وقول لا عمل معه ، ولو رد لما عمل صالحا ، ولكان يكذب في مقالته هذه ، كما قال تعالى :) ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون (
وقال محمد بن كعب القرظي :) حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت (قال : فيقول الجبار :) كلا إنها كلمة هو قائلها (.
وقال عمر بن عبد الله مولى غفرة : إذا سمعت الله يقول :) كلا (فإنما يقول : كذب .
وقال قتادة في قوله تعالى :) حتى إذا جاء أحدهم الموت (: قال : كان العلاء بن زياد يقول : لينزل أحدكم نفسه أنه قد حضره الموت ، فاستقال ربه فأقاله ، فليعمل بطاعة الله عز وجل .
وقال قتادة : والله ما تمنى أن يرجع إلى أهل ولا إلى عشيرة ، ولكن تمنى أن يرجع فيعمل بطاعة الله ، فانظروا أمنية الكافر المفرط فاعملوا بها ، ولا قوة إلا بالله . وعن محمد بن كعب القرظي نحوه .
وقال محمد بن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أحمد بن يوسف ، حدثنا فضيل يعني : ابن عياض عن ليث ، عن طلحة بن مصرف ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : إذا وضع يعني : الكافر في قبره ، فيرى مقعده من النار . قال : فيقول : رب ، ارجعون أتوب وأعمل صالحا . قال : فيقال : قد عمرت ما كنت معمرا . قال : فيضيق عليه قبره ، قال : فهو كالمنهوش ، ينام ويفزع ، تهوي إليه هوام الأرض وحياتها وعقاربها .
وقال أيضا : حدثنا أبي ، حدثنا عمرو بن علي ، حدثني سلمة بن تمام ، حدثنا علي بن زيد . عن سعيد بن المسيب ، عن عائشة ، أنها قالت : ويل لأهل المعاصي من أهل القبور!! تدخل عليهم في قبورهم حيات سود أو : دهم حية عند رأسه ، وحية عند رجليه ، يقرصانه حتى يلتقيا في وسطه ، فذلك العذاب في البرزخ الذي قال الله تعالى :) ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون (
وقال أبو صالح وغيره في قوله تعالى :) ومن ورائهم (يعني : أمامهم .
وقال مجاهد : البرزخ : الحاجز ما بين الدنيا والآخرة .
وقال محمد بن كعب : البرزخ : ما بين الدنيا والآخرة . ليسوا مع أهل الدنيا يأكلون ويشربون ، ولا مع أهل الآخرة يجازون بأعمالهم .
وقال أبو صخر : البرزخ : المقابر ، لا هم في الدنيا ، ولا هم في الآخرة ، فهم مقيمون إلى يوم يبعثون .
وفي قوله :) ومن ورائهم برزخ (: تهديد لهؤلاء المحتضرين من الظلمة بعذاب البرزخ ، كما قال :) من ورائهم جهنم (] الجاثية : 10 [وقال) ومن ورائه عذاب غليظ (] إبراهيم : 17 [.
وقوله :) إلى يوم يبعثون (أي : يستمر به العذاب إلى يوم البعث ، كما جاء في الحديث :" فلا يزال معذبا فيها "، أي : في الأرض .
ــــــــــــــــــ
الحديبة نيوز
.....
للاعلان بهذه المساحة واتساب
0919496619