الأربعاء 22 يونيو 2022 - 7:25
تشكل الوساطة السعودية – الأميركية لحلحلة الأزمة السياسية في السودان منعطفا هاما لتذليل العقبات والعودة إلى المسار الديمقراطي، إلا أنها تواجه أيضا نفس العقبات التي اعترضت الوساطات السابقة والجارية.
الخرطوم – بدأت الوساطة السعودية – الأميركية تقبض بحذر على زمام المبادرة في السودان بعد تراجع دور الآلية الثلاثية التي علقت اجتماعاتها إلى حين إحداث تقارب بين قوى الحرية والتغيير )المجلس المركزي( والمكون العسكري، ما يشير إلى إمكانية حدوث اختراق لإنهاء حالة الانسداد السياسي الراهنة في الخرطوم عبر وساطة تلعب فيها الرياض دورا مهما، لأنها اختصرت طريق التفاوض.
وعقد ممثلو قوى الحرية والتغيير والمكون العسكري اجتماعا ثانيا في منزل السفير السعودي بالخرطوم علي بن حسن جعفر الأحد لمتابعة آخر التطورات منذ أول لقاء بينهما في العاشر من يونيو الحالي، من دون أن تُعلن الأطراف المشاركة فيه عن النتائج المترتبة عليه أو القرارات المتفق عليها بصورة محددة وواضحة.
وسلم وفد الحرية والتغيير رؤيته للمكون العسكري، والتي تتضمن حل مؤسسات السلطة التي نشأت بعد الانقلاب العسكري في أكتوبر الماضي، وتشكيل مؤسسات جديدة وفقا للاتفاق النهائي بين الأطراف السودانية، واقترح توقيع وثيقة باسم “إجراءات إنهاء الانقلاب” بين القوى المختلفة كإعلان مبادئ مُلزم للجميع.
وجاء الاجتماع الذي عقد في منزل السفير السعودي في وقت أعلن فيه المتحدث باسم الآلية الثلاثية، المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وهيئة الايغاد، محمد بلعيش، أن الآلية لم تحدد موعدا للاجتماعات التالية، وتنتظر تعزيز التواصل بين قوى الحرية والتغيير والمكون العسكري، وأن الهدف الأساسي الآن يتمثل في العمل من أجل إيجاد حكومة تسير أمور البلاد وإطلاق تفاهمات بين كافة الأطراف.
نورالدين صلاح الدين: الوساطة السعودية – الأميركية تحاول تذليل العقبات
وتعبر رؤية الآلية عن مواقف رسمية للسلطة الحاكمة في السودان التي تسعى للوصول إلى حلول تُنهي حالة الفراغ المستمرة منذ استقالة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، وتتجاهل مسألة إنهاء الانقلاب والتأسيس لوضعية تقبل بها القوى السياسية الفاعلة، ما يجعل التعويل على قدرتها في القيام بنقلة نوعية تتراجع حال حدوث تقدم حقيقي على مستوى الاجتماعات التي ترعاها السعودية والولايات المتحدة حاليا.
وقالت مصادر مطلعة بتحالف الحرية والتغيير لـ”العرب” إن واشنطن لديها قدرة على إحداث الضغط المطلوب على المكون العسكري لتقديم المزيد من التنازلات، وأن الاجتماع الأول الذي عقد بمنزل السفير السعودي شهد تحذيرا على لسان مساعدة وزيرة الخارجية مولي فيي، أشارت فيه إلى وقف تحويل مسار 700 مليون دولار مخصصة كمساعدات للسودان كانت على وشك أن تتحول إلى مشاريع أخرى.
وحسب المصدر ذاته، فإن الولايات المتحدة تحدثت عن إمكانية حضور المبعوث الأميركي الجديد للقرن الأفريقي مايك هامر إلى الخرطوم الفترة المقبلة لمتابعة تطورات المفاوضات بين الطرفين، بجانب التواصل المستمر من قبل السفارة الأميركية في الخرطوم للإطلاع على ما توصلت إليه القوى المدنية والمكون العسكري من تفاهمات يمكن أن تقود لإنهاء حالة الانسداد الحالية.
ولا تزال بعض الأوساط السودانية ترى أن السعودية قادرة على أن تلعب دورا مهما في جمع القوى المختلفة معا وحثها على توقيع اتفاق يمكن أن يتم تطبيقه على أرض الواقع.
وأضحت بعض القوى الفاعلة في الحوار السوداني على قناعة بأن أي مباحثات تتجاوز التحالف الحكومي السابق والقوى المؤثرة في الشارع لن تقود إلى نتائج إيجابية، وتحويل اتجاه الاجتماعات التي تشرف عليها الآلية الثلاثية أو تجميدها أمر طبيعي بدلا من الاستغراق في تفاصيل لن يقبل بها الشارع وقد تؤدي إلى المزيد من الغضب.
وأشار القيادي بحزب المؤتمر السوداني نورالدين صلاح الدين إلى أن الوساطة السعودية – الأميركية ترى هناك معوقات تعترض طريق الآلية الثلاثية وتحاول تذليلها ما يساعد في السير إلى الأمام، واختارت التواصل مباشرة مع أكثر الأطراف تأثيرا في معادلة التسوية السياسية، غير أنه غير واضح إذا ما كانت ستنجح في مهمتها من عدمه، وكان من المتوقع أن يُعلن عن ولادة تحالف عقب الاجتماع.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن الاجتماع الثاني بمنزل السفير السعودي شهد تقديم جملة مطالب توافقت عليها قوى الحرية والتغيير )المجلس المركزي( لإنهاء الأزمة، في مقدمتها تقديم خارطة طريق لإزالة الانقلاب وآثاره واستئناف مسار التحول الديمقراطي، لكن ليس معروفا رد المكون العسكري عليها ومدى قبوله بها من عدمه.
ويصر تحالف قوى الحرية والتغيير على الشروط ذات الطابع الإجرائي والموضوعي للانخراط في أي مسارات تفاوضية. وتواجه الوساطة السعودية – الأميركية صعوبات شبيهة بتلك التي اصطدمت بها الآلية الثلاثية لأن القوى المدنية لم تتوافق بعد على خارطة طريق لإنهاء الانقلاب العسكري، وقد يكون ما طرحه تحالف الحرية والتغيير لا يحظى برضاء الحزب الشيوعي وتنسيقيات لجان المقاومة وتجمع المهنيين.
كما أن المكون العسكري تتعدد الرؤى داخله بشأن الحل وطريقته ويبقى مقيدا بشراكته مع الحركات المسلحة التي ترفض الاقتراب من اتفاق جوبا للسلام.
الوساطة السعودية – الأميركية تواجه معضلة أن المكون العسكري يرفض الخروج عن الإطار الذي وضعته الجلسة التحضيرية التي رعتها الآلية الثلاثية
وقال المحلل السياسي الشفيع أديب إن الوساطة السعودية – الأميركية تواجه معضلة أن المكون العسكري يرفض الخروج عن الإطار الذي وضعته الجلسة التحضيرية التي رعتها الآلية الثلاثية، وأن الاجتماعات الأخيرة يصعب أن تؤدي إلى حل نظرا لتعقيدات التحالفات بين الأطراف المختلفة.
ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى أن قوى الحرية والتغيير تجد صعوبة في الالتفاف على المكتسبات التي حققها المكون العسكري عقب انقلابه على السلطة، مع أن لديها رؤية واضحة لإنهاء الانقلاب وتتمسك بالضغوط التي تمارسها قوى خارجية تخشى من انزلاق السودان إلى المزيد من الفوضى جراء السيولة الحالية في إدارة دولاب العمل الحكومي، وتعول على تقديم تنازلات تحقق أهدافها.
ومازالت قوى الحرية والتغيير عاجزة عن تشكيل ما أسمته بـ”الجبهة العريضة” في مواجهة الانقلاب العسكري، ورؤيتها التي عرضتها على لجان المقاومة لم يترتب عليها قبول علني أو موقف داعم لها من الأطراف الحاضرة في الشارع، واللجنة التي شكلتها لعرض الورقة على باقي القوى لم تُعلن عما توصلت إليه.
ويرى مراقبون أن قوة الضغوط أو الإغراءات التي تمارسها واشنطن والرياض يمكن أن تكون حاسمة، لكن في الوقت ذاته في حال حدوث ذلك فإن الأطراف الفاعلة في الأزمة ربما تدخل في صراعات بينية حول مكاسب الفترة المقبلة، ما يتطلب خلق تحالفات جديدة تتماشى مع ما يمكن أن تؤول إليه المحادثات.
وقد تجد القوى المدنية نفسها أمام صراع من نوع آخر مع الحركات المسلحة، لأن رؤيتها القائمة على تصويب مسار السلام واجهت هجوما من الجبهة الثورية الموقعة على اتفاق جوبا التي أشارت على لسان متحدثها الرسمي أسامة سعيد إلى أن “الرؤية التي دفع بها المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير غير ملزمة للأطراف الأخرى”.
تشكل الوساطة السعودية – الأميركية لحلحلة الأزمة السياسية في السودان منعطفا هاما لتذليل العقبات والعودة إلى المسار الديمقراطي، إلا أنها تواجه أيضا نفس العقبات التي اعترضت الوساطات السابقة والجارية.
الخرطوم – بدأت الوساطة السعودية – الأميركية تقبض بحذر على زمام المبادرة في السودان بعد تراجع دور الآلية الثلاثية التي علقت اجتماعاتها إلى حين إحداث تقارب بين قوى الحرية والتغيير )المجلس المركزي( والمكون العسكري، ما يشير إلى إمكانية حدوث اختراق لإنهاء حالة الانسداد السياسي الراهنة في الخرطوم عبر وساطة تلعب فيها الرياض دورا مهما، لأنها اختصرت طريق التفاوض.
وعقد ممثلو قوى الحرية والتغيير والمكون العسكري اجتماعا ثانيا في منزل السفير السعودي بالخرطوم علي بن حسن جعفر الأحد لمتابعة آخر التطورات منذ أول لقاء بينهما في العاشر من يونيو الحالي، من دون أن تُعلن الأطراف المشاركة فيه عن النتائج المترتبة عليه أو القرارات المتفق عليها بصورة محددة وواضحة.
وسلم وفد الحرية والتغيير رؤيته للمكون العسكري، والتي تتضمن حل مؤسسات السلطة التي نشأت بعد الانقلاب العسكري في أكتوبر الماضي، وتشكيل مؤسسات جديدة وفقا للاتفاق النهائي بين الأطراف السودانية، واقترح توقيع وثيقة باسم “إجراءات إنهاء الانقلاب” بين القوى المختلفة كإعلان مبادئ مُلزم للجميع.
وجاء الاجتماع الذي عقد في منزل السفير السعودي في وقت أعلن فيه المتحدث باسم الآلية الثلاثية، المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وهيئة الايغاد، محمد بلعيش، أن الآلية لم تحدد موعدا للاجتماعات التالية، وتنتظر تعزيز التواصل بين قوى الحرية والتغيير والمكون العسكري، وأن الهدف الأساسي الآن يتمثل في العمل من أجل إيجاد حكومة تسير أمور البلاد وإطلاق تفاهمات بين كافة الأطراف.
نورالدين صلاح الدين: الوساطة السعودية – الأميركية تحاول تذليل العقبات
وتعبر رؤية الآلية عن مواقف رسمية للسلطة الحاكمة في السودان التي تسعى للوصول إلى حلول تُنهي حالة الفراغ المستمرة منذ استقالة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، وتتجاهل مسألة إنهاء الانقلاب والتأسيس لوضعية تقبل بها القوى السياسية الفاعلة، ما يجعل التعويل على قدرتها في القيام بنقلة نوعية تتراجع حال حدوث تقدم حقيقي على مستوى الاجتماعات التي ترعاها السعودية والولايات المتحدة حاليا.
وقالت مصادر مطلعة بتحالف الحرية والتغيير لـ”العرب” إن واشنطن لديها قدرة على إحداث الضغط المطلوب على المكون العسكري لتقديم المزيد من التنازلات، وأن الاجتماع الأول الذي عقد بمنزل السفير السعودي شهد تحذيرا على لسان مساعدة وزيرة الخارجية مولي فيي، أشارت فيه إلى وقف تحويل مسار 700 مليون دولار مخصصة كمساعدات للسودان كانت على وشك أن تتحول إلى مشاريع أخرى.
وحسب المصدر ذاته، فإن الولايات المتحدة تحدثت عن إمكانية حضور المبعوث الأميركي الجديد للقرن الأفريقي مايك هامر إلى الخرطوم الفترة المقبلة لمتابعة تطورات المفاوضات بين الطرفين، بجانب التواصل المستمر من قبل السفارة الأميركية في الخرطوم للإطلاع على ما توصلت إليه القوى المدنية والمكون العسكري من تفاهمات يمكن أن تقود لإنهاء حالة الانسداد الحالية.
ولا تزال بعض الأوساط السودانية ترى أن السعودية قادرة على أن تلعب دورا مهما في جمع القوى المختلفة معا وحثها على توقيع اتفاق يمكن أن يتم تطبيقه على أرض الواقع.
وأضحت بعض القوى الفاعلة في الحوار السوداني على قناعة بأن أي مباحثات تتجاوز التحالف الحكومي السابق والقوى المؤثرة في الشارع لن تقود إلى نتائج إيجابية، وتحويل اتجاه الاجتماعات التي تشرف عليها الآلية الثلاثية أو تجميدها أمر طبيعي بدلا من الاستغراق في تفاصيل لن يقبل بها الشارع وقد تؤدي إلى المزيد من الغضب.
وأشار القيادي بحزب المؤتمر السوداني نورالدين صلاح الدين إلى أن الوساطة السعودية – الأميركية ترى هناك معوقات تعترض طريق الآلية الثلاثية وتحاول تذليلها ما يساعد في السير إلى الأمام، واختارت التواصل مباشرة مع أكثر الأطراف تأثيرا في معادلة التسوية السياسية، غير أنه غير واضح إذا ما كانت ستنجح في مهمتها من عدمه، وكان من المتوقع أن يُعلن عن ولادة تحالف عقب الاجتماع.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن الاجتماع الثاني بمنزل السفير السعودي شهد تقديم جملة مطالب توافقت عليها قوى الحرية والتغيير )المجلس المركزي( لإنهاء الأزمة، في مقدمتها تقديم خارطة طريق لإزالة الانقلاب وآثاره واستئناف مسار التحول الديمقراطي، لكن ليس معروفا رد المكون العسكري عليها ومدى قبوله بها من عدمه.
ويصر تحالف قوى الحرية والتغيير على الشروط ذات الطابع الإجرائي والموضوعي للانخراط في أي مسارات تفاوضية. وتواجه الوساطة السعودية – الأميركية صعوبات شبيهة بتلك التي اصطدمت بها الآلية الثلاثية لأن القوى المدنية لم تتوافق بعد على خارطة طريق لإنهاء الانقلاب العسكري، وقد يكون ما طرحه تحالف الحرية والتغيير لا يحظى برضاء الحزب الشيوعي وتنسيقيات لجان المقاومة وتجمع المهنيين.
كما أن المكون العسكري تتعدد الرؤى داخله بشأن الحل وطريقته ويبقى مقيدا بشراكته مع الحركات المسلحة التي ترفض الاقتراب من اتفاق جوبا للسلام.
الوساطة السعودية – الأميركية تواجه معضلة أن المكون العسكري يرفض الخروج عن الإطار الذي وضعته الجلسة التحضيرية التي رعتها الآلية الثلاثية
وقال المحلل السياسي الشفيع أديب إن الوساطة السعودية – الأميركية تواجه معضلة أن المكون العسكري يرفض الخروج عن الإطار الذي وضعته الجلسة التحضيرية التي رعتها الآلية الثلاثية، وأن الاجتماعات الأخيرة يصعب أن تؤدي إلى حل نظرا لتعقيدات التحالفات بين الأطراف المختلفة.
ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى أن قوى الحرية والتغيير تجد صعوبة في الالتفاف على المكتسبات التي حققها المكون العسكري عقب انقلابه على السلطة، مع أن لديها رؤية واضحة لإنهاء الانقلاب وتتمسك بالضغوط التي تمارسها قوى خارجية تخشى من انزلاق السودان إلى المزيد من الفوضى جراء السيولة الحالية في إدارة دولاب العمل الحكومي، وتعول على تقديم تنازلات تحقق أهدافها.
ومازالت قوى الحرية والتغيير عاجزة عن تشكيل ما أسمته بـ”الجبهة العريضة” في مواجهة الانقلاب العسكري، ورؤيتها التي عرضتها على لجان المقاومة لم يترتب عليها قبول علني أو موقف داعم لها من الأطراف الحاضرة في الشارع، واللجنة التي شكلتها لعرض الورقة على باقي القوى لم تُعلن عما توصلت إليه.
ويرى مراقبون أن قوة الضغوط أو الإغراءات التي تمارسها واشنطن والرياض يمكن أن تكون حاسمة، لكن في الوقت ذاته في حال حدوث ذلك فإن الأطراف الفاعلة في الأزمة ربما تدخل في صراعات بينية حول مكاسب الفترة المقبلة، ما يتطلب خلق تحالفات جديدة تتماشى مع ما يمكن أن تؤول إليه المحادثات.
وقد تجد القوى المدنية نفسها أمام صراع من نوع آخر مع الحركات المسلحة، لأن رؤيتها القائمة على تصويب مسار السلام واجهت هجوما من الجبهة الثورية الموقعة على اتفاق جوبا التي أشارت على لسان متحدثها الرسمي أسامة سعيد إلى أن “الرؤية التي دفع بها المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير غير ملزمة للأطراف الأخرى”.