الثلاثاء 17 أغسطس 2021 - 19:08

تقرير: هبة عبيد
اليوم تكمل الوثيقة الدستورية التي تم التوقيع عليها بين المكون المدني)قوى الحرية والتغيير(والمجلس العسكري عامها الثاني، ولكن مازالت مرتكزاتها الاساسية لم تبارح الورقة التي كتبت عليها، خاصة في ما يتعلق باكمال هياكل السلطة والسلام المستدام بالاتفاق مع الحركات المسلحة وتحقيق الأمن في مناطق النزاع، بجانب إنشاء المفوضيات والمحكمة الدستورية. ووفقاً لمراقبين سياسيين وقانونيين واقتصاديين، فإن فترة عامين كانت كافية لانفاذ ما تم الاتفاق عليه، ولكن في الواقع فإن ما حدث اشبه بالفشل خاصة في الملفات المهمة.
عدم التفات
ولعل من ابرز الملفات التي لم تشهد اية تغييرات ايجابية ملف الاقتصاد ومعاش الناس. وفي هذا الشأن يرى الخبير الاقتصادي د. التيجاني حسين انه في الذكرى الثانية لتوقيع الوثيقة الدستورية من المفترض ان يكون السودان قد حقق انتقالاً مهماً من الوضع الاقتصادي المتردي الذي كان في عهد النظام البائد إلى وضع أفضل من حيث الاوضاع المعيشية للشعب، ومن حيث الانتاج والانتاجية، ومن حيث انفتاح آفاق جديدة للصادرات، ومن حيث تقوية سعر العملة الوطنية على حد تعبيره.
ويؤكد حسين في حديثه لـ)الإنتباهة(أن السياسات التي نُفذت خلال العامين الماضيين لم تساعد على ذلك، لأن المطلوب في بلد مثل السودان به الكثير من الموارد الطبيعية وفرص التصدير وتطوير الانتاج الصناعي والزراعي، ان تكون السياسة الاقتصادية قائمة على حشد الموارد الداخلية والسياسة، وتعني السيطرة على صادر الذهب بواسطة الحكومة لأنه مورد مهم للعملات الصعبة، ويتعرض للتهريب منذ العهد السابق، وفي نفس الوقت فإن قيام بورصة الذهب والمحاصيل الزراعية من شأنها أن تضمن توريد حصائل الصادر في القنوات الرسمية.
ويرى في ذات المنحى أن أحد أهم المطلوبات أيضاً وقف وتجريم التجنيب وضم الاموال المجنبة لخزانة وزارة المالية، وكذلك ضم الشركات العسكرية والامنية والرمادية لولاية المال العام، والاستفادة من الاموال المستردة بواسطة لجنة ازالة التمكين، وتغيير العملة لضرب مواقع الاكتناز، لأن ٩٥٪ من الكتلة النقدية موجودة خارج القطاع المصرفي.
وتابع التيجاني قائلاًSmileمن المهم أيضاً دعم المواسم الزراعية والانتاج الصناعي والتعدين، ولكن الذي حدث خلال العامين الماضيين عدم الالتفات الى ما بين ايدينا من موارد وانتظار المعونات من الخارج، وهي اعانات لا تفيد في شيء ما لم تُحشد الموارد الداخلية، ونتيجة تلك السياسات التي تم اتباعها كان هذا الارتفاع المستمر في اسعار السلع والاوضاع المعيشية المتدهورة، بجانب مشكلات الخبز والغاز وارتفاع اسعار الوقود لكي تصحح المسار الاقتصادي(.
واكمل قائلاًSmileعلينا الرجوع إلى سياسة حشد الموارد بحيث يكون العون الخارجي عاملاً مساعداً وليس الاساس(.
تباطؤ الخطى
وبشأن المطلوبات التي حددتها الوثيقة من تحقيق السلام وإنشاء المفوضيات وقيام المجلس التشريعي، يري المحلل السياسي د. راشد التيجاني ان هذه المطلوبات لم تنفذ حتى الآن وعلى رأسها المجلس التشريعي.
وقال التيجاني لـ)الإنتباهة(ان عملية اكمال السلام تحقق منها جزء يسير، وكان يجب اكمالها بنسية مئة بالمئة لانها من الاولويات، مؤكداً أن الجميع طالب بالاسراع لانفاذ ما ورد في الوثيقة لاكمال الفترة الانتقالية، واردف قائلاًSmileلكن الخطى كانت متباطئة مقارنة مع فترة العامين التي تعتبر كافية لاكمال العمل، والجميع مسوؤل لأنها مسؤولية متكاملة وليست مسؤولية طرف واحد(.
تسويات سياسية
وفي منحى من مناحي إخفاقات الوثيقة، يؤكد الخبير القانوني بارود صندل ان لجنة التحري التي كونت للتحقيق في عملية فض اعتصام القيادة العامة منذ تشكليها الذي قارب العامين لم تحقق اي شيء بالرغم من ان الجريمة واضحة المعالم ولا تحتاج لاي التفات، بحسب ما قال.
واعتبر صندل لـ)الإنتباهة(ان التباطؤ في العدالة دليل على ان النظام يفتقر إلى الشفافية مما يعيق القانون. وعد في ذات السياق ان الاوضاع تسير كلها نحو التسويات ومعالجات سياسية، مؤكداً ان العدالة تعتبر اضعف حلقات الثورة، لأن قتل مئات الثوار دون ادانة لجهة او اشخاص ودون قيام محاكمات حقيقية يعني ضياعاً لشعاراتها، ويذهب صندل إلى ان جزءاً محدوداً من مطلوبات الوثيقة قد تحقق وهو وقف الحرب، ولكن المشكلة من وجهة نظره تكمن في عدم العدالة في فتح الملفات الكبيرة الخاصة بجنوب كردفان والنيل الأزرق وشرق السودان وأقصى الشمال، مما يعني ان الدولة عجزت عن تحقيق العدالة في جزئيات حقوق الإنسان.
وجزم في نفس الوقت بأن الحكومة لم تنفذ شيئاً، باعتبار ان العدالة اهم المطلوبات وعدم تحقيقها يعني شيئاً آخر ليست لديه قيمة.
واعتبر لجنة تفكيك النظام السابق من اللجان القليلة التي تعمل الا ان عملها غير قانوني، منوهاً بوجود خمسة أشخاص اعتبرهم)ناشطين(اضعفوا عملها وجعلوها تعمل بنهج سياسي.
واكمل قائلاًSmileإذا عملت اللجنة وفقاً للقانون فإنها ستحقق نتائج افضل، لكن عدم معرفة أين ذهبت الاموال المستردة