الثلاثاء 17 أغسطس 2021 - 19:09

تقرير: عبد الرحمن صالح
حالة من عدم الرضاء ترمي بظلالها على غالب الشعب السوداني، عقب مضي عامين على توقيع الوثيقة الدستورية بين الساسة والعسكر في ١٧ من اغسطس من عام ٢٠١٩، والتي مهدت الطريق لتشكيل هياكل الحكم الانتقالي في شراكة ولدت عقب مخاض عسير. وعلى الرغم من هذه الشراكة الا انه وبحسب الكثيرين أن الوثيقة فشلت في تحقيق أهداف الثورة، كما فشلت في إنزال نصوصها الى أرض الواقع، مما قاد الى وجود خلل كبير في هياكل الحكم، واضحت ــ اي الوثيقة ــ مثل)عجوة(سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل إسلامه، حينما صنع)صنماً(من العجوة، وكان كلما جاع يأكل منه. ومن هذا المنطلق نجد أن التعامل مع الوثيقة من قبل قادة الثورة، بات على أساس انه قانون قابل للتعديل وليس دستوراً له قدسيته واحترامه دون أدنى انتهاك، وهذا هو ما يجسده واقع الأمر، حيث وضعت الوثيقة بعض البنود في إطار زمني معين، الا انه جرى الكثير من التعديلات في وقت لم تزل بعض الهياكل تبارح مكانها على رأسها تشكيل المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية. وفي ذكرى مرور عامين على التوقيع تقف)الإنتباهة(مع بعض القوى السياسية حول الوثيقة في ما تم وما لم يتم.
حصاد هزيل
) كثير من الصلاحيات التي نصت عليها الوثيقة للحكومة المدنية هيمن عليها المكون العسكري، منها عملية السلام والسياسة الخارجية(. هكذا يرى عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي كمال كرار، مؤكداً على أن الوثيقة الدستورية تم الالتفاف عليها، وانحرفت عن أهداف الثورة وميثاق قوى إعلان الحرية والتغيير.
ويذهب كرار في حديثه لـ)الإنتباهة(إلى أن الالتفاف الذي تم على الوثيقة الدستورية يدفعون نتائجه الآن كقوى سياسية، واصفاً إياها بـ)المعيبة(التي لم تكن في قامة الثورة، بعد أن تم افراغها من محتواها.
وأكد على ان المواد الاساسية التي نصت عليها الوثيقة الدستورية تم اهمالها، في وقت كان يتوجب فيه أن تكون احد أهم اولويات الحكومة الانتقالية، منها تشكيل المجلس التشريعي وتكوين لجنة مستقلة للتحقيق في مجزرة فض الاعتصام، منوهاً بأن)لجنة أديب(تم منحها ستة أشهر لاعلان نتائج تقاريرها، غير أن ذلك لم يحدث حتى الآن، وعد الأمر)مقصوداً(بحد تعبيره لاضاعة الأثر.
ورسم كرار سيناريو قاتماً لما يحدث، مشيراً الى ان هناك المزيد من الأجندات القادمة على طاولة المشهد مثل المصالحة مع الاسلاميين وغيرها. وتابع قائلاًSmileما حدث خلال العامين الماضيين من عمر الوثيقة الدستورية يمكن اختصاره في الآتي:إن الحكومة انحرفت عن أهداف الثورة، ومضت في تنفيذ أجندة أخرى لا تخدم الثورة(.
واكمل قائلاًSmileبصورة عامة حصاد الحكومة خلال العامين هزيل جداً، والوثيقة الدستورية أصبحت في كف عفريت لا أحد يتذكرها، غير أنها قامت بوضع قنابل موقوتة في تحقيق أهداف الثورة، مثل السلام وتعيين الولاة، وفتحت المجال للالتفاف عليها بعيوبها، لكن نحن داخل الحزب الشيوعي متمسكون بإجراء تعديل في الوضع السياسي في البلاد، والبديل سوف يكون ثورياً بإسقاط الحكومة، أو بديلاً تتفق عليه كل القوى الثورية(.
خلل في التطبيق
ومن جانبه يرى رئيس القطاع القانوني بالمؤتمر السوداني كمال محمد الأمين، أن عدم تطبيق الوثيقة الدستورية أدى الى خلل كبير في هياكل الحكم.
ونبه كمال في حديثه لـ)الإنتباهة(إلى وجود مشكلات وتقاطعات كبيرة خلقتها المادة)٨(التي أعطت الوثيقة التعديل بشكل مستمر، مشيراً إلى ان الحكومة تتعامل مع الوثيقة الدستورية على اساس انها قانون قابل للتعديل، وليس دستوراً حقيقياً.
وذهب إلى ان تعطيل عدد كبير من المؤسسات وهياكل الحكم التي نصت الوثيقة على قيامها، كان بسبب عدم تطبيق الوثيقة خلال العامين الماضيين، وهو ما أدى الى خلل في مجلس الوزراء والحرية والتغيير وجميع الملفات التي نصت على قيامها، سواء كان المجلس التشريعي أو مجلس القضاء العالي وغيره.
العودة إلى الوراء
وبدوره يؤكد القيادي بالمؤتمر الشعبي كمال عمر أن الخلل الاساسي في هياكل الحكم سببه الوثيقة الدستورية.
وقال كمال في حديثه لـ)الإنتباهة(إن الوثيقة الدستورية خلال العامين الماضيين أرجعت البلاد الى الوراء، بسبب عدم تطبيقها نصوصها، منوها بأن أهم هياكل الحكم المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية.
وفي ذات السياق يرى كمال أن عدم تطبيق نصوص الوثيقة وتشكيل التشريعي جعل هياكل الحكم القائمة الآن دون قيمة دستورية وبلا رقيب، مبيناً أن الوثيقة قسمت الوجدان السياسي الى فستاطين)علماني وإسلامي(، كما أنها عملت على إحداث اصطفاف آيديولوجي، وساعدت على الغلاء الفاحش، لجهة أن البرنامج الاقتصادي الذي وضعته ضعيف ولم يطبق.
وشدد في ذات المنحى على ضرورة عمل وثيقة دستورية انتقالية يتوافق عليها جميع الأشخاص، باعتبار أن الدستور يحقق المصالحات الوطنية عن طريق القيم والمبادئ التي يطرحها، مؤكداً أن الخروج مما وصفها بحالة الغبن السياسي يكمن في وضع دستور انتقالي بمشاركة جميع أطياف اللون السياسي.
خروقات
القيادي في حزب الأمة القومي يوسف الصادق الشمبلي يؤكد أن الوثيقة الدستورية قد تعرضت للكثير من الخروقات والتجاوزات والتعديلات في بنودها، أهمها عدم الالتزام بإكمال هياكل السلطة الانتقالية كالمجلس التشريعي الذي نصت على قيامه في ثلاثة اشهر.
ويرى الشمبلي خلال حديثه لـ)الإنتباهة(انه وعقب مضى عامين كاملين على توقيع الوثيقة يوجد الكثير من الخلل في إكمال هياكل الحكم، موضحاً أن الوثيقة تم خرقها في ما يتعلق بالإصلاح بعدم تكوين المؤسسات القضائية التي نصت عليها. وقال إن كل المواقيت المحددة لتنفيذ الكثير من بنود الوثيقة لم يتم الايفاء بها، مما جعل محصلة تطبيقها ضعيفةً.