الثلاثاء 17 أغسطس 2021 - 19:09

تقرير: أميرة الجعلي
قبل عامين وفي مثل هذا اليوم كان مشهد الجميع في قاعة الصداقة مليئاً بالتفاؤل والفرح الغامر، عشية التوقيع على الوثيقة الدستورية بين الفريق أول حميدتي ممثلاً للمجلس العسكري وأحمد ربيع ممثلاً لقوى الحرية والتغيير.
وأبرز الحضور من دول الجوار كان رئيس الوزراء الاثيوبي آبي أحمد الذي قاد الوساطة مع الاتحاد الإفريقي، وكذلك مصطفى مدبولى رئيس الوزراء المصري. وانتظمت في الشوارع احتفالات شعبية بتدشين الشراكة وبدء الفترة الانتقالية.
ومرت مياه كثيرة تحت الجسر خلال العامين الماضيين، حيث خبت روح التفاؤل وانقسم المحللون والسياسيون والصحافيون حول الخروقات في جسم الوثيقة، وعدها البعض بمثابة التجاوزات التي هزمت روح الثورة، ودافع عنها البعض بأنها الركيزة الدستورية الوحيدة للفترة الانتقالية رغم ما أصابها من خروقات وتجاوزات. وهل تقودنا الوثيقة خلال ما تبقى من عمر الفترة الانتقالية الى التحول الديمقراطي؟
خروقات منذ اليوم الأول
واكتشف المراقبون صبيحة يوم التوقيع على الوثيقة تعديلات جديدة وحذف في الوثيقة، خاصة في ما يتعلق بتعيين رئيس القضاء بواسطة مجلس القضاء العالي. ونفى المسؤولون حدوث تعديل في الوثيقة، لكن وزير العدل اعترف بوجود نسختين من الوثيقة بالوزارة.
وصرح الوسيط الإفريقي حينها محمد الحسن لباد بأن دور الوساطة انتهى بالتوقيع وما تبقى مسؤولية القوى السياسية والحاكمة.
خروقات أخرى
ويمثل تأجيل تكوين المجلس التشريعي أكبر خروقات الوثيقة الدستورية وكذلك تكوين مؤسسات ومفوضيات الفترة الانتقالية، خاصة الجهاز العدلي والقضائية وتعيين رئيس القضاء والنائب العام وآليات العدالة الانتقالية.
ويقول مراقبون استطلعتهم الصحيفة إن الحاضنة السياسية حريصة فقط على تطبيق الجزء الخاص بتفكيك نظام المؤتمر الوطني عبر لجنة التفكيك التي كان يترأسها الفريق ياسر العطا قبل استقالته منها.
وأن الجزء الذي تم تنفيذه هو محاصصات السلطة عبر اقتسام الأحزاب الوزارات والهيئات وحكام الولايات، وكذلك تفكيك نظام الثلاثين من يونيو.
اما بقية البنود الواردة في الوثيقة من حيث مواقيت تنفيذ بناء المؤسسات ومفوضية الدستور والإعداد للانتخابات من أجل التحول الديمقراطي فلا أحد يهتم بها.
محطات مضت
ويقول القيادي بالمجلس المركزي للحرية والتغيير حيدر الصافي إن الوثيقة الدستورية بعد أن جاء اتفاق سلام جوبا ومُضي عامين على بداية العمل بها قد عبرت محطات كثيرة فيها بكمالها وعيوبها. وأضاف قائلاًSmileإن الخروقات التي يكتبها بعض القانونيين يجب أن تُستصحب في إعداد كتابة شيء جديد يجعل ليس هنالك اتفاق يعمل بشكل منعزل، وليست هناك وثيقة تعمل بشكل منعزل(. وزاد قائلاًSmileيجب أن تكون هناك مرجعية متفق عليها ومحددة تحكم كافة القضايا التي تجري في الراهن السياسي والتي تربط العلاقات الخارجية والداخلية(.
وفي ما يخص تعطل قيام المجلس التشريعي كابرز خروقات الوثيقة الدستورية، أوضح الصافي أن الوثيقة حددت ثلاثة أشهر لقيام التشريعي، ولكن لم يكن في حسبان القوى السياسية التي كانت متماسكة آنذاك أن تتجاوز الفترة، لذلك لم تضع في حسبانها ــ إذا تم لأي سبب من الأسباب ـــ ما يحدث الآن ــ إذا تم تجاوز هذه الفترة ما هي صانعة، لذلك لم تضع حدوداً في التشريع.
غير مبطلة
ومن جهته اعتبر الكاتب والمحلل السياسي دكتور بابكر إسماعيل الخروقات تعدياً على الدستور، وقال ان أفظعها تعطيل المحكمة الدستورية والمجلس التشريعي الانتقالي، لأنه يترتب عليهما ضياع العدالة وتمركز السلطات في يد السلطة التنفيذية وغياب الرقابة، بجانب تجاوزات لجنة التمكين المتعلقة بهضم حقوق المواطنين في السماع والمحاكمة العادلة، والتشهير بهم وتشويه السمعة ومصادرة الأملاك من غير سند قضائي.
ورأى محدثي بابكر أن تلك الخروقات لن تؤثر في الفترة الانتقالية، غير انها ستعمل على تطويلها ومطّها كلما وقعوا على اتفاقية سلام، لافتاً إلى أن الوثيقة محمية بسلاح الجيش والمليشيات المسلحة. وأكد ان الخروقات لا تبطل الوثيقة، ولكن تضعفها وتعرض القائمين على مؤسسات الحكم للمحاسبة الدستورية والقضائية بسبب الخروقات التي قاموا بها. ووصف الوثيقة بأنها)ورقة التوت(التي تستر عورة الحكومة الانتقالية، قائلاً ان هذا هو دورها الأساسي.
ومن جهته قال إبراهيم الأمين القيادي في حزب المؤتمر الوطني إن خروقات الوثيقة الدستورية كثيرة وتحتاج إلى تفصيل أكبر، هذا وقد سبق لإبراهيم الأمين مهاجمة الوثيقة من مختلف المنابر، وقال إن القوى السياسية تستخدمها لمد أجل الفترة الانتقالية.