الثلاثاء 26 يوليو 2022 - 19:01

بعد تغريدة مقلقة لمن يوصف بـ»وزير الصدر«؛ صالح محمد العراقي، يسعى محمد شياع السوداني، المرشح لرئاسة الحكومة العراقية، إلى اجتياز اختبار النيات لمختلف القوى السياسية بوصفها الممر الآمن الوحيد لنيله وكابينته الثقة داخل البرلمان.
السوداني الذي رشحه »الإطار التنسيقي« الشيعي بالإجماع من بين 30 مرشحاً، لا يزال صامتاً في انتظار حسم المواقف النهائية؛ بما في ذلك موقف زعيم »التيار الصدري« مقتدى الصدر. اجتياز 30 حاجزاً؛ بمن فيهم قادة الخط الأول الأربعة )نوري المالكي وهادي العامري وحيدر العبادي وفالح الفياض(، لم يكن أمراً سهلاً بالنسبة إلى شخصية من الخط الثاني من القادة الشيعة. ليس هذا فقط؛ بل إن السوداني من أهل الداخل طبقاً للتوصيف السائد بين من جاء من الخارج وبين من كان بالداخل أصلاً. تسلم السوداني 5 وزارات بعد عام 2003 وحتى اليوم، ويكاد يكون من بين قلة من كبار المسؤولين ممن لم تؤخذ عليهم ملفات فساد.
مواقف القوى السياسية تبدو مؤيدة لتولي السوداني رئاسة الحكومة العراقية المقبلة، مع تباين في موقفي الحزبين الكرديين )»الديمقراطي الكردستاني« و»الاتحاد الوطني«(؛ سواء بشأن انتخاب رئيس الجمهورية، حيث يتوقع عقد جلسة البرلمان المخصصة لهذا الغرض الخميس، وبخصوص تأييد السوداني. ومع أن الموقف النهائي لزعيم »التيار الصدري« لم يتبلور بعد؛ فإن الأنظار لا تزال تتجه إلى الحنانة؛ خصوصاً بعد صدور موقف أولي يبدو رافضاً للسوداني؛ لأنه طبقاً لتغريدة المقرب من الصدر؛ »ظِلّ للمالكي«.
وطبقاً للمعلومات المسربة من خلف كواليس قوى »الإطار التنسيقي«؛ فإن المالكي الذي أنهكته التسجيلات المسربة قد يحاول استعادة جزء من بريقه من بوابة ترشيح السوداني لرئاسة الحكومة؛ لأنه كان ينتمي إلى حزبه )الدعوة ـ تنظيم العراق( فضلاً عن عضويته في كتلته »ائتلاف دولة القانون« قبل خروجه وتأسيسه »تيار الفراتين« )3 نواب في البرلمان العراقي(.
لكن قوى »الإطار التنسيقي«؛ التي أجمعت على اختيار السوداني، تعرف أنه لم تعد له أي صلة تنظيمية أو سياسية مع »الدعوة« و»دولة القانون«، وبالتالي صار الإجماع عليه أكثر سهولة من بين عدد من المرشحين البارزين الآخرين؛ منهم مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي الذي انسحب قبل ساعات من ترشيح السوداني. بالإضافة إلى ذلك؛ فإن السوداني، واستناداً إلى مؤشرات من داخل قوى »الإطار التنسيقي«؛ يمتلك علاقات جيدة مع القوى الأخرى، خصوصاً السنية والكردية، فضلاً عن عدم وجود مؤشرات ضده بشأن مدى قبول القوى الإقليمية أو الدولية به.
الوقت لا يزال مبكراً فيما إذا كان ترشيح السوداني سوف يمضي بسلاسة، لا سيما أن أياً من القوى الإقليمية والدولية لم تقل كلمتها بعد. كما أن الصدر نفسه لم يقل كلمته بعد؛ حيث لا يزال التخوف قائماً مما إذا كان الصدر يرى في السوداني ظلاً للمالكي أو رجلاً مقبولاً، مع أن الصدر يرفض من حيث المبدأ أي حكومة يشكلها »الإطار«؛ لأنها تتناقض مع مشروعه السياسي القائم على تشكيل حكومة أغلبية وطنية.
من جهته؛ دعا رئيس »تيار الحكمة الوطني« عمار الحكيم، الثلاثاء، المرشح لرئاسة الحكومة السوداني إلى النزول للميدان وتنويع مصادر الدخل بالحكومة الجديدة. ونقل بيان من مكتب الحكيم عنه تأكيده، لدى استقباله السوداني؛ »على أهمية تشكيل حكومة خدمة وطنية قادرة على تحقيق تطلعات الشعب العراقي وتلبية مطالبه العاجلة، مع ضرورة الأخذ بالأولويات ضمن برنامج مركز ومقتضب مع تمكين شخصيات كفوءة ونزيهة بعيداً عن المحاصصة«. كما دعا الحكيمُ السودانيَ إلى »النزول الميداني والاقتراب من الناس والاهتمام بالمحافظات، وتنويع مصادر الدخل، وإدامة الزخم الأمني، والحفاظ على المكتسبات«، وشدد أيضاً: »على التوازن في العلاقات الداخلية والخارجية«.
كردياً؛ لم يتبين موقف الحزبين الكرديين الرئيسيين بشأن الاتفاق على مرشح واحد لرئاسة الجمهورية، فيما يزمع البرلمان عقد جلسة الخميس لانتخاب الرئيس ليكلف رسمياً المرشح لرئاسة الوزراء في الجلسة نفسها. ورغم تباين المواقف بشأن إمكانية عقد الجلسة من عدمها، وفي حال عقدت هل يمكن اكتمال النصاب، فإن قوى »الإطار التنسيقي« بدأت تضغط على الحزبين الكرديين من أجل حسم أمرهما. »الحزب الديمقراطي الكردستاني« بزعامة مسعود بارزاني لا يزال متمسكاً بمرشحه ريبر أحمد، في وقت يتمسك فيه »الاتحاد الوطني« بمرشحه الرئيس الحالي برهم صالح. لكنه في الوقت الذي يقبل فيه »الاتحاد الوطني« بالدخول إلى قبة البرلمان بمرشحين اثنين؛ فإن »الحزب الديمقراطي الكردستاني« يرفض هذه الصيغة؛ لأنها شبيهة بسيناريو 2018 حيث تنافس صالح والقيادي في »الديمقراطي« آنذاك فؤاد حسين وزير الخارجية الحالي؛ حيث كان الفوز من نصيب صالح. آخر مقترح تقدم به »الديمقراطي الكردستاني« هو اللجوء إلى برلمان إقليم كردستان لحسم مرشح منصب الرئاسة في بغداد، غير أن »الاتحاد الوطني« أعلن رفضه هذا المقترح. قوى »الإطار التنسيقي« تفضل اتفاق الكرد على مرشح واحد؛ لكنها أعلنت أنها مع خيار »الاتحاد الوطني الكردستاني«؛ لأن الأخير هو من وقف معها أيام الثلث المعطل الذي حال دون تمكين الصدر من تشكيل حكومته.
القيادي في »الاتحاد الوطني الكردستاني«؛ محمود خوشناو، أكد في تصريح لـ»الشرق الأوسط« أن »)الاتحاد الوطني الكردستاني( يلتزم بأهمية الحفاظ على التوازن الذي أقره الدستور، وبالتالي؛ فإن قضية رئاسة الجمهورية هي ليست الذهاب إلى منافسة مع )الحزب الديمقراطي الكردستاني( رغم ما يقال هنا وهناك من أن هناك منافسة مع )الحزب الديمقراطي الكردستاني(، بينما نحن نعتقد أن هناك مزاحمة وليست منافسة؛ لأن هذا المنصب، وطبقاً لما هو متفق عليه وفي إطار التوازنات، هو منصب من حصة )الاتحاد الوطني(«، مبيناً أن »)الاتحاد الوطني( يعول على الفضاء الوطني؛ حيث نرى أن هذا المنصب يحتاج إلى رئيس يتمكن من أداء دوره وفق الدستور في مؤازرة البرلمان والحكومة عبر تقديم مشاريع قوانين وسواها من القضايا اللازمة لإدارة الدولة«.