الإثنين 1 أغسطس 2022 - 5:04
الخرطوم: هنادي النور – عبدالرحمن صالح
العلاقات السودانية الروسية هي علاقات قديمة بدأت منذ الاستقلال في 1956 و مرت بتقلبات مختلفة بحسب الحكومات في السودان الا ان الصفة الثابتة للعلاقة انها مستقرة وجيدة وخاصة في عهد حكومة الانقاذ التي كان يقودها المشير عمر البشير الذي تم عزله بواسطة ثورة شعبية في أبريل 2019.
والغالب في تاريخ العلاقات السودانية الروسية ان الدولة السودانية كانت هي المستفيدة الأكبر، وذلك لان غالبية التسليح في السودان من أسلحة روسية وحتى منظومة الصناعات الدفاعية التي تقوم بصناعات متطورة في مجال التسليح الدفاعي وحتى الهجومي جزء منه يأتي بالتعاون مع روسيا، وحسب تصريحات سابقة للسفير الروسي السابق بالسودان الذي قال انه شاهد مستوى الصناعات التي تقوم بها منظومة الصناعات الدفاعية ووصفها باندهاش انها الأكبر على مستوى أفريقيا وهذا على مستوى التعاون العسكري بين السودان وروسيا.
ومن ناحية السياسة الخارجية استفاد السودان من علاقاته مع روسيا في مجلس الأمن الدولي ودائما موسكو تقف لجانب السودان في مجلس الأمن الدولي وضد القرارات التي تدين السودان وقد استفادت منها الحكومة السابقة وحتى المكون العسكري الحالي استفاد من حق فيتو الروسي في مشروع القرار الذي يدين انقلاب الذي قام به العسكريون في 25 أكتوبر 2021 رغم رفض اغلب السودانيين هذه الإجراءات التي قام بها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان.
شركات الذهب الروسية
أما على المستوى الاقتصادي فمعلوم ان هناك لجنة وزارية رفيعة المستوى بين موسكو والخرطوم لها اجتماعات سنوية لأكثر من عشرة أعوام يجري خلالها تبادل الاتفاقيات في مجالات الاستثمارات والتجارية والاقتصادية ومن بينها التعاون في قطاع التعدين حيث يوجد في السودان شركتان روسيتان تعملان في قطاع استخراج الذهب وهي “مير قولد وكوش ” ولهما اتفاقيات موقعة مع وزارة المعادن السودانية ممثلة عن حكَومة السودان وهذا يعني ان الشركات الروسية لها عمل واضح رسمي وليس في الخفاء كما تتحدث بعض التقارير الدولية، ولكن يمكن القول ان القوانين التي تعمل بها وزارة المعادن السودانية تحتاج لمراجعة خاصة عقب عزل الحكومة السابقة التي كانت تنسق القوانين حسب ما يخدم مصالح شخصيات محددة .
وفجر تقرير لقناة )سي ان ان ( أعدته السودانية نعمة الباقر حول نهب روسيا للذهب السوداني ضجة واسعة في اوساط السودانيين والذين يعانون من الفقر وانخفاض مستوى دخل الفرد فيه لاقل من 700 دولار ،بينما تحدث التقرير عن ذهب خارج السيطرة الحكومية وخارج التقارير الرسمية يهرب بفاقد لخزينة السودان يقدر بـ”13″ مليار دولار سنويا بحسب حجم الانتاج والذي زعم التقرير انه يبلغ الـ230 طنا من الذهب سنويا .
نظريات وسيناريوهات
وفجر التقرير تساؤلات عديدة وسط السودانيين ففيما ذهب انصار الحكومة الى ان التقرير الذي نشر في قناة “سي ان ان” يعتبر هدفه سياسيا بامتياز اكثر من هو تقرير استقصائي يستفيد منه المسؤولون في السودان خاصة أن الأزمة الأوكرانية ألقت بظلاها على أغلب دول العالم ليس السودان ببعيد عن هذه التأثيرات لذلك يقول داعمو هذه النظرية ان أمريكا تخشى من تطور العلاقات بين الخرطوم وموسكو مما يعطي فرصة للروس للتغلغل اكثر في السودان ،وربما تمتد العلاقة لاحياء اتفاق ابرمه الرئيس السابق البشير بموافقته على اقامة قاعدة عسكرية روسية في البحر الأحمر ،ويزعم داعمو هذه النظرية ان الحرب تطورت في مفاهيمها واصبحت الحروب ليست فقط بالرصاص والصواريخ بل تدخل فيها الحرب الإعلامية والتشويه فواشنطن تريد تشويه صورة الروس امام السودانيين حتى يرفضون جملة وتفصيلا منح روسيا قاعدة في بورتسودان.
بينما يدعم جزء آخر نظرية ان التقرير صحيح وان الذهب السوداني ينهب عبر التهريب الى روسيا او الى اي دول اخرى ودللوا على ذلك بتقارير لوزارة المعادن وذراعها الشركة السودانية للموارد المعدنية والتي تؤكد ان أكثر من 70% من انتاج الذهب في السودان بايدي المعدنين التقليديين والذين لا يتم حصر ما ينتجونه ويلجأون في الغالب للتهريب للحصول على اسعار مجزية لتعبهم في استخراجه من باطن الأرض.
رد أردول
لم يلبث مداد حبر الحديث عن نشاطات شركة “فاغنر” الروسية في السودان ، واتهامها باتباع طرق غير قانونية لسرقة ذهب السودان أن يجف ، حتى خرجت شبكة “السي ان ان” الأمريكية بتحقيق استقصائي عن مخطط روسي مفصل لنهب ثروات السودان في محاولة لتحصين روسيا ضد العقوبات الغربية المتزايدة القوة ودعم جهود موسكو الحربية في أوكرانيا.
و أجرت كبيرة مراسلي التحقيقات الدولية في شبكة “سي إن إن” نعمة الباقر مقابلات متعددة مع مسؤولين سودانيين وأمريكيين رفيعي المستوى ومجموعة من الوثائق التي راجعتها
كشفت عن المخطط الروسي مفصل لنهب الذهب السوداني ، الامر الذي فنده المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية مبارك أردول
وقال أردول في تدوينة على فيسبوك: “تقرير نعمة الباقر على السي ان ان فقير وضعيف وغير دقيق في بعضه وارقامه مضخمة بل خيالية، وواضح انه في اطار محاولات لإقحام السودان لمًا يدور بين روسيا والغرب، وهذه لن تجدي وفي التقرير لم ينجحوا في حبكها جيدا”، ليبقى السؤال هل نهب روسيا للذهب حقيقة أم صراع دولي حول السودان؟.
حقائق
بالمقابل يكشف مدير الشركة السودانية للموارد المعدنية الاسبق مجاهد بلال طه عن معلومات و حقائق عن الذهب قائلا تضيع الكثير من الحقائق و الحقوق وقال في حديثه لـ) الإنتباهة ( امس يستحيل احيانا اجراء البحوث و الدراسات لعدم توفر المعلومة او تشتتها او عدم دقتها وقال الحقائق عن ذهب السودان ظني انها يجب أن تكون من المعلوم عنه بالضرورة.
موضحا أنه يوجد في السودان حوالي عشر شركات امتياز منتجة للذهب مرخصة من الدولة تتصدر القائمة الشركات الأجنبية، و توجد اكثر من ستين شركة تعمل في انتاج الذهب من مخلفات التعدين”كرتة” برخص من الدولة واضاف قريب من ذلك العدد يحاول ان يصل للإنتاج ، وجزم مجاهد بالقول ” انتاج الذهب ليس تعبئة عدس او صناعة زيوت مغشوشة او ذبيح ) كيري(” ، مستنكرا تقرير “سي ان ان” قائلا ” امر اكتشاف وجود شركة تنتج الذهب بطريقة غير قانونية لا يحتاج لمجهود و معلومة لا تحتاج لبحث مضن و الأهم في خلاصة النقطة الاولى هذه ان الذهب المنتج يعتبر ملكا لهذه الشركات بعد استيفاء حقوق الدولة ) و حقوق السودان في الاتفاقيات من الأفضل في العالم ( و بعد دفع حقوق الدولة ان اردت ان تأخذ ذهبا من تلك الشركات تدفع مقابله داخل او خارج السودان او )تشتري منها بقروشك(.
هدر الذهب
وعرج مجاهد بالحديث حول انتاج شركات المخلفات، قائلا” ان الانتاج في احسن أحواله لم يتجاوز الاطنان العشرة تقريبا و مع شركات الامتياز يتأرجح المجموع في حدود الـ 16 طنا تقريبا في المتوسط و المخلفات في حقيقتها هي مخلفات المعدنين التقليديين و الذين كثرت اعدادهم في بواكير العام 2008 تقريبا حينها كانت طرقهم التقليدية تستخلص اقل من 30% من الذهب الموجود في الحجر و بالتالي يتبقى للشركات اكثر من 70% منه ولكن تطورت تجربة و معرفة المعدنين التقليديين بطرق الاستخلاص إلى أن أصبحت المخلفات تحتوي على أقل من 40% في احسن الأحوال.
واستدرك بالقول هناك هدر” نعم ” لكن شركات المخلفات حاليا تشتكي لطوب الارض و موضوع التعدين التقليدي و مخلفاته شأن يطول لكن المهم في المعلومة هو ان الكرتة تعتبر ملكا لآلاف مجمعات المعالجة المنتشرة في كل الولايات بمعرفة الدولة في غالبها و من أراد المخلفات او الكرتة بمصطلحها الشعبي )tailing( من الشركات ) يشتريها بقروشو( و يسدد للسلطات المحلية مكوسها.
“الكرتة”
وقال توجد ممارسة تعدين الذهب التقليدي في كل ولايات السودان تقريبا و ذلك امر مدهش على مستوى الخرائط الجيلوجية للدول في العالم و التي يتم عرضها في المؤتمرات الدولية لصناعة التعدين و يمارس تلك الحرفة ) التعدين التقليدي( اكثر من مليون و اربعمائة الف معدن في اقل التقديرات و من الاعراف المتفق عليها ان انتاج التعدين التقليدي يتم قسمته بنسب يذهب اكثر من نصفها للعاملين في اغلب الأحوال و لممويلهم بصنوفهم المختلفة المتبقي فذهب التعدين التقليدي مفرق دمه بين ذلك العدد من المعدنين و من ضمنهم الآلاف من أصحاب الآليات الثقيلة و التي تقول احصاءاتها التقديرية انها اكثر من عشر آلاف آلية و المهم في هذه المعلومة انه بعد سداد رسوم الدولة ) ضعيفة جدا و هناك تحديات في تحصيلها( بعد السداد يصبح ذلك الذهب ملكا لذلك العدد المذكور من البشر وأردف ) عاوز ذهبهم تشتري بقروشك( و لا فرق في ذلك بين مشتر محلي او أجنبي ودولة أو قطاع خاص و هناك ذهب آخر هنا و هناك خارج الأسواق لكن الحسبة واحدة على كل حال وقال الحديث في هذه الجزئية فيه الكثير من التفاصيل.
ويلفت مجاهد الى ان اجهزة الدولة او وكلاءها من الشركات او شركات القطاع الخاص عندما ترغب في شراء الذهب للصادر فانها تشتريه بحر مالها ثم تقوم باجراءات الصادر و حتى من أراد أن يخالف القوانين و يعمل على تهريب الذهب فإنه ايضا يشتريه بحر ماله ثم يقوم بالتهريب.
“لماذا يهرب الذهب؟”
وبرده على السؤال الطبيعي نبه “لماذا يهرب؟” ..
مجاهد ان هناك اسبابا كثيرة لكن المهم في المعلومة هو أنه ليس هناك ذهب ملقيا على قارعة الطريق لسوداني او أجنبي ليقوم بالاغتناء منه و من أراد أن يتحصل على ذهب السودان في العالم افرادا او شركات او صناديق سيادية للدول او حتى للحكومات فإنه يستطيع أن يطلب ذلك بكل سهولة من أصغر المصدرين في ) عمارة الذهب( و سيصل حتما إلى مبتغاه و ما اكثر الطالبين للذهب من الخارج بصورة يومية و رسمية تسترزق من خلفهم الدولة و الشركات و الوسطاء بالحلال و خلاصة هذه المعلومة ان معظم عمليات تبادل الذهب بين اطرافه المختلفة للصادر تتم وفق وسائل رسمية يحميها القانون و ما كان من تخف او ) لف و دوران ( فهو مثل ما يمارسه الكثيرون في كل قطاعات الاقتصاد هروبا من رسم او ضريبة او تعقيدا لاجراءات و ذلك مخالف للقانون على كل حال.
حجم الإنتاج الحقيقي
وحول سؤال كم يبلغ انتاج السودان من الذهب؟… أكد مجاهد على قدرة السلطة على الإحاطة به او تقديره في ظني الخاص هي وزارة المعادن و تقديرات اعلان انتاج المعدنين التقليديين من الذهب ليس مطلوقا على عواهنه بل هناك 77 سوقا تقريبا في الولايات يحرص معظم المعدنين التقليديين على المعالجة للخام فيها التزاما بالاشتراطات الرسمية للدولة و خوفا من أن تضيع مجهوداتهم هدرا و هناك رصد للآليات الكلية العاملة في الحقول و الآبار و المناجم تقدر باكثر من عشرة آلاف آلية وهناك احصاءات للمجمعات و الطواحين و الصاغة و معامل المعايرة الفيزيائية المنتشرة و هناك تنظيم للارساليات و استمارات سداد و غيرها من معلومات الأرض التي لا تحيط بها حتى الكثير من اجهزة الدولة و لكنها على كل حال موجودة عند الجهات التي تقوم بتقدير ذلك الإنتاج بناء على تلك المعطيات و هو تقدير معقول في نظري يحقق اكثر من 70% من المصداقية و يمكن بناء على ذلك الحديث عن ان الإعلان الرسمي لذهب التعدين التقليدي يزيد او ينقص منسوبا للنسب المذكورة و المهم في هذه المعلومة هو كل من يتحدث عن ان الإنتاج يمكن أن يكون مضاعفا ضعفين او عشرة لن يستطيع أن يبرر لحديثه و معلوماته او حتى نسبتها لجهات لها وجود او انتشار على الأرض ليكون لها صدقية و الفارق بين ما تشتريه الدولة لدعم عملتها و بين تقديرات الإنتاج جرى العرف مجازا على تسميته مهربا .و في المصطلح نظر مع الاتفاق على وجود تسرب للذهب بعيدا عن الإجراءات الرسمية.
مركز معلومات الذهب
وقال مجاهد تعتبر روسيا ثالث أكبر منتج للذهب في العالم بإعلان يفوق الـ 300 طن سنويا كلها عبر شركات محاط بها من الدولة و يبلغ احتياطي روسيا من الذهب في بنكها المركزي اكثر من 2300 طن تفوق قيمتها 130 مليار دولار تقريبا و ذلك يصنفها خامس او سادس أكبر احتياطي للذهب الخالص في العالم و ذلك الرقم يعادل انتاج ذهب السودان لـ 25 عاما تقريبا فأي عمر ذلك الذي سينتظره الروس لينقذهم ذهب السودان من العقوبات.
وقطع بالقول الفرصة كبيرة أمام وزارة المعادن لتأسيس مركز السودان لمعلومات الذهب و المعادن و ظني انه سيكون الأشهر و الاكبر في أفريقيا جنوب الصحراء في غضون سنوات قليلة.
فوضى عارمة
وحول وجود مخطط روسي مفصل لنهب ذهب السودان يقول وزير الطاقة والتعدين السابق عادل علي إبراهيم ان قطاع التعدين به فوضى عارمة ، و يؤكد في تصريح مقتضب لـ)الإنتباهة( أن التقرير بما فيه من مصادر وأرقام مسؤولة منه “السي إن إن” ، والصحفية التي كتبته بطريقة بارعة جداً ، ويدعو الجميع لإعادة النظر في الأرقام التي ذكرت في التقرير ، وأنها أتت من اين وعلى أساس وضعت ، ويؤكد عادل أن قطاع التعدين ، متمثل في وزارة المعادن ، والشركة السودانية للموارد المعدنية ، والهيئة العامة للابحاث الجولوجية ، بالإضافة إلى شخصيات ذات نفوذ قوي جداً بالدولة ، هم السبب في الفوضى العارمة بقطاع التعدين ، ويقول هؤلاء جميعاً يساعدون في تهريب الذهب ، ويضيف قائلاً لو هناك اسوأ من التهريب فانهم يساعدون عليه.
تقرير “مضخم”
أما الخبير الأمني طارق محمد عمر فيرى ان تقرير “سي إن إن” حول مخطط روسي لنهب ذهب السودان ، انه تقرير مضخم وبه كثير من عدم الحقائق ، ويؤكد عدم وجود أي جرام ذهب يخرج من السودان مجاناً ، لجهة أن الذهب يخرج بتصديق من وزارة المعادن وهنالك رسوم تدفع لوزارة المالية ، ولم يستبعد طارق في حديثه لـ)الإنتباهة( أن يحدث تهريب لذهب السودان ، ولكن ليست بالكميات التي ذكرت في التقرير ، ويقول ليس هناك نهب للذهب ، وهناك عقودات خاصة بالأجانب الذين يأتون للاستثمار في السودان في مجال الذهب.
وأستبعد طارق امكانية نهب روسيا لذهب السودان ، لجهة أن السودان لا ينتج كميات مثل هذه من الذهب ، ويؤكد أن المنتج من الذهب لا يصل 10% من الذي اعلن في التقرير ، ويقول هناك حرب نفسية الآن لديها أهداف ، ويضيف المشكلة الآن لامريكا التقارب بين النظام القائم في البلاد مع روسيا والصين.
تشويه سمعة الحكومة
ويجزم طارق بأن تقرير “السي إن إن” لديه أهداف ويريد أن يشوه صورة الحكومة الحالية أمام المجتمع ، ويقول ان الحكومة الامريكية لا تريد القيادة العسكرية المتواجدة في الحكم الآن ، لانها ذهبت في خطوات متقدمة في القاعدة الروسية العسكرية ، بالإضافة إلى أن الشركات العسكرية الروسية تعمل الآن في السودان ، ويشير إلى أن دولة الصين فاتحة الآن قنوات تواصل مع الجيش السوداني ، ويضيف قائلاً :كل هذا لا يعجب أمريكا أو الدول الغربية ، لذلك لزاماً عليهم أن يشوهوا سمعة النظام القائم الآن “الحكومة” في السودان لانهم غير راغبين فيه ، ويتابع الحكومة خطت في التطبيع مع اسرائيل ، ولكنها ترددت في الأخير ، وهذا أحدث شرخا في العلاقات السودانية الامريكية.
ويؤكد طارق أن أمريكا تعتبر السودان مخزنا لها وإلى أوربا عامة ، وعينها عليه من حيث الموارد المعدنية والزراعة والنفط والغاز وغيرها من الثروات ، بالإضافة إلى أمن البحر الاحمر ، ولا تريد أمريكا للصين وروسيا أن تدخل السودان ، وتضع لها موطئ قدم ، ويقول ان الصين لديها مشروع وتريد أن تضم السودان لاتحاد القرن الافريقي الذي يضم غرب ووسط افريقيا ، ويجزم طارق بأن تقرير “السي إن إن” حول الذهب يأتي في إطار الصراع الدولي حول السودان ، والأرقام التي ذكرت مضخمة وغير واقعية.
غير دقيق
أما الخبير الاقتصادي د. محمد الناير فيقول ان تقرير “سي ان ان” لم يكن دقيقا بالكامل ولم يستند الى معلومات ووثائق مؤكدة ،وجزم هناك تضخيم لكميات الذهب والأرقام التي ذهبت للخارج ومعلوم أن السودان منذ عدة سنوات يعلن ان انتاجه بلغ مائة طن والمصدر منه حوالي ٢٠ الى ٣٠ طنا وان ٧٠طنا سنويا تجد طريقها للتهريب ولكن هذه المعلومات كانت مسار جدل بين ما يعلن من قبل السلطات الرسمية حول كمية انتاج السودان وحول ما يتم تصديره بالفعل عبر القنوات الرسمية، وأشار الناير لـ)الإنتباهة ( امس الى ان الإعلان الأخير حول ان انتاج الذهب انخفض الى حوالي ٣٥ الى ٤٠ طنا بحسب السلطات الرسمية هذا الذهب الذي يتم السيطرة عليه ولكن حجم الذهب المهرب لم يتم تحديده بصورة قطعية حتى الآن وبالتأكيد هناك تهريب للذهب بالبلاد ومعظمه يتم من القطاع التقليدي لان القطاع المنظم تسيطر عليه الدولة وعلى كل الشركات التي تنتج ،ولكن القطاع المنظم إنتاجه حوالي ١٢ طنا في العام فقط بما فيها الشركتان الروسيتان اللتان تعملان بالبلاد وتوقع الناير انتاج الشركتين ربما يكون في حدود ٤ الى ٥ اطنان اضافة ما يقوم به من عمل لمعالجة المخلفات والكرتة يمكن أن يزيد من معدل انتاج في هذا المجال ولكن لأفضل الى هذه الأرقام.
وجزم الناير بالقول إن الوكالة الأمريكية تريد أن تدير روسيا باي شكل وتريد أن تدخل كل الدول التي يمكن لها تعاملات مع روسيا منها السودان في الدائرة وتريد أن تضخم هذه الأرقام لأنها تعلم حال وضحت الأرقام الحقيقية التي يتم إمداد روسيا بها سواء كان عبر الشركات العاملة بالبلاد في انتاج الذهب او غيرها ان هذه الأرقام قليلة وفقا لما تملكه روسيا من الذهب وهي تملك احتياطيا من الذهب حوالي الفين و٣٠٠ طن كاحتياطي لدى البنك المركزي الروسي وهذه كمية كبيرة جدا وقطع بالقول هناك تضارب في الأرقام بصورة كبيرة وحث السلطات الرسمية بالبلاد أن تعلن الوقائع والأرقام الحقيقية لتزيل ما يتم من جدل عبر وسائل الإعلام حول هذا الأمر
الخرطوم: هنادي النور – عبدالرحمن صالح
العلاقات السودانية الروسية هي علاقات قديمة بدأت منذ الاستقلال في 1956 و مرت بتقلبات مختلفة بحسب الحكومات في السودان الا ان الصفة الثابتة للعلاقة انها مستقرة وجيدة وخاصة في عهد حكومة الانقاذ التي كان يقودها المشير عمر البشير الذي تم عزله بواسطة ثورة شعبية في أبريل 2019.
والغالب في تاريخ العلاقات السودانية الروسية ان الدولة السودانية كانت هي المستفيدة الأكبر، وذلك لان غالبية التسليح في السودان من أسلحة روسية وحتى منظومة الصناعات الدفاعية التي تقوم بصناعات متطورة في مجال التسليح الدفاعي وحتى الهجومي جزء منه يأتي بالتعاون مع روسيا، وحسب تصريحات سابقة للسفير الروسي السابق بالسودان الذي قال انه شاهد مستوى الصناعات التي تقوم بها منظومة الصناعات الدفاعية ووصفها باندهاش انها الأكبر على مستوى أفريقيا وهذا على مستوى التعاون العسكري بين السودان وروسيا.
ومن ناحية السياسة الخارجية استفاد السودان من علاقاته مع روسيا في مجلس الأمن الدولي ودائما موسكو تقف لجانب السودان في مجلس الأمن الدولي وضد القرارات التي تدين السودان وقد استفادت منها الحكومة السابقة وحتى المكون العسكري الحالي استفاد من حق فيتو الروسي في مشروع القرار الذي يدين انقلاب الذي قام به العسكريون في 25 أكتوبر 2021 رغم رفض اغلب السودانيين هذه الإجراءات التي قام بها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان.
شركات الذهب الروسية
أما على المستوى الاقتصادي فمعلوم ان هناك لجنة وزارية رفيعة المستوى بين موسكو والخرطوم لها اجتماعات سنوية لأكثر من عشرة أعوام يجري خلالها تبادل الاتفاقيات في مجالات الاستثمارات والتجارية والاقتصادية ومن بينها التعاون في قطاع التعدين حيث يوجد في السودان شركتان روسيتان تعملان في قطاع استخراج الذهب وهي “مير قولد وكوش ” ولهما اتفاقيات موقعة مع وزارة المعادن السودانية ممثلة عن حكَومة السودان وهذا يعني ان الشركات الروسية لها عمل واضح رسمي وليس في الخفاء كما تتحدث بعض التقارير الدولية، ولكن يمكن القول ان القوانين التي تعمل بها وزارة المعادن السودانية تحتاج لمراجعة خاصة عقب عزل الحكومة السابقة التي كانت تنسق القوانين حسب ما يخدم مصالح شخصيات محددة .
وفجر تقرير لقناة )سي ان ان ( أعدته السودانية نعمة الباقر حول نهب روسيا للذهب السوداني ضجة واسعة في اوساط السودانيين والذين يعانون من الفقر وانخفاض مستوى دخل الفرد فيه لاقل من 700 دولار ،بينما تحدث التقرير عن ذهب خارج السيطرة الحكومية وخارج التقارير الرسمية يهرب بفاقد لخزينة السودان يقدر بـ”13″ مليار دولار سنويا بحسب حجم الانتاج والذي زعم التقرير انه يبلغ الـ230 طنا من الذهب سنويا .
نظريات وسيناريوهات
وفجر التقرير تساؤلات عديدة وسط السودانيين ففيما ذهب انصار الحكومة الى ان التقرير الذي نشر في قناة “سي ان ان” يعتبر هدفه سياسيا بامتياز اكثر من هو تقرير استقصائي يستفيد منه المسؤولون في السودان خاصة أن الأزمة الأوكرانية ألقت بظلاها على أغلب دول العالم ليس السودان ببعيد عن هذه التأثيرات لذلك يقول داعمو هذه النظرية ان أمريكا تخشى من تطور العلاقات بين الخرطوم وموسكو مما يعطي فرصة للروس للتغلغل اكثر في السودان ،وربما تمتد العلاقة لاحياء اتفاق ابرمه الرئيس السابق البشير بموافقته على اقامة قاعدة عسكرية روسية في البحر الأحمر ،ويزعم داعمو هذه النظرية ان الحرب تطورت في مفاهيمها واصبحت الحروب ليست فقط بالرصاص والصواريخ بل تدخل فيها الحرب الإعلامية والتشويه فواشنطن تريد تشويه صورة الروس امام السودانيين حتى يرفضون جملة وتفصيلا منح روسيا قاعدة في بورتسودان.
بينما يدعم جزء آخر نظرية ان التقرير صحيح وان الذهب السوداني ينهب عبر التهريب الى روسيا او الى اي دول اخرى ودللوا على ذلك بتقارير لوزارة المعادن وذراعها الشركة السودانية للموارد المعدنية والتي تؤكد ان أكثر من 70% من انتاج الذهب في السودان بايدي المعدنين التقليديين والذين لا يتم حصر ما ينتجونه ويلجأون في الغالب للتهريب للحصول على اسعار مجزية لتعبهم في استخراجه من باطن الأرض.
رد أردول
لم يلبث مداد حبر الحديث عن نشاطات شركة “فاغنر” الروسية في السودان ، واتهامها باتباع طرق غير قانونية لسرقة ذهب السودان أن يجف ، حتى خرجت شبكة “السي ان ان” الأمريكية بتحقيق استقصائي عن مخطط روسي مفصل لنهب ثروات السودان في محاولة لتحصين روسيا ضد العقوبات الغربية المتزايدة القوة ودعم جهود موسكو الحربية في أوكرانيا.
و أجرت كبيرة مراسلي التحقيقات الدولية في شبكة “سي إن إن” نعمة الباقر مقابلات متعددة مع مسؤولين سودانيين وأمريكيين رفيعي المستوى ومجموعة من الوثائق التي راجعتها
كشفت عن المخطط الروسي مفصل لنهب الذهب السوداني ، الامر الذي فنده المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية مبارك أردول
وقال أردول في تدوينة على فيسبوك: “تقرير نعمة الباقر على السي ان ان فقير وضعيف وغير دقيق في بعضه وارقامه مضخمة بل خيالية، وواضح انه في اطار محاولات لإقحام السودان لمًا يدور بين روسيا والغرب، وهذه لن تجدي وفي التقرير لم ينجحوا في حبكها جيدا”، ليبقى السؤال هل نهب روسيا للذهب حقيقة أم صراع دولي حول السودان؟.
حقائق
بالمقابل يكشف مدير الشركة السودانية للموارد المعدنية الاسبق مجاهد بلال طه عن معلومات و حقائق عن الذهب قائلا تضيع الكثير من الحقائق و الحقوق وقال في حديثه لـ) الإنتباهة ( امس يستحيل احيانا اجراء البحوث و الدراسات لعدم توفر المعلومة او تشتتها او عدم دقتها وقال الحقائق عن ذهب السودان ظني انها يجب أن تكون من المعلوم عنه بالضرورة.
موضحا أنه يوجد في السودان حوالي عشر شركات امتياز منتجة للذهب مرخصة من الدولة تتصدر القائمة الشركات الأجنبية، و توجد اكثر من ستين شركة تعمل في انتاج الذهب من مخلفات التعدين”كرتة” برخص من الدولة واضاف قريب من ذلك العدد يحاول ان يصل للإنتاج ، وجزم مجاهد بالقول ” انتاج الذهب ليس تعبئة عدس او صناعة زيوت مغشوشة او ذبيح ) كيري(” ، مستنكرا تقرير “سي ان ان” قائلا ” امر اكتشاف وجود شركة تنتج الذهب بطريقة غير قانونية لا يحتاج لمجهود و معلومة لا تحتاج لبحث مضن و الأهم في خلاصة النقطة الاولى هذه ان الذهب المنتج يعتبر ملكا لهذه الشركات بعد استيفاء حقوق الدولة ) و حقوق السودان في الاتفاقيات من الأفضل في العالم ( و بعد دفع حقوق الدولة ان اردت ان تأخذ ذهبا من تلك الشركات تدفع مقابله داخل او خارج السودان او )تشتري منها بقروشك(.
هدر الذهب
وعرج مجاهد بالحديث حول انتاج شركات المخلفات، قائلا” ان الانتاج في احسن أحواله لم يتجاوز الاطنان العشرة تقريبا و مع شركات الامتياز يتأرجح المجموع في حدود الـ 16 طنا تقريبا في المتوسط و المخلفات في حقيقتها هي مخلفات المعدنين التقليديين و الذين كثرت اعدادهم في بواكير العام 2008 تقريبا حينها كانت طرقهم التقليدية تستخلص اقل من 30% من الذهب الموجود في الحجر و بالتالي يتبقى للشركات اكثر من 70% منه ولكن تطورت تجربة و معرفة المعدنين التقليديين بطرق الاستخلاص إلى أن أصبحت المخلفات تحتوي على أقل من 40% في احسن الأحوال.
واستدرك بالقول هناك هدر” نعم ” لكن شركات المخلفات حاليا تشتكي لطوب الارض و موضوع التعدين التقليدي و مخلفاته شأن يطول لكن المهم في المعلومة هو ان الكرتة تعتبر ملكا لآلاف مجمعات المعالجة المنتشرة في كل الولايات بمعرفة الدولة في غالبها و من أراد المخلفات او الكرتة بمصطلحها الشعبي )tailing( من الشركات ) يشتريها بقروشو( و يسدد للسلطات المحلية مكوسها.
“الكرتة”
وقال توجد ممارسة تعدين الذهب التقليدي في كل ولايات السودان تقريبا و ذلك امر مدهش على مستوى الخرائط الجيلوجية للدول في العالم و التي يتم عرضها في المؤتمرات الدولية لصناعة التعدين و يمارس تلك الحرفة ) التعدين التقليدي( اكثر من مليون و اربعمائة الف معدن في اقل التقديرات و من الاعراف المتفق عليها ان انتاج التعدين التقليدي يتم قسمته بنسب يذهب اكثر من نصفها للعاملين في اغلب الأحوال و لممويلهم بصنوفهم المختلفة المتبقي فذهب التعدين التقليدي مفرق دمه بين ذلك العدد من المعدنين و من ضمنهم الآلاف من أصحاب الآليات الثقيلة و التي تقول احصاءاتها التقديرية انها اكثر من عشر آلاف آلية و المهم في هذه المعلومة انه بعد سداد رسوم الدولة ) ضعيفة جدا و هناك تحديات في تحصيلها( بعد السداد يصبح ذلك الذهب ملكا لذلك العدد المذكور من البشر وأردف ) عاوز ذهبهم تشتري بقروشك( و لا فرق في ذلك بين مشتر محلي او أجنبي ودولة أو قطاع خاص و هناك ذهب آخر هنا و هناك خارج الأسواق لكن الحسبة واحدة على كل حال وقال الحديث في هذه الجزئية فيه الكثير من التفاصيل.
ويلفت مجاهد الى ان اجهزة الدولة او وكلاءها من الشركات او شركات القطاع الخاص عندما ترغب في شراء الذهب للصادر فانها تشتريه بحر مالها ثم تقوم باجراءات الصادر و حتى من أراد أن يخالف القوانين و يعمل على تهريب الذهب فإنه ايضا يشتريه بحر ماله ثم يقوم بالتهريب.
“لماذا يهرب الذهب؟”
وبرده على السؤال الطبيعي نبه “لماذا يهرب؟” ..
مجاهد ان هناك اسبابا كثيرة لكن المهم في المعلومة هو أنه ليس هناك ذهب ملقيا على قارعة الطريق لسوداني او أجنبي ليقوم بالاغتناء منه و من أراد أن يتحصل على ذهب السودان في العالم افرادا او شركات او صناديق سيادية للدول او حتى للحكومات فإنه يستطيع أن يطلب ذلك بكل سهولة من أصغر المصدرين في ) عمارة الذهب( و سيصل حتما إلى مبتغاه و ما اكثر الطالبين للذهب من الخارج بصورة يومية و رسمية تسترزق من خلفهم الدولة و الشركات و الوسطاء بالحلال و خلاصة هذه المعلومة ان معظم عمليات تبادل الذهب بين اطرافه المختلفة للصادر تتم وفق وسائل رسمية يحميها القانون و ما كان من تخف او ) لف و دوران ( فهو مثل ما يمارسه الكثيرون في كل قطاعات الاقتصاد هروبا من رسم او ضريبة او تعقيدا لاجراءات و ذلك مخالف للقانون على كل حال.
حجم الإنتاج الحقيقي
وحول سؤال كم يبلغ انتاج السودان من الذهب؟… أكد مجاهد على قدرة السلطة على الإحاطة به او تقديره في ظني الخاص هي وزارة المعادن و تقديرات اعلان انتاج المعدنين التقليديين من الذهب ليس مطلوقا على عواهنه بل هناك 77 سوقا تقريبا في الولايات يحرص معظم المعدنين التقليديين على المعالجة للخام فيها التزاما بالاشتراطات الرسمية للدولة و خوفا من أن تضيع مجهوداتهم هدرا و هناك رصد للآليات الكلية العاملة في الحقول و الآبار و المناجم تقدر باكثر من عشرة آلاف آلية وهناك احصاءات للمجمعات و الطواحين و الصاغة و معامل المعايرة الفيزيائية المنتشرة و هناك تنظيم للارساليات و استمارات سداد و غيرها من معلومات الأرض التي لا تحيط بها حتى الكثير من اجهزة الدولة و لكنها على كل حال موجودة عند الجهات التي تقوم بتقدير ذلك الإنتاج بناء على تلك المعطيات و هو تقدير معقول في نظري يحقق اكثر من 70% من المصداقية و يمكن بناء على ذلك الحديث عن ان الإعلان الرسمي لذهب التعدين التقليدي يزيد او ينقص منسوبا للنسب المذكورة و المهم في هذه المعلومة هو كل من يتحدث عن ان الإنتاج يمكن أن يكون مضاعفا ضعفين او عشرة لن يستطيع أن يبرر لحديثه و معلوماته او حتى نسبتها لجهات لها وجود او انتشار على الأرض ليكون لها صدقية و الفارق بين ما تشتريه الدولة لدعم عملتها و بين تقديرات الإنتاج جرى العرف مجازا على تسميته مهربا .و في المصطلح نظر مع الاتفاق على وجود تسرب للذهب بعيدا عن الإجراءات الرسمية.
مركز معلومات الذهب
وقال مجاهد تعتبر روسيا ثالث أكبر منتج للذهب في العالم بإعلان يفوق الـ 300 طن سنويا كلها عبر شركات محاط بها من الدولة و يبلغ احتياطي روسيا من الذهب في بنكها المركزي اكثر من 2300 طن تفوق قيمتها 130 مليار دولار تقريبا و ذلك يصنفها خامس او سادس أكبر احتياطي للذهب الخالص في العالم و ذلك الرقم يعادل انتاج ذهب السودان لـ 25 عاما تقريبا فأي عمر ذلك الذي سينتظره الروس لينقذهم ذهب السودان من العقوبات.
وقطع بالقول الفرصة كبيرة أمام وزارة المعادن لتأسيس مركز السودان لمعلومات الذهب و المعادن و ظني انه سيكون الأشهر و الاكبر في أفريقيا جنوب الصحراء في غضون سنوات قليلة.
فوضى عارمة
وحول وجود مخطط روسي مفصل لنهب ذهب السودان يقول وزير الطاقة والتعدين السابق عادل علي إبراهيم ان قطاع التعدين به فوضى عارمة ، و يؤكد في تصريح مقتضب لـ)الإنتباهة( أن التقرير بما فيه من مصادر وأرقام مسؤولة منه “السي إن إن” ، والصحفية التي كتبته بطريقة بارعة جداً ، ويدعو الجميع لإعادة النظر في الأرقام التي ذكرت في التقرير ، وأنها أتت من اين وعلى أساس وضعت ، ويؤكد عادل أن قطاع التعدين ، متمثل في وزارة المعادن ، والشركة السودانية للموارد المعدنية ، والهيئة العامة للابحاث الجولوجية ، بالإضافة إلى شخصيات ذات نفوذ قوي جداً بالدولة ، هم السبب في الفوضى العارمة بقطاع التعدين ، ويقول هؤلاء جميعاً يساعدون في تهريب الذهب ، ويضيف قائلاً لو هناك اسوأ من التهريب فانهم يساعدون عليه.
تقرير “مضخم”
أما الخبير الأمني طارق محمد عمر فيرى ان تقرير “سي إن إن” حول مخطط روسي لنهب ذهب السودان ، انه تقرير مضخم وبه كثير من عدم الحقائق ، ويؤكد عدم وجود أي جرام ذهب يخرج من السودان مجاناً ، لجهة أن الذهب يخرج بتصديق من وزارة المعادن وهنالك رسوم تدفع لوزارة المالية ، ولم يستبعد طارق في حديثه لـ)الإنتباهة( أن يحدث تهريب لذهب السودان ، ولكن ليست بالكميات التي ذكرت في التقرير ، ويقول ليس هناك نهب للذهب ، وهناك عقودات خاصة بالأجانب الذين يأتون للاستثمار في السودان في مجال الذهب.
وأستبعد طارق امكانية نهب روسيا لذهب السودان ، لجهة أن السودان لا ينتج كميات مثل هذه من الذهب ، ويؤكد أن المنتج من الذهب لا يصل 10% من الذي اعلن في التقرير ، ويقول هناك حرب نفسية الآن لديها أهداف ، ويضيف المشكلة الآن لامريكا التقارب بين النظام القائم في البلاد مع روسيا والصين.
تشويه سمعة الحكومة
ويجزم طارق بأن تقرير “السي إن إن” لديه أهداف ويريد أن يشوه صورة الحكومة الحالية أمام المجتمع ، ويقول ان الحكومة الامريكية لا تريد القيادة العسكرية المتواجدة في الحكم الآن ، لانها ذهبت في خطوات متقدمة في القاعدة الروسية العسكرية ، بالإضافة إلى أن الشركات العسكرية الروسية تعمل الآن في السودان ، ويشير إلى أن دولة الصين فاتحة الآن قنوات تواصل مع الجيش السوداني ، ويضيف قائلاً :كل هذا لا يعجب أمريكا أو الدول الغربية ، لذلك لزاماً عليهم أن يشوهوا سمعة النظام القائم الآن “الحكومة” في السودان لانهم غير راغبين فيه ، ويتابع الحكومة خطت في التطبيع مع اسرائيل ، ولكنها ترددت في الأخير ، وهذا أحدث شرخا في العلاقات السودانية الامريكية.
ويؤكد طارق أن أمريكا تعتبر السودان مخزنا لها وإلى أوربا عامة ، وعينها عليه من حيث الموارد المعدنية والزراعة والنفط والغاز وغيرها من الثروات ، بالإضافة إلى أمن البحر الاحمر ، ولا تريد أمريكا للصين وروسيا أن تدخل السودان ، وتضع لها موطئ قدم ، ويقول ان الصين لديها مشروع وتريد أن تضم السودان لاتحاد القرن الافريقي الذي يضم غرب ووسط افريقيا ، ويجزم طارق بأن تقرير “السي إن إن” حول الذهب يأتي في إطار الصراع الدولي حول السودان ، والأرقام التي ذكرت مضخمة وغير واقعية.
غير دقيق
أما الخبير الاقتصادي د. محمد الناير فيقول ان تقرير “سي ان ان” لم يكن دقيقا بالكامل ولم يستند الى معلومات ووثائق مؤكدة ،وجزم هناك تضخيم لكميات الذهب والأرقام التي ذهبت للخارج ومعلوم أن السودان منذ عدة سنوات يعلن ان انتاجه بلغ مائة طن والمصدر منه حوالي ٢٠ الى ٣٠ طنا وان ٧٠طنا سنويا تجد طريقها للتهريب ولكن هذه المعلومات كانت مسار جدل بين ما يعلن من قبل السلطات الرسمية حول كمية انتاج السودان وحول ما يتم تصديره بالفعل عبر القنوات الرسمية، وأشار الناير لـ)الإنتباهة ( امس الى ان الإعلان الأخير حول ان انتاج الذهب انخفض الى حوالي ٣٥ الى ٤٠ طنا بحسب السلطات الرسمية هذا الذهب الذي يتم السيطرة عليه ولكن حجم الذهب المهرب لم يتم تحديده بصورة قطعية حتى الآن وبالتأكيد هناك تهريب للذهب بالبلاد ومعظمه يتم من القطاع التقليدي لان القطاع المنظم تسيطر عليه الدولة وعلى كل الشركات التي تنتج ،ولكن القطاع المنظم إنتاجه حوالي ١٢ طنا في العام فقط بما فيها الشركتان الروسيتان اللتان تعملان بالبلاد وتوقع الناير انتاج الشركتين ربما يكون في حدود ٤ الى ٥ اطنان اضافة ما يقوم به من عمل لمعالجة المخلفات والكرتة يمكن أن يزيد من معدل انتاج في هذا المجال ولكن لأفضل الى هذه الأرقام.
وجزم الناير بالقول إن الوكالة الأمريكية تريد أن تدير روسيا باي شكل وتريد أن تدخل كل الدول التي يمكن لها تعاملات مع روسيا منها السودان في الدائرة وتريد أن تضخم هذه الأرقام لأنها تعلم حال وضحت الأرقام الحقيقية التي يتم إمداد روسيا بها سواء كان عبر الشركات العاملة بالبلاد في انتاج الذهب او غيرها ان هذه الأرقام قليلة وفقا لما تملكه روسيا من الذهب وهي تملك احتياطيا من الذهب حوالي الفين و٣٠٠ طن كاحتياطي لدى البنك المركزي الروسي وهذه كمية كبيرة جدا وقطع بالقول هناك تضارب في الأرقام بصورة كبيرة وحث السلطات الرسمية بالبلاد أن تعلن الوقائع والأرقام الحقيقية لتزيل ما يتم من جدل عبر وسائل الإعلام حول هذا الأمر