الخميس 4 أغسطس 2022 - 7:47
الانقسام السياسي في السودان يقود البرهان إلى حكومة جديدة

عجز القوى المدنية على تجاوز خلافاتها يصب في مصلحة العسكر والقوى السياسية التي أعلنت تأييدها لإجراءات عبدالفتاح البرهان.
مشهد يزداد تعقيدا
يزداد المشهد السياسي في السودان تعقيدا يوما بعد يوم، حيث دخلت البلاد في أزمات سياسية واقتصادية وأمنية، منذ إجراءات قائد الجيش عبدالفتاح البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر، وانفراد المكون العسكري بالسلطة دون الشركاء المدنيين في الحكم.
وبقي الصراع محتدما بين العسكر ومناصريهم، في مقابل قوى ثورية وسياسية تقود حراكا احتجاجيا مستمرا في البلاد.
ولا زالت هذه القوى المدنية دون قدرة كافية على تجاوز خلافات سياسية تعصف بوحدتها وإمكانية تشكيلها لحكومة توافقية تدير الحكم في الفترة الانتقالية التي أعقبت رحيل نظام الرئيس السابق عمر البشير.
عثمان فضل الله: تشرذم القوى السياسية سيعجّل بتشكيل الجيش لحكومة جديدة
وبالإعلان عن تحالف جديد بمسمّى “قوى التغيير الجذري” يضم الحزب الشيوعي و”تجمع المهنيين” وتنظيمات سياسية ومهنية أخرى، تصبح القوى السياسية المعارضة في البلاد منقسمة إلى ثلاثة تيارات هي: قوى إعلان الحرية والتغيير )الائتلاف الحاكم سابقا(، وقوى “التغيير الجذري” والتيار الثالث لجان المقاومة )ناشطون(، رغم اتفاقها على هدف واحد وهو إسقاط الانقلاب.
وتتباين مواقف التيارات المعارضة في السودان بين من يقبل الجلوس مع العسكر بغرض إنهاء إجراءات البرهان، وبين الرافضين، وآخرون لا يرون غضاضة في تولى العسكر شؤون الأمن في البلاد.
وتباين آخر في مواقف القوى السياسية في إدارة الدولة خلال الفترة الانتقالية، بما فيها ترتيب أولويات القضايا مثل ملفات العدالة وإصلاح أجهزة الدولة والأجهزة الأمنية، وتحقيق السلام، في ظل وجود حركات لم توقّع بعد على اتفاق سلام جوبا في أكتوبر 2020.
وهذه التيارات السياسية المختلفة لا تتفق مع مواقف ناشطي لجان المقاومة التي تقود الاحتجاجات في الأحياء والمدن رافعة شعارات من قبيل “لا تفاوض لا شراكة ولا شرعية” وتطالب بإبعاد العسكر عن السلطة.
وبحسب مراقبين لا يلوح أي أمل لاتفاق بين القوى السياسية في القريب العاجل، وهو أمر يصب في مصلحة العسكر ومناصريهم من ائتلافات أخرى مثل “قوى إعلان الحرية والتغيير – مجموعة التوافق الوطني”، وهي قوى سياسية أعلنت تأييدها لإجراءات البرهان.
ويستبعد الكاتب والمحلل السياسي عثمان فضل الله أن تتوحّد القوى السياسية، لأن الخلافات بينها “مستفحلة” في ظل “عدم قنوات لحل هذه الخلافات والمواقف المتباعدة”.
وقال فضل الله إن “تشرذم القوى السياسية وصراعها في ما بينها سيعجّل بأن يتجه العسكر إلى تشكيل حكومة لأن البلد في حالة فراغ دستوري وحكومي”.
وأضاف “لن ينتظر قادة الجيش أكثر على عدم اتفاق السياسيين على حكومة تسيّر أمور الدولة”.
وفي الرابع من يوليو الماضي أعلن البرهان انسحاب الجيش من الحوار الوطني في البلاد بغرض “إفساح المجال للقوى السياسية والثورية والمكوّنات الوطنية لتشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة تتولى إكمال مطلوبات الفترة الانتقالية”.
أمير بابكر عبدالله: من الصعب توافق القوى السياسية على حكومة تضغط بها على الجيش
وأضاف وقتها “بعد تشكيل الحكومة التنفيذية، سيتمّ حلّ مجلس السيادة وتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة من القوات المسلحة والدعم السريع”.
وتأكيدا لقرارات البرهان الأخيرة، قرر بعد أيام منها إعفاء الأشخاص المدنيين في مجلس السيادة، بهدف تهيئة المشاهدة لمشاركة الأحزاب والقوى السياسية.
وانطلقت عملية الحوار الوطني في البلاد برعاية أممية أفريقية في الثامن من يونيو الماضي، لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد، لكنه توقف بعد انسحاب المكون العسكري منه.
ويقف المحلل السياسي أمير بابكر عبدالله مع الرأي القائل بصعوبة توافق القوى السياسية في السودان.
وقال عبدالله “من الصعب توافق القوى السياسية على حكومة تضغط بها على الجيش حتى يعود إلى ثكناته”.
وأضاف “البرهان رمى طُعْم التوافق السياسي ووحدة الأحزاب منذ وقت مبكر كشرط لتسليم السلطة للمدنيين، وهو خيار يصعب تحقيقه”.
ويشير عبدالله إلى أن السيناريوهات الثلاثة الماثلة في المشهد السوداني هي “إما وحدة القوى السياسية، أو ذهاب العسكر لتشكيل حكومة تصريف أعمال مهمتها الإعداد للانتخابات، أو مواصلة القوى السياسية تصعيدها حتى إسقاط الانقلاب”.
وتابع “أتوقع مُضيّ العسكر في الإعلان عن حكومة تصريف أعمال تنجز الانتخابات، رغم صعوبة تحقيق ذلك، بسبب غياب برلمان يجيز قانون الانتخابات”.
وزاد “الانتخابات تتطلب خطوات منها إجراء التعداد السكاني وتوزيع دوائر الانتخابات وغيرها من المطلوبات”.
ويرجح عبدالله أن تذهب القوى السياسية نحو المزيد من التصعيد مع العسكر، باعتباره السيناريو الأقرب للواقع، مع استمرار أزمات البلاد.