الأربعاء 10 أغسطس 2022 - 5:38

تقرير: حافظ كبير
تزدحم الساحة السياسية بنشاط محموم بحثاً عن مخرج للأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، ومنذ إعلان رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح البرهان خروج المؤسسة العسكرية عن العملية السياسية وترك الفرصة للقوى المدنية للتوافق وتشكيل حكومة لإدارة ما تبقى من الفترة الانتقالية، دخل عدد من القوى السياسية في لقاءات تشاورية وتشكلت أحلاف جديدة على أسس من التوافق على الحد الأدنى، وتمثل ذلك في الرؤية التي طرحتها كل من قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، وطرحها مشروع إعلان دستوري جديد، شاركت في صناعته أطراف من خارج قوى الحرية والتغيير، وأيضاً لأول مرة تشارك قوى الحرية والتغيير في ورشة للترتيبات الدستورية تنظمها اللجنة التمهيدية لنقابة المحامين السودانيين بمشاركة قوى الحرية والتغيير التوافق الوطني وأحزاب أخرى مثل المؤتمر الشعبي والاتحادي الديمقراطي الأصل، وغيرها من المنظومات السياسية والمهنية ولجان المقاومة، من أجل التوصل لاتفاق حول المبادئ الدستورية التي تحكم الفترة الانتقالية.
تخلقات
قوى الحرية والتغيير التوافق الوطني التي عقدت تنويراً صحفياً عقب لقائها عدداً من الكيانات والمنظومات السياسية، أعلنت كذلك عن تشكيلها لجاناً لإعداد إعلان سياسي وبرنامج للحكومة المقبلة بالتوافق مع الكتل السياسية الأخرى، فضلًا عن مبادرة نداء أهل السودان للتوافق الوطني التي أطلقها الشيخ الطيب الجد بأم ضواً بان التي تهدف إلى حوار يشمل كافة مكونات المجتمع السوداني، وفترة انتقالية لا تزيد عن عام ونصف العام، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، والاتفاق على رؤية موحدة لإدارة ما تبقى من الفترة الانتقالية، وتكوين حكومة وطنية مستقلة غير حزبية.
تواصل
وكشف رئيس الآلية السياسية التابعة لقوى الحرية والتغيير التوافق الوطني مني أركو مناوي عن تواصلهم مع قوى الحرية والتغيير ــ المجلس المركزي لتوحيد المبادرات، وقال مناوي في تنوير صحفي عقب اجتماع لهم مع عدد من القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني وممثلين للجان المقاومة، قال إنهم قرروا تكوين لجان لإعداد مسودات للإعلان السياسي والإعلان الدستوري وبرنامج الحكومة الانتقالية المقبلة، وتابع مناوي قائلاً: )هذا لا يلغي دور الآخرين، ونضع في الاعتبار دور قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، وهم حتى الآن متواصلون معنا من أجل توحيد المبادرات، وكذلك دور مبادرة نداء أهل السودان بقيادة الخليفة الطيب الجد، وقد اجتمعنا معهم وأخذنا نسخة من مبادرتهم وهي مبادرة سودانية وطنية، وسنمضي قدماً تجاه المواءمة بين المبادرات، وأي دور آخر يرسخ لرؤية نضعه في الاعتبار(.
خلق مناخ
وأوضح مناوي أنهم جلسوا مع عدد من الكتل السياسية والمدنية والطرق الصوفية ولجان المقاومة وعدد من مكونات المجتمع السوداني، واستمر الحوار لأكثر من أسبوعين، مضيفاً أن الخطوات التي اتخذوها لخلق مناخ للتواصل مع الكتل الأخرى، وأضاف قائلاً: )نتحرك من منطلق أن هذا السودان لا يمكن أن يُحكم من قبل كتلة سياسية واحدة أو جهة واحدة أو مكون سياسي واحد، بالنظر إلى التجربة الفاشلة خلال الستة وستين عاماً الماضية، وكذلك التجربة الماضية أعقبت أبريل 2019م(.
وقال ممثل لجان المقاومة بالخرطوم معاذ موسى إنهم رفعوا شعار اللاءات الثلاث من قبل في الشارع، والآن سحبوا اللاءات وجاءوا للجلوس مع مع قوى الميثاق، وتابع معاذ في التصريحات الصحفية عقب الاجتماع قائلاً: )هناك من قال إننا بعنا القضية، لكننا جئنا هنا لأن لدينا قضية، وجئنا لنسمع هؤلاء، وعلى الآخرين أيضاً أن يسمعوا لنرى ما عند القوى السياسية من طرح، ونحن في لجان المقاومة لدينا طرح واضح ومواثيق متعددة، وقبل أيام كانت هناك خريطة طريق، ومستمرون لجمع أكبر عدد من الثوار في الشارع لنجلس ونسمع أي طرح ثم نقول رأينا. ونقول للأحزاب إن الفترة الانتقالية نريد فيها شباباً يقفون على أمر البلاد ويحققون تنمية في الصحة والتعليم ومحاكمة المفسدين، ولن نجامل أحداً في الفترة القادمة حتى الحركات التي وقعت على السلام، لكننا نجلس معهم لأن البلاد تمضي نحو الانهيار، وحتى نستطيع ان نعمل مع بعض لإدارة البلاد(.
قرب المسافة
وعقب مشاركة قوى الميثاق الوطني إلى جانب قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي في ورشة إعداد الدستور، تبدو المسافة ليست بعيدة بين الطرفين كما كشفت تقارير صحفية الأسبوع الماضي، وكذلك تقف قوى الميثاق الوطني موقفاً ايجابياً من مبادرة الطيب الجد التي التقتها وتسلمت نسخة منها، لكن تبدو المسافة بعيدة بين قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي ومبادرة نداء أهل السودان للتوافق الوطني التي يقودها الشيخ الخليفة الطيب الجد.
ووصف الناطق الرسمي باسم قوى الحرية والتغيير ـ المجلس المركزي القيادي بحزب التحالف الوطني السوداني شهاب إبراهيم مبادرة الشيخ الطيب الجد ود بدر المعروفة بـمبادرة أهل السودان للتوافق الوطني، وصفها بأنها محاولة لإيجاد حاضنة اجتماعية وسياسية للانقلاب. وقال إبراهيم إن البرهان لن يستطيع تشكيل حكومة لجهة أنه سعى طيلة التسعة أشهر الماضية لإيجاد حاضنة وفشل فيها. وقطع بأن مبادرة الطيب الجد ود بدر محاولة لصناعة حاضنة اجتماعية وسياسية للحكومة التي يريدون تشكيلها، وأكد أنها ستفشل مثل ما يحدث كل مرة، واصفاً المبادرة بأنها واحدة من المحاولات الكثيرة لإيجاد حاضنة، على حد تعبيره.
فرصة معدومة
وفي ذات السياق وصف الأكاديمي واستاذ العلوم السياسية البروفيسور صلاح الدومة مبادرة الشيخ الطيب الجد بأنها مبادرة مؤتمر وطني ودولة عميقة وفلول والمجلس العسكري الانقلابي، وأضاف الدومة في تصريح لـ )الانتباهة( أن هذه كلها كتلة واحدة، وأن فرص نجاحها معدومة وماتت قبل أن تولد، وتابع قائلاً: )المقابلات التي أجريت مع مبادرة الطيب الجد لا تعني التأييد، فالبعض ذهب وسمع لكن ذلك لا يعني أنهم أيدوا المبادرة، والدبلوماسيون لا يستطيعون أن يفرضوا على الشعب السوداني مبادرة في أي حال من الأحوال(.
ويقول الدومة إن مبادرة الشيخ الطيب الجد وجدت رواجاً إعلامياً ضخماً، بسبب أن الفلول مسيطرون على الإعلام وعلى الدولة وعلى المجلس العسكري، وأن آلتهم الإعلامية ضخمة وكبيرة، وتابع قائلاً: )علماء المنطق يقولون إنه كلما علا صوتك فإن ذلك يعني أنك تريد أن تغمط حقاً أو أن تعلي باطلًا، والإعلام الكثيف والترويج لها كله سوف يذهب أدراج الرياح(.
اشتراط
وأوضح الدومة أن أية مبادرة لا تحقق شرط اللاءات الثلاث وتبعد الانقلابيين عن السلطة لا مستقبل لها، الا أن تنتج عنها سلطة مدنية كاملة الدسم.
أما في ما يخص مبادرة قوى الحرية والتغيير)التوافق الوطني( يقول الدومة إنها أيضاً كتلة انقلابيين، وأضاف قائلاً: )هؤلاء كانوا السبب في مساندة الانقلاب وأصبحوا حاضنته السياسية، وفشل الانقلاب وأصبحوا منبوذين، وليس لديهم ثقل في المجتمع السوداني، بما فيهم الجبهة الثورية وما تسمى الكفاح المسلح، فليس لهم مسلحون ولا جماهير، ولن تنجح مبادرتهم(.
وفي ما يخص مبادرة قوى إعلان الحرية والتغيير )المجلس المركزي( يرى الدومة أنها المبادرة الوحيدة التي يمكن أن يكون لها مستقبل، لأنها وجدت استحساناً كبيراً من لجان المقاومة الذين هم المفتاح والرقم الراجح لأية معادلة، على حد قوله.
ويقول الدومة أن قوى الحرية والتغيير تريد الاستفادة من أخطاء الماضي، مضيفاً أن هذا أمر طبيعي، لأنهم يحاولون الآن ترتيب إعلان سياسي جديد منقح وخالٍ من العيوب، لتجاوز الأخطاء التي وقعوا فيها في المرات السابقة.