الخميس 11 أغسطس 2022 - 7:40
في العام 1983 قرر العقيد في الجيش السوداني الدكتور جون قرنق دي مابيور الانشقاق عن الجيش والانضمام إلى المجموعة المتمردة وتكوين ما عُرف بـ”الحركة الشعبية لتحرير السودان”. وقال يومها في ديباجة التأسيس إن الحركة لا تعمل على فصل الجنوب عن السودان وإنما تسعى إلى إعادة صياغة الحكم بما يضمن تفكيك قبضة المركز على الأقاليم.
تاريخ الحركة الشعبية لتحرير السودان هو تاريخ الانشقاقات والانقسامات التي لم تفلح حتى كاريزما مؤسسها في منع حدوثها
قامت الحركة الشعبية على عقيدة سياسية عسكرية تقع في مرتبة بين الشعبوية والأيديولوجيا الشيوعية، ما ساهم في نجاحها وهي تخوض حرب شرسة مع الحكومات السودانية في المركز لـ)22( عامًا، انتهت بتوقيعها على اتفاق للسلام في ضاحية “نيفاشا” الكينية، انتهي -بدوره- إلى انقسام السودان إلى دولتين.
وتاريخ الحركة الشعبية لتحرير السودان هو تاريخ الانشقاقات والانقسامات التي لم تفلح حتى كاريزما مؤسسها الراحل في تحطم طائرة في العام 2005 في منع حدوثها؛ إذ سبق أن انشقت عنه مجموعة من القيادات أثناء الحرب مع حكومة الإنقاذ، ووقّعت على اتفاقية الخرطوم للسلام في تسعينات القرن الماضي بزعامة لام أكول.
وعقب استقلال جنوب السودان في تموز/ يوليو 2011 بدأ مشروع انقسامات داخل الحركة الشعبية، فانقسمت بين حركة حاكمة في الجنوب وأخرى معارضة. ومواصلة لمعركة المواجهة في الشمال التي اصطلح على تسميتها الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال، وبقي على رأسها من انخرطوا في مشروع السودان الجديد من المنحدرين من شمال السودان، وتحديدًا منطقتي جنوب النيل الأزرق وجبال النوبة.
وبانفصال الجنوب أصبح مالك عقار رئيسًا للحركة الشعبية ينوب عنه عبدالعزيز الحلو، بينما شغل ياسر عرمان منصب الأمين العام للحركة وكبير مفاوضي الحركة مع النظام الحاكم في الخرطوم.
في جوبا ومنذ وقت باكر، حدث انقسام بين رئيس الحركة والدولة سلفاكير ميارديت ونائبه رياك مشار، فيما انتظر قطاع الحركة في الشمال حتى العام 2017 لينقسم.
وفي حزيران/ يونيو 2017، أصدر مجلس التحرير حزمة قرارات أقال بموجبها كلًا من رئيس الحركة الشعبية مالك عقار والأمين العام ياسر عرمان، وكلف عبدالعزيز الحلو برئاسة الحركة، تأكيدًا لقرارات سابقة اتخذها المجلس نفسه عقب الاستقالة التي دفع بها الحلو، واتهم عقار وعرمان بتقديم تنازلات في ملف التفاوض تضر بمصالح أبناء جبال النوبة.
من يومها صارت الحركة الشعبية شمال “حركتين”؛ واحدة يقودها عبدالعزيز الحلو من “كاودا” في جبال النوبة، وأخرى بزعامة مالك عقار وينوب عنه ياسر عرمان، وهي الحركة التي شاركت في التوقيع على اتفاق سلام “جوبا”، وعادت قياداتها إلى الخرطوم، بينما تمسك الحلو بموقفه التفاوضي الداعي إلى “علمَنة الدولة” من أجل تسوية الخلافات مع الخرطوم في سودان ما بعد الثورة.
وعقب عودة الحركة الشعبية شمال إلى الخرطوم ضمن اتفاق جوبا للسلام، قاد خميس جلاب الذي يشغل منصب الأمين العام في الحركة، انشقاقًا جديدًا على مجموعة عقار وعرمان، وأصدر قرارًا فصَل بموجبه عقار وعرمان. واتهم جلاب قيادة الحركة بالعمل خارج إطار الدستور. واحتجّ على تخويل وتفويض الرئيس مهامَه وصلاحياته ومهام وصلاحيات الأمين العام لنائب الرئيس )ياسر عرمان(.
وقال جلاب إن رئيس الحركة الشعبية انكفأ واهتم بالنيل الأزرق سياسيًا وعسكريًا وأهمل بقية الولايات وتركها لنائبه ليعبث بها -وفقًا لتعبيره- وينفرد بالترشيحات الخاصة بمشاركة الحركة في السلطة على المستويين القومي والولائي.
ومثلت مرحلة ما بعد انقلاب 25 تشرين الأول/ أكتوبر منعرجًا جديدًا للحركة الشعبية – شمال، ففي الوقت الذي احتفظ فيه رئيسها مالك عقار بمنصبه في المجلس السيادي الموصوف بـ”الانقلابي”، انخرط نائبه ياسر عرمان في مقاومة الانقلاب محتفظًا بموقعه كقيادي في المجلس المركزي للحرية والتغيير، ما قاده إلى المعتقل في بداية الانقلاب. ودفع هذا الوضع المختلّ في الحركة الشعبية بعض المراقبين إلى الإشارة إلى وجود انقسام غير معلن في صفوف الحركة.
ينظر إلى المواجهات الإعلامية بين رئيس الحركة ونائبه على أنها بوادر انقسام جديد سيضرب الشعبية
صباح الاثنين الماضي، أصدر رئيس الحركة مالك عقار بيانًا قال فيه إن الحركة لم توفد أيًا من أعضائها للمشاركة في اجتماعات قوى الحرية والتغيير )المجلس المركزي(، موضحًا أن أيّ عضو شارك في الاجتماعات “يمثل نفسه وليس الحركة”.
وأبانت الحركة في بيانها أن موقفها وعلاقتها بأي تنظيم أو مبادرة يحددها موقف ذلك التنظيم من اتفاق جوبا للسلام من دون تجزئة بنودها. ولمّح البيان إلى أن عرمان يمثل نفسه في المجلس المركزي وليس موقف الحركة ورئيسها الذي ما يزال عضوًا في مجلس السيادة.
ورد نائب رئيس الحركة على بيان رئيسها ببيان وقع عليه ممثلو الحركة في المجلس المركزي والمكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير، قال فيه إن الحركة جزءٌ أصيلٌ من قوى الثورة السودانية، وأنها من مؤسسي قوى الحرية والتغيير في 2019، وأحد الموقعين على إعلان قاعة الصداقة في آب/ أغسطس الماضي.
وأضاف البيان أن الحركة ستظل ممثلة في كل لجان قوى الحرية والتغيير ولن يتغير ذلك. وأردفت أنها ستظل مع الشارع السوداني المناهض للانقلاب أمس واليوم ولا حياد في الاختيار بين الجماهير والشارع وبين الانقلاب، وأنها ستستمر في مقاومة الانقلاب وفي العملية السياسية التي تؤدي إلى سلطة مدنية ديمقراطية.
وتأسف عرمان على بيان عقار، وأضاف أنه لن يحظى بتأييد الغالبية الساحقة من قيادات الحركة الشعبية وأعضائها وجماهيرها وأصدقائها، ودعاهم إلى التعبير عن رأيهم علنًا.
وسبق لعرمان أن أبدى أسفه على تصريحات صادرة عن عقار قلل فيها من حراك الشباب في الثورة ومقاومتهم الانقلاب.
وينظر إلى المواجهات الإعلامية بين رئيس الحركة ونائبه على أنها بوادر انقسام جديد سيضرب الشعبية، وهذه المرة على خلفية دعم الانقلاب/ مقاومته.
وفي السياق، تعتزم القيادية بالحركة الشعبية بثينة دينار تقديم استقالتها من منصب وزيرة الحكم الاتحادي. وقالت وزيرة الحكم الاتحادي بثينة دينار إنها سوف تتقدم باستقالة مسببة من منصبها. وعزت دينار التي شغلت المنصب استنادًا على اتفاق جوبا للسلام، ممثلةً للحركة الشعبية لتحرير السودان شمال برئاسة مالك عقار، استقالتها إلى ما وصفته بـ”الانحياز لقضايا الثورة ومطالب الشعب في السودان”. وقالت في تصريحٍ مقتضبٍ إنها ستوجه الاستقالة إلى الدولة والحركة الشعبية.
وتعزيزًا لحالة الانقسام في صفوف الحركة الشعبية )عقار(، أصدر اللواء صديق المنسي باسل قائد الجبهة الثانية – مشاة في منطقة أولو بإقليم النيل الأزرق بيانًا أكد من خلاله دعم الجيش الشعبي لمالك عقار ودعم ما جاء في حديثه حول العلاقة مع قوى الحرية والتغيير. وحسب البيان، فإن قيادة الجيش الشعبي ستقف سدًا منيعًا أمام أي محاولة للعب بمكتسبات السلام أو استخدامه في الكسب السياسي أو تعطيل تنفيذه بما أسماه “الادعاءات الباطلة”. وأضاف البيان: “أولئك الذين لم يذوقوا ويلات الحرب لا يعرفون عظمة أن يتوقف البارود ونزيف الدم، ولا يعرفون شظف العيش في الخنادق ولا عظمة الفقدان”.
وفي سياق متصل، أصدرت مكاتب وتنظيمات المهجر بالحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال بيانًا حول موقف رئيس الحركة من المشاركة في تحالف قوى الحرية والتغيير، قالت فيه إن الحركة الشعبية يجب ألا تدير ظهرها للشعب. ووصفت التحالف مع الانقلابيين وتثبيت الانقلاب بأنه “جسر لانقلاب الإسلاميين القادم”. وحددت مكان الحركة “الطبيعي” بأنه في “مقدمة الصفوف” بين بنات الشعب وأبنائه الثائرين في مواجهة الانقلاب.
وأضاف بيان مكاتب المهجر أن الحركة الشعبية لا تملك رفاهية تكرار أخطاء الماضي، لافتًا إلى أن مصداقية مشروعها الآن على المحك، ومؤكدًا أنه “لا سلام في ظل الدكتاتورية ولا ديمقراطية بلا سلام وفي ظل الحروب”.
وكشف البيان عن حالة انقسام ظل غير معلن في الفترة السابقة، نتيجة للاختلاف حول الموقف من الانقلاب العسكري منذ يومه الأول، بين الغالبية “الساحقة” من أعضاء الحركة الشعبية داخل السودان وخارجه التي قال البيان إنها ترى أن مكان الحركة الطبيعي هو في الشارع مع قوى الثورة المدنية والسياسية في مواجهة الانقلاب، وبين رئيس الحركة وبعض مؤيديه والذين يرون الاستمرار في الشراكة مع الانقلابيين بحجة تنفيذ اتفاقية السلام.
معركة الانقلاب هي الثقاب الجديد الذي ربما يحرق وحدة الحركة الشعبية المنقسمة على نفسها بين “الحلو وعقار”
وتبرأ مالك عقار من قادة الحركة المشاركين في تحالف الحرية والتغيير المناهض للانقلاب، في وقتٍ تمسك نائبه ياسر عرمان بالبقاء في التحالف، لتصبح معركة الانقلاب ومواجهته هي الثقاب الجديد الذي ربما يحرق وحدة الحركة الشعبية المنقسمة على نفسها بين “الحلو وعقار”، ما من شأنه أن يعزز حالة الشقاق العام في سودان ما بعد الانقلاب الذي يمكن أن ينتهي الحال فيه إلى وجود الحركة الشعبية جناح “الحلو” والحركة الشعبية جناح “عرمان” المنقسم عن الحركة الشعبية جناح “مالك عقار”.
في العام 1983 قرر العقيد في الجيش السوداني الدكتور جون قرنق دي مابيور الانشقاق عن الجيش والانضمام إلى المجموعة المتمردة وتكوين ما عُرف بـ”الحركة الشعبية لتحرير السودان”. وقال يومها في ديباجة التأسيس إن الحركة لا تعمل على فصل الجنوب عن السودان وإنما تسعى إلى إعادة صياغة الحكم بما يضمن تفكيك قبضة المركز على الأقاليم.
تاريخ الحركة الشعبية لتحرير السودان هو تاريخ الانشقاقات والانقسامات التي لم تفلح حتى كاريزما مؤسسها في منع حدوثها
قامت الحركة الشعبية على عقيدة سياسية عسكرية تقع في مرتبة بين الشعبوية والأيديولوجيا الشيوعية، ما ساهم في نجاحها وهي تخوض حرب شرسة مع الحكومات السودانية في المركز لـ)22( عامًا، انتهت بتوقيعها على اتفاق للسلام في ضاحية “نيفاشا” الكينية، انتهي -بدوره- إلى انقسام السودان إلى دولتين.
وتاريخ الحركة الشعبية لتحرير السودان هو تاريخ الانشقاقات والانقسامات التي لم تفلح حتى كاريزما مؤسسها الراحل في تحطم طائرة في العام 2005 في منع حدوثها؛ إذ سبق أن انشقت عنه مجموعة من القيادات أثناء الحرب مع حكومة الإنقاذ، ووقّعت على اتفاقية الخرطوم للسلام في تسعينات القرن الماضي بزعامة لام أكول.
وعقب استقلال جنوب السودان في تموز/ يوليو 2011 بدأ مشروع انقسامات داخل الحركة الشعبية، فانقسمت بين حركة حاكمة في الجنوب وأخرى معارضة. ومواصلة لمعركة المواجهة في الشمال التي اصطلح على تسميتها الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال، وبقي على رأسها من انخرطوا في مشروع السودان الجديد من المنحدرين من شمال السودان، وتحديدًا منطقتي جنوب النيل الأزرق وجبال النوبة.
وبانفصال الجنوب أصبح مالك عقار رئيسًا للحركة الشعبية ينوب عنه عبدالعزيز الحلو، بينما شغل ياسر عرمان منصب الأمين العام للحركة وكبير مفاوضي الحركة مع النظام الحاكم في الخرطوم.
في جوبا ومنذ وقت باكر، حدث انقسام بين رئيس الحركة والدولة سلفاكير ميارديت ونائبه رياك مشار، فيما انتظر قطاع الحركة في الشمال حتى العام 2017 لينقسم.
وفي حزيران/ يونيو 2017، أصدر مجلس التحرير حزمة قرارات أقال بموجبها كلًا من رئيس الحركة الشعبية مالك عقار والأمين العام ياسر عرمان، وكلف عبدالعزيز الحلو برئاسة الحركة، تأكيدًا لقرارات سابقة اتخذها المجلس نفسه عقب الاستقالة التي دفع بها الحلو، واتهم عقار وعرمان بتقديم تنازلات في ملف التفاوض تضر بمصالح أبناء جبال النوبة.
من يومها صارت الحركة الشعبية شمال “حركتين”؛ واحدة يقودها عبدالعزيز الحلو من “كاودا” في جبال النوبة، وأخرى بزعامة مالك عقار وينوب عنه ياسر عرمان، وهي الحركة التي شاركت في التوقيع على اتفاق سلام “جوبا”، وعادت قياداتها إلى الخرطوم، بينما تمسك الحلو بموقفه التفاوضي الداعي إلى “علمَنة الدولة” من أجل تسوية الخلافات مع الخرطوم في سودان ما بعد الثورة.
وعقب عودة الحركة الشعبية شمال إلى الخرطوم ضمن اتفاق جوبا للسلام، قاد خميس جلاب الذي يشغل منصب الأمين العام في الحركة، انشقاقًا جديدًا على مجموعة عقار وعرمان، وأصدر قرارًا فصَل بموجبه عقار وعرمان. واتهم جلاب قيادة الحركة بالعمل خارج إطار الدستور. واحتجّ على تخويل وتفويض الرئيس مهامَه وصلاحياته ومهام وصلاحيات الأمين العام لنائب الرئيس )ياسر عرمان(.
وقال جلاب إن رئيس الحركة الشعبية انكفأ واهتم بالنيل الأزرق سياسيًا وعسكريًا وأهمل بقية الولايات وتركها لنائبه ليعبث بها -وفقًا لتعبيره- وينفرد بالترشيحات الخاصة بمشاركة الحركة في السلطة على المستويين القومي والولائي.
ومثلت مرحلة ما بعد انقلاب 25 تشرين الأول/ أكتوبر منعرجًا جديدًا للحركة الشعبية – شمال، ففي الوقت الذي احتفظ فيه رئيسها مالك عقار بمنصبه في المجلس السيادي الموصوف بـ”الانقلابي”، انخرط نائبه ياسر عرمان في مقاومة الانقلاب محتفظًا بموقعه كقيادي في المجلس المركزي للحرية والتغيير، ما قاده إلى المعتقل في بداية الانقلاب. ودفع هذا الوضع المختلّ في الحركة الشعبية بعض المراقبين إلى الإشارة إلى وجود انقسام غير معلن في صفوف الحركة.
ينظر إلى المواجهات الإعلامية بين رئيس الحركة ونائبه على أنها بوادر انقسام جديد سيضرب الشعبية
صباح الاثنين الماضي، أصدر رئيس الحركة مالك عقار بيانًا قال فيه إن الحركة لم توفد أيًا من أعضائها للمشاركة في اجتماعات قوى الحرية والتغيير )المجلس المركزي(، موضحًا أن أيّ عضو شارك في الاجتماعات “يمثل نفسه وليس الحركة”.
وأبانت الحركة في بيانها أن موقفها وعلاقتها بأي تنظيم أو مبادرة يحددها موقف ذلك التنظيم من اتفاق جوبا للسلام من دون تجزئة بنودها. ولمّح البيان إلى أن عرمان يمثل نفسه في المجلس المركزي وليس موقف الحركة ورئيسها الذي ما يزال عضوًا في مجلس السيادة.
ورد نائب رئيس الحركة على بيان رئيسها ببيان وقع عليه ممثلو الحركة في المجلس المركزي والمكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير، قال فيه إن الحركة جزءٌ أصيلٌ من قوى الثورة السودانية، وأنها من مؤسسي قوى الحرية والتغيير في 2019، وأحد الموقعين على إعلان قاعة الصداقة في آب/ أغسطس الماضي.
وأضاف البيان أن الحركة ستظل ممثلة في كل لجان قوى الحرية والتغيير ولن يتغير ذلك. وأردفت أنها ستظل مع الشارع السوداني المناهض للانقلاب أمس واليوم ولا حياد في الاختيار بين الجماهير والشارع وبين الانقلاب، وأنها ستستمر في مقاومة الانقلاب وفي العملية السياسية التي تؤدي إلى سلطة مدنية ديمقراطية.
وتأسف عرمان على بيان عقار، وأضاف أنه لن يحظى بتأييد الغالبية الساحقة من قيادات الحركة الشعبية وأعضائها وجماهيرها وأصدقائها، ودعاهم إلى التعبير عن رأيهم علنًا.
وسبق لعرمان أن أبدى أسفه على تصريحات صادرة عن عقار قلل فيها من حراك الشباب في الثورة ومقاومتهم الانقلاب.
وينظر إلى المواجهات الإعلامية بين رئيس الحركة ونائبه على أنها بوادر انقسام جديد سيضرب الشعبية، وهذه المرة على خلفية دعم الانقلاب/ مقاومته.
وفي السياق، تعتزم القيادية بالحركة الشعبية بثينة دينار تقديم استقالتها من منصب وزيرة الحكم الاتحادي. وقالت وزيرة الحكم الاتحادي بثينة دينار إنها سوف تتقدم باستقالة مسببة من منصبها. وعزت دينار التي شغلت المنصب استنادًا على اتفاق جوبا للسلام، ممثلةً للحركة الشعبية لتحرير السودان شمال برئاسة مالك عقار، استقالتها إلى ما وصفته بـ”الانحياز لقضايا الثورة ومطالب الشعب في السودان”. وقالت في تصريحٍ مقتضبٍ إنها ستوجه الاستقالة إلى الدولة والحركة الشعبية.
وتعزيزًا لحالة الانقسام في صفوف الحركة الشعبية )عقار(، أصدر اللواء صديق المنسي باسل قائد الجبهة الثانية – مشاة في منطقة أولو بإقليم النيل الأزرق بيانًا أكد من خلاله دعم الجيش الشعبي لمالك عقار ودعم ما جاء في حديثه حول العلاقة مع قوى الحرية والتغيير. وحسب البيان، فإن قيادة الجيش الشعبي ستقف سدًا منيعًا أمام أي محاولة للعب بمكتسبات السلام أو استخدامه في الكسب السياسي أو تعطيل تنفيذه بما أسماه “الادعاءات الباطلة”. وأضاف البيان: “أولئك الذين لم يذوقوا ويلات الحرب لا يعرفون عظمة أن يتوقف البارود ونزيف الدم، ولا يعرفون شظف العيش في الخنادق ولا عظمة الفقدان”.
وفي سياق متصل، أصدرت مكاتب وتنظيمات المهجر بالحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال بيانًا حول موقف رئيس الحركة من المشاركة في تحالف قوى الحرية والتغيير، قالت فيه إن الحركة الشعبية يجب ألا تدير ظهرها للشعب. ووصفت التحالف مع الانقلابيين وتثبيت الانقلاب بأنه “جسر لانقلاب الإسلاميين القادم”. وحددت مكان الحركة “الطبيعي” بأنه في “مقدمة الصفوف” بين بنات الشعب وأبنائه الثائرين في مواجهة الانقلاب.
وأضاف بيان مكاتب المهجر أن الحركة الشعبية لا تملك رفاهية تكرار أخطاء الماضي، لافتًا إلى أن مصداقية مشروعها الآن على المحك، ومؤكدًا أنه “لا سلام في ظل الدكتاتورية ولا ديمقراطية بلا سلام وفي ظل الحروب”.
وكشف البيان عن حالة انقسام ظل غير معلن في الفترة السابقة، نتيجة للاختلاف حول الموقف من الانقلاب العسكري منذ يومه الأول، بين الغالبية “الساحقة” من أعضاء الحركة الشعبية داخل السودان وخارجه التي قال البيان إنها ترى أن مكان الحركة الطبيعي هو في الشارع مع قوى الثورة المدنية والسياسية في مواجهة الانقلاب، وبين رئيس الحركة وبعض مؤيديه والذين يرون الاستمرار في الشراكة مع الانقلابيين بحجة تنفيذ اتفاقية السلام.
معركة الانقلاب هي الثقاب الجديد الذي ربما يحرق وحدة الحركة الشعبية المنقسمة على نفسها بين “الحلو وعقار”
وتبرأ مالك عقار من قادة الحركة المشاركين في تحالف الحرية والتغيير المناهض للانقلاب، في وقتٍ تمسك نائبه ياسر عرمان بالبقاء في التحالف، لتصبح معركة الانقلاب ومواجهته هي الثقاب الجديد الذي ربما يحرق وحدة الحركة الشعبية المنقسمة على نفسها بين “الحلو وعقار”، ما من شأنه أن يعزز حالة الشقاق العام في سودان ما بعد الانقلاب الذي يمكن أن ينتهي الحال فيه إلى وجود الحركة الشعبية جناح “الحلو” والحركة الشعبية جناح “عرمان” المنقسم عن الحركة الشعبية جناح “مالك عقار”.