الثلاثاء 16 أغسطس 2022 - 15:29

تحت خيمة الأوكسجين، وفي برزخ بين الحياة والموت، عاش السودان أسوأ ثلاثمائة يوم في تاريخه، قضاها بلا لون، ولا طعم، ولا رائحة، قضاها خارج الطقس، بلا هوية دولة، ولا شكل نظام.
هي في الحقيقة ثلاثمائة يوم إلا عشرة، مضت منذ أن أوحى من أوحى، لجنرالات مغامرين، ارتكاب هذه الحماقة الكبرى، التي كادت أن تزهق روح البلاد.
هي في الواقع مجازفة خطيرة، وسوس بها صدر قائد الانقلاب، أول ما وسوس، يوم أن قال ذات ثلاثاء في خواتيم سبتمبر من العام الماضي، بمعسكر للقوات الخاصة بأم درمان: “نحن أوصياء رغم أنف الجميع على البلد، لتحقيق أحلام شبابه، كما نحن أوصياء على وحدة وأمن السودان، وعلى الفترة الانتقالية التي سنذهب بها حيث نشاء”.
ومن المفارقات أن قائد الانقلاب الذي برر لوضع البلاد تحت وصايته، أو وصاية الجيش، بهدف تحقيق أحلام الشباب، قد سقط من هؤلاء الشباب أنفسهم )١١٧( شهيداً، رفضاً لهذه الوصاية، التي حاول “البرهان” وضعها موضع التنفيذ في الخامس والعشرين من أكتوبر، من أجل تحقيق أحلامهم، أو كما قال.
وبدا كأن البرهان الذي كان يتحدث في عيد الجيش أمس من شندي، قد انتبه الآن، والآن فقط، إلى أن الوقت قد تسرب أو نفد، فطفق يذكر ذات الأحزاب التي طردها عن شراكة الحكم بالأمس، بأن الأوضاع التي ترتبت على واقع انقلابه، لم تعد اليوم تحتمل المزيد من التشرزم الذي كانت للانقلابيين اليد الطولى، والقدح المعلى فيه.
ويلمح البرهان، إلى إجراء انتخابات مبكرة إذا فشلت القوى السياسية في التوصل إلى اتفاق على تشكيل حكومة مدنية انتقالية »لا تقصي أحداً«، مشدداً على أن »أوضاع البلاد لا تحتمل المزيد من التمزق والتشرذم والتجاذبات السياسية، وإن الوقت يتسرب سريعاً بينما ينتظر الشعب الحلول الناجعة للأزمات التي يعيشها«.
حالتي
أشهد ألا انتماء الآن، إلا أنني في الآن لا.