السبت 20 أغسطس 2022 - 7:35

الشأن السياسي السوداني ليس حكراً على أحد خاصة عندما تحدق بالبلاد المخاطر

لقاء فولكر مع حزب الأمة كان يهدف لتلمس خطوات مسيرة الحوار عبر الآلية الثلاثية في المرحلة المقبلة.. واعزو فشل المبادرة الثلاثية لهذه الأسباب

دخلنا في نفق طويل مظلم بسبب تباعد الخطط بين المكونات العسكرية والمدنية

تطاول أمد معاناة الشعب السوداني وحُرم من أن يختار بإرادته الحرة من يحكمه!!

اعتقد أن النقد الذاتي للحرية والتغيير خطوة مميزة ولكنها كانت غير دقيقة

هذا رأيي في تضارب تصريحات القيادة في حزب الأمة.. وهؤلاء يريدون الاستثمار في الحاضر خوفاً من المستقبل

التقرير الاستقصائي هو جزء من آليات الادارة الامريكية للتعامل مع الدول وخاصة إفريقيا

في رأيي أن اتفاقية سلام جوبا لم تكن واقعية

قال نائب رئيس حزب الأمة الفريق صديق اسماعيل إن الشأن السوداني ليس حكراً على أحد أو جماعة خاصة عندما تحدق المخاطر بالبلاد لان الازمة السياسية السودانية الآن تنذر بشر مستطير.. واشار إلى ان الذين يدعون ولايتهم المطلقة للشأن العام ويقومون بإقصاء وعزل الآخرين يشكلون المهدد الحقيقي لوحدة الجبهة الداخلية. ودعا الى الاصطفاف لتجاوز الازمات ولإبقاء السودان حراً معافى ،وقال ان المبادرة الاخيرة هي حق وطن مشروع وأداء لواجب وطن يحقق النجاح.. ولفت إلى ان اللقاء بين حزب الأمة والمبعوث الأممي فولكر بيرتيس كان يهدف لتلمس خطوات مسيرة الحوار عبر الآلية الثلاثية في المرحلة القادمة.. وعزا فشل مبادرة فولكر لأن المبادرة كانت تحمل أسباب فشلها داخلها لعدم توافقها على الآليات والتباين في وجهات النظر داخل الآلية.

وامتدح النقد الذاتي لقوى الحرية والتغيير وقال انها لم تكن دقيقة وإنها كانت السبب الاساسي لفشل المرحلة الماضية لحرصها على المناصب والكراسي..

كثير من المحاور ناقشناها مع الفريق صديق من خلال الحوار التالي..

حوار ــ ماجدة عدلان

*نبدأ من حيث انتهت الاحداث، مبادرة الطيب الجد حيث اثارت لغط القوى السياسية والبعض قال انها يمكن ان تكون نافذة وبابا للخروج من الأزمة،و البعض الآخر وصفها بانها مجرد مسرحية هزلية كيزانية محضة؟

احب ان اؤكد ان الشأن السودان ليس حكرا على احد او جماعة وحينما يتعرض الوطن لاي مخاطر يصبح واجبا للجميع السعي لايجاد حلول لدرء تلك المخاطر اضف الى ذلك ان الازمة السياسية تحمل في طياتها نذر خطر مستطير يحدق بالبلاد ويستهدف وجود السودان نفسه لذلك لابد من ايجاد صيغ للتوافق الوطني وحماية البلاد والذين يدعون ولايتهم المطلقة للشأن العام باقصاء وعزل الآخرين يشكلون المهدد الحقيقي لوحدة الجبهة الداخلية نرجو منهم التصدي الوطني والاصطفاف الجمعي لتجاوز الازمات ولابقاء السودان قويا معافى فتيا ويستوعب كذلك جميع ابنائه وبمختلف افكارهم وآرائهم.

اعتقد ان المبادرة هي ممارسة لحق وطني مشروع واداء لواجب وطني يحقق النجاح وذلك متروك لارادة الله وتوفيقه.

* ما رأيك بالمبادرات السابقة؟ ولماذا فشلت مساعي الآلية الثلاثية حيت اشار البعض الى وضع المتاريس امام فولكر ولجنته، برأيك ماهي اسباب الفشل وبماذا خرج فولكر باجتماعه الأخير مع حزب الأمة مؤخراً؟

المبادرات التي طرحت كلها سودانية المنشأ والسعي لايجاد حلول وطنية حق مشروع، والمبادرة الثلاثية التي تقودها الترويكا تحمل في داخلها بذور فنائها لان المبادرة لم تكن متسقة ولم تجد النجاح وهي بدأت متعثرة وكان لابد لها ان تفشل، اضف الى ذلك ان فولكر في لقائه الاخير مع رئيس حزب الامة اكد ان اللقاء كان يهدف لتلمس خطوات مسيرة الحوار عبر الآلية الثلاثية في المرحلة القادمة، كما قلت سابقاً الآلية الثلاثية تحمل فشل مشروعها لعدم توافقها على آليات الحوار وللتباين في وجهات النظر وللفشل في داخلها.

*اقامت قوى الحرية والتغيير ورشة قدمت فيها نقدا للذات وتقييم التجربة الماضية و الاعتراف بالاخطاء.. كيف تقرأ ذلك؟

اعتقد ان قوى الحرية والتغيير بدأت خطوة مميزة وايجابية لكنها كانت غير دقيقة وظلت في المربع الرمادي كان يجب ان تدين نفسها ادانة كاملة وهي السبب الاساسي في فشل المرحلة الانتقالية الماضية وذلك وراء سعيها للمناصب والمغانم الشخصية والتنظيمية لمخاتلة المكون العسكري.. لو التزمت الجانب الوطني وتجردت من الهوى لكان اداؤها افضل.

* ما هى قراءتك لانسحاب المؤسسة العسكرية من المشهد السياسي هل هو تكتيك جديد كما قال المؤتمر الشعبي وماهي فرص نجاح الانتخابات المبكرة برأيك؟

لازلت اعتقد أن المكون العسكري يتحدث عن دوره في مرحلتين، الأولى ما تبقى من المرحلة الانتقالية وهنا يتمسك المكون بدوره كشريك وذلك لتكوينه للمجلس الاعلى للقوات المسلحة واعلانه للتوافق على حكومة تصريف الاعمال وعلى مهامها واختصاصاتها، أما عن مرحلة الانتخابات فإن المكون العسكري يرى أن المؤسسة العسكرية تبقى تحت قيادة الدولة المدنية.والقراءة الصحيحة لهذا الأمر ان المكون العسكري له دور ينظم بموجب مرجعية دستورية بين المكون العسكري والمدنيين.

*قال حزب الأمة في تصريحات سابقة ان تصرفات المندسين لن تثنينا عن التحول الديمقراطي هل تتفق معي ان اخطر ما في حزب الامة بعد الانقسامات هو صراع التصريحات والتصريحات المضادة؟

اولا ان الذي يدعي مثل هذه التصريحات لا يدرك كنهها ولا معناها ،القوى السياسية السودانية اعلنت رغبتها في احداث تحول ديمقراطي منذ سقوط النظام السابق ولكن اختلفت في الوسائل.. البعض يرى ان التحول الديمقراطي يجب ان تتسارع الخطى لتحقيقه بإرادة سياسية جادة، وآخر يراه هدفا تكتيكيا لتبرير وجوده في المسرح السياسي والاستثمار في الحاضر خوفا من المستقبل الذي ليس له منه نصيب، ارى كل الناشطين الاساسيين في القوى السياسية التاريخية او التي نشأت مؤخرا والمنبتين عن الجماهير السودانية والذين يعيشون في فضاء آخر غير فضاء المعاناة والمسغبة والمظالم المتراكمة هم الذين يعرقلون مسيرة التحول الديمقراطي مهما اختلفت مواقعهم ومهما تعددت المكونات السياسية التي ينتمون اليها وانا اسميهم بأشرار المعارضة في المرحلة السابقة الذين يقابلهم اشرار المؤتمر الوطني كأنما الثورة استبدلت اشرارا بأشرار تطاول امد المعاناة الشعبية وحرمان الشعب السوداني من ان يولي امره من يختار بإرادته الحرة.

*يسرب الاعلام السوداني بأن هنالك قرارات وشيكة بإقالة وزراء الحركات المسلحة ؟

هذه احاديث مبنية على تخمينات لا اساس لها والصحيح ان هنالك دعوة لتحقيق توافق وطني لمؤسسات الدولة هذه الاحاديث ينبغي ان لا يروج لها الاعلام.

*اثار تقرير قناة CNNعن تهريب ذهب السودان موجة من الاستياء وسط بعض المتنفذين في هذه المرحلة الحساسة برأيك أين تذهب ثروات بلادنا والشعب يعاني الفقر والجوع و المرض والمسغبة؟

لا شك أن الثروات السودانية كلها منذ قيام مايو قد استهدفت الموارد الأساسية والمصادر الحقيقية للنقد الٲجنبي في السودان ،وكذلك آليات ووسائل تطوير هذه الموارد وتسويقها مثل مشروع انتاج البترول السوداني والسكة الحديد وبعدها جاءت فترة الانقاذ واخذت ما تبقى من ثروات وبذلت جهدا لاستخراج البترول السوداني وتسويقه رغم العائدات الكبيرة للبترول الا ان الانهيار الاقتصادي كان يحدق بالسودان ثم قيض الله للشعب السوداني التعدين الاهلي الذي فجر هذه الامكانيات لكنه لم يجد حسن الاداء والضبط وسلامة التسويق.. استمعت للتقرير الذي اصدرته القناة الفضائية الامريكية واطلعت على البيان الذي اصدرته الشركة السودانية للمعادن واستمعت الى خبراء اقتصاديين حيث وجدت هناك تباينا في المعلومات وغيابا كاملا للحقيقة، الذي قدمته الفضائية الامريكية ليس دقيقا بشأن تهريب الذهب لسوء ادارة هذا المورد المهم حيث اثبتت الوقائع مسألة التهريب في مطار الخرطوم او مناطق الانتاج واعتقد ان البيان الاستقصائي هو جزء من آليات الادارة الامريكية واللوبيات الامريكية في التعامل مع الحكومات والدول الاخرى خاصة في افريقيا.

* نتساءل عن تعدد ووجود الحركات المسلحة داخل المدن ،ترى ما خطورة وجودها في الخرطوم وهل اتفاق جوبا يلزم هذه الحركات بالبقاء في المدن؟

اتفاق جوبا يوجب على الحركات المسلحة جميعها ان تبقى في معسكرات تم التوافق عليها وعلى ضرورة ان تكون على مسافة عشرين كيلومترا من العواصم، وان يكون هناك تنظيم لحركة هذه القوات دخولا وخروجا لتلك العواصم ولكن ذلك لم يحدث مما خلق هذا الواقع الأمني الخطير.. يجب أن نبدأ الآن باخراج كل قوات الكفاح المسلح واعادتها الى مكانها والى مراكز تجمعاتها المتفق عليها وان نلتزم بالاتفاقات المتعلقة بالترتيبات الأمنية حتى ننهي اي وجود عسكري خارج المؤسسة العسكرية، أرى أن اتفاقية الترتيبات الأمنية لم تكن واقعية لذلك وجب على اطرافها اعادة النظر بما يتضمن الاعتراف بحقوق الآخرين والوفاء به وفقاً للامكانيات المتاحة حتى نستطيع ان ننهي هذا التشوه الذي اصاب المجتمع السوداني في مكوناته عامة.

* إذن ما هي قراءتك للشارع الذي يقود ثورة ومدا ثوريا يتصاعد منذ 25 اكتوبر والى الآن فمن يقود الشارع الآن? وكيف نستطيع تحييد الشارع وحل الازمة؟

المسرح السياسي السوداني في مقاومته لنظام الانقاذ منذ سنة 89 تعددت وسائله ومحطاته وكان نتيجة ذلك كله التراكم الثوري والمعارضة الوطنية بقيام ثورة ديسمبر المجيدة بتباين وجهات نظر بعض مكونات الساحة السياسية ومحاولة آخرين الاستئثار على اطراف كانوا أكثر عطاء وتضحية في المقاومة وظهور مجموعة من الانتهازيين والوصوليين ادى الى فشل القيادة السياسية بالمسرح السياسي السوداني فظهرت مجموعات تفتقر للتجربة والخبرة ولكنها تعاني حالة الاحباط والخوف من المستقبل السياسي الذي ينتظرهم بارادة الشعب فلجأوا لاستعمال وسائل اخرى تقاوم الاستقرار والتحول الديمقراطي بمعرفة وبلا معرفة وبوعي وبلا وعي وصنعت مجموعات من الشباب تم حقنهم بمعلومات غير دقيقة جعلت بعضهم ينشط في مواقفه المتعلقة بمقاومة ادارة البلاد منذ تولي رئيس الوزراء السابق حتى انقلاب 25 اكتوبر الذي اعطاهم وقودا آخر ومبررا آخر نتيجته التخريب للبينة التحتية وتعطيل دولاب العمل ومصادرة مشاعر السودانيين والخروج عن مبدأ السلمية الى المواجهة.. يعني الانتقال من مربع المقاومة الى المواجهة فقدم هؤلاء الشباب ارواحا زكية وأريقت دماء غالية ولم يتحقق التغيير الذي يتطلعون إليه بوسيلة المواجهة فعادت هذه القيادات الى مربع المقاومة السلمية فكانت جلسات الحوار وتراجع عن اللاءات الثلاث مما ادى للوصول لمحطة التجارب وبناء الكتلة المدنية الوطنية للتوافق مع المكون العسكري لاقامة الحكم الديمقراطي المدني.

* بعض القوى السياسية قالت إن السودان ومنذ انقلاب 25 اكتوبر متدحرج نحو الهاوية؟

هذه حقيقة ونسبة للشد والجذب بتباعد الخطط بين المكونات المدنية والعسكرية فيما بينها ،والمدنية فيما بينها ايضا جعل البلاد تدخل في نفق عمودي مظلم ويجب علينا جميعا ان نعمل على الحيلولة دون ارتطام رأسي بقاعدة ذلك النفق وهذه مسؤولية الجميع مدنيين و عسكريين شيوخا او شبابا سياسيين وناشطين بعمل الممكن لننقذ به البلاد من التشظي الذي تنذر به كل النذر الآن.

* قدمت الباحثة الاستراتيجية والسياسية بمركز الاهرام الدكتورة اماني الطويل تساؤلا مشروعا: هل ينجح المدنيون في انقاذ السودان ما رأيك؟

نعم.. ان المدنيين قادرون على انقاذ وطنهم إذا توافرت لهم الارادة الوطنية الخالصة المجردة من الهوى والغرض والتبعية، المشبعة بروح الوطنية والقيم الاخلاقية والدينية التي عرف بها الشعب السوداني.