الإثنين 5 سبتمبر 2022 - 13:28
_ اعتبر كثيرون أن إرسال الولايات المتحدة الأمريكية سفيرها الجديد، جون غودفري، إلى السودان بعد عقود من القطيعة وفي ظل الأزمة السياسية الحالية التي تعيشها البلاد منذ ما يقارب عام، ربما هي رسالة من واشنطن بأنها تعتزم التدخل بشكل مباشر لإنهاء الوضع الراهن واستكمال المسار الديمقراطي، علاوة على عدم ترك فراغ قد تقوم جهات أخرى بشغله.
فما هي المهام المكلف بها وسر زياراته ولقاءاته بعدد من القوى السياسية والأحزاب بعد ساعات من وصوله إلى الخرطوم؟
بداية يقول الكاتب والمحلل السياسي السوداني، عثمان ميرغني، إن “الولايات المتحدة الأمريكية لها دور بارز في السياسة السودانية خلال فترة النظام السابق، حيث أدرجت النظام في قائمة الدول الراعية للإرهاب، وبناء عليه حددت عقوبات سياسية واقتصادية ظلت لفترة طويلة تمثل مشكلة بالنسبة للخرطوم، وعطلت مسيرة السودان للخروج من المأزق الاقتصادي الذي كان يعاني منه”.
أدوات الضغط
وأضاف في حديثه حسب “سبوتنيك”، أنه “بعد الثورة تحمست الولايات المتحدة الأمريكية للسودان وأخرجته من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وبذلت مجهود كبير من أجل تخفيف الديون عن كاهله، وكانت تتمنى أن تسير المرحلة الانتقالية بشكل ميسر، والآن بعد الانتكاسة التي أصابت الثورة عقب الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي 2021، هنا تعاظم الدور الأمريكي في محاولة لاستعادة الفترة الانتقالية مرة أخرى، رغم أن هناك آلية ثلاثية موجودة الآن ممثل فيها الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد والأمم المتحدة، إلا أن الولايات المتحدة هي التي تلعب الدور الرئيسي في تحريك الأوضاع السياسية في البلاد، باعتبار أنها الأكثر قدرة على استخدام أدوات الضغط تجاه كل اللاعبين السياسيين من الحكومة والمعارضة معا”.
إضافة رمزية
وتابع ميرغني، الآن وجود السفير الأمريكي قد لا يكون أكثر من إضافة رمزية، على اعتبار أن السفارة الأمريكية حتى في وجود القائم بالأعمال، أو كل الذين تولوا إدارة البعثة الأمريكية خلال الفترة الماضية، كانوا مؤثرين جدا وفاعلين في المشهد السياسي، ومجيء السفير في هذا التوقيت يعطيها قوة دفع أكبر، “لكن لا أعتقد أنه سوف يزيد من التدخل الأمريكي في الشأن السوداني، بل سوف يزيد من حجم الاتصال المباشر بين الإدارة الأمريكية واللاعبين الأساسيين في السودان”.
وأشار المحلل السياسي إلى أن جولات ولقاءات السفير الأمريكي الجديد مع القوى السياسية والمعارضة وأسر الشهداء ومجلس السيادة، هى محاولات لإحداث نوع من التوازن السياسي، ومحاولة تصحيح الصورة الذهنية التي وصلت إلى البعض بأن الولايات المتحدة الأمريكية تدعم الانقلاب، حيث أنها أكملت تمثيلها الدبلوماسي في لحظة يعاني فيها السودان وتحاول أن تقدم له جائزة في شكل اعتراف غير مباشر عن طريق تعيين سفيرها في البلاد، لذا تحاول واشنطن الآن تصحيح تلك الصورة بلقاء قوى الشارع والمعارضة والتي تعد الممثل الحقيقي للشعب السوداني، وأن إرادة الشعب هى التي يجب أن تكون فوق كل إرادة أخرى، ووضح ذلك في البيان الأول الذي أصدره السفير الأمريكي وخاطب به الشعب قائلا “إنه جاء ليعمق علاقة بلاده والشعب السوداني ولم يستخدم كلمة حكومة، وهي محاولة لإحداث نوع من التوازن في البلاد”.
حكومة مدنية
من جانبه يقول الخبير العسكري والاستراتيجي السوداني، الفريق جلال تاور، من المؤكد أن السفير الأمريكي “جون غودفري” والذي وصل إلى الخرطوم، يمثل السياسة الأمريكية تجاه السودان خاصة بعد الأزمة من 25 أكتوبر الماضي وحتى الآن، حيث كانت واشنطن ترسل وجهة نظرها عبر مندوبين ومبعوثين، أما الآن فقد وصل السفير نفسه مبعوثا من الحكومة الأمريكية بموافقة كلا الحزبين، ليمثل سياسة واشنطن في المنطقة وتجاه الحكومة الحالية.
وأضاف في حديثه ، أن “السفير الأمريكي كان صريحا منذ اللحظات الأولى لوصوله إلى الخرطوم، بأنه يتطلع إلى العمل مع حكومة مدنية، وترجم هذا التوجه بتحركات حرة مع كل الأطراف السودانية والفاعلين في المشهد السياسي، لكن مجمل حديثه أنه كان يتحدث عن حكومة “مدنية”، نعم البرهان أعلن أنه تنحى ليتولى المدنيين السلطة، لكن المدنيين لم يلتقوا على كلمة حتى الآن، وعلى ما يبدوا أن الطريق طويل، حيث أن لخطوة الوحيدة التي تحرك فيها المشهد السياسي السوداني إلى الأمام كانت عن طريق المبعوثة الأمريكية والسفير السعودي في الخرطوم”.
صراعات المنطقة
وأوضح تاور أن أهمية تواجد السفير الأمريكي تأتي من أهمية السودان بالنسبة لواشنطن، حيث توجد لها أكبر سفارة في الشرق الأوسط، علاوة على أن المنطقة كلها الآن تعيش في صراعات وتخشى أمريكا أن يدخل السودان في هذا المعترك، خاصة بعد ظهور مشاكل قبلية وصراعات جديدة وأزمات في ليبيا، الأمر الذي جعل الثوار الآن محط أنظار الإدارة الأمريكية في سعيها لإثبات وجودها حتى لا تسيطر روسيا أو الصين أو المعسكر المناوئ لها، وهناك إعلان واضح من الرئيس الأمريكي يقول فيه “لن نخلي الساحة للآخرين”.
قدم السفير الأمريكي لدى السودان، جون غودفري،الخميس الماضي، أوراق اعتماده إلى رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، ليصبح أول سفير أمريكي في البلاد منذ نحو 25 عاماً.
وقال غودفري، في بيان نشره حساب السفارة الأمريكية على “فيسبوك” (أنشطة شركة “ميتا”، التي تضم شبكتي التواصل الاجتماعي “فيسبوك” و”إنستغرام”، محظورة في روسيا، باعتبارها متطرفة): “كما تعرفون، لم يكن هناك سفير أمريكي لدى السودان منذ أكثر من 25 سنة، تم توقيع اتفاقية لتبادل السفراء في سنة 2019، عندما عززت الولايات المتحدة العلاقات مع الحكومة الانتقالية السابقة”.
وأضاف غودفري أن “وصوله إلى الخرطوم يعكس التزام الولايات المتحدة لتعميق العلاقات بين الشعب السوداني والشعب الأمريكي”، مشيراً إلى أن الروابط بين الشعبين تمثل نقطة محورية في أي علاقات ثنائية.
وأكد ضرورة ابتعاد الجيش السوداني عن السياسة، بمجرد تأسيس حكومة سودانية في البلاد، داعياً جميع القوى السياسية إلى الدخول في حوار شامل لتشكيل حكومة مدنية جديدة.
ورفعت الولايات المتحدة في عام 2020 اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بعد نحو ثلاثة عقود، حيث أدرجت واشنطن اسم السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب، عام 1993، واتهمت الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، بدعم وإيواء جماعات إرهابية، بينها تنظيم القاعدة الإرهابي المحظور في روسيا.
ويشهد السودان احتجاجات متواصلة في عدة مدن وولايات، تلبية لدعوات من قوى سياسية تعارض الإجراءات التي اتخذها رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، في 25 أكتوبر الماضي.
وتضمنت الإجراءات، إعادة تشكيل المجلس السيادي واعتقال عدد من المسؤولين والإطاحة بحكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ووضعه قيد الإقامة الجبرية قبل أن يعيده إلى منصبه بموجب اتفاق بينهما، في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021.
ومع ذلك، أعلن حمدوك في 2 يناير/ كانون الثاني الماضي، استقالته رسميا من منصبه على وقع الاحتجاجات الرافضة للاتفاق السياسي بينه وبين البرهان.
_ اعتبر كثيرون أن إرسال الولايات المتحدة الأمريكية سفيرها الجديد، جون غودفري، إلى السودان بعد عقود من القطيعة وفي ظل الأزمة السياسية الحالية التي تعيشها البلاد منذ ما يقارب عام، ربما هي رسالة من واشنطن بأنها تعتزم التدخل بشكل مباشر لإنهاء الوضع الراهن واستكمال المسار الديمقراطي، علاوة على عدم ترك فراغ قد تقوم جهات أخرى بشغله.
فما هي المهام المكلف بها وسر زياراته ولقاءاته بعدد من القوى السياسية والأحزاب بعد ساعات من وصوله إلى الخرطوم؟
بداية يقول الكاتب والمحلل السياسي السوداني، عثمان ميرغني، إن “الولايات المتحدة الأمريكية لها دور بارز في السياسة السودانية خلال فترة النظام السابق، حيث أدرجت النظام في قائمة الدول الراعية للإرهاب، وبناء عليه حددت عقوبات سياسية واقتصادية ظلت لفترة طويلة تمثل مشكلة بالنسبة للخرطوم، وعطلت مسيرة السودان للخروج من المأزق الاقتصادي الذي كان يعاني منه”.
أدوات الضغط
وأضاف في حديثه حسب “سبوتنيك”، أنه “بعد الثورة تحمست الولايات المتحدة الأمريكية للسودان وأخرجته من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وبذلت مجهود كبير من أجل تخفيف الديون عن كاهله، وكانت تتمنى أن تسير المرحلة الانتقالية بشكل ميسر، والآن بعد الانتكاسة التي أصابت الثورة عقب الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي 2021، هنا تعاظم الدور الأمريكي في محاولة لاستعادة الفترة الانتقالية مرة أخرى، رغم أن هناك آلية ثلاثية موجودة الآن ممثل فيها الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد والأمم المتحدة، إلا أن الولايات المتحدة هي التي تلعب الدور الرئيسي في تحريك الأوضاع السياسية في البلاد، باعتبار أنها الأكثر قدرة على استخدام أدوات الضغط تجاه كل اللاعبين السياسيين من الحكومة والمعارضة معا”.
إضافة رمزية
وتابع ميرغني، الآن وجود السفير الأمريكي قد لا يكون أكثر من إضافة رمزية، على اعتبار أن السفارة الأمريكية حتى في وجود القائم بالأعمال، أو كل الذين تولوا إدارة البعثة الأمريكية خلال الفترة الماضية، كانوا مؤثرين جدا وفاعلين في المشهد السياسي، ومجيء السفير في هذا التوقيت يعطيها قوة دفع أكبر، “لكن لا أعتقد أنه سوف يزيد من التدخل الأمريكي في الشأن السوداني، بل سوف يزيد من حجم الاتصال المباشر بين الإدارة الأمريكية واللاعبين الأساسيين في السودان”.
وأشار المحلل السياسي إلى أن جولات ولقاءات السفير الأمريكي الجديد مع القوى السياسية والمعارضة وأسر الشهداء ومجلس السيادة، هى محاولات لإحداث نوع من التوازن السياسي، ومحاولة تصحيح الصورة الذهنية التي وصلت إلى البعض بأن الولايات المتحدة الأمريكية تدعم الانقلاب، حيث أنها أكملت تمثيلها الدبلوماسي في لحظة يعاني فيها السودان وتحاول أن تقدم له جائزة في شكل اعتراف غير مباشر عن طريق تعيين سفيرها في البلاد، لذا تحاول واشنطن الآن تصحيح تلك الصورة بلقاء قوى الشارع والمعارضة والتي تعد الممثل الحقيقي للشعب السوداني، وأن إرادة الشعب هى التي يجب أن تكون فوق كل إرادة أخرى، ووضح ذلك في البيان الأول الذي أصدره السفير الأمريكي وخاطب به الشعب قائلا “إنه جاء ليعمق علاقة بلاده والشعب السوداني ولم يستخدم كلمة حكومة، وهي محاولة لإحداث نوع من التوازن في البلاد”.
حكومة مدنية
من جانبه يقول الخبير العسكري والاستراتيجي السوداني، الفريق جلال تاور، من المؤكد أن السفير الأمريكي “جون غودفري” والذي وصل إلى الخرطوم، يمثل السياسة الأمريكية تجاه السودان خاصة بعد الأزمة من 25 أكتوبر الماضي وحتى الآن، حيث كانت واشنطن ترسل وجهة نظرها عبر مندوبين ومبعوثين، أما الآن فقد وصل السفير نفسه مبعوثا من الحكومة الأمريكية بموافقة كلا الحزبين، ليمثل سياسة واشنطن في المنطقة وتجاه الحكومة الحالية.
وأضاف في حديثه ، أن “السفير الأمريكي كان صريحا منذ اللحظات الأولى لوصوله إلى الخرطوم، بأنه يتطلع إلى العمل مع حكومة مدنية، وترجم هذا التوجه بتحركات حرة مع كل الأطراف السودانية والفاعلين في المشهد السياسي، لكن مجمل حديثه أنه كان يتحدث عن حكومة “مدنية”، نعم البرهان أعلن أنه تنحى ليتولى المدنيين السلطة، لكن المدنيين لم يلتقوا على كلمة حتى الآن، وعلى ما يبدوا أن الطريق طويل، حيث أن لخطوة الوحيدة التي تحرك فيها المشهد السياسي السوداني إلى الأمام كانت عن طريق المبعوثة الأمريكية والسفير السعودي في الخرطوم”.
صراعات المنطقة
وأوضح تاور أن أهمية تواجد السفير الأمريكي تأتي من أهمية السودان بالنسبة لواشنطن، حيث توجد لها أكبر سفارة في الشرق الأوسط، علاوة على أن المنطقة كلها الآن تعيش في صراعات وتخشى أمريكا أن يدخل السودان في هذا المعترك، خاصة بعد ظهور مشاكل قبلية وصراعات جديدة وأزمات في ليبيا، الأمر الذي جعل الثوار الآن محط أنظار الإدارة الأمريكية في سعيها لإثبات وجودها حتى لا تسيطر روسيا أو الصين أو المعسكر المناوئ لها، وهناك إعلان واضح من الرئيس الأمريكي يقول فيه “لن نخلي الساحة للآخرين”.
قدم السفير الأمريكي لدى السودان، جون غودفري،الخميس الماضي، أوراق اعتماده إلى رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، ليصبح أول سفير أمريكي في البلاد منذ نحو 25 عاماً.
وقال غودفري، في بيان نشره حساب السفارة الأمريكية على “فيسبوك” (أنشطة شركة “ميتا”، التي تضم شبكتي التواصل الاجتماعي “فيسبوك” و”إنستغرام”، محظورة في روسيا، باعتبارها متطرفة): “كما تعرفون، لم يكن هناك سفير أمريكي لدى السودان منذ أكثر من 25 سنة، تم توقيع اتفاقية لتبادل السفراء في سنة 2019، عندما عززت الولايات المتحدة العلاقات مع الحكومة الانتقالية السابقة”.
وأضاف غودفري أن “وصوله إلى الخرطوم يعكس التزام الولايات المتحدة لتعميق العلاقات بين الشعب السوداني والشعب الأمريكي”، مشيراً إلى أن الروابط بين الشعبين تمثل نقطة محورية في أي علاقات ثنائية.
وأكد ضرورة ابتعاد الجيش السوداني عن السياسة، بمجرد تأسيس حكومة سودانية في البلاد، داعياً جميع القوى السياسية إلى الدخول في حوار شامل لتشكيل حكومة مدنية جديدة.
ورفعت الولايات المتحدة في عام 2020 اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بعد نحو ثلاثة عقود، حيث أدرجت واشنطن اسم السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب، عام 1993، واتهمت الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، بدعم وإيواء جماعات إرهابية، بينها تنظيم القاعدة الإرهابي المحظور في روسيا.
ويشهد السودان احتجاجات متواصلة في عدة مدن وولايات، تلبية لدعوات من قوى سياسية تعارض الإجراءات التي اتخذها رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، في 25 أكتوبر الماضي.
وتضمنت الإجراءات، إعادة تشكيل المجلس السيادي واعتقال عدد من المسؤولين والإطاحة بحكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ووضعه قيد الإقامة الجبرية قبل أن يعيده إلى منصبه بموجب اتفاق بينهما، في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021.
ومع ذلك، أعلن حمدوك في 2 يناير/ كانون الثاني الماضي، استقالته رسميا من منصبه على وقع الاحتجاجات الرافضة للاتفاق السياسي بينه وبين البرهان.