الأحد 11 سبتمبر 2022 - 7:34
المصدر / جريدة العرب اللندنية
الولايات المتحدة الأميركية تبدي تحفظا حيال الأزمة السياسية في السودان.
نيويورك – وصف مراقبون سودانيون تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش التي طالب فيها رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو “حميدتي” بـ”الانسحاب” من المشهد السياسي، بأنها تؤشر إلى موقف أميركي يريد عودة المدنيين إلى الحكم وانسحاب الجيش الذي أغرق العملية السياسية في السودان في المناورات الجانبية.
وقال المراقبون إن الولايات المتحدة تلعب على واجهتين؛ الانفتاح على المجلس العسكري والضغط عليه لتقديم تنازلات، وفي نفس الوقت الإعلان عن دعم علني للمدنيين وضرورة عودة الديمقراطية، وهي تريد من الأمم المتحدة أن تعبر عن موقف لا تريد واشنطن أن تعبر عنه بشكل علني.
ومنذ أيام جدد السفير الأميركي الجديد لدى الخرطوم جون غودفري التأكيد على دعم بلاده لرغبة الشعب السوداني في “تعزيز التقدم الانتقالي الديمقراطي تحت رعاية حكومة مدنية”، إلا أن محللين يقولون إن الولايات المتحدة لم تمارس ضغوطا حقيقية من أجل استعادة المسار الديمقراطي في السودان.
غوتيريش يرفض اتخاذ مواقف قوية في قضايا خلافية، لكنه اليوم مدعوم من واشنطن في تصريحاته ضد الجيش السوداني
وقال المراقبون إن واشنطن لم تغادر مربع التردد حيال الأزمة السياسية في السودان، إذ أنها تحاول المراوحة بين دعم المدنيين وعدم إغضاب المكون العسكري المسيطر على السلطة منذ الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي.
ويعزو المراقبون تردد واشنطن في اتخاذ خطوات ضاغطة على قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، إلى مصالحها الإستراتيجية في السودان والتي باتت مهددة بالنفوذ الروسي.
ويخشى الأميركيون استمالة موسكو للجيش السوداني على حسابها، إذ تسعى روسيا منذ مدة لعقد اتفاقيات مع الخرطوم من بينها استغلال ميناء بورتسودان الإستراتيجي.
وقال غودفري “سأعمل على تحقيق أحلام الشعب السوداني في الحرية والسلام والعدالة”.
ومنذ الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 يشهد السودان احتجاجات شعبية تطالب بعودة الحكم المدني وترفض إجراءات استثنائية فرضها رئيس مجلس السيادة الانتقالي قائد الجيش عبدالفتاح البرهان.
ويعتبر الرافضون هذه الإجراءات “انقلابا عسكريا”، بينما قال البرهان إنها تهدف إلى “تصحيح مسار المرحلة الانتقالية”، وتعهد بتسليم السلطة بعد إجراء انتخابات أو توافق وطني.
وغودفري هو أول سفير لواشنطن في الخرطوم منذ نحو 25 عاما، حيث أغلقت واشنطن سفارتها في السودان عام 1996، بعد أن أدرجته على قائمة ما تعتبرها “دولا راعية للإرهاب” لاستضافته زعيم تنظيم القاعدة آنذاك أسامة بن لادن.
وأعادت واشنطن فتح السفارة في عام 2002، لكنها اكتفت بإرسال قائمين بالأعمال وظلّ التمثيل الدبلوماسي دون مستوى السفير.
وفي مايو 2020 عيّنت الخرطوم أول سفير لدى واشنطن بعد شغور المنصب لأكثر من 20 عاما، في خطوة لتطبيع العلاقات بين البلدين.
صدى الاحتجاجات يترجمه أنطونيو غوتيريش بتصريحات نارية
وفي الثالث والعشرين من أكتوبر من العام ذاته، شكر رئيس الوزراء السوداني حينها عبدالله حمدوك الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب على توقيعه أمرا تنفيذيا برفع اسم السودان من قائمة “الدول الراعية للإرهاب”.
وعادة ما ينأى الأمين العام للأمم المتحدة بنفسه عن اتخاذ مواقف قوية في قضايا خلافية، لكن يبدو أنه وجد نفسه مدعوما من واشنطن في تصريحاته القوية ضد قادة الجيش السوداني.
وقال غوتيريش “نقرّ بالتزام المؤسسة العسكرية بسحب الجيش من الحياة السياسية بمجرد تشكيل حكومة مدنية جديدة”. وأكد تشجيع واشنطن كل الفاعلين “للمشاركة في حوار شامل لتأسيس حكومة مدنية جديدة واستعادة الانتقال الديمقراطي”.
وأردف “حان الوقت لتأسيس حكومة مدنية تتمتع بالمصداقية، وهي خطوة مهمة تساعد على استئناف المساعدات للحكومة، وقد تساعد السودان في الخروج من الأزمات السياسية والاقتصادية وتعزيز التعاون مع الولايات المتحدة”.
وجاء ذلك في التقرير ربع السنوي الذي أصدره غوتيريش بشأن الوضع في السودان، وأنشطة بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لمساعدة الانتقال في السودان “يونيتامس”.
وطالب غوتيريش البرهان بـ”ترجمة أقواله إلى أفعال وتنفيذ الالتزامات التي قطعها مع نائبه بالانسحاب من المشهد السياسي )في الرابع يوليو الماضي( لإفساح المجال أمام القوى المدنية للاتفاق على تشكيل الحكومة واستكمال الهياكل الانتقالية”.
غوتيريش يطالب البرهان بـترجمة أقواله إلى أفعال وتنفيذ الالتزامات التي قطعها مع نائبه بالانسحاب من المشهد السياسي لإفساح المجال أمام القوى المدنية للاتفاق على تشكيل الحكومة
وبحسب التقرير، قال غوتيريش “كما أحث جميع القادة على وضع المصالح الوطنية في المقام الأول وإيجاد مخرج من المأزق السياسي الحالي”.
وأكد أن “التوصل إلى حل للمأزق الحالي أصبح أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، ولن يتم تحقيقه إلا من خلال الحوار السياسي الذي يوفر مسارا موثوقا به إلى انتقال ديمقراطي شرعي بقيادة مدنية”.
وحذر غوتيريش من مغبة “استمرار الأزمة السياسية في السودان دون حل، والانزلاق بعيدا من جراء عدم وجود حل سياسي، وانتقال ديمقراطي حقيقي”.
وأضاف “لا تزال مقاومة الانقلاب العسكري والمطالبة بعودة الحكم المدني قائمة”.
وأردف “رغم سلمية معظم الاحتجاجات، فإن قوات الأمن لجأت باستمرار إلى استخدام الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه والرصاص المطاطي والقنابل الصوتية، ما يؤدي إلى سقوط ضحايا ومصابين”.
ويغطي التقرير الأممي الذي حصلت الأناضول على نسخة منه التطورات الحاصلة في السودان في الفترة من السادس مايو إلى العشرين من أغسطس 2022.
وفي الرابع يوليو الماضي أعلن البرهان أنه “بعد تشكيل الحكومة التنفيذية سيتم حل مجلس السيادة وتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة من القوات المسلحة والدعم السريع”.
ويشهد السودان منذ الخامس والعشرين أكتوبر الماضي احتجاجات ترفض إجراءات استثنائية اتخذها البرهان، أبرزها فرض حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين.
وقبل تلك الإجراءات كان السودان يعيش منذ الحادي والعشرين أغسطس 2019 مرحلة انتقالية تستمر 53 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات مطلع عام 2024.
المصدر / جريدة العرب اللندنية
الولايات المتحدة الأميركية تبدي تحفظا حيال الأزمة السياسية في السودان.
نيويورك – وصف مراقبون سودانيون تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش التي طالب فيها رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو “حميدتي” بـ”الانسحاب” من المشهد السياسي، بأنها تؤشر إلى موقف أميركي يريد عودة المدنيين إلى الحكم وانسحاب الجيش الذي أغرق العملية السياسية في السودان في المناورات الجانبية.
وقال المراقبون إن الولايات المتحدة تلعب على واجهتين؛ الانفتاح على المجلس العسكري والضغط عليه لتقديم تنازلات، وفي نفس الوقت الإعلان عن دعم علني للمدنيين وضرورة عودة الديمقراطية، وهي تريد من الأمم المتحدة أن تعبر عن موقف لا تريد واشنطن أن تعبر عنه بشكل علني.
ومنذ أيام جدد السفير الأميركي الجديد لدى الخرطوم جون غودفري التأكيد على دعم بلاده لرغبة الشعب السوداني في “تعزيز التقدم الانتقالي الديمقراطي تحت رعاية حكومة مدنية”، إلا أن محللين يقولون إن الولايات المتحدة لم تمارس ضغوطا حقيقية من أجل استعادة المسار الديمقراطي في السودان.
غوتيريش يرفض اتخاذ مواقف قوية في قضايا خلافية، لكنه اليوم مدعوم من واشنطن في تصريحاته ضد الجيش السوداني
وقال المراقبون إن واشنطن لم تغادر مربع التردد حيال الأزمة السياسية في السودان، إذ أنها تحاول المراوحة بين دعم المدنيين وعدم إغضاب المكون العسكري المسيطر على السلطة منذ الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي.
ويعزو المراقبون تردد واشنطن في اتخاذ خطوات ضاغطة على قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، إلى مصالحها الإستراتيجية في السودان والتي باتت مهددة بالنفوذ الروسي.
ويخشى الأميركيون استمالة موسكو للجيش السوداني على حسابها، إذ تسعى روسيا منذ مدة لعقد اتفاقيات مع الخرطوم من بينها استغلال ميناء بورتسودان الإستراتيجي.
وقال غودفري “سأعمل على تحقيق أحلام الشعب السوداني في الحرية والسلام والعدالة”.
ومنذ الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 يشهد السودان احتجاجات شعبية تطالب بعودة الحكم المدني وترفض إجراءات استثنائية فرضها رئيس مجلس السيادة الانتقالي قائد الجيش عبدالفتاح البرهان.
ويعتبر الرافضون هذه الإجراءات “انقلابا عسكريا”، بينما قال البرهان إنها تهدف إلى “تصحيح مسار المرحلة الانتقالية”، وتعهد بتسليم السلطة بعد إجراء انتخابات أو توافق وطني.
وغودفري هو أول سفير لواشنطن في الخرطوم منذ نحو 25 عاما، حيث أغلقت واشنطن سفارتها في السودان عام 1996، بعد أن أدرجته على قائمة ما تعتبرها “دولا راعية للإرهاب” لاستضافته زعيم تنظيم القاعدة آنذاك أسامة بن لادن.
وأعادت واشنطن فتح السفارة في عام 2002، لكنها اكتفت بإرسال قائمين بالأعمال وظلّ التمثيل الدبلوماسي دون مستوى السفير.
وفي مايو 2020 عيّنت الخرطوم أول سفير لدى واشنطن بعد شغور المنصب لأكثر من 20 عاما، في خطوة لتطبيع العلاقات بين البلدين.
صدى الاحتجاجات يترجمه أنطونيو غوتيريش بتصريحات نارية
وفي الثالث والعشرين من أكتوبر من العام ذاته، شكر رئيس الوزراء السوداني حينها عبدالله حمدوك الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب على توقيعه أمرا تنفيذيا برفع اسم السودان من قائمة “الدول الراعية للإرهاب”.
وعادة ما ينأى الأمين العام للأمم المتحدة بنفسه عن اتخاذ مواقف قوية في قضايا خلافية، لكن يبدو أنه وجد نفسه مدعوما من واشنطن في تصريحاته القوية ضد قادة الجيش السوداني.
وقال غوتيريش “نقرّ بالتزام المؤسسة العسكرية بسحب الجيش من الحياة السياسية بمجرد تشكيل حكومة مدنية جديدة”. وأكد تشجيع واشنطن كل الفاعلين “للمشاركة في حوار شامل لتأسيس حكومة مدنية جديدة واستعادة الانتقال الديمقراطي”.
وأردف “حان الوقت لتأسيس حكومة مدنية تتمتع بالمصداقية، وهي خطوة مهمة تساعد على استئناف المساعدات للحكومة، وقد تساعد السودان في الخروج من الأزمات السياسية والاقتصادية وتعزيز التعاون مع الولايات المتحدة”.
وجاء ذلك في التقرير ربع السنوي الذي أصدره غوتيريش بشأن الوضع في السودان، وأنشطة بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لمساعدة الانتقال في السودان “يونيتامس”.
وطالب غوتيريش البرهان بـ”ترجمة أقواله إلى أفعال وتنفيذ الالتزامات التي قطعها مع نائبه بالانسحاب من المشهد السياسي )في الرابع يوليو الماضي( لإفساح المجال أمام القوى المدنية للاتفاق على تشكيل الحكومة واستكمال الهياكل الانتقالية”.
غوتيريش يطالب البرهان بـترجمة أقواله إلى أفعال وتنفيذ الالتزامات التي قطعها مع نائبه بالانسحاب من المشهد السياسي لإفساح المجال أمام القوى المدنية للاتفاق على تشكيل الحكومة
وبحسب التقرير، قال غوتيريش “كما أحث جميع القادة على وضع المصالح الوطنية في المقام الأول وإيجاد مخرج من المأزق السياسي الحالي”.
وأكد أن “التوصل إلى حل للمأزق الحالي أصبح أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، ولن يتم تحقيقه إلا من خلال الحوار السياسي الذي يوفر مسارا موثوقا به إلى انتقال ديمقراطي شرعي بقيادة مدنية”.
وحذر غوتيريش من مغبة “استمرار الأزمة السياسية في السودان دون حل، والانزلاق بعيدا من جراء عدم وجود حل سياسي، وانتقال ديمقراطي حقيقي”.
وأضاف “لا تزال مقاومة الانقلاب العسكري والمطالبة بعودة الحكم المدني قائمة”.
وأردف “رغم سلمية معظم الاحتجاجات، فإن قوات الأمن لجأت باستمرار إلى استخدام الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه والرصاص المطاطي والقنابل الصوتية، ما يؤدي إلى سقوط ضحايا ومصابين”.
ويغطي التقرير الأممي الذي حصلت الأناضول على نسخة منه التطورات الحاصلة في السودان في الفترة من السادس مايو إلى العشرين من أغسطس 2022.
وفي الرابع يوليو الماضي أعلن البرهان أنه “بعد تشكيل الحكومة التنفيذية سيتم حل مجلس السيادة وتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة من القوات المسلحة والدعم السريع”.
ويشهد السودان منذ الخامس والعشرين أكتوبر الماضي احتجاجات ترفض إجراءات استثنائية اتخذها البرهان، أبرزها فرض حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين.
وقبل تلك الإجراءات كان السودان يعيش منذ الحادي والعشرين أغسطس 2019 مرحلة انتقالية تستمر 53 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات مطلع عام 2024.