الخميس 15 سبتمبر 2022 - 15:39
تقرير: هبة محمود
ربما لا تبدو عصية ومنذ الوهلة الأولى، عملية الادراك حيال المشهد السياسي العام، ان جانب الاصطفاف نحو المعسكر الغربي الامريكي، هو ما ينحو اليه وبقوة رئيس مجلس السيادة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان، بعد أن آثر الابتعاد عن المعسكر الروسي الصيني، بخلاف ما انتهجته سياسة النظام السابق قبل أن يطيح به في ابريل ٢٠١٩، وفيما كانت علاقة واشنطن مع الخرطوم على أسوأ حالاتها منذ عقود ثلاثة خلت، كانت بالمقابل اشواق البرهان تتوق خلال توليه سدة البلاد لكسر هذا الطوق واعادة السودان إلى أحضان المجتمع الدولي في فارقة تحسب وتضاف إلى رصيده الرئاسي وفق توقعاته، فكانت عملية التطبيع المرهونة برفع العقوبات، ولقائه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في ضاحية عنتبي اليوغندية في فبراير ٢٠٢٠، اي عقب اشهر من سقوط البشير، وهو ما عده متابعون تعطشاً من الرجل للانفتاح على المعسكر الغربي الامريكي، الذي يتوج الان اي _ الانفتاح _ وبعد كثير من المياه التي جرت تحت جسر العلاقات بزيارة مرتبقة له إلى الولايات المتحدة الأمريكية لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، لكن تسبقها قبل ذلك زيارة إلى المملكة المتحدة لحضور مراسم تشييع الملكة إليزابيث الثانية الأحد المقبل.
منهجية جديدة
ظلت واشنطن ومنذ عقود تبحث عن مصالحها مع الخرطوم، غير ان سياسات نظام البشير حالت دون ذلك، لتنتهج بعدها سياسة فرض العقوبات لاخضاع النظام الا ان ذلك لم يحدث، لتدخل روسيا على الخط ومعها الصين ليكونا اكبر حلف للبشير وداعم له، قبل أن تسقط حكومته، ويفتح الباب مجدداً أمام الولايات المتحدة الأمريكية التي ارتأت في سنوات السقوط الأولى ممارسة سياسة العصا والجزرة على النظام الجديد، من خلال رهن المساعدات وفق اخضاع العسكر لشروط محددة تتوافق والديمقراطية التي تنشدها ومعها القوى المدنية، قبل أن يتخدذ البرهان في ال٢٥ من اكتوبر الماضي قراراته التي انهت الشراكة مع المدنيين واعادت عقارب الساعة للوراء، وكذا الفجوة إلى ما كانت عليه، ليتعمق التقارب الروسي اكثر وذلك عبر الزيارة الشهيرة التي قام بها نائب رئيس مجلس السيادة الفريق اول محمد حمدان دقلو “حميدتي” إلى موسكو فبراير الماضي، الامر الذي كان بمثابة نقطة، لبداية جديدة في منهجية الامريكان في التعامل مع النظام الذي يترأسه البرهان.
خير معين
وعلى الرغم من حدوث حالة من التباعد بين الخرطوم وواشنطن عقب قرارات الانقلاب في اكتوبر الماضي، رغم تسريبات هنا وهناك حول مباركة الاخيرة للقرار الذي اتخذه البرهان، الا ان مراقبين انقسموا حول تلك التسريبات ليبقى الشاهد في الأمر كله هو التراجع الامريكي في نهجه التعامل مع العسكريين القائمين على حكم البلاد والاعتراف بهم، وهو ما يبحث عن رئيس مجلس السيادة، بحسب خبراء في الشأن السياسي حيث تعتبر أمريكا الدولة العظمى التي من شأنها أن تكون خير معين له. غيره انه وفي مقابل ذلك يرى كثيرون ان الولايات المتحدة الأمريكية تنظر للأمر من زاوية مختلفة غير التي يراها البرهان، سيما انها ظلت تنادي بعودة المسار الديمقراطي، والاسبوع الماضي قال الناطق باسم الخارجية الأمريكية ان الولايات المتحدة الأمريكية لن تستأنف المساعدات حتى تشكيل حكومة مدنية تحت سيطرة المدنيين، وتابع: “سنعمل مع مجتمع المدني بدلاً من الحكومة ولن تستفيد الحكومة العسكرية من أية مساعدات أمريكية.
علاقة منافع
وينظر في المقابل مراقبون إلى ان اتجاه البرهان نحو المعسكر الامريكي الغربي، مرده حالة الانقسام بينه ونائبه التي تجلت مؤخراً للعلن، حيث يتقارب حميدتي من المعسكر الروسي بشكل كبير، في وقت تنشط فيه موسكو لتعزيز علاقاتها مع الخرطوم للاستفادة من موقع السودان الجغرافي الاستراتيجي وموارده الطبيعية المتمثلة في مناجم الذهب.
وبحسب المحلل السياسي خالد البشير فان البرهان ينظر إلى الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها حليفاً قوياً، من شأنه ان يمكنه لاحقاً في حكم البلاد بشكل شرعي استناداً على التجربة المصرية، فيما يمكن ذلك الولايات المتحدة الأمريكية نفسها من الحفاظ على مصالحها في السودان.
ويرى خالد في حديثه ل ” الانتباهة” أن ثمة جانب آخر في هذا التقارب خاصة من قبل الجانب الامريكي، الذي ينظر إلى المكون العسكري على أنه حليف قوى يمكن ان يضمن له تحقيق مصالحه في البلاد، وتابع: العلاقة الان علاقة منافع متبادلة، فالبرهان ليس من صالحه إحداث اي تقارب مع روسيا التي باتت معزولة من قبل المجتمع الدولي جراء حربها مع أوكرانيا.
تعرية
وتعتبر في ذات الاتجاه مركزية قوى الحرية والتغيير، مشاركة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان في اجتماع الأمم المتحدة المرتقب، محاولات غير مجدية، وأن استقرار البلاد مرهون بحل الأزمة السياسية الداخلية وليس رضا المجتمع الدولي، غير انه وفق متابعين فان قوى الحرية والتغيير نفسها لم تكن تتوقع حالة التقارب هذه بين الولايات المتحدة الأمريكية والعسكر، وطبقاً للمحلل السياسي عبد الرحمن محمد فان البرهان استطاع بدهاء سياسي العمل على تعرية القوى المدنية أمام المجتمع الدولي، التي ساهمت بدورها من خلال تعنتها إلى تغيير نظرة المجتمع الدولي حياله، وتعامله أي -المجتمع الدولي- مع العسكريين وليس قوى متناحرة.
ويعتقد عبد الرحمن في حديثه ل “الانتباهة” ان البرهان الان استطاع العبور على ظهور المدنيين وانتزاع حق كثيراً ما سعى اليه رؤساء شرعيون، وتابع: الان رئيس مجلس السيادة ينظر إلى أبعد من ما تنظر اليه القوى المدنية، التي رغم ترديدها عبارات الشجب والتنكيل التي يرددها المجتمع الدولي، والتي تعتبر خطاباً لشعوبها اكثر من كونه تهديداً للبرهان.
تقرير: هبة محمود
ربما لا تبدو عصية ومنذ الوهلة الأولى، عملية الادراك حيال المشهد السياسي العام، ان جانب الاصطفاف نحو المعسكر الغربي الامريكي، هو ما ينحو اليه وبقوة رئيس مجلس السيادة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان، بعد أن آثر الابتعاد عن المعسكر الروسي الصيني، بخلاف ما انتهجته سياسة النظام السابق قبل أن يطيح به في ابريل ٢٠١٩، وفيما كانت علاقة واشنطن مع الخرطوم على أسوأ حالاتها منذ عقود ثلاثة خلت، كانت بالمقابل اشواق البرهان تتوق خلال توليه سدة البلاد لكسر هذا الطوق واعادة السودان إلى أحضان المجتمع الدولي في فارقة تحسب وتضاف إلى رصيده الرئاسي وفق توقعاته، فكانت عملية التطبيع المرهونة برفع العقوبات، ولقائه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في ضاحية عنتبي اليوغندية في فبراير ٢٠٢٠، اي عقب اشهر من سقوط البشير، وهو ما عده متابعون تعطشاً من الرجل للانفتاح على المعسكر الغربي الامريكي، الذي يتوج الان اي _ الانفتاح _ وبعد كثير من المياه التي جرت تحت جسر العلاقات بزيارة مرتبقة له إلى الولايات المتحدة الأمريكية لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، لكن تسبقها قبل ذلك زيارة إلى المملكة المتحدة لحضور مراسم تشييع الملكة إليزابيث الثانية الأحد المقبل.
منهجية جديدة
ظلت واشنطن ومنذ عقود تبحث عن مصالحها مع الخرطوم، غير ان سياسات نظام البشير حالت دون ذلك، لتنتهج بعدها سياسة فرض العقوبات لاخضاع النظام الا ان ذلك لم يحدث، لتدخل روسيا على الخط ومعها الصين ليكونا اكبر حلف للبشير وداعم له، قبل أن تسقط حكومته، ويفتح الباب مجدداً أمام الولايات المتحدة الأمريكية التي ارتأت في سنوات السقوط الأولى ممارسة سياسة العصا والجزرة على النظام الجديد، من خلال رهن المساعدات وفق اخضاع العسكر لشروط محددة تتوافق والديمقراطية التي تنشدها ومعها القوى المدنية، قبل أن يتخدذ البرهان في ال٢٥ من اكتوبر الماضي قراراته التي انهت الشراكة مع المدنيين واعادت عقارب الساعة للوراء، وكذا الفجوة إلى ما كانت عليه، ليتعمق التقارب الروسي اكثر وذلك عبر الزيارة الشهيرة التي قام بها نائب رئيس مجلس السيادة الفريق اول محمد حمدان دقلو “حميدتي” إلى موسكو فبراير الماضي، الامر الذي كان بمثابة نقطة، لبداية جديدة في منهجية الامريكان في التعامل مع النظام الذي يترأسه البرهان.
خير معين
وعلى الرغم من حدوث حالة من التباعد بين الخرطوم وواشنطن عقب قرارات الانقلاب في اكتوبر الماضي، رغم تسريبات هنا وهناك حول مباركة الاخيرة للقرار الذي اتخذه البرهان، الا ان مراقبين انقسموا حول تلك التسريبات ليبقى الشاهد في الأمر كله هو التراجع الامريكي في نهجه التعامل مع العسكريين القائمين على حكم البلاد والاعتراف بهم، وهو ما يبحث عن رئيس مجلس السيادة، بحسب خبراء في الشأن السياسي حيث تعتبر أمريكا الدولة العظمى التي من شأنها أن تكون خير معين له. غيره انه وفي مقابل ذلك يرى كثيرون ان الولايات المتحدة الأمريكية تنظر للأمر من زاوية مختلفة غير التي يراها البرهان، سيما انها ظلت تنادي بعودة المسار الديمقراطي، والاسبوع الماضي قال الناطق باسم الخارجية الأمريكية ان الولايات المتحدة الأمريكية لن تستأنف المساعدات حتى تشكيل حكومة مدنية تحت سيطرة المدنيين، وتابع: “سنعمل مع مجتمع المدني بدلاً من الحكومة ولن تستفيد الحكومة العسكرية من أية مساعدات أمريكية.
علاقة منافع
وينظر في المقابل مراقبون إلى ان اتجاه البرهان نحو المعسكر الامريكي الغربي، مرده حالة الانقسام بينه ونائبه التي تجلت مؤخراً للعلن، حيث يتقارب حميدتي من المعسكر الروسي بشكل كبير، في وقت تنشط فيه موسكو لتعزيز علاقاتها مع الخرطوم للاستفادة من موقع السودان الجغرافي الاستراتيجي وموارده الطبيعية المتمثلة في مناجم الذهب.
وبحسب المحلل السياسي خالد البشير فان البرهان ينظر إلى الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها حليفاً قوياً، من شأنه ان يمكنه لاحقاً في حكم البلاد بشكل شرعي استناداً على التجربة المصرية، فيما يمكن ذلك الولايات المتحدة الأمريكية نفسها من الحفاظ على مصالحها في السودان.
ويرى خالد في حديثه ل ” الانتباهة” أن ثمة جانب آخر في هذا التقارب خاصة من قبل الجانب الامريكي، الذي ينظر إلى المكون العسكري على أنه حليف قوى يمكن ان يضمن له تحقيق مصالحه في البلاد، وتابع: العلاقة الان علاقة منافع متبادلة، فالبرهان ليس من صالحه إحداث اي تقارب مع روسيا التي باتت معزولة من قبل المجتمع الدولي جراء حربها مع أوكرانيا.
تعرية
وتعتبر في ذات الاتجاه مركزية قوى الحرية والتغيير، مشاركة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان في اجتماع الأمم المتحدة المرتقب، محاولات غير مجدية، وأن استقرار البلاد مرهون بحل الأزمة السياسية الداخلية وليس رضا المجتمع الدولي، غير انه وفق متابعين فان قوى الحرية والتغيير نفسها لم تكن تتوقع حالة التقارب هذه بين الولايات المتحدة الأمريكية والعسكر، وطبقاً للمحلل السياسي عبد الرحمن محمد فان البرهان استطاع بدهاء سياسي العمل على تعرية القوى المدنية أمام المجتمع الدولي، التي ساهمت بدورها من خلال تعنتها إلى تغيير نظرة المجتمع الدولي حياله، وتعامله أي -المجتمع الدولي- مع العسكريين وليس قوى متناحرة.
ويعتقد عبد الرحمن في حديثه ل “الانتباهة” ان البرهان الان استطاع العبور على ظهور المدنيين وانتزاع حق كثيراً ما سعى اليه رؤساء شرعيون، وتابع: الان رئيس مجلس السيادة ينظر إلى أبعد من ما تنظر اليه القوى المدنية، التي رغم ترديدها عبارات الشجب والتنكيل التي يرددها المجتمع الدولي، والتي تعتبر خطاباً لشعوبها اكثر من كونه تهديداً للبرهان.