الأحد 22 أغسطس 2021 - 13:13
من ذاكرة القضايا.. اختفاء الطفلة “حنا” خلف وراءه ألف سؤال


إطلاق سراح المدانين بعد 9 أعوام قضياها في انتظار تنفيذ الإعدام
الخرطوم – ابتسام خالد
في صيف العام 2008 فجعت أسرة في الحاج يوسف باختفاء ابنتهم الطفلة “حنا” ذات الست سنوات ليتم العثورعلى جثتها مكسورة العنق ملقاة داخل بناية تحت التشييد بالقرب من منزلهم بحي البركة بالحاج يوسف بالخرطوم بحري. ألقت الشرطة القبض على شابين وأدانتهما المحكمة بالإعدام شنقاً حتى الموت قصاصاً، وأيدت الحكم جميع المحاكم العليا بعد مداولات في القضية امتدت لأكثر من ثلاثة أعوم، وظلا نزيلين في انتظار تنفيذ عقوبة الإعدام )9( أعوام، إلى أن حدثت التسوية بالتنازل عن القصاص والقبول بالدية, ولكن اختفاء أولياء الدم بعد مقتل والدتها جعل الأمر معلقاً، حتى تم الإفراج عن المدانين ، إلا أن أحدهما لقي حتفه بطعنة في مشاجرة مع آخرين بعد إطلاق سراحه بشهرين وكان للقدر كلمته في قفل القضية للأبد.
البداية
كانت والدة الطفلة التي تعاني من ارتفاع في السكر طلبت منها طفلتها الذهاب برفقة أشقائها الى منزل جيرانهم لمشاهدة التلفاز، وخرجوا كعادتهم كل يوم وعندما هموا بالعودة إلى المنزل طلبت منهم حنا تركها بمنزل الجيران إلى حين. ومن ثم عاد إخوتها إلى منزلهم وتركوها هناك وحيث أن والدتها تعاني من الإعياء لم تنتبه لعدم حضورها. وفي الصباح افتقدتها والدتها وبسؤالهم عنها أخبرها أبناؤها بأن حنا أخطرتهم بأنها تريد البقاء في منزل جيرانهم وعند ذهابهم إلى الجيران للاستفسار عنها فوجئوا بأنها غادرت منزل الجيران. وكان ذلك بداية رحلة البحث المضنية وما اكتنفها من أسرار غامضة شكلت الكثير من علامات الاستفهام. خرجت والدتها ذلك الصباح للبحث عنها برفقة أبنائها ولم يسفر بحثهم عن نتائج تجيب عن تلك الأسئلة وساورهم الشك أن تكون قد ذهبت الى منزلهم الثاني لعلهم يجدونها وباءت محاولاتهم التالية بالفشل أيضاً وطال بحثهم وبدأ القلق ينتاب الأسرة وانتشر النبأ لدى الجيران وفي أنحاء الحي. ثم تشاء الأقدار أن يكون طريق إحدى جاراتهم ببناية غير مكتملة لفتت نظرها مشهد ثياب أو ما شكت بأنه قطعة من زي نسائي وعند اقترابها منه تبينت أنها جثة الطفلة المختفية، فسارعت بإبلاغ والدتها واستيقظ سكان ذلك الحي صباحاً بنبأ جريمة تقشعر لها الأبدان عند سماعهم صرخات أطلقتها والدة الطفلة عندما شاهدت طفلتها جثة هامدة و من هول ما شاهدته سقطت أرضا مغشياً عليها وعلى إثر ذلك توافد الناس إلى المنزل.
إجراءات الشرطة
تم الاتصال بشرطة النجدة وإبلاغهم بالحادثة فتحرك الضابط المناوب وفريق الأدلة الجنائية وتأمين مسرح الجريمة وتصوير الجثمان ورفع البصمات، فيما أرسل الجثمان للمشرحة ودون بلاغ بقسم شرطة الحاج يوسف.
نتيجة التشريح
أكد تقرير الطبيب الشرعي الذي تولى تشريح الجثة واقعة الاعتداء والخنق الذي نتج عن العنف الذي تعرضت له الطفلة ووجود كسر في العنق تسبب فى وفاتها.
شرعت الشرطة في التحريات لكشف ملابسات الجريمة بالبحث والتحري الذي استمر أياماً، نجح رجال المباحث في القبض على المتهمين حيث تم إخضاعهم للتحقيق بيد أنهم أنكروا ارتكابهم الجريمة وتوصلت النيابة الى “4” متهمين يواجهون تهمة الاشتراك فى القتل والاغتصاب وسجلوا اعترافات قضائية بارتكابهم الجريمة باستدراج الطفلة من قرب منزلهم وباكتمال التحريات وجهت لهم التهمة وأحيلوا للمحكمة.
قرار المحكمة
قدم المتحري حزمة من مستندات الاتهام حوت نتيجة التشريح واعتراف قضائي للمتهمين وفي مرحلة المحاكمة أنكر المتهمون خلال استجوابهم ارتكاب الجريمة ودفعوا بأنهم قدموا اعترافاتهم القضائية تحت التعذيب. ناقشت المحكمة عناصر الاتهام مع ما قدم من بينات في )سي دي( مثل فيه متهمان الجريمة بالاضافة إلى اقرارتهما التي جاءت متوافقة مع البينات التي قدمها الاتهام كما ناقشت موانع المسئولية الجنائية ووجدت أن المتهمين لا يستفيدان من أي من الاستثناءات والدفوعات التي تغير وصف الجريمة من القتل العمد الى شبهه وبرأت المحكمة اثنين من المتهمين لعدم وجود بينات كافية لإدانتهما بالتهمة المنسوبة اليهما فيما أدانت اثنين بموجب المواد )130/149/78/21( من القانون الجنائي المتعلق بالاشتراك في السكر والاغتصاب والقتل وتمسك أولياء الدم بحقهم في القصاص بعد أن خيرتهم المحكمة حول القصاص أو العفو أو الدية وحكم عليهما بالإعدام.
تأييد المحاكم العليا
استؤنف القرار لدى محكمة الاستئناف وأيدته المحكمتان العليا والقومية العليا والدستورية وحدد موعد لتنفيذ حكم الإعدام لكن محامي المتهمين دفع بطلب للوصول للتسوية وتوصلوا لاتفاق بدفع دية قدرها “80” ألف جنيه ولكن تعذر الوصول لبقية الورثة وبعد تسع سنوات قضاها المدانان في السجن في انتظار تنفيذ عقوبة الإعدام تم إطلاق سراحهما إلا أن أحدهما توفي بعد خروجه بشهرين اثر تلقيه طعنة بسكين في مشاجرة حدثت مع آخرين.