الثلاثاء 24 أغسطس 2021 - 20:56
منى عبد الفتاح: تأثير عضوية إسرائيل في الاتحاد الأفريقي


“كيف لا / منى عبد الفتاح”


لا يبدو حصول إسرائيل على عضوية مراقب في الاتحاد الأفريقي حدثاً جديداً إذ إنها كانت تشغل هذا المقعد في منظمة الوحدة الأفريقية قبل تحولها إلى الاتحاد الأفريقي عام 2002، ولكن حالت ظروفٌ ودول من انتقال عضويتها مع الاتحاد الأفريقي إبان تأسيسه بسبب ضغوط مارسها الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، بينما ظلت إسرائيل تطالب بها. أما هذه العضوية فتجيء في ظل تسارع إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل حتى وصلت إلى حوالي 46 دولة من جملة 55 دولة أفريقية، أبرزها علاقات دولتين عربيتين أفريقيتين هما السودان والمغرب التي تلتها زيارات واتفاقيات متبادلة، وفي أفريقيا جنوب الصحراء أقامت دولة جنوب السودان فور استقلالها في عام 2011 علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وهناك دول مؤثِّرة مثل أوغندا وكينيا وإثيوبيا وإريتريا وتشاد وغيرها ما يعكس الأهمية التي تُحظى بها أفريقيا لدى إسرائيل التي تُوِّجت بإعلان الاتحاد الأفريقي قبول إسرائيل كعضو مراقب، بعد 19 عاماً من مطالبتها.
وعلى الرغم من أنَّ الدول المشكلة لكتلة الاتحاد الأفريقي لا تمثل تهديداً لإسرائيل كونها دول ضعيفة اقتصادياً وعسكرياً وغير مستقرة سياسياً، إلَّا أنَّها مهيأة لأن تلعب دوراً مؤثراً لوقوعها في نطاق الترتيبات الدولية للتكتلات الإقليمية ومنها الاتحاد الأفريقي، وهو على الرغم من عدم فاعليته الحالية، إلَّا أنَّه سيكون هدفاً بتوظيفه ضمن مهام حفظ السلام والأمن الدوليين.
السبب في اتباع إسرائيل سياسة خارجية معينة تجاه الدول الأفريقية في هذا الوقت يعود إلى استخلاص دلالة مهمة تتبلور عنها الاتجاهات التي تسلكها العلاقات السياسية الدولية والدوافع التي تمليها قرارات إسرائيل وإصرارها على الالتحاق بالاتحاد الأفريقي منذ تأسيسه عام 2002. ومع ذلك فإنَّ إسرائيل لا تحتاج حقيقةً إلى استراتيجية تشمل كل دول القارة، بل استراتيجية إقليمية تستهدف دولاً معينة. وقد سبقت قوى دولية إسرائيل على اتباع هذا النهج بدأته الصين مع بداية انفتاحها لإشباع حاجتها التنموية واستهدفت الاستثمار النفطي والعمل في قطاع الإنشاءات والمقاولات، وأنشأت سوقاً أفريقيةً ضخمةً للبيع بالتجزئة، مستفيدةً من الانسحاب الأميركي من التنقيب عن النفط بسبب الانشغال بمناطق أخرى.
ستعتمد فعالية هذه العلاقات على ضمان الوجود الغربي إلى جانب إسرائيل خصوصاً الولايات المتحدة، فما تتطلبه علاقات إسرائيل مع الدول الأفريقية هو المشاركة الأميركية التي استُنفرت لتعزيز الاستقرار والحكم الرشيد والانفتاح الاقتصادي في أفريقيا مع مواجهة النفوذ غير الليبرالي للقوى المنافسة. وستكون إسرائيل بالمقابل في خدمة الأولويات الأميركية طويلة المدى في أفريقيا مثل مكافحة الإرهاب والوقوف في وجه قوى دولية منافسة هي روسيا والصين.
ويُعدُّ عهد جو بايدن هو الأنسب لتكتيكات الاستجابة السياسية في ظل توقع استفادة أفريقيا من الاهتمام الأميركي بتعزيز الديمقراطية فيها، ورغبة إدارته في إجراء تغييرات محورية على صعيد السياسة الأميركية تجاه أفريقيا، وبما يسمح لانخراطها مع الشركاء الأفارقة. ومع ذلك يُستبعد إعادة بناء تحالفات جديدة كما كان إبان الحرب الباردة وذلك لعدم وجود فواصل واضحة بين دوافع وتأثيرات القوى الدولية على أفريقيا بعد زوال المحرّك الأيديولوجي. وهذا يصبُّ من ناحية في التغيير في مسار العلاقات الأميركية الأفريقية بعد تراجعها في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، وإن كان هناك سبب في تصحيح توغل الصين وروسيا في أفريقيا على حساب النفوذ الأميركي، فإنَّ الاستراتيجية الأميركية تنظر أيضاً إلى استعادة الدور القيادي للولايات المتحدة في بقعة تُعدُّ من مناطق نفوذها بعد الانسحاب من مناطق أخرى كلفتها سمعتها الدولية كقوة وحيدة ومسيطرة.