السبت 11 سبتمبر 2021 - 9:01

حافظ كبير
أثارت خطوة توقيع عدد من القوى السياسية وحركات من الكفاح المسلح على الإعلان الموسوم بـ" الإعلان السياسي لوحدة قوى الحرية والتغيير وقضايا الانتقال وبناء دولة المواطنة المدنية الديموقراطية" أثارت جدلاً سياسياً واسعاً، خاصة وأنها جاءت بعد حوار ونقاش بين القوى السياسية المختلفة، وكذلك جاءت بعد مبادرة طرحها رئيس الوزراء، أحد أهم بنودها تأسيس أكبر كتلة سياسية داعمة للفترة الانتقالية والتحول الديموقراطي، وكان المأمول أن تتوحد القوى السياسية المختلفة خلف برنامج وهيكل واحد، لتجاوز التحديات الكبيرة التي تواجه الفترة الانتقالية، لا أن ينقسم المقسم من جديد.
لقد كان الموقف السياسي من الإعلان مفهوماً فيما يخص القوى السياسية المدنية، ولكن من غير الواضح والمتوقع أن تنقسم قوى الكفاح المسلح التي هي الأخرى ايضاً يتوقع منها أن تتوحد تحت "كتلة السلام" والتي تجتمع خلف اتفاق جوبا الذي وقعت عليه، لكن حدث ما حدث، ووقفت بعض من قوى الكفاح المسلح مع الإعلان، وحضر مراسم التوقيع عضوا مجلس السيادة الدكتور الهادي إدريس، رئيس الجبهة الثورية ورئيس حركة تحرير السودان-المجلس الانتقالي، والاستاذ الطاهر أبوبكر حجر، رئيس تجمع قوى تحرير السودان، بينما خرجت العدل والمساواة السودانية قبيل التوقيع على الإعلان السياسي وهددت باتخاذ موقف منه حال تم التوقيع عليه بشكله الحالي، ولاحقاً أصدرت بياناً حددت موقفها الرافض للإعلان وذكرت عدد من الأسباب.
أول ردود الأفعال كان داخل قاعة الصداقة، هتاف القيادي في حركة وجيش تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، الحاج روما، معلنا اعتراضه على الإعلان، وهتف القيادي في الحرية والتغيير بحسب تأكيده، هتف رافضاً بقوله: " هؤلاء لا يمثلون قوى الحرية والتغيير، هؤلاء مجموعة من مختطفي قوى إعلان الحرية والتغيير" قبل أن تقاطعه الهتافات ويختفي صوته تحت أصوات المؤيدين، ومحاولة أحد منظمي الحفل إخراجه بعيداً عن القاعة.
يقول الحاج أحمد أبكر، الشهير بالحاج روما، يقول لـ"الجريدة" إنه يريد أن يوصل صوته لرئيس الوزراء حتى لا يكون مساهماً في انقسام قوى الثورة، لأنه يعتقد أن ما حدث في قاعة الصداقة هو بمثابة انقسام لقوى الثورة، وأنه يريد أن يوصل هذه الرسالة لرئيس الوزراء إذا كان لا يعلم ذلك.
يضيف الحاج روما بأن الرسالة وصلت، وأن تلمس ذلك في خطاب رئيس الوزراء، وأوضح أنه بعد أن هتف باعتراضه، هناك مجموعة أخرى من الرافضين والذين تم منعهم من دخول القاعة هتفوا مؤيدين له، وأشار إلى أنه دخل القاعة ليعبر عن صوتهم، وأنه وجد اعتراضا كذلك عندما هتف داخل القاعة، ويقول بأن هناك هتاف مؤيد للإعلان وأن أحد الأعضاء من اللجنة المنظمة حاول إبعاده خارج القاعة، وذكر: " أنا خرجت من القاعة بعد أن أوصلت صوتي".
ويرى الحاج روما إن قوى إعلان الحرية والتغيير عند التوقيع الأول كانت 79 تنظيماً سياسياً وثورياً، وأن المجموعة التي يصفها بأنها اختطفت قوى الحرية والتغيير يبلغ عددها 19 جسماً، وأن بعضهم تم التوقيع بالنيابة عنه دون إخطاره، ويذكر الحاج روما أمثلة لذلك بتجمع القوى المدنية والتحالف السوداني والعدل والمساواة وتجمع القوى المدنية- جبال النوبة والمنصة الاعلامية للجان المقاومة، وتجمع المهنيين السودانيين، ويضيف روما: " هذه التنظيمات تم التوقيع باسمها دون الرجوع إليها".
وعن سؤال "الجريدة" للحاج روما عن أثر الخطوة على قوى الكفاح، خاصة وأن البعض منهم موقع على الإعلان، يقول روما بأنه لا يعتقد بأن كتلة السلام قد انقسمت، وأن القوى التي وقعت الآن على الإعلان، ويقصد تجمع قوى تحرير السودان بقيادة الطاهر حجر، وحركة تحرير السودان- المجلس الانتقالي بقيادة دكتور الهادي إدريس، يقول بأن هذه الحركات لم توقع على إعلان الحرية والتغيير الأول، ولا على ميثاق نداء السودان، لأن الجبهة الثورية وقعت على إعلان الحرية والتغيير من خلال كتلة نداء السودان، يؤكد روما، ويضيف: "هم كانوا خارج نداء السودان، ولم يكونوا ضمن الجبهة الثورية وقتها" ويضيف: " بالتالي هذا لا يؤثر على قوى الكفاح المسلح، ونحن ننادي بوحدة قوى الثورة بمعناها العريض، والآن وقع 19 جسم، وهناك 60 جسم سياسي وثوري خارج الإعلان، ونحن نرفض التجزئة وننادي بالعودة لمنصة التأسيس وعقد مؤتمر يضم كل الأجسام الموقعة على إعلان الحرية والتغيير".
وكشف روما عن مشاورات جارية حالياً وحوارات مع الأجسام الرافضة للإعلان، والذين بحسب روما تم إقصائهم من قبل المجلس المركزي الذي اختطف القرار، ويرفض روما الاعتراف بالمجلس المركزي، كونه غير منصوص عليه في اي وثيقة، ويقول بأن الوثيقة الدستورية أشارت إلى التشاور مع قوى الحرية والتغيير في اتخاذ القرارات وليس المجلس المركزي، وأن أي تعامل من الحكومة مع المجلس المركزي يعتبره الحاج روما مخالفا للدستور، يؤدي إلى انقسام قوى الثورة ويمكن أن يهدد الفترة الانتقالية، ويختم روما بقوله: " رسالتي لرئيس مجلس الوزراء، وهو قد جاء بمبادرة لوحدة قوى الثورة ونحن دعمناها، لكن من خلال تواجده مع المجموعة المنشقة في قاعة الصداقة وحضور الفعالية، نعتقد أنه حدد موقفه وانحاز لمجموعة دون أخرى، وهذا يساهم في انقسام قوى الثورة".
وفي الطرف الآخر من قوى الكفاح المسلح، والذي وقع على الإعلان السياسي بجانب عدد من القوى المدينة، يقول القيادي في تجمع قوى تحرير السودان عبدالعزيز خاطر بأن لكل حركة قراءتها وتقديراتها السياسية، ويذكر خاطر في تصريح لـ"الجريدة" إنه يحترم هذا في رفاقه في حركة جيش تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي وحركة العدل والمساواة بقيادة دكتور جبريل إبراهيم، وأضاف: "نحترم تقديراتهم ولكن يفترض أنه كلما كان الناس في كتلة كبيرة أفضل، والحراك السياسي سيكون أقوى، وقوى الثورة تستطيع تنفيذ برنامج الانتقال نحو الدولة المدنية الديموقراطية، وهذا لا يتم إلا بتضامننا كلنا مع بعض" ويوضح عبدالعزيز خاطر أنه يصر على دعوة حركتي تحرير السودان والعدل والمساواة للانضمام للاعلان السياسي الموقع مؤخراً، وأنه لو كانت لديهم ملاحظات يمكن إبداؤها داخل التحالف، ويقول خاطر بأنه حسب علمه وحسب تصريح الامين السياسي للعدل والمساواة الذي تكلم عن ضرورة تحديد الأوزان لكل الأطراف الموقعة على التحالف، يرى بأن هذه المسألة يمكن التفاوض حولها لتحديد التمثيل حسب الوزن داخل التحالف، ويقول بأن هذا مجرد توقيع على الإعلان، وأنه لم تأت مرحلة تحديد الأوزان للكتل التي تمثل التحالف.
ويعتقد خاطر بأن هناك اتجاهين في مسألة تحديد الأوزان، اتجاه يقول بأنه لابد من تحديد الأوزان الآن قبل التوقيع، واتجاه آخر يقول بأن تحديد الأوزان للكتل السياسية لا يمكن حاليا إلا عبر صندوق الانتخابات، ويضيف: " أما نحن فاخترنا التوقيع، وأجّلنا النقاش حول كل التفاصيل الأخرى، وملاحظات رفاقنا في العدل والمساواة وحركة تحرير السودان في عين الاعتبار، ولكن أجلنا كل ذلك من أجل وحدة قوى الثورة، نريد أن نعمل متضامنين حتى نصل للدولة المدنية الديمقراطية".
ويختتم عبدالعزيز خاطر قائلاً بأنه في حال تكالبت أي قوى سياسية وحاولت السيطرة على التحالف واختطافه، حينها سيعلنون موقفاً آخر.
وكانت العدل والمساواة السودانية بقيادة الدكتور جبريل إبراهيم جزءً من نقاش الإعلان السياسي، لكنهم ابدوا اعتراضاً على عدد من البنود، وقال الأمين السياسي للحركة سليمان صندل في بيان له قبيل حفل التوقيع على الإعلان السياسي، قال بأن حركة العدل والمساواة ظلت حريصة ومتمسكة بوحدة قوى الثورة السودانية، وحريصة على وحدة قوي الحرية والتغيير، وإعادة هيكلتها بما يجعل منها شراكة حقيقية بين كل المكونات الموقعة علي ميثاقها، وأضاف البيان: " لقد طرحنا في اجتماعات أديس ابابا في يونيو ويوليو ٢٠١٩ رؤية للسلام ولوحدة الحرية والتغيير، وجدت عدم قبول من بعض أطراف المجلس المركزي للحرية والتغيير، ثم انتقلنا لاحقاً الى اجتماعات القاهرة مع ذات الأطراف من المجلس المركزي للحرية والتغيير والتي انتهت بأنهم غير مفوضين للتوافق على رؤية وحدة قوي الحرية والتغيير، تلاها بعد ذلك اجتماعات جوبا إبان سير عملية التفاوض والتي قدمنا فيها رؤية جوهرية لجعل أمر اتخاذ القرار شراكة بين المكونات السياسية دون أن يهيمن أي فصيل أو مجموعة علي القرار، إلا ان ذلك لم يجد قبولاً".
ويواصل صندل قوله : "كانت الحركة حضوراً ضمن وفد الحرية والتغيير الذي فاوض المجلس العسكري وكذلك حضوراً في الاجتماعات التي دارت في دار حزب الامة، وصولا الى الاجتماعات التي انعقدت في الثلاثة أشهر الاخيرة بالخرطوم، في كل هذه الاجتماعات قدمت حركة العدل والمساواة ملاحظاتها ورؤيتها للإصلاح والتي تتمثل في؛ آليات توافقية لاتخاذ القرار في كل هياكل الحرية والتغيير، وأهمية شمول إعادة الهيكلة كافة أطراف قوى الحرية والتغيير، ووضع معايير واضحة متفق عليها لتحديد أوزان كل التنظيمات العاملة تحت قوي الحرية التغيير".
ويمضي سليمان صندل في قوله بأنه وللأسف أن الاجتماعات واللقاءات الأخيرة التي انتظمت في الخرطوم لم تأخذ بملاحظات الحركة قيد أنملة، ومضت أطراف من الحرية والتغيير في تنفيذ رؤيتهم الناقصة بما لا يحقق الوحدة الشاملة، لذلك تعلن حركة العدل والمساواة انها ليست جزءاً من الإعلان السياسي المأمول توقيعه في الثامن من سبتمبر الجاري، وندعو قوى الثورة السودانية الى اعلاء قيمة الوحدة التي تتأسس على معالجة حقيقية للاختلالات الواقعة. وفي هذا المنعطف التأريخي الهام لابد لنا أن نؤكد بأننا لم ولن نحيد عن التمسك بوحدة قوي الثورة وسنعمل لأجل ذلك ولأجل توسعة الماعون السياسي ليشمل كل قوى الثورة الحية دون عزل لاحد، كما أننا نلفت نظر الرفاق في الجبهة الثورية، إذا اصروا على التوقيع عليهم التوقيع بأسماء تنظيماتهم السياسية، وعدم الزج بإسم الجبهة الثورية في هذا الإعلان السياسي الناقص.
وأصدرت مجموعة أخرى باسم الحرية والتغيير تضم عدد من القوى السياسية وقوى الكفاح المسلح، أبرزهم حركة تحرير السودان بقيادة مناوي، أصدرت بيانا رافضاً للإعلان السياسي، جاء فيه: " في محاولة استباقية لقطع الطريق على وحدة قوي الحرية والتغيير التي نادينا بها بالعودة لمنصة التأسيس وقيام المؤتمر التأسيسي، قامت اليوم مجموعة من أحزاب الحرية والتغيير وبعض اطراف السلام بالتوقيع على ما يسمى بالإعلان السياسي". ووصفت القوى السياسية بأنها حادت عن تطلعات الشعب السوداني وجماهيره وعن خطها الوطني المعروف والملتزم بالقضايا الوطنية ووحدة مكونات الشعب السوداني وكذلك بعض من اطراف العملية السلمية .وقالت: "إننا في قوى الحرية والتغيير نعلن الاتي: الإعلان السياسي الذي تم التوقيع عليه اليوم سيزيد الوضع السياسي تعقيدا و احتقانا ويؤسس لانقسام كامل لقوى الحرية والتغيير، وندعو الموقعين علي اعلان اليوم بأن الباب مازال مفتوحا امامهم في العمل على وحدة قوي الحرية والتغيير والانضمام لصوت العقل في العودة لمنصة التأسيس وقيام المؤتمر التأسيسي لقوي الحرية والتغيير الذي يبدأ من ولايات السودان المختلفة"، واضافت: "تمسكنا الكامل بوحدة قوي الحرية والتغيير وقوي الثورة والتغيير، نعلن مواصلة دعمنا لحكومة الفترة الانتقالية وإنجاح برامجها المتفق عليها في الإعلان السياسي لقوى الحرية والتغيير، وندعو رئيس الوزراء بالوقوف على مسافة واحدة من كل قوى الثورة كما تعهد لنا بذلك في اجتماعنا الأخير معه للوصول للوحدة المنشودة وتحقيق مطالب الشعب السوداني، ونعلن تمسكنا ودعمنا الكامل باتفاق السلام واستكماله بالاتصال بالرفيق عبدالعزيز الحلو وعبدالواحد محمد نور" وذكرت في البيان أنهم: "في تحقيق الوحدة والاصلاح المنشود ندعم كل المبادرات الوطنية التي تدعو الي وحدة الصف والانتقال الي التحول الديمقراطي المنشود بما فيها مبادرة رئيس الوزراء - مبادرة جامعة الخرطوم، مبادرة العقد الاجتماعي الجديد ومبادرة العودة لمنصة التأسيس "
الجريدة