الخميس 23 سبتمبر 2021 - 20:32
أسماء جمعة تكتب: مجانية التعليم في ظل الوضع القديم


يقال إذا أردتَ أن تهدم مجتمعاً اهدم التعليم وإذا أردت أن تهدم التعليم اضعف دور المُعلم، وكذلك فعل النظام المخلوع الذي كان يريد شعباً مغيباً ليحكمه مدى الحياة، وكانت وسيلته لذلك أن جعل التعليم أعز ما يبتغي، خدمة لا يحصل عليها بجودة عالية إلا أصحاب الثروة والسلطة، ولذلك معالجة هذا الخلل بعد سقوطه أمر ضروري حتى يصبح التعليم متاحاً للجميع، يحصلون عليه مجاناً ودون تعب، وهذا لن يحدث إلا بتغيير الوضع الذي تركه النظام المخلوع بالكامل.
الكثير من المسؤولين في هذه الحكومة يتحدثون عن مجانية التعليم الحكومي، ويوجهون المدارس وإدارات التعليم ويحرضون المواطن بعدم دفع رسوم للمدارس، مع أنهم يعلمون تماماً أن الدولة حتى الآن لم توفر الوضع الذي يسمح بمجانية التعليم في مدارس الدولة.
قبل أيام وجه والي ولاية الخرطوم أيمن نمر مديري التعليم بالمحليات بعدم فرض أي رسوم على الطلاب والتعامل مع الأمر بالحسم اللازم، وأعتقد هذا كلام غير مسؤول ممن يفترض أنه أعلى مسؤول، مجانية التعليم لا يمكن حسمها بالكلام ورغم أنف الواقع القديم الذي ما زال ماثلاً بكل فظاعته، وإنما بعد فرض واقع جديد كلياً، ولذلك نسأل والي الخرطوم، ماذا فعل ليطبق مجانية التعليم بحسم؟ هل جهز مدارس الولاية بكل شيء؟ هل وفر لكل طالب منفرد مقعداً وكتباً خاصة به؟ هل جهز البنية التحتية ووفر المياه والكهرباء مجاناً للمدارس؟ هل وفر الطباشير والسبابير الجيدة؟ هل ضمن للمعلم مرتباً يساعده على أن يعيش حياة كريمة ليتفرغ للطلاب كما في كل العالم ؟ إن لم يفعل كل هذا لا داعي للتوجيه بمجانية التعليم، وليترك المواطنين يدفعون من أجل أن يتعلم أبناؤهم حتى تستعد حكومته إن كان لديها رؤية وخطة.
نود أن نلفت نظر السيد الوالي إلى أن الرسوم التي تفرضها المدارس الحكومية على الطلاب إنما تستخدم لتوفر أشياء أساسية، مثل الطباشير وصيانة )السبورات( التقليدية التي تركها العالم منذ عقود ولإصلاح ما يتحطم من أثاثات وغيره من أشياء تبقي المدارس على قيد الحياة تقدم التعليم في أدنى الحدود.
وحتى نؤكد لكم أن الوالي يتحدث من منازلهم وأن مجانية التعليم في المدارس الحكومية ما زالت مستحيلة، أول من أمس قال الأستاذ المعز فيصل مدير الشؤون الإدارية بوزارة التربية والتعليم في برنامج )كالآتي( بقناة النيل الأزرق، إن هناك مشكلة في كتب خمسة صفوف بالمرحلة الابتدائية، وهي منعدمة تماماً حتى الآن، وإن الوزارة تعاني من مشاكل مزمنة تتمثل في الإجلاس وازدحام الفصول وتكدس الطلاب ونقص المعلمين بسبب الهجرة للمدارس الخاصة، وكل هذه تحلها المدارس الحكومية بطريقتها الخاصة من الرسوم التي تفرضها على المواطنين. والأهم من كل هذا هو أن الأستاذ فيصل لم يتطرق لمجانية التعليم لأنه يعلم أنه مستحيل في الوقت الراهن.
عموماً نقول للمواطنين لا تسمعوا حديث المسؤولين عن مجانية التعليم، فما زال هذا الأمر غير ممكن والحكومة غير مستعدة تماماً لهذه الخطوة، وأعتقد أنكم أدرى بالواقع من أي مسؤول يدعو لمجانية التعليم، والوضع القديم الذي تركه المخلوع ما زال قائماً، بل وترك معه عقلية عاجزة عن تغييره، وهذا ليس في ولاية الخرطوم فقط وإنما في كل الولايات.
الأسئلة التي نطرحها على الحكومة الانتقالية وقد مضى على سقوط النظام المخلوع أكثر من عامين، لماذا ما زال الوضع القديم قائماً؟ أليس لوزارة التربية والتعليم خطة وميزانية؟ أين خطة الوزير السابق محمد الأمين التوم التي حدثنا عنها وجعلنا نتفاءل بمستقبل التعليم؟.