الثلاثاء 14 يوليو 2020 - 10:32
بشفافية - حيدر المكاشفي
أوغلو ليس وحده..مستثمرون أكلوا بعقلنا بقلاوة


في التحقيق المتميز الذي أنجزته الصحافية البارعة في التقاط بعض القضايا المهمة ولكنها منسية سلمى عبد العزيز ونشرته هذه الصحيفة )الجريدة( الأول من أمس وكشفت فيه عن الحياة المرفهة والمنعمة التي يعيشها عدد من قيادات النظام البائد التي هربت الى تركيا وهربت معها الأموال الطائلة التي نهبوها، منهم رئيس الوزراء الاسبق معتز موسى، مساعد المخلوع فيصل حسن ابراهيم، ورئيس جهاز الأمن والمخابرات محمد عطا المولى، وأبرزهم العباس الشقيق الأصغر للرئيس المخلوع، تطرقت الصحافية في تحقيقها المذكور لبعض رجال الأعمال الأتراك الذين ارتبطوا بعلاقات استثمارية وصفقات تجارية مشبوهة ببعض رموز الفساد من قيادات العهد البائد، ومن هؤلاء أتت الصحافية على ذكر حكاية المستثمرين التركيين )اوكتاي( و)أيوب أوغلو( وهذا الأخير حكايته عجب فقد تحول من مجرد بائع بقلاوة في أحياء الخرطوم الى رجل أعمال كبير وواسع الثراء، وعن استهبالات أمثال هؤلاء المستثمرين الذين نشطوا خلال العهد البائد وعاثوا في البلاد الفساد، كنت قد وقفت على عدد من الحكايات والقصص الاليمة عن جرأتهم وقوة عينهم في ممارسة فسادهم عبر هذه الاستثمارات الهامشية الصغيرة من شاكلة البقلاوة وما لف لفها، فأمثال هؤلاء إنما يريدون أن يبدأوا حياتهم و)يكونوا( أنفسهم في السودان الهامل عن طريق هذه الاستثمارات الهامشية الصغيرة حتى لو أدى ذلك إلى موت المستهلكين السودانيين بعد أن وجدوا في أرض السودان، بل وفي قلب عاصمته، من الثغرات ما يمكنهم من ممارسة أنشطتهم الإجرامية بكل تؤدة واطمئنان،هذا طبعاً بمساندة ومعاونة وتواطؤ بل وشراكة مع بعض النافذين من ذوي الحول والطول، الذين يوفرون لهم الحماية، كما جاء في حكاية صاحب البقلاوة المذكورايوب اوغلو.. الواقع أن مثل هذه الاستثمارات الهامشية الصغيرة التي نشط فيها مستثمرون أتراك وغير أتراك خلال عهد الفساد والنهب لم تكن وقفاً على الحلاوة والبقلاوة، وإنما امتدت وتمددت لتشمل صوالين الحلاقة الرجالية وكوافيرات الستات ومحلات الستائر والأرائك والمطابخ والمطاعم والبوفيهات والمقاهي وهلمجرا، من أعمال يطلق عليها مجازا استثمارات، وهي أبعد ما تكون عن الاستثمار الأجنبي في معناه المعروف وأبعاده وعوائده المرجوة، فهي تدر أرباحاً بالحق وبالباطل على أصحابها، ولا تعود بأية خدمة مفيدة على الدولة ومواطنيها، والأدهى والأمر من ذلك أن يتخذ أمثال مستثمري الغفلة هؤلاء طرقاً ووسائل غير مشروعة، ويستجلبون مواداً أولية مضروبة وملوثة وقاتلة كما في مثال بتاع القلاوة، ولكن إن كنا نعتب على هؤلاء ونطالب بمراجعة كافة الاستثمارات الهامشية والصغيرة ومحاكمة عديمي الضمائر والأخلاق من المستثمرين، يجدر بنا أولاً أن نحاسب مسؤولي العهد البائد الذين قدموا تسهيلات لا يستحقها هؤلاء الفهلويون المجرمون، وتجاوزوا لهم اللوائح والضوابط التي لا تجيز التصديق بمصنع أو منشأة صغرت أو كبرت في المناطق السكنية حتى لو كانت أحياء طرفية، ولكن من شدة الاستهوان بالانسان الفقير والبسيط، فقد عجت الأحياء الطرفية والهامشية بمثل هذه المصانع الضارة بصحة الإنسان والبيئة، ولن تجد مثلها في الأحياء الراقية مثل العمارات والرياض والمنشية ونظيراتها في بحري وأم درمان.
الجريدة