السبت 25 سبتمبر 2021 - 19:01
أحمد يوسف التاي يكتب: الإنقلاب الإنقلاب… أحذروا


)تم النشر في 7/سبتمبر الجاري (
)1(
قبل أيام كان قادة الجيش ورئيس هيئة الأركان يحدثون الصحافيين في لقاء نوعي عن استحالة حدوث أي إنقلاب عسكري ويستبعدون ذلك ويُرجعون الإستحالة إلى أن المجتمع الدولي لن يدعم أي إنقلاب في أي مكان من العالم …هذا الحديث في رأيي يجب ألا يؤخذ مأخذ اليقين حتى لا ينام الناس على هذه “النغمة” ويتوسدونها أحلاماً وردية، فقد كان رئيس الوزراء الأسبق الصادق المهدي أكثر يقيناً من عدم حدوث أي إنقلاب عسكري ، فكان كلما حدثوه عن إنقلاب وشيك من “الجبهة” يسخر من ذلك ويرد بأنه واثق من عدم حدوث أي إنقلاب حتى وقعت الواقعة واستولى “الكيزان” على سلطته وسرقوها منه في ليل بهيم…
)2(
في الوقت الذي يتظاهر فيه المجتمع الدولي بأنه ضد الإنقلابات العسكرية وأنه سيعزل أية حكومة تأتي عن طريق الإنقلاب، تتصل الخيوط السرية لتكشف في خاتمة المطاف أن القوى التي تسمي نفسها )مجازاً( بالمجتمع الدولي هي التي تصنع الإنقلابات في العالم الثالث وهي التي تدعم الحكومات الإنقلابية بصورة أو بأخرى وهي التي تعطيها الضوء الأخضر للإنقلاب والإذن بساعة الصفر للتنفيذ وهي التي تغرقها بالوعود الكاذبة لاستدراجها، حتى إذا ما حدث الإنقلاب فإما أن تستخدمه مبرراً للتدخل في تلك الدولة وتدميرها، أو أنها تدعم الإنقلابيين سراً وتدفعهم للتنكيل بخصومهم وتنفيذ أجندة تلك القوى الأجنبية… ولهذا يجب ألا تغرنكم مقولة أن عهد الإنقلابات العسكرية قد إنتهى وأن المجتمع الدولي لن يسمح بالإنقلاب… وهل أذكركم بأحدث أنقلاب عسكري حدث في غينيا قبل يومين بدعم سري من قوى فاعلة في المجتمع الدولي ، وقد حدث الإنقلاب بعد إطلاق نار كثيف في العاصمة وإحتجاز الرئيس الغيني ألفا كوندي..
)3(
كثير من المعطيات وقرائن الأحوال تشير الآن إلى تجهيز المسرح وتعبئة الشارع السوداني لقبول الإنقلاب العسكري ، فحالة السيولة التي نشاهدها الآن وإرتخاء القبضة الأمنية وزعزعة أمن الناس حتى داخل أحيائهم ومنازلهم والنهب الذي يحدث نهاراً والمطاردات بـ”التاتشرات” بدون لوحات… كل ذلك يحدث مع سبق الإصرار والترصد لتبرير الإنقلاب على ثورة ديسمبر ، هذا فضلاً عن استمرار فوضى السوق وإنفلات الأسعار التي أصبحت بلا كابح مع استمرار الضائقة المعيشية وإنعدام الأمن والأمان… كل ذلك يحدث بتدبير وتخطيط محكمين لإكتمال ظروف وأسباب ومبررات الإنقلاب الذي أكاد أشتم رائحته النتنة مع كل زخة “مطرة” أو نسائم ما قبل الفجر…
أما الشائعات التي ما فتئت تتدفق سيولها ما هي إلا واحدة من مقدمات الإنقلاب الذي يستهدف ثورة ديسمبر ونضالات الشعب السوداني، فهناك متآمرون يصنعون الشائعات هدمت الثورة أمجادهم الزائفة… وهناك متربصون داخل الحكومة الإنتقالية فضحت تصريحاتهم حنقهم وإحتقارهم للثوار والثائرات حينما وصفوهم باللاهين الراقصين، وآخرون أنكروا دور الشباب في إشعال الثورة وإنتصارها الساحق حينما نسبوا مجد الثورة إلى “الكفاح المسلح”…
)4(
في الذكرى الأولى للثورة كتبت : )سقطت حكومة الصادق المهدي من فرط التساهل في أمور لا تحتمل التساهل، وبسبب التفريط في بسط هيبة الدولة بحجة توسيع الحريات إلى الحد الذي مَحا كل الخطوط الفاصلة بين الحرية والفوضى، وبسبب تهاونها مع إعلام الجبهة الإسلامية آنذاك والذي كانت تختلط فيه الشائعة بالحقيقة مع المبالغة في السخرية من رجال الدولة وذلك لنزع هيبتهم من صدور الرعية، الآن حكومة حمدوك تمشي على إيقاع حكومة المهدي، ونفس الخصم الماكر يضع نفسه في كل المنحنيات والمطبات لاقتناص الفرصة واستغلال الحريات والظروف، ويضاف إليهم المتربصون من داخل حكومة الثورة… كوادر الجبهة الإسلامية وقيادتها لديهم قناعة راسخة بأن إعلامهم »السافر« الذي تغذيه الشائعات والسخرية المُهينة كان له الدور الأبرز في إسقاط حكومة الصادق المهدي وممارسة الاغتيال المعنوي لرموزها وشخصياتها، وقد كانوا يتفاخرون بإعلامهم المتحرر من الضوابط الأخلاقية في التخلص من حقبة الديمقراطية الثالثة، ولهذا السبب وحده استعدوا أيام حكمهم الإعلام الحر وكسروا الأقلام التي استعصت على الترويض ظناً منهم أن هذا السلاح الذي اسقطوا به حكومة المهدي سيقود إلى نهاياتهم ولهذا كانوا أشد حرباً على الصحافة الحرة(
أما حكومة حمدوك الغافلة تركت الشائعات ومصدرها وأمسكت بتلابيب زملاء صحافيين هم أحرص على الثورة وأهدافها من اللاهثين خلف المحاصصات والمناصب، وشتان مابين الشائعات التي تطفح بها مواقع التواصل الإجتماعي وما يكتب في صحف محترمة بأقلام صادقة وأمينة… اللهم هذا قسمي فيما أملك…
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله ، وثق أنه يراك في كل حين.