الخميس 7 أكتوبر 2021 - 20:51

حوار: أميرة الجعلي
ضجت الساحة السياسية والإعلامية طوال الفترة الماضية بالصراعات داخل الحاضنة السياسية، والتي بدورها أدت إلى إنقسامات بين مكونات إعلان قوى الحرية والتغيير، كما تصدر المشهد السياسي تفجر الأزمة بين شركاء الحكم من المدنيين والعسكريين، في وقت تعالت فيه أصوات المكون العسكري بضرورة إشراك الجميع، في إصطفاف وطني وعدم إقصاء الآخرين، عدا المؤتمر الوطني. في ظل كل ذلك برزت على السطح حاضنة سياسية موازية عقب ملتقى قاعة الصداقة بالخرطوم، خلال اليومين الماضيين والذي دعت له مجموعة منشقة من الحرية والتغيير رافعة شعار )العودة إلى منصة التأسيس( شارك فيها بعض قيادات الجبهة الثورية وأحزاب أخرى منضوية تحت مظلة الحرية والتغيير، وفي خضم مجريات الأحداث تسود المشهد السياسي ضبابية، يتعذر معها معرفة مستقبل التحول الديمقراطي في السودان.
)الإنتباهة( جلست إلى رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل الذي كشف عن أسباب غيابه عن ملتقى قاعة الصداقة وأفصح عن ما يدور في الساحة السياسية أعقاب التطورات الراهنة.. تفاصيل الحوار في السياق التالي:
* كيف تقرأ خلافات الحرية والتغيير والإنقسامات التي بدأت تطفو على السطح؟
= إعلان الحرية والتغيير جمع أشخاصاً لا توجد بينهم قواسم مشتركة سوى )الكراهية( للإنقاذ ولم يكن لديهم برنامج أو رؤية مشتركة، فقط شعارات وعندما سقطت الإنقاذ أصبح لا يوجد ما يجمع بينهم بل أصبح هناك صراع وتسابق على السلطة ومن هنا بدأت عملية الإنقسامات.
* خلاف منذ وقت مبكر؟
= نعم… من وقع على الوثيقة الدستورية ثلاثة مكونات هي، نداء السودان وقوى الإجماع الوطني وتجمع المهنيين وهذه المكونات الثلاثة، حدثت فيها إنقسامات جعلتها تندثر، وأصبحوا غير موجودين، وتوالى مسلسل الإنقسامات بعد ذلك.
* المشهد بدأت بوصلته تتغير عقب تشكيل حكومة التكنوقراط؟
= الحكومة الأولى كانت من المفترض أن تكون حكومة تكنوقراط، غير أن اليسار حولها لحكومة محاصصات، وكان أداؤها سيئاً وخلفت بينهم مشاكل، والصراع كان في المجلس المركزي في القرارات التي تتعلق بالمشاركة والاستوزار وغيرها.
*تتحدث كثيراً عن أن حزب البعث يشكل حكومة داخل حكومة؟
= نعم مثلاً لجنة إزالة التمكين سيطر عليها أعضاء حزب البعث، وهذا الحزب أيضاً لديه مجموعة من التجمع الإتحادي والمؤتمر السوداني، وصلاح مناع جاء ببعض الأشخاص من حزب الأمة واللجنة نفسها أصبحت حكومة داخل حكومة، أي سلطة موازية وبدأ الصراع داخل المجلس المركزي مع الصادق المهدي عندما تحدث عن العقد الإجتماعي وقال إن المجلس غير شرعي ويجب أن يحل وكتب الإمام الراحل أن الأحزاب في الحرية والتغيير عبارة عن لافتات ويجب فتح الباب لتأسيس قوى أخرى شاركت في الثورة والقوى المجتمعية و الإدارات الأهلية والطرق الصوفية، حاول معاهم ولكنه لم يصل لشيء.
* حاول معهم إشراك آخرين؟
= نعم ولم يصل لشيء.
* لماذا؟
= لأن داخل حزب الأمة كان هناك جناح مع المجلس المركزي ولم يستطع الصادق تطبيق العقد الإجتماعي حتى توفي وكانت فكرته أن لا يشاركوا في الحكومة وجمد عضويتهم في الحرية والتغيير ولكن عندما توفي عادوا وشاركوا وأصبحت هناك مجموعتان في حزب الأمة مع تحالف حزب البعث العربي.
* كيف ذلك؟
=مجموعة تضم جناح صديق والواثق وجناح برمة ومريم وعبدالرحمن بإعتبار هذا التحالف يمتلك سلطة لجنة التفكيك ويستطيعون عبر المجلس المركزي أن يديروا الحكومة والتعيينات وهذا الأمر أدى إلى إنقسام داخل الجبهة الثورية ذهب الهادي إدريس والطاهر حجر وياسر عرمان في هذا الإتجاه أما مناوي وجبريل والآخرون في إتجاه آخر.
*تحدثت عن مجموعتين في حزب الأمة القومي شاركت مجموعة أخرى من الحزب برئاسته إبراهيم الأمين في لقاء قاعة الصداقة ولكنهم إنسحبوا بصورة مفاجئة ؟
=إنسحبوا بعد أن دخلوا المؤتمر لأن ضغوطاً مورست عليهم.
*ضغوط؟
= نعم. . حدثت ضغوط بأن قاموا بإرسال أشخاص حاولوا منع إبراهيم الأمين الخروج من منزله ولكنه خرج و ذهبوا معه وأخبروه بأن هناك فلولاً في القاعة وإسلاميين لابد أن تذهب وخرج، لكن هذا لا يمنع أنه شارك في الإجتماعات وصرح هو وعادل المفتي وحتى الإجتماع التحضيري كانوا موجودين ووصلوا القاعة.
*أصبحت هناك حاضنتان باسم الحرية والتغيير؟
= نعم…. الحرية والتغيير المجلس المركزي واللجنة الفنية لعملية إعادة التأسيس ولكن حدث قبل العيد أن المكون العسكري دعا المجلس المركزي للحرية والتغيير لإجتماع قالوا لهم قررنا في القوات المسلحة إعادة الوضع وعمل إصطفاف وطني لأننا لا نستطيع تحمل تداعيات هذا الوضع إقتصادياً وأمنياً.
*من في المجلس المركزي إجتمع بالمكون العسكري؟
=الإجتماع كان فيه عدد من قادة المجلس المركزي لم يقبلوا الحديث، وبعضهم خرج من الإجتماع وذهبوا.
*من كان من حزب الأمة موجوداً؟
=كان معهم جناح مريم وصلاح مناع وجاءوا بصديق والواثق، الفكرة كانت في أنهم جاءوا بهؤلاء من حزب الأمة حتى يقولوا للمكون العسكري إننا نمثل قوة كبيرة ومعنا حزب الأمة القومي وجزء من الجبهة الثورية لتقوية أنفسهم وتوسعة الحاضنة وعليه الإصطفاف الوطني حتى لا يفقدوا السيطرة على السلطة، لكن المكون العسكري قدم النصح للأطراف.
*بماذا نصحهم؟
=بتأجيل الأمر لأنه سيعمق الخلافات، وطلب منهم أن لا يذهبوا في هذا الخط لكنهم ذهبوا في ذات الخط وصاحب هذا العمل تحركات من بعض أفراد المجلس المركزي لبث الفتنة بين الدعم السريع والجيش وبعد ذلك المكون العسكري جلس معهم مرةً أخرى وقال لهم ما فعلتموه كرس الإنقسام وسنمضي في إتجاه دعوة الآخرين للإصطفاف.
* ثم ماذا؟
=ذهب أثنان من عناصر المجلس المركزي إجتمعوا مع سفراء المجتمع الدولي طلبوا منهم أن يصدروا بيانات وتهديدات للمكون العسكري شديدة اللهجة بإعتبار أنه يريد تغيير الحاضنة ويريد أن يعمل إنقلاباً.
*وبماذا جاء رد السفراء؟
=وقتها السفراء استمعوا لهم وقالوا لهم أكملوا مؤسسات الفترة الإنتقالية والمجلس التشريعي وفي ظل هذا الجو حدثت المحاولة الإنقلابية وعندما ذهب البرهان إلى المدرعات أصدر حمدوك بياناً وقال هؤلاء الفلول وترك وهذا أغضب العسكريين وقال لهم )أنتوا ما عارفين حاجة ونحن قاعدين نلم في الموضوع وأنتوا بتشعللوا في الأمر لماذا؟( وهذا طبعاً تم بدعوة مستشاريه في أنهم يريدون استثمار ما حدث لتقوية قبضتهم وقبضة إزالة التمكين وقالها حمدوك في حديثه سنتحرك بلجنة إزالة التمكين وهذا ما قاله له مستشاروه، المهم أن هذه القضايا أحدثت ترسبات وصدرت تصريحات من سلك ومحمد الفكي وكانت هذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير.
* إنفجار الأزمة حدث عقب المحاولة الإنقلابية؟
= هذا التراكم مستمر والمكون العسكري لا يريد أن يستخدم سلطة الجيش في التصرف والأمور تراكمت إلى أن إنفجرت بهذه الطريقة.
*تحدث بعض مكونات المجلس المركزي أن المجموعة المنشقة مدعومة من قبل المكون العسكري؟
=أبداً هذه المجموعة تم عزلها من الإعلان السياسي والطرف الثاني يريد أن يضعفهم، الحرية والتغيير بدأت تروج إلى أن هذه المجموعة مدعومة من المكون العسكري، ولكن أبداً هؤلاء لديهم قضية حتى وإن إلتقوا في المواقف مع المكون العسكري في الوضع لأنهم ينادون للإنفتاح.
*يمكن أن تكون المجموعة الأخرى حاضنة بديلة؟
=هاتان المجموعتان الآن بلغا بعض وسيذهبون إلى نزاعات قانونية من الذي يمثل الحرية والتغيير هذا هو الموقف وهذا يدفع كلام المكون العسكري موجب لابد من إصطفاف وطني وتشكيل حاضنة جديدة لأن الحرية والتغيير المشاركين فيها متخاصمين ومختلفين وليس لديهم برنامج )شكلتهم( في السلطة وهناك ضعف في السلطة و مشاكل إقتصادية وأمنية وإنتفاضة في الهامش ضد المركز. الآن الأمر بحاجة إلى معالجة المشكلة ولا يوجد حل سواءً الدعوة للإصطفاف وطني وتكون هناك حاضنة جديدة وحكومة مستقلة حتى تحل المشكلة، لأنها حول السلطة، وينتبه الجميع للإنتخابات لكن هؤلاء لا يريدون إنتخابات، وعلى القوى السياسية أن تذهب لترتيب نفسها ويكونوا مجلس تشريعي ويمارس الرقابة من خلاله لكن لا يمكن أن يستمر الوضع بصورته القديمة.
*لماذا لم تشاركوا في لقاء قاعة الصداقة؟
=لأننا لسنا أعضاء في الحرية والتغيير و إخترنا من الأول أن لا نكون أعضاءً فيها وكنا نعلم أن هذا سيحدث، وقررنا إعادة صياغة الوضع الإنتقالي وتحقيق إصطفاف وطني.
*لكن تحدث المكون العسكري عن عدم إقصاء الآخرين غير الوطني؟
= لكن )الجماعة ديل( قدموا دعوة وإعلان لعضويتهم وهذا الحديث لازم يصدر من المكون العسكري ورئيس الوزراء ولا يمكن أن تفعله الحرية والتغيير لأنهم متخاصمون لازم تفعله جهة محايدة ويقدم الدعوة للقوى السياسية أن تلتقي ويدعو لحكومة تكنوقراط. نحن ندعو لإصطفاف وطني حكومة مستقلة والإسراع لقيام الإنتخابات هذه أجندتنا نحن وسنظل ندعو لها.
*البعض يتحدث عن أن موقف رئيس الوزراء ضبابي وغير واضح؟
=حمدوك متجاذب بين المجموعة الموجودة حوله، لكن نصيحة المجتمع الدولي من خلال الوفود التي كانت موجودة أن يكون محايداً ويعمل على جمع الصف لذلك تصريحاته الأخيرة يريد أن يجمع الحواضن كلها وتوحيد كل القوى.
*هل بمقدوره أن يفعل ذلك؟
= ليس وحده هو مع المكون العسكري. يجمعوا الناس والمجلس المركزي سيأتي لأنه في الأساس يريد السلطة.
*كيف تقرأ تصريحات إبراهيم الشيخ التي هاجم فيها البرهان بحكم أنه وزير في الحكومة الحالية؟
=حديثه مؤسف.. الإساءة لقادة الجيش لن تحل المشكلة بين الأطراف وإبراهيم الشيخ بذات الطريقة التي تحدث بها مع البرهان يمكن أن يشيروا له لعلاقاته مع الإنقاذ وهذا ليس سراً معروف أنه شريك في ولاية الخرطوم وفي أسواق أمدرمان ومعروف لديه علاقات معهم لم يكن حديثه موفقاً ولا يأتي بنتيجة بل يزيد التباعد والبغضاء بين الأطراف وغير عاقل وحديث يكرره الناشطون.. كيف تحرره وأنت وزير في الحكومة.
* وأخيراً أزمة شرق السودان مؤخراً أعلن الهادي ادريس رئيس الجبهة الثورية برفضهم إلغاء مسار الشرق وهو يعتبر سبباً رئيسياً للأزمة؟
-الهادي إدريس لا يمثل أي ثقل هو فرد جيء به للرئاسة الجبهة الثورية وهو كان يعيش في كينيا ولا يمثل أي ثقل وأي شيء يقوله لا قيمة له لأن حديثه يمثل عن رأيه والوضع في الشرق متعلق بالأمن القومي السوداني وإلغاء مسار الشرق أصبح حتمياً لأن هذا المسار يهدد الأمن القومي السوداني ويثير عدم الاستقرار في أهم بقعة من بقاع السودان لأنه هو إحتجاج لتسليم قيادة الشرق إلى المستوطنين الذين جاءوا كلاجئين إلى البلاد.
*أصدر مجلس الوزراء بياناً تحدث عن نفاد الأدوية المنقذة للحياة ونفاد السلع وغيرها بسبب إغلاق الميناء؟
=الحكومة الآن تستعطف المواطنين في مسألة الدواء على الحكومة أن تنتبه أولاً لإضراب الأطباء في مستشفيات الخرطوم وتعطل كل الطوارئ في مستشفيات ويموت كثير من الناس لعدم وجود أطباء فعلى الحكومة أن تنتبه للخدمات الطبية قبل أن تتحدث عن نقص في الدواء الذي ظل موجوداً منذ تولي عبدالله حمدوك رئاسة الوزراء، وهناك منحة الآن قدمتها إحدى الدول الخليجية للسودان حوالي الفين طن وعندما إتصلوا بالحكومة لتسلم أول شحنة من هذه المنحة قالوا ليس لدينا مكان نخزن فيه، كان هذا رد وزارة الصحة والجهات الرسمية التي تتباكى الآن على عدم وجود الدواء.