الجمعة 8 أكتوبر 2021 - 20:55

لأول مرة تجد لجنة تفكيك النظام المعزول واسترداد الأموال العامة بالسودان نفسها أمام معركة قانونية جديدة، ذهب البعض إلى وصفها بالسابقة التي قد تضع كل عملها السابق "في مهب الريح".
وأصدرت دائرة الطعون بالمحكمة العليا الثلاثاء الماضي 11 حكما بإلغاء قرارات اللجنة بفصل مئات من القضاة والمستشارين ووكلاء النيابة بالدولة.
وفي اليوم ذاته، أعلنت لجنة التفكيك -في مؤمر صحفي- معارضة الأحكام خشية أن تشكل سابقة وحافزا لمئات المحكوم عليهم بالفصل والمصادرة لنقض الأحكام ضدهم.
وتعنى لجنة التفكيك بإزالة الواجهات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للنظام المعزول، لكنها تتهم بالجمع بين سلطات النيابة والقضاء والتحرك من منطلقات سياسية، رغم ما تتمتع به من دعم القوى الثورية.
معركة مستمرة
وأعلن أكثر من 300 رجل قانون يمثلون هيئة "المحامين الوطنيين" مساندتهم للجنة في اجتماع حضره رئيسها وعضو مجلس السيادة محمد الفكي سليمان، إضافة إلى مقررها صلاح مناع وعضويها وجدي صالح وطه عثمان.
ووصف الخبير القانوني المعز عمر حضرة قرارات دائرة المحكمة العليا بأنها ستمثل معركة مستمرة وصراعا قانونيا لأن القرار غير نهائي.
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح أن قرار المحكمة الذي احتفى به متظلمون من القضاة ووكلاء النيابة بالتكبير والتهليل ما زال في مرحلة تمكن لجنة التفكيك من الطعن فيه وإلغائه.
وأشار حضرة إلى أن القانون ذاته الذي تعمل اللجنة بموجبه لم يعطها حصانة كاملة في قراراتها، كما أن حكم المحكمة العليا يؤكد مبدأ دولة سيادة القانون، مؤكدا أهمية إكمال لجنة الاستئناف عملها حتى يتمكن المتضررون من مراجعة قراراتها بحقهم.

زهد العسكر
وشمل قرار مجلس السيادة بتشكيل لجنة التفكيك في ديسمبر/كانون الأول 2019 تكوين لجنة استئناف لقراراتها برئاسة عضو المجلس الفريق إبراهيم جابر ورجاء نيكولا نائبا له ووزير العدل نصر الدين عبد الباري مقررا.
واشتكى قادة لجنة التفكيك مرارا من تأخر بدء عمل لجنة الاستئناف، وحسب مصادر تحدثت للجزيرة نت، فإن رئيسها المحسوب على المكون العسكري في مجلس السيادة الفريق إبراهيم جابر غير راغب في رئاستها.
وقال عمر الجبلابي عضو اللجنة القانونية لائتلاف "قوى الحرية والتغيير" للجزيرة نت إن قرار المحكمة العليا تجاوز لجنة رجاء نيكولا من المكون المدني، دون أن يشير إلى إبراهيم جابر.
وفي فبراير/شباط الماضي، تعرضت لجنة التفكيك لانتكاسة باستقالة رئيسها الفريق أول ياسر العطا عضو المجلس السيادي من المكون العسكري، لكن اللجنة تجاوزت الأزمة برئاسة الرئيس المناوب عضو مجلس السيادة محمد الفكي سليمان من المكون المدني.
في مهب الريح
وفي ظل غياب لجنة الاستئناف، يقول المحامي بارود صندل، القيادي في حزب المؤتمر الشعبي، إنه ما من حل أمام المتظلمين من لجنة التفكيك غير البحث عن طرق أخرى لعرض مظالمهم.
وفي حديثه للجزيرة نت، رأى صندل أن حكم المحكمة العليا يعد سابقة، وأن أي متظلم من لجنة التفكيك يمكنه الآن اللجوء لهذه المحكمة التي ستصدر القرار نفسه، وعلى كل شخص متضرر أن يقدم طعنا لها.
وبناء على تهم الولاء للنظام السابق الذي حكم البلاد 30 سنة، استردت لجنة التفكيك منذ تشكيلها عشرات الشركات والعقارات، وفصلت آلافا من موظفي الدولة.
ونفى صندل أن يتسبب قرار المحكمة في مواجهة بين لجنة التفكيك والقضاء، باعتبار أن التقاضي حق مكفول وقرار دائرة المحكمة العليا يعد نهائيا.
وقال في هذا السياق إن لجنة التفكيك يفترض أن تكون جزءا من آليات مفوضية مكافحة الفساد، حتى تعمل وفق أسس قانونية سليمة.
وأشار إلى أنها إذا اتبعت القانون الذي تعمل بموجبه، يمكن أن تكون قراراتها سليمة، قائلا إنهم نصحوا الحكومة الانتقالية مرارا بتنحية "الناشطين" في لجنة التفكيك حاليا وتعويضهم برجال قانون من ذوي الخبرة.
وأضاف "نبهنا إلى أن ما يجري يخالف القانون والوثيقة الدستورية؛ عمل لجنة التفكيك كان غير سليم وأدخل البلاد في مشاكل".
تجاوز اللجنة
في المقابل، اعتبر عضو اللجنة القانونية لقوى الحرية والتغيير عمر الجبلابي أن قرار المحكمة العليا جانبه الصواب لأنها تجاوزت لجنة الاستئناف.
وقال إنه ما كان ينبغي لها أن تقع في ذلك لأنها محكمة إجرائية تنظر في كيفية تطبيق القانون؛ سليما كان أو غير سليم، مضيفا أن "خطأ المحكمة متوقع في ظل الطلبات الكثيرة التي تنظرها، لكن الخطأ الأخير فادح".
وأكد الجبلابي أن قرار المحكمة محترم وستراجعه لجنة التفكيك بطرق قانونية لأن اللجنة تتخذ كل الإجراءات القانونية والإدارية، وتستعين بلجان قانونية وخبراء قانون قبل إصدار قراراتها.
ورغم ذلك، نفى أن تكون قرارات لجنة التفكيك محصنة، فقد ترتكب أخطاء، لكنها تعمل وفق كل الإجراءات لتتخذ قرارات سليمة قدر الإمكان.
ورفض الجبلابي اعتبار قرار دائرة المحكمة العليا بإعادة مئات المفصولين من القضاة ووكلاء النيابة سابقة، موضحا أن السابقة لا تكون إلا بقرار نهائي، وقرار المحكمة العليا ليس نهائيا.
في المقابل، أكد المحامي بارود صندل أن قرار المحكمة العليا يعد نهائيا في ظل غياب المحكمة الدستورية.
المصدر:الجزيرة