الثلاثاء 12 أكتوبر 2021 - 15:40
حسن محمد صالح يكتب: ابو هريرة حسين وفقده الجلل
المرحوم ابو هريرة حسين

موقف
الاخ العزيز ابو هريرة حسين جاري ) شارع فقط(( يفصل بيننا رحل الاخ ابو هريرة عن هذه الفانية مبكيا علي شبابه وحيويته التي بدات في الانطفاء والذبول كما ينطفي القنديل وتخبو الشموع في كوتها وذلك عقب اعتقاله المشؤوم بواسطة لجنة ازالة التمكين واسترجاع الاموال العامة هذه اللجنة لا تنظر لنجاحات الرجال ولا انجازاتهم وتفانيهم في خدمة السودان بقدر ما تبحث بحثا مريبا عن ما تدعي انها اخطاء ومخالفات تجعل خصومها السياسيين يصرخون ويولولون ويبكون خوفا او طمعا او رهبا او يموتون في سجونها الخاصة. هذه اللجنة تعتقل ابو هريرة حسين وشرف الدين بانقا ولا تعرف كم قدموا للشعب السوداني من خدمات وعلي راسها السكن والماوي والتطوير وتحويل الخرطوم الي مدينة خالية من السكن العشوائي علي يد الدكتور شرف الدين بانقا الذي لولا انه غادر موقعه في وزارة التخطيط العمراني بولاية الخرطوم باكرا وانحاز للمؤتمر الشعبي المعارض لادخل الصرف الصحي في مدن الخرطوم واراح الناس من عناء ابار السايفون الضارة بصحة الانسان والبيئة لاختلاطها بمياه الشرب في الاعماق البعيدة نتيجة للحفر بالحفارات بعد ان كان الحفر يتم يدويا. و الصرف الصحي كما خطط له دكتور شرف وبدا في شرحه للناس لتبيين فوائده ومضار السايفون في الماضي والحاضر والمستقبل فقد كانت الخطة ان ينطلق الصرف الصحي من الاحياء الجديدة في العاصمة بان تتم معالجته وتستغل المياه المعالجة ))صحيا(( في ري الحدائق واشجار الظل وهو يجنب الناس كثير من المشاكل البيئية والمالية الحادثة حاليا في الاحياء بولاية الخرطوم من تخلص من مياه السايفون بواسطة عربات التناكر وهذه تفرغ حمولتها من المياه الملوثة في نهر النيل كما ثبت مؤخرا . اذكر اننا مجموعة من الاهل والاصدقاء
عدنا في احدي المرات من سفر وراي الاخ علي الذي يسكن دار السلام ))غرب ام درمان(( ان نؤدي صلاة الظهر في منزله ثم ننصرف الي بيوتنا وكانت واحدة من شراك كرمه وقد لاحظت انهم يسكنون في مساحة كبيرة من الارض فقال لي انه ووالده واخاه قد جمعوا بيوتهم في بيت واحد بدلا من ان يكونوا متجاورين وكان يدعو الله للدكتور شرف الدين بانقا ويثني عليه هو واسرته ان خطط دار السلام )) في شرق العاصمة في الحاج يوسف وغربها في ام درمان وجنوبها في الكلاكلة(( بعد ان ظلت لسنوات منذ الجفاف١٩٨٤م مدنا عشوائية ‘ ليس هذا فحسب’ فمنازل البنك العقاري والاسكان الشعبي والمخططات السكنية دليل علي الجهود التي بذلتها ولاية الخرطوم علي مدي ثلاثين عاما هي عمر النظام السابق..
اما الراحل ابو هريرة حسين فقد امتدت جهود للشباب و للرياضة وتطوير الملاعب وكان يعمل في ظروف صعبة ومعقدة ولكنه انجز كثير من الاعمال التي اهلته لان يكون وزيرا في ذات المجال بفكره الثاقب وقيادته الحكيمة واطلاعه بجلائل الاعمال و الوزارة التي لم يبقي فيها الا شهور قليلة قادته الي اعتقال غير مبرر وتطاول بعد الاطاحة بالنظام السابق بعد ان انحازت القوات المسلحة لثورة ديسمبر ٢٠١٨م وكان مؤسفا ومحزنا ان يبقي ابو هريرة في السجن و صحته لا تحتمل البقاء في المعتقل لانه مصاب بداء السكري وقد حدثت له مضاعفات صحية لعدم تمكينه من َمقابلة طبيبه ومزاولة العلاج فاصيب في بصره وحدثت له جروح خطيرة في الارجل.
. زرت الاخ ابو هريرة عليه رحمة الله بعد اطلاق سراحه من سجن كوبر وكان زواره من الفنانين والجيران والصحفيين والمعارف يملأون المكان ورغم انه كان منهك القوي يعاني من المرض فقد تحامل علي نفسه لاستقبال الضيوف والمهنئيين له بسلامة الخروج من الاعتقال.
ابوهريرة يسكن وزوجته في غرفة واحدة في منزل والدهم بالحارة السابعة ام بده وهذا المنزل يضم عدد ا من الاسر منهم ابناء شقيقه الراحل مصطفي حسين وارملنه. وعندما سالته عن سبب الاعتقال وهل وجهت له تهمة قال لي ان المعتقلين من قادة الانقاذ بما فيهم الرئيس السابق عمر البشير مندهشين من وجود ابو هريرة بالسجن الي جانبهم.. ولم يمكث ابو هريرة طويلا حتي اضطره المرض العضال الي السفر للقاهرة وظللنا نسال عنه حتي نعاه الناعي صباح اليوم وقد شق ذلك علي كل معارفه واصدقائه فقد كان سمحا عفوا حييا كتوما وكان يعين علي نوائب الدهر رقم ضيق ذات اليد. رحمه الله واحسن اليه فلم يكن فقده فقد واحد ولكنه بنيان قوم تهدم.. وهو ينطبق عليه قول المتنبئ :
كل يوم لك احتمال جديد
ومسير الي المجد فيه مقام
و اذا كانت النفوس كبارا
تعبت في مرادها الاجسام.