الجمعة 19 يونيو 2020 - 10:51
‏منصة حرة - نور الدين عثمان


كشف الجهاز المركزي للإحصاء، أن معدل التضخم ارتفع 15.42% إلى 114.32% خلال مايو الماضي، مقابل 98.81% في أبريل 2020.
هذا يؤكد رفضنا لمسألة زيادة الرواتب دون دراسة متأنية ودون ضبط للأسواق، ودون توحيد لسعر الجنيه السوداني عبر إجراءات حازمة، وفي هذا قلنا إن رفع راتب الموظف من 3 آلاف جنيه إلى 30 ألف جنيه سيفقد القيمة الشرائية للـ30 ألف لتصبح بنفس قيمة الـ3 آلاف السابقة، وبذلك لن يستفيد الموظف لأنها مجرد زيادة تضخمية، وتطبيق القرار رفع نسبة التضخم خلال شهر واحد فقط بمعدل 15% وستتواصل الزيادة، وسنشهد ارتفاع في العملات الأجنبية مقابل تدهور قيمة الجنيه.
وتلك الزغرودة العفوية التي صدرت من موظفة ابتهاجاً بزيادة الرواتب، التي أبهجت الوزير، وفرد لها مساحة دعائية ليثبت لنا صحة توجه الوزارة لم تفرحنا، ونقول له، ها هي الأرقام تثبت خطأ هذا التوجه، رغم حديثك الذي أشرت فيه إلى أن زيادة الرواتب لن تؤثر على معدلات التضخم، لكن الأرقام لا تكذب.
ونعلم جيداً، أن الفرحة الحقيقية للمواطن هي أن يكون للجنيه قيمة شرائية، وليس أن تكون بحوزته أوراق مالية كثيرة لا قيمة شرائية لها.
وبالعودة لبيان الجهاز المركزي للإحصاء، نلاحظ أن سبب هذه القفزة في معدلات التضخم تعود إلى ارتفاع أسعار الأغذية والمشروبات؛ خصوصاً أسعار الخبز والحبوب واللحوم والزيوت واللبن والجبن والبيض والبقوليات والسكر، إضافة إلى ارتفاع أسعار السكن، وأسعار غاز الطهي، والفحم، والفحم النباتي، وحطب الوقود، وتكاليف صيانة السكن، وأيضاً ارتفاع أسعار النقل مقارنة بأسعار شهر أبريل الماضي.
وهذا يعني أن نسبة الزيادة في الرواتب ستبتلعها الأسعار المرتفعة للسلع الضرورية، ولا ننسى أن أزمات الخبز والوقود وغاز الطهي، هي بالنتيجة بسبب شح موارد النقد الأجنبي للاستيراد، إضافة إلى تدهور قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية، وبلغ سعر الجنيه نحو 158 مقابل الدولار الواحد في السوق السوداء وسنشهد زيادة.
الحل الآن لكبح جماح التضخم، هو التوقف عن أي خطط مستقبلية لزيادة الرواتب، وتوجيه أموال الدولة بالتدرج نحو مشاريع زراعة المحاصيل لدعم الصادرات كمرحلة أولى، والاستثمار في قطاع الثروة الحيوانية بشكل مؤسسي، وإعادة الشركات الأمنية لولاية وزارة المالية أو التعامل معها كبقية الشركات في دفع الضرائب والجمارك والرسوم، وعدم تخصيص ميزانية رواتب للجهات الأمنية التي تصر على امتلاك الشركات، إضافة إلى ضرب تجارة العملة بتوحيد سعر صرف الجنيه عبر سياسة "التعويم"، وفي اعتقادنا عواقب "التعويم" أقل بكثير من عواقب "زيادة الرواتب والأجور"، لأن التعويم سيعيد الثقة في الجنيه وسيجذب الاستثمارات، ونعلم أن قرار "التعويم" تقف ضده مافيا "تجارة العملة" التي تسيطر على مفاصل الدولة الاقتصادية، لذلك يحتاج هذا القرار إلى شجاعة.. دمتم بود
الجريدة