الأحد 24 أكتوبر 2021 - 21:43

تقرير: هبة محمود
ليالي أكتوبر ونهاراته تشتد وقعاً على رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، في وقت تتثاقل عليه فيه مهمة دعم الانتقال، فالضغط بلغ أوجه في ظل التنازع الرهيب الذي يعيشه، فهو يقف في المنتصف بين حاضنته السياسية وشركائه في الوثيقة الدستورية، فماذا يفعل وفي اي المعسكرات عليه ان يقف؟ وعلى الرغم من أن التساؤل وفق منطق الأشياء يعتبر محسوماً، الا ان إرهاصات هنا وهناك تلوح في أفق المشهد، مما يحيل معه المستحيل إلى ممكن ويقلب كفة الميزان السياسي. وبحسب مراقبين فإن عملية الإصلاح تحتاج إلى جراحة عاجلة وناجعة تبعث الروح في ما تبقى من فترة الانتقال الحرجة، مما يجعل التساؤلات تترى حول الساعات القادمة كيف ستكون؟ وما صحة المعلومات المتواترة من اجتماعات حمدوك بالمكون العسكري؟ واي الخيارات أقرب أمام رئيس الوزراء، الاستجابة لدعوات حل الحكومة ام المضي في حل الأزمة وفق خلية الأزمة؟ ولماذا غادر رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان سراً إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، ولماذا انقلب الميزان السياسي ضده وباتت الدعوات برحيله تطرق بشدة؟ ومن البديل للبرهان؟ وهل يتسيد حمدوك رئاسة مجلس السيادة ممثلاً للمدنيين؟
مأزق الاعتصام
يبدو أن الساعات المقبلة ستكون حبلى بالمفاجآت المشرعة على كل الاتجاهات. ففي موروث الأمثال الشعبية السائرة يشيع مثل يتم تداوله عند سريان نبأ ما، دون التأكد من زعمه لكنه يحتمل ــ اي النبأ ــ الصدق والكذب معاً, وهو )العود لو ما فيه شق ما بقول طق(، فمنذ إعلان المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة إغلاق الشرق الشهر الماضي، حتى بدأت التسريبات تنطلق هنا وهناك حول ضرورة حل الحكومة كمطلب تفاوضي دفع به الناظر ترك لإنهاء عملية الإغلاق، ولم يتوقف الأمر عند حد ذلك، بل بدأ المطلب يطرق بشدة بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة ودخول المكونين في صراع معلن، بل أنه تزايد وأصبح أمراً رهيناً برفع اعتصام القصر الجمهوري. كل ذلك جعل المكون المدني يشدد على ضرورة تسليم السلطة للمدنيين في موعدها المضروب وفق ما نصت عليه الوثيقة الدستورية، وهو ما جعله يتداعى لمواكب )٢١( أكتوبر لحماية الانتقال، لكن يظل هناك، وبحسب خبراء في الشأن السياسي تحدثوا لـ )الانتباهة( مأزق الاعتصام الذي ادخل فيه المكون العسكري نفسه، والذي يتوجب رفعه الاستجابة بحل الحكومة. ولم تتوقف التسريبات هذه المرة بحل الحكومة فحسب، بل بذهاب البرهان نفسه. مصادر عسكرية تحدثت لـ )الانتباهة( أكدت أن الاجتماعات بين المكون العسكري وحمدوك خلصت إلى ضرورة ذهاب البرهان والاتيان ببديل آخر له، وذلك لاعتبارات كثيرة في أولها ضغط الشارع ورفضه له في أعقاب اتهامه بمساندة ترك ومحاولة اعادة الفلول إلى المشهد مجدداً، هذا بجانب إصرار المؤسسة العسكرية نفسها على ذهابه عقب ما حاق بها في عهده من اتهامات بحد تعبير المصدر، مما يطرح معه تساؤلاً حول ذهابه والبديل المناسب له وسفره سراً إلى الإمارات؟
حالة ترقب
وفي ما يبدو أن ميزان )٢١( أكتوبر لم يرجح بعد الكفة نحو من، الا ان التصارع بدأ يشتد علناً في حلبة السياسة، فالجميع ظل مترقباً ولم يزل لمخرجات اجتماع رئيس الوزراء مع المكون العسكري، حتى خرج أمس حاكم إقليم دارفور مني اركو مناوي ليعلن توصل المجتمعين إلى حل الحكومة بمجلسيها السيادي والوزراء، قبل أن تنتاشه السهام من الموالين والمدافعين عن الحكومة، مما اضطر مجلس الوزراء إلى إصدار بيان أكد من خلاله التزام رئيس الوزراء بما شكله من خلية لتدارك الأزمة، غير أن مصادر أكدت لـ )الانتباهة( وقوع حمدوك في مأزق حرج عقب اتفاقه مع العسكر، بعد دخوله مع الحاضنة السياسية في صراع بضرورة إكمال الفترة، وطبقاً لمصادر عسكرية لـ )الانتباهة( فإن مقترحاً قدم من أحد أعضاء المكون العسكري بضرورة ذهاب جميع أعضاء المجلس السيادي بشقيه على رأسهم البرهان، والإبقاء على عضو واحد من العسكريين ومعه رئيس الوزراء لإعادة تشكيل المجلسين. والمصادر نوهت بأنه تم الاتفاق مع رئيس الوزراء حول الحل، وتبقت كيفية التوصل إلى صيغة لإكمال الإجراء.
وبالمقابل نبهت مصادر أخرى إلى أن زيارة البرهان إلى الإمارات سراً تأتي في إطارين أولهما تنوير بما يجري من أحداث، ثم التقاؤه بشخصيات بعينها لبحث مخرج واخذ الدعم دون الإفصاح حول حقيقة الدعم هذا، وفي هذا الشأن يرى المحلل السياسي الرشيد محمد ابراهيم أن حل الأزمة يحتاج إلى أدوات وعناصر داخلية بدلاً من اللجوء إلى الآخر. ويرى الرشيد خلال حديثه لـ )الانتباهة( أن زيارة البرهان السرية لتوضيح أسباب الأزمة ودعوات حل الحكومة.
انقلاب الميزان
كواليس الارهاصات بحل الحكومة وتطورات ذهاب البرهان عقب )٢١( أكتوبر هو ابسط ما يمكن تسميته انقلاب الموازين السياسية، فهل بات ذهابه وحل الحكومة أمراً واقعاً مثلما يتردد بشكل كثيف؟ وبالتأكيد فإن الساعات المقبلة ستجيب على التساؤل، لكن قبل ذلك يرى محللون أن مواكب )٢١( أكتوبر أعادت إلى حمدوك ميزان قوته، بعد أن كان أمر ذهابه قاب قوسين أو أدنى، وفي هذا يرى المحلل السياسي نصر الدين بابكر أن المشهد تحول داعماً لرئيس الوزراء، مؤكداً في حديثه لـ )الانتباهة( الاستفادة الكبيرة لحمدوك من مواكب )٢١( اكتوبر، فهي التي منحته قوةً وإعادته إلى المشهد مجدداً، غير أنه عاد وشدد على أن ذلك ليس بمنأى عن المبعوثين الدوليين وقادة الأحزاب والتنفيذيين، وفي ذات الاتجاه يرى بابكر ضرورة التوصل إلى صيغة في ظل هذا المشهد لإنهاء الصراع ورفع الاعتصام دون الاتجاه لحل الحكومة، وقال إنه يجب إعادة النظر على مستوى مجلس السيادة، وإجراء تعديلات تأتي بدماء جديدة من المؤسسة العسكرية لإكمال فترة الشراكة، الا انه بالمقابل يرى المحلل السياسي الرشيد محمد ابراهيم أن فك الاحتقان السياسي الذي تعيشه المرحلة إذا كان يستوجب حل الحكومة فيجب حلها، لأن العملية الانتقالية وفق حديثه للصحيفة مستمرة. وفي ذات الاتجاه استبعد الرشيد عملية الحل على مستوى المجلس السيادي، مؤكداً أن معركة السيادي معركة أخرى تحتمل بعض الوقت.
بديل البرهان
وفي ما يبدو فإن المؤسسة العسكرية بدأت تعد العدة لإعداد بديل للبرهان، وذلك من خلال ما بدا يرشح من أسماء بديلة منها القائد أبو عشرة والقائد الكرار، ويرى في ذلك المصدر العسكري إعداد العدة من قبل المؤسسة العسكرية في خلق بديل للبرهان، وأكد أن أبو عشرة يعتبر أقوى المرشحين حتى الآن، وفي ذات السياق يؤكد المحلل السياسي نصر الدين بابكر حرص المؤسسة العسكرية على إيجاد بديل قوى يعيد للقوات المسلحة ألقها وبريقها، الا انه عاد وطرح تساؤلاً أكد خلاله كيفية تعامل القائد الجديد للقوات المسلحة مع قوات الدعم السريع، منوهاً بوجود حالة تململ وعدم رضاء من قبل كثير من الضباط حيال قوات الدعم. وعلى صعيد مختلف خرجت تسريبات عن بديل أممي لحمدوك، غير أن مراقبين يرون تأكيد الحرية والتغيير ودعمها لرئيس الوزراء مما يضعف معه هذه الفرضية.
وفي ظل كل ذلك تظل التوقعات مشرعة على كل الاتجاهات، فكيف ستكون الساعات المقبلة؟