الجمعة 6 أغسطس 2021 - 20:52
رفض متمرّدون من إقليم تيغراي المضطرب في شمال إثيوبيا الجمعة دعوات الولايات المتحدة للانسحاب من مناطق مجاورة، بعد يوم من سيطرتهم على موقع لاليبيلا المدرج على قائمة "اليونسكو" للتراث العالمي، في آخر حلقة ضمن سلسلة النزاع المتواصل منذ تسعة أشهر.
وقال الناطق باسم جبهة تحرير شعب تيغراي غيتاتشيو رضا "لن تتم أي خطوة من هذا القبيل إلا إذا رُفع الحصار"، في إشارة إلى القيود المفروضة على إيصال المساعدات الإنسانية.
ويشهد شمال إثيوبيا نزاعًا منذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، بعدما أرسل رئيس الوزراء أبيي أحمد قوات للإطاحة بجبهة تحرير شعب تيغراي، الحزب الحاكم في تيغراي والذي هيمن على الساحة السياسية الوطنية على مدى ثلاثة عقود قبل تسلّم أبيي السلطة في 2018.
وكانت الخطوة ردا على هجمات نفّذتها الجبهة ضد معسكرات للجيش، بحسب أبيي.
وبينما تعهّد بأن النصر سيكون سريعا، اتّخذت الحرب منعطفا مفاجئا في حزيران/يونيو عندما استعادت قوات موالية لجبهة تحرير شعب تيغراي عاصمة الإقليم ميكيلي وانسحب القسم الأكبر من القوات الإثيوبية.
وتحرّكت جبهة تحرير شعب تيغراي مذاك شرقا باتّجاه عفر وجنوبا باتّجاه أمهرة.
ودعا كبار المسؤولين الأميركيين بمن فيهم مديرة وكالة التنمية الدولية سامانثا باور، التي زارت إثيوبيا الأسبوع الجاري، جبهة تحرير شعب تيغراي إلى الانسحاب، وجميع الأطراف لوقف الأعمال العدائية والتركيز بدلا من ذلك على التعامل مع "الكارثة" الإنسانية التي يشهدها تيغراي.
وأفاد سكان فرانس برس أن مقاتلي جبهة تحرير شعب تيغراي دخلوا لاليبيلا الخميس من دون قتال بعدما انسحبت القوات الأمنية.
ودفعت الخطوة حكومة أمهرة للتحذير من أن الجبهة تتحرك في "عمق" أراضي أمهرة ملمّحة إلى رد محتمل.
بدوره، أكد غيتاتشيو بأن دخول لاليبيلا جزء من محاولة لتأمين الطرق في شمال أمهرة ومنع القوات الموالية للحكومة من إعادة تشكيل صفوفها.
وقال "كما ترون نحن تحت الحصار. سنتأكد من أن أي وسيلة يستخدمها أبيي لمواصلة خنق شعبنا لا تمثّل مشكلة خطيرة".
تضم لاليبيلا كنائس منحوتة في الصخر تعود إلى القرن الثاني عشر وكانت وجهة سياحية بارزة في فترة السلم إضافة إلى وجود مطار فيها.
- "مطاردة ساخنة" -
وذكر غيتاتشيو أن المقاتلين الموالين لجبهة تحرير شعب تيغراي يشنون "مطاردة ساخنة" ضد قوات إقليم أمهرة التي اتجهت شمالا من لاليبيلا إلى بلدة سيكوتا.
كما شدد على موقفه بأن الجبهة لا تسعى للسيطرة على أراض في أمهرة وعفر بل تركز على تسهيل إيصال المساعدات، لكنها لا تزال ملتزمة باستعادة مناطق في غرب وجنوب تيغراي احتلتها قوات أمهرة في بدايات الحرب، بحسب ما قال.
وحذّر جناح حزب الازدهار الحاكم الذي ينتمي إليه أبيي في أمهرة أن الجبهة تتحرّك باتّجاه "فخ" عبر الابتعاد عن قاعدتها في تيغراي لافتا "وهكذا سنتمكن من معاقبتها بلا رحمة".
ورفض قادة أمهرة دعوات الولايات المتحدة وغيرها من القوى الدولية لمغادرة هذه الأراضي، مشيرين إلى أنها تقع تاريخيا تحت سلطة أمهرة.
ويعد النزاع نذير شؤم بالنسبة لدعوات وقف إطلاق النار التي تكثّفت في الأيام الأخيرة.
واختتم الأمين العام المساعد للشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث زيارة أجراها إلى إثيوبيا الأسبوع الجاري بإعلان مفاده "على الحرب أن تنتهي".
وتؤكد الأمم المتحدة أن القتال في تيغراي ترك 400 ألف شخص في ظروف أشبه بالمجاعة فيما تشير تقديراتها إلى أن أكثر من مئة ألف طفل قد يواجهون سوء تغذية شديدًا يشكل تهديدا لحياتهم في الشهور الـ12 المقبلة.
وتتهم جبهة تحرير شعب تيغراي حكومة أبيي بمنع وصول المساعدات إلى الإقليم فيما يندد المسؤولون المعنيون بالمجال الإنساني بالعقبات البيروقراطية وغيرها التي تعطّل وصول المعونات.
من جهتها، أوضحت الحكومة أن وقف إطلاق النار من جانب واحد الذي أعلنته أواخر حزيران/يونيو هدفه السماح بدخول المساعدات وتصر على أن هجوم الجبهة يقوّض هذه الجهود.
وأعلن مكتب أبيي الجمعة أن 63 شاحنة محملة بالمساعدات الغذائية وصلت إلى ميكيلي، ما يرفع العدد الإجمالي إلى 220 شاحنة في الأسابيع الأخيرة.
- "لاليبيلا موقعنا التراثي" -
وأفادت الناطقة باسم الرئيس الإثيوبي بيلين سيوم الخميس أن أكثر من 300 ألف شخص نزحوا جراء القتال مؤخرا في أمهرة وعفر.
وقال نائب رئيس إقليم أمهرة فانتا مانديفرو لفرانس برس الخميس إن المتمرّدين ارتكبوا انتهاكات تشمل عمليات قتل واغتصاب.
لكن غيتاتشيو رفض الاتهامات قائلا "الحقيقة هي أننا نعمل مع السكان لضمان تمكّنهم من المضي قدما بشؤونهم الحياتية بشكل طبيعي بقدر الإمكان".
من جانبها، حضت الخارجية الأميركية الخميس المتمرّدين على حماية لاليبيلا، فيما اعتبر غيتاتشيو أن المخاوف في هذا الصدد في غير محلها.
وقال "نعرف ما تعنيه حماية المواقع التراثية. لاليبيلا موقعنا التراثي أيضا. عليهم ألا يقلقوا بشأن حماية قواتنا لاليبيلا".
تضررت عدة مواقع تاريخية في تيغراي بشكل كبير خلال النزاع، لا سيما الأديرة وغيرها من أماكن العبادة، رغم أن غالبية أهالي تيغراي تحمّل القوات الموالية للحكومية مسؤولية هذا الدمار.