السبت 11 ديسمبر 2021 - 14:34
آلة الموت تحصد سكان جبل مون بغرب دارفور


د. عبد المجيد عبد الرحمن أبو ماجدة
ظهرت من جديد الصراعات القبلية مجدداً بولاية غرب دارفور (بمحلية جبل مون) لكنها هذه المرة بصورة عنيفة وكأنّ هناك إنتقاماً من وجود اهل جبل مون من المسيرية في هذه البقعة المباركة من أرض السودان.
بدأ الصراع والنزاع في منطقة جبل مون منذ اشهر وكان نزاعاً عادياً كأيّ نزاع ينشب بين المزارعين والرعاة (المسيرية وبعض افخاذ من قبيلة الرزيقات) وسرعان ما تطور هذا الصراع و النزاع إلي حربٍ (شاملة) قضت على الاخضر واليابس والبشر والدوآب حتى صخور سلسلة جبل مون الممتدة والمحاطة بمحلية جبل مون كإحاطة السوار (بالمعصم) لم تسلم من هذا الحريق (الشامل).
علماً بانّ محلية جبل مون تقع على بُعدِ (80) كيلو متر من الجنينة حاضرة ولاية غرب دارفور شمالاً وتبعد عن محلية (سربا) المجاورة لها بنحوِ (35) كيلو متراً علماً بانّ محلية سربا بها (لواءاً) كاملاً وحامية عسكرية تتبع لقوات الشعب المسلحة (مكتملة) الاركان قائدها برتبة عظيمة ورفيعة (عميد) أركان حرب وعلى الرغم من ذلك فقد وقعت الصدامات والحروب في محلية جبل مون ادت الى ازهاق ارواح بريئة من النساء والاطفال والشيوخ (الكهلة).
إنّ الهجمات المتكررة على محلية جبل مون ادت الي استشهاد اكثر من (50) شخصاً بينهم اطفال ونساء وشيوخ كبار في السن وجرح العشرات مثلهم وتم فيها حرق اكثر من (20) قرية وتم تهجير قسري ونزوح لاكثر من (40) قرية اخرى الي المناطق الاكثر امناً كما انّ هناك عدداً من سكان محلية جبل مون لجؤوا الى دولة تشاد المجاورة بسبب الهجمات المتكررة عليهم.
هذه الهجمات لم تخلّف قتلى فحسب بل قضت النيران كذلك على محصول هذا العام باكمله ويحتاج اهل جبل مون الآن وبصورة عاجلة الى (الماوى والكساء والغذاء والدواء) والوقوف معهم لتضميد جراحاتهم النازفة وما خلفته هذه الهجمات من عوامل نفسية واذى جسيم خاصة للنساء والاطفال.
يرى الخبراء بانّ شن هذه الهجمات المتكررة على محلية جبل مون وقراها المنتشرة حول المحلية هو اشبه بسياسة حرب الارض المحروقة
ويشير الخبراء في هذا الصدد بانهُ لا يمكن ان تشن مثل هذه الهجمات ويتم فيها حرق القرى بهذه الكيفية إلاّ ان يكون هناك امراً متعمداً ونية مبية ومقصودة لتهجير سكان محلية جبل مون وافراغها من اهلها وتكون المحلية خالية من الحياة و(نواميسها)
ويتسآئل الخبراء وإلاّ ماذا تُفسر مثل هذه الهجمات ولمرات متكررة والمهاجمون يضرمون النيران في القرى وهي مشيدة بالمواد المحلية (القش والحطب)
وحسب آخر احصائية لمفوضية الشؤون الانسانية بالجنينة وهي جهة حكومية تقول بانّ عدد القرى المحروقة تجاوز ال (20) قرية تم حرقها بالكامل والقرى المحروقة هي : –
(ام سيالة ؛ عمار جديد ؛ قوز منو ؛ عرجة ؛ حلة اوين ؛ ثبت *انارة* ؛ هشابا ؛ حجر هوان *قريت* ؛ هجيليجة ؛ بدة ؛ قناكرة شمال ؛ بئر بطحة ؛ دار مرا ؛ فرتي ؛ بابنوسة ؛ عطاش ؛ فالكو ؛ التومات ؛ حراية ؛ بتا ؛ تسناكول)
تقول بعثة التقييم المشتركة بين وكالات الامم المتحدة اوشا (OCHA) بانّ هناك عدد (9.000) الف شخص تأثروا تاثيراً مباشراً بهذه الحروب .
كما تشير الامم المتحدة انّ هناك اكثر من (29) طفلاً واكثر من (16) شخصاً بالغاً في اعداد المفقودين .
كما افادة المفوضة السامية لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة بانّ هناك حوالي (2.261) الف شخصاً من جبل مون عبروا الحدود الي دولة تشاد المجاورة .
وتشير الامم المتحدة بانّه يعيش في محلية جبل مون (68.500) الف نسمة واكثر من ( 46.600) الف نسمة بحاجة الي مساعدات إنسانية عاجلة .
وتقول الامم المتحدة بانّ هناك عدد ( 6.800) ألف شخص في ازمة ومستويات متدنية للامن الغذائي وفقاً للتصنيف المتكامل للامم المتحدة .
*المصدر OCHA*
يرى المراقبيين والمحلليين السياسيين والمتابعين لما يجري في اقليم دارفور هذه الايام وخاصة في محلية جبل مون بانه ينذر بكارثة انسانية حقيقية ان لم يتدارك المسؤولون في حكومة المركز وحكومة الاقليم تداعيات هذه الحروب العبثية التي يشنها المهاجمون على اهل محلية جبل مون .
ويشير المراقبين للاوضاع في اقليم دارفور بانّ المسؤولية الاولى والاخيرة من ازهاق هذه الارواح تقع على عاتق حاكم الاقليم مني اركو مناوي والذي تقع عليه مسؤوليات جسيمة وخاصة عندما يتعلق الامر بارواح المواطنيين والمدنيين العزل الذين يتعرضون لمثل هذه الهجمات البربرية والعنف المفرط ؛ وهذه الهجمات و التي ترقى الي مستوى جرائم ضد الانسانية وجرائم ضد حقوق الانسان والقانون الدولي الانساني ؛ كما تقع على حاكم الاقليم مسؤولية الامن والاستقرار في اقليم دارفور المضطرب بنص اتفاقية السلام التي وقعت في جوبا عاصمة دولة جمهورية جنوب السودان في الثالث من إكتوبر 2020م والتي جاءت بمني اركو مناوي حاكماً لاقليم دارفور ومسؤولاً من ايّ روح بشرية تُزهق في الاقليم .