الجمعة 17 ديسمبر 2021 - 13:16
“يا أمّ جويّة..كلّنا جويّة”.. والدة جمال تروي قصة الحزن والألم والفراق


الخرطوم: إيمان كمال الدين
في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021م ، خرج الشاب جمال عبد الناصر من منزل أُسرته في الخرطوم/ الصحافة، ليلحق بالمظاهرات رفضًا لما وصف بالانقلاب العسكري.
تقول والدته محاسن محمد عندما علم ابني بالانقلاب وقف وقال لي: الله أكبر، استغفرت وقلت: الله أكبر )مافي طلعة من البيت، ما تمشي، ما تحرق قلبي زيادة براه محروق(.
وتضيف: رتِّب معي البيت ووقف أمام الباب وقال: المساء الناس “حيجوك، ويقولوا ليك: “يا أم جوية، كلنا جوية”.
ولد جمال عبد الناصر الشافعي في الثلاثين من أكتوبر 1998م، درس حتى الصف الثامن، ويعمل في مطعم ويعوّل أسرته، تقول والداته محاسن وهي تُغالب دمعها وحسرةً في القلب: كان ابني مشاركًا وموجودًا في المظاهرات منذُ بدايتها في ديسمبر 2018م ، وحتى فضّ اعتصام القيادة العامة حيثُ أصيب بطلقٍ ناريّ في ساقه، وقتها ظننت أنهُ قُتل، حيث كان موجودًا عند الترس قُرب منتزه بُري.
تستعيدُ والدة جمال تفاصيل حياة ابنها خلال الثلاثة أعوام الأخيرة، حين خرج حالهُ كحال رفاقه يهتفون، حُرية.. سلام وعدالة.
وتقول: منذُ بدء الاعتصام ظلّ هناك، ملابسه معه، وفي شهر رمضان كنتُ أحضر لهُ الإفطار، وأجلس معهُ حتى الثالثة صباحًا.
تبكي والدة جمال وتقول “ولدي الكبير، شهيد برضو”، طارق عبد الناصر درس حاسوب والتحق بجهاز الأمن.
وعن يوم الـ25 أكتوبر تقول محاسن: كنا نائمين حتى التاسعة والنصف صباحًا، لم نكن نعلم بالانقلاب، لا نملك تلفزيوناً، فعرفنا من الجيران، جمال كان بلعب مع بنت أخوي الصغيرة، قلت له: تلعب؟ في انقلاب.
وتضيف: قال جمال، الله أكبر، قلت له: “مافي خروج من البيت”، بعدها بدأ يرتب معي البيت، السرائر، المكان، بعدها وقف عند باب البيت وقال لي: “يا أمي أنا ماشي، المساء الناس، يقولوا ليك يا أم جويّة، كلّنا جويّة”.
وتمضي محاسن في حديثها لـ”باج نيوز” تكفكف دمعها الغارق حسرةً على فلذّة كبدها: ركضتُ وراءه في الشارع وجرى، بعدها جاء راجع قال لي: يا أمي أنا “ما ماشي، عافية وراضية؟”، قلت: “ما تمشي، قلبي محروق ما تحرقو لي زيادة”.
وأضافت” مشى محطة 7 وجلس مع أصحابه، ومنها مشى الموكب”.
بعد آذان المغرب وقبل أن تُصلي والدة جمال التي دَبّ القلق في قلبها لعدم قُدرتها على التواصل مع ابنها وعدم عودته للمنزل، حيثُ بحثت عنه بالقرب من سيتي بلازا ولم تجده.
وتقول” كنت سأصلي المغرب، تمّ الاتصال بيّ، قلت “إن شاء الله يكون جمال عاوز يطمئني عليه”.
ولكنّ، لم يكن جمال، كان الاتصال من طبيب بمستشفى رويال كير، وفقًا لوالدة جمال، التي أشارت إلى سؤال الطبيب لها عن اسمها وعن إذا ما كان ابنها يحمل هاتف ربيكا وشريحة اتصال أريبا.
وتقول” صرخت، وسألته عن ما يحدث، فقال: تعالي مستشفى رويال كير، لم أستوعب، طلعت الشارع وكنت أصرخ، واتّصلت بإخوته”.
أصيب جمال في حي بُري، برصاصتين واحدة من جهة العين، والثانية في رأسه من الخلف، وفقًا لحديث والدته.
وتنفي والدة جمال وجود أيّ ميول سياسية لدى ابنها، وتقول أنهُ كان يخرج في المظاهرات ويُطالب بحكومةٍ مدنية.
وتقول” توقيع حمدوك مع البرهان كان صدمةً لنا، حمدوك خذل الثوار، وخذلنا نحن كنا مع أولادنا وبنهتف نقول مدنية وظللت مع ابني في القيادة العامة حتى يوم فضّ الاعتصام، يومها في ضابط قال لي الاعتصام سيتم فضّه “سوقي ولدك وأمشي”، جمال رفض قال لي: لو في موت نموت كلنا، ولو حياة نحيا كلنا”.
زيارة الفكي
وفقًا لحديث محاسن زارهم عضو مجلس السيادة السابق محمد الفكي سليمان، تحدثوا معها، قال سيأتون مرة أخرى، ولم يأت أحد.
وأضافت” أيضًا جاء شَخصٌ سألني عن جمال وإنه من كان يصرف عليّ، وأخبرته، لديّ كِليةٌ واحدة، وحددت لي عملية حصوة في الكلى، وقال بندفع حق العملية ومضى أسبوعين ولم يأتوا.
وبين حديثها وصمتها تبتهل والدة جمال بالحمد لله، وتقول: “ربنا يرحم ولدي، العملوه في أولادنا إن شاء الله يلقوه في أولادهم، وما يتهنوا بالكرسي”.
وتضيف” تمّ تشريح جثمان جمال لإثبات حقه، وأنا بلاغي مع رب العالمين”