السبت 18 ديسمبر 2021 - 3:22

حسين قايد – الحرة الامريكية
بالرغم من مرور ما يقرب شهر على عودة رئيس الوزراء السوداني، عبدالله حمدوك، لممارسة مهامه، بعد استيلاء الجيش على السلطة في 25 أكتوبر، لا تزال ثمة عقبات تعرقل تشكيل الحكومة.
ويحذر مراقبون من أن التأخير أو الفشل في تشكيل الحكومة قد يزيد من تعقيد المشهد السياسي في البلاد، بالإضافة إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية.
“مطبات”
يرى الأمين العام للجبهة الوطنية السودانية، نزار عبد العزيز، أن “حمدوك يواجه عدة مطبات في الوقت الراهن”، مشيرا إلى أن العالم توقع أن “بعودته لمنصب رئيس الوزراء ستحل الأزمة، لكنها في الواقع عقدتها بسبب رفض الشارع لاتفاق 21 نوفمبر، واعتقاده أنه يشرعن للانقلاب”.
واعتبر عبد العزير في حديثه لموقع “الحرة” أن أبرز المشكلات التي تواجه حمدوك منذ عودته لمنصبه في 21 نوفمبر الماضي، هي عدم وجود توافق سياسي بين القوى والأحزاب والحركات الثورية على رؤية واضحة لتشكيل حكومة في السودان.
وأشار إلى أن “استمرار رفض الشارع الثوري لاتفاق 21 نوفمبر بين حمدوك وقائد الجيش عبدالفتاح البرهان يعقد الأمر، ويجعل من الصعب على حمدوك تشكيل حكومة في الوقت الراهن”، وقال إن “حمدوك فقد الكثير من شعبيته في الشارع منذ عودته”.
وأضاف أن أحد أسباب تأخر تشكيل الحكومة هو رفض الكثير من الكفاءات في السودان المشاركة في تشكيل الحكومة “خوفا من الشارع الثوري”، على حد تعبيره.
بدوره، أكد رئيس حزب الاتحاد الموحد، محمد عصمت يحيى، أن السبب الرئيسي هو عدم الوصول إلى اتفاق سياسي بين المكون المدني والعسكري بشأن الحكومة، وقال: “المشهد في السودان أصبح معقدا لأقصى درجة”.
وأشار يحيى في حديثه مع موقع “الحرة” إلى أن “حمدوك شخصية مقبولة من السودانيين رغم رفض البعض لاتفاقه مع البرهان، وهو ما سيساعده على تشكيل الحكومة في أقرب فرصة”.
وأثار الاتفاق السياسي الذي وقعه حمدوك مع البرهان، في 21 نوفمبر، جدلا كبيرا في السودان، وتسبب في حدوث انقسام داخل المكون المدني، الذي نددت أطرافه بالاتفاق، وطالبت بانسحاب الجيش من المشهد السياسي بالكامل.
وقد استمرت الاحتجاجات في الشارع السوداني، ورفع المحتجون شعار “لا تفاوض لا مساومة لا شراكة”.
احتقان سياسي
كان البرهان، أعلن في 25 أكتوبر حالة الطوارئ في البلاد وحل مجلس السيادة الذي كان يترأسه، والحكومة برئاسة، عبدالله حمدوك، الذي جرى توقيفه لفترة وجيزة، ثم وضع قيد الإقامة الجبرية في منزله، وأوقف معظم وزراء الحكومة من المدنيين وبعض النشطاء والسياسيين.
وفي 21 نوفمبر، استجاب البرهان للضغوط الدولية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتهديدات بفرض عقوبات ووقف المساعدات المالية والدبلوماسية، وأعاد حمدوك إلى رئاسة الحكومة، وفق اتفاق سياسي جديد.
قال خالد عمر يوسف وزير شؤون مجلس الوزراء في مقابلة مع رويترز، الأسبوع الماضي، “اتفاق البرهان-حمدوك هو شرعنة للمقاتل ولن يصمد وسوف ينهار سريعا. وندعو حمدوك الذي ارتكب خطأ كبيرا بأن يعود )إلى( جانب الثورة والشعب”.
ويرجح المستشار الإعلامي السابق لرئيس الحكومة، فايز السليك، عدم نجاح حمدوك في تشكيل حكومة في الوقت القريب، مرجعا ذلك إلى حالة الاحتقان السياسي التي تعيشها البلاد منذ انقلاب 25 أكتوبر، و”محاولة المكون العسكري إزاحة قوى الحرية والتغيير من المشهد في البلاد”.
وأكد السليك في حديثه مع موقع “الحرة” أنه لا يمكن تشكيل حكومة في السودان بدون تأييد ودعم من قوى الحرية والتغيير. وقال: “إذا حاول حمدوك عمل ذلك ستسقط سريعا”.
“وضع معقد”
في المقابل، أرجع حمدوك في منشور له على فيسبوك الثلاثاء، تأخر إعلان الحكومة إلى “انخراط كل القوى السياسية الداعمة للثورة والانتقال المدني الديمقراطي في حوار جاد وعميق بغية التوافق على ميثاق وطني، وخلق جبهة عريضة لتحقيق الانتقال المدني الديموقراطي وتحصينه”.
وأضاف: “سيشكل هذا التوافق الوطني إطارا قوميا لتوحيد الصف وتأسيس آلية لتشكيل حكومة كفاءات وطنية بجانب إكمال هياكل السلطة الانتقالية ومراقبة عملها، بغية تحقيق أولويات ما تبقى من الفترة الانتقالية، والمتمثلة في تنفيذ اتفاقية جوبا للسلام واستكمال عملية السلام، وتحقيق الاستقرار والانتعاش الاقتصادي، وتعزيز الوضع الأمني، وإكمال عملية الانتقال الديمقراطي عبر انتخابات حرة ونزيهة”.
وقالت خلود خير، من “إنسايت استراتيجي بارتنرز”، وهي مؤسسة بحثية مقرها الخرطوم، إن حمدوك “وضع نفسه في وضع معقد للغاية ومقيد للغاية”.
وأضافت خير في تصريحات لوكالة رويترز أن “ما يحتاج إليه )حمدوك( على وجه السرعة هو مجلس وزراء فعّال يمكن للناس الوقوف خلفه”.
وقال دبلوماسيون إن الوقت محدود أمام حمدوك، الذي اشتهر بالسعي إلى التوافق من خلال مشاورات مطولة، للفوز بتأييد الشارع وإثبات أنه لا ينفذ ببساطه ما تطلبه منه مؤسسة عسكرية لها تاريخ في القيام بالانقلابات، بحسب رويترز.
وقال أحد الدبلوماسيين متسائلا “حتى إذا حدثت العودة إلى الطريق السليم، كيف لأحد أن يثق أن ذلك لن يحدث من جديد؟”
تحذيرات من الاضرابات
وذكر تحليل لوكالة رويترز الأسبوع الماضي، أن فشل حمدوك في تشكيل الحكومة قد “يؤدي إلى مزيد من الاضطرابات في السودان، الذي ينذر بتعليق الدعم الاقتصادي الدولي له باختلال مالي في وقت يحتاج فيه ما يقرب من ثلث سكان البلاد لمساعدات إنسانية”.
وأشار السليك إلى أن السودان في وضع هش اقتصاديا وأمنيا والكثير من الملفات الهامة المتعلقة بمفاوضات السلام مع الجماعات المسلحة معلقة بسبب عدم وجود حكومة، مؤكدا أن في حالة تأخر إعلان الحكومة “سيزداد الوضع سوء في جميع الملفات، وقد تتفاقم الأمور إلى حدوث اضطرابات”.
يتفق عبد العزيز مع هذا الرأي، ويؤكد أن تأخر تشكيل الحكومة سيزيد من الإضرابات الاجتماعية والانفلات الزمني، مشيرا إلى أن ما حدث في دارفور خلال الأيام الماضية خير دليل على ذلك.
وبحسب ما أفادت لجنة الأطباء في دارفور، الخميس، فقد قتل 138 شخصا على الأقل في غرب دارفور في اشتباكات قبلية اندلعت خلال الأسابيع الماضية.
ووفقا للأمم المتحدة، أسفرت هذه الاشتباكات عن نزوح أكثر من 22 ألف شخص عن ديارهم، بينهم أكثر من 2000 لجأوا إلى تشاد المجاورة.
وأكد عبد العزيز أنه لن يكون هناك حل في السودان بدون توافق كامل بين القوى السياسية والثورية والمهنية مع حمدوك.