الأحد 6 فبراير 2022 - 22:53

)1(
 في بيانه الأول عقب انقلاب 25 أكتوبر ظهر الفريق أول عبدالفتاح البرهان مخاطباً الشعب السوداني ومبرراً لانقلابه وقراراته التي أعلن فيها حالة الطوارئ وحل مجلس السيادة والوزراء بعد اعتقال )حمدوك( والتحفّظ عليه في مكان آمن مثلما قال الفريق عوض بن عوف في بيانه الأول عقب اعتقال رأس النظام البائد )تم التحفّظ على رأس النظام في مكان آمن(. حيث قال البرهان : )أحييكم تحية عز وشموخ ومهابة مستوحاة من عزة وشموخ شعب السودان . في نصف قرن من الزمان وقف العالم ثلاث مرات ليكتب في تاريخه أن الشعب السوداني رفض أن يحكمه فرد أو فئة لا تؤمن بالحرية والسلام والعدالة، وذلك عندما هتف شباب ثورة ديسمبر المجيدة بهذه الشعارات واحتشد الآلاف منهم أمام القيادة العامة للقوات المسلحة(.
 البرهان يعرف جيداً عزة وشموخ ومهابة الشعب السوداني – هذا الشعب الذي يتحدث عنه البرهان هو نفسه الذي قتل منه بعد هذا البيان )79( شهيداً.
 الشعب الذي يتحدثون عن تفلتاته ويتهم ثواره بالقتل والخروج عن السلمية هو نفسه الذي وقف العالم ثلاث مرات ليكتب في تاريخه أن الشعب السوداني رفض أن يحكمه فرد أو فئة لا تؤمن بالحرية والسلام والعدالة.
 لماذا نسي البرهان ذلك وهو يعرف قيمة هذا الشعب؟
 حكم الفرد يجسده الآن البرهان كما يقول الكتاب.
 ما رفضه الشعب السوداني ثلاث مرات يرفضه الآن )تجاربه تقول ذلك(. الشعب يرفض الآن أن يحكمه فرد أو فئة لا تؤمن بالحرية والسلام والعدالة.
 هل تؤمن الفئة الحاكمة أو الفرد الحاكم بالحرية والسلام والعدالة بعد عودة جهاز الأمن والمخابرات ورجوع الاعتقالات من جديد؟
 الذي يحدث من بطش وقمع وقتل في هذا العهد لم يكن يحدث حتى من النظام الذي اسقطه الشعب السوداني.
 هل تغير مفهوم الحرية والسلام والعدالة عند البرهان؟
)2(
 قال البرهان في بيانه الذي أذاعه في 25 أكتوبر وأعادنا )30( سنة للوراء : )استجابت القوات المسلحة وعزمت من وقتها العمل على تحقيق حلمهم في بناء الوطن الذي جوهره هذه الشعارات “الحرية والسلام والعدالة” هي القناعة التامة بأن شباب وأهل السودان يستحقون أن يكون لهم وطن يحلم بتحقيق هذه الشعارات، فيه نؤكد مضي القوات المسلحة في إجمال التحول الديمقراطي حتى تسليم قيادة الدولة لحكومة مدنية منتخبة تحقق لهم طموحهم في هذه الشعارات(.
 لماذا يريدون أن يبخروا حلم شباب وأهل السودان ؟ أنهم لا يحلمون بأكثر من “الحرية والسلام والعدالة” . هل يستحق هذا الحلم أن يدفعوا مقابلاً له )79( شهيداً؟
 هؤلاء الشباب الذين يخرجون إلى الشارع لا يطالبون بأكثر من الحكم المدني لا يريدون منصباً ولا جاهاً.
 يدفعون حياتهم ويقدمونها ثمناً من أجل أن يروا الوطن بخير.
 التحول الديمقراطي لا يمكن أن يحدث بالعسكر والحركات المسلحة ، هذا أمر مستحيل – كل التجارب السابقة لم تنتج من هذه الأجسام غير الانقلابات أو حكومة الفرد والفئة التي لا نرى منها غير البطش والقتل.
 تحول ديمقراطي يستبيح دم )79( شهيداً – أمر لا يقبله منطق ولا يستوعبه منطق.
)3(
 البرهان الذي يعرف أن التراضي على حكومته معدوم قال في خطاب الانقلاب الذي انقلب به على حكومة حمدوك الفترة الانتقالية الراهنة قامت على أساس مرحلي هو التراضي المتزن بين الشركاء العسكريين والمدنيين للسير في طريق الانتقال حتى الوصول إلى التفويض الشعبي بموجب انتخابات عامة من خلال الممارسة التي امتدت لأكثر من عامين، انقلب التراضي المتزن إلى صراع بين مكونات الشراكة قاد بلادنا ومكوناتها المختلفة إلى انقسامات تنذر بخطر وشيك يهدد أمن الوطن ووحدته وسلامة أرضه وشعبه، وقد أكد وشهد بذلك السيد رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك في مبادراته التي أطلقها في يوليو وأكتوبر من هذا العام(.
 انتقل الصراع إلى الشعب بدلاً من مكونات الشراكة – وهذا أمر خطير. من الطبيعي أن يكون هناك صراع بين الشركاء – على هذا تقوم الحياة.
 على البرهان أن ينظر إلى المهددات التي يعيش فيها السودان بعد الانقلاب وهو الذي كان يشير إلى انقسامات تنذر بخطر وشيك يهدد أمن الوطن ووحدته وسلامة أرضه وشعبه.
 الخطر وقع بعد الانقلاب وتهديد أمن الوطن ووحدته وسلامة أرضه وشعبه ثبت للجميع أنه كان في قرارات 25 أكتوبر التي أصدرها البرهان.
)4(
 ماذا سوف تقولون على ما تمر به البلاد بعد 25 أكتوبر؟ إذا كان البرهان قبل ذلك التاريخ يصف الحال في بيان الانقلاب : )ما تمر به بلادنا الآن أصبح مهدداً حقيقياً وخطراً يهدد أحلام الشباب ويبدد آمال الأمة في بناء الوطن الذي بدأت تتشكل معالمه وبدأنا معاً نخطو نحو دولة المواطنة والحرية والسلام والعدالة إلا أن تشاكس بعض القوى السياسية وتكالبها نحو السلطة والتحريض على الفوضى والعنف دون اهتمام يذكر بالمهددا ت الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي طبقت على كل مناحي الحياة ومفاصل الدولة(.
 دعك عن الذي كان يهدد )أحلام( الشباب في حكومة البرهان وانظر إلى ما يهدد )حياتهم( في حكومة جبريل.
 التشاكس أصبح بالرصاص والفوضى عمت البلاد وقد كنتم تحدثوننا عن اعتصام القصر أنه سبب كاف لوقوع الانقلاب.
 المهددات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية الآن أضحت أكبر – أين القوات المسلحة من ذلك؟ والبرهان يبرر لها تدخلها السابق في 25 أكتوبر قاطعاً : )فكان لزاماً علينا في القوات المسلحة والدعم السريع والأجهزة الأمنية الأخرى أن نستشعر الخطر ونتخذ الخطوات التي تحفظ مسار ثورة ديسمبر المجيدة حتى بلوغ أهدافه النهائية في الوصول لدولة مدنية كاملة عبر انتخابات حرة ونزيهة(.
 ما هو مفهوم الدولة المدنية الكاملة؟ – هل يمكن أن يتحقق ذلك بالرصاص والبمبان والاعتقلات والقتل؟
)5(
 في نهاية بيانه أصدر البرهان )9( قرارات قال إنها من أجل تصحيح مسار الثورة.
 لكم أن تعلموا أن نتيجة لهذه القرارات التصحيحية قتل )79( شهيداً واعتقل أبناء لجان المقاومة.
 هذه القرارات التصحيحية أرجعت الحكم العسكري والنظام البائد وإعادة )التروس( وأغلقت )الشمال( ورفعت الدعم الخارجي من السودان وأدخلت البلاد من جديد في عزلة قاتلة.
 كنا سوف نغفر كل هذه الأشياء لو أن القرارات التصحيحية وصلت للجيش والحركات المسلحة والدعم السريع وتم دمج كل هذه القوات في )الجيش(.
 قرارات البرهان التصحيحية لم تقصد غير الحرية والتغيير ولجان المقاومة وحمدوك وهم الجانب الصحيح الوحيد في الثورة.
)6(
 بغم /
 الخلافات ظهرت في دمج الحركات المسلحة في الجيش وفي قيادات عسكرية في مجلس السيادة والتشاكس يمكن أن يكون بالأسلحة الثقيلة وأمن البلاد واستقرارها في مهب الريح في ظل هذه الانقسامات فهل يمكن أن نسمع بياناً جديداً أو قرارات تصحيحية أخرى؟ أم أنهم لا يملكون قدرة على ذلك إلا على الاحزاب وحمدوك؟