الجمعة 25 فبراير 2022 - 10:53
رصاصة في الرأس أفقدته الوعي )4( أشهر
)مهند بابكر (.. جسد يناضل وقلب ينبض بالحياة !
* أسرة الشاب "مهند بابكر" تُناشد لعلاجه خارج السُّودان وتخشى فوات الأوان
* شاهد عيان : قوة امنية منعت اسعاف مهند بابكر عقب اصابته برصاصة أسفل الرأس في مليونية 17 نوفمبر
* تقارير طبية : الشاب مهند خضع لـ)3( عمليات وشبه فاقد للوعي والنظر
الجريدة : سلمى عبدالعزيز
يسطر الشاب "مهند بابكر عيسي" على فِراشه الأبيض قصة كفاح مختلفة بعض الشيء ولكنها تُشبه تمامًا ثورة هذا الجيل الـ)راكب رأس(، جسده النحيل يناضل لأجل حياة كاملة بانتظاره ورفاق يترقبون شفائه لاكمال طريق بدأه معهم، وهُناك ايضًا شقيقه الأصغر الذي ومنذ مصابه يلازمه كظله ومنزل يعيش فيه ويفتقده.
)17-نوفمبر(
في الـ17 من نوفمبر العام الماضي خرج الشاب "مهند بابكر عيسى" البالغ من العمر )20( عامًا بمعية شقيقه الأصغر "محمد" للمُشاركة في مليونية معلن عنها مسبقًا لمناهضة انقلاب الـ25 من أكتوبر تعد الثالثة من نوعها آنذاك.الشاب المفعم بالحياة والرافض كرفاقه انقضاض الدبابة على السُلطة وقطع طريق الثورة الممهورة بدماء غالية، توجه من مدينة أم درمان حيث يقطن إلى المواكب الهادرة في شارع "العرضة" على مقربة من مستشفى "التجاني الماحي" الشهير.
قابلت السُلطات الأمنية الجموع الشاهرة سلميتها والهُتاف بوابل من الغاز المسيّل للدموع )البمبان( والرصاص الحي ما تسبب في وقوع عددٍ من المصابين من بينهم الشاب "مهند" الذي اخترقت رصاصة أسفل رأسه اسقطته مغشيًا عليه على الفور وفقًا لما أكده الأطباء .
*رصاصة أسفل الرأس
ظل مشهد الشاب "مهند بابكر" مزجي على الأرض والدماء تسيل من رأسه بينما تُحاول قوة أمنية منع رفاقه من انقاذه عالقًا في ذهن شاهد عيان تحدث لـ)الجريدة( قائلاً: خرجتُ مشاركًا في مليونية الـ17 من نوفمبر في العام الماضي في مدينة أم درمان حيثُ واجهتنا السلطة الأمنية بقمعً مفرط وغير معتاد للأمانة، كنتُ قريبًا من الشاب مهند عندما اصابت رصاصة مؤخرةً رأسه وسقط أرضًا على الفور.
ويُضيف: قوة أمنية التفت حول الشاب المُصاب والدماء تسيل منه ومنعوا الثُوار ورفاقه من اسعافه في مشهد استفزازي يصعب وصفه. وتمكنت مجموعة من المتظاهرين من انتشاله وسحبه على الأرض ما تسبب في بتر جزء من أذنه واسعافه على ظهر )موتر( درج على نقل مصابي المواكب والتوجه به إلى المستشفى.
يقول شاهد العيان في استكمال حديثه لـ)الجريدة( وملامح من الحزن احتلت وجهه خاض رفاق الشاب مهند في ذلك اليوم امتحانًا عسيرًا نجحوا فيه وسطروا واحدة من مشاهد البسالة لهذه الثورة.
)3( عمليات
وأنت تُشاهد صورة للشاب "مهند بابكر" اثناء تصفحك لـ)فيسبوك ـ واتساب( وهي بالطبع متداولة بكثافة تشعر وكأن احدهم صفعك على وجهك حين غفلة أو ألقى بكوب ماءِ باردٍ دون سابق انذار !. فالشاب ذو الـ20 ربيعًا بابتسامته المقبلة على الحياة اقعدته رصاصة على "فراش" امتص جسده وغدى وكأنه يخوض معركة قاسية مع الألم .
خضع الشاب "مهند بابكر عيسى" لـ)3( عمليات جراحية حتى الآن. أولى العمليات أُجريت في مستشفى )الوعد( بأم درمان عقب إصابته واسعافه مباشرة لإيقاف النزيف الحاد وحال تورم الرأس حينها من إخراج قطع الرصاص المتناثرة في مناطق عدة وخطرة في الرأس.
أمّا العملية الثانية فأُجريت للشاب "مهند" ايضًا في مستشفى )الوعد( وخُصصت لإخراج قطع الرصاصة وتمكن الأطباء من استخراج أجزاء متناثرة للطلق الناري الذي أصاب أسفل رأسه بينما تُركت "شظايا" على مقربة من "الدماغ" لخطورة المنطقة حسبما أخطر الفريق الذي أجرى العملية أسرته.
وخضع "مهند" لعملية ثالثة في مستشفى "فضيل" عبارة عن تركيب انبوب تغذية لعجزه عن تناول الطعام بصورة طبيعية. وبناءً على توصية الفريق الطبي المعالج والذي يضم اختصاصيين/ات تم اخراج "مهند" من المستشفى للمنزل تفادياً لالتقاطه أي عدوى وتم تجهيز غرفة بمنزل أسرته لضمان بيئة مهيئة وملائمة وتوفير سرير طبي ومرتبة هوائية وبعض الأجهزة الطبية الضرورية، اضافة لتوفير خدمة تمريض منزلي. ويخضع الآن لعلاج مكثف لقرح السرير بالإضافة إلى لبرنامج تغذية مكثف.
قبل فوات الأوان
يقول شقيقه الأصغر "محمد" متحدثًا عن وضعه الصحي الآن: مهند شبه فاقد للوعي وأيضًا النظر ولا يستطيع التحرك أو التحكم في عضلات جسده ويُخاطب أسرته بفتح أو اغماض عينيه. وتخشى الأسرة الصابرة حال تأخر سفر ابنها خارج السودان لإكمال علاجه فوات الأوان وتُناشد مد يد العون لشاب بذل ولم يبخل بشيء لأجل وطنه عسى أن يكتب الله له الشفاء. يقول شقيقه "محمد": "نُريد الاطمئنان عليه ونخاف تكرار مأساة ثائر تأخر سفره للخارج واخبره الأطباء بأن لا علاج له وقد فات الأوان“.
حلم صغير
حُلم صغير ظل يلازم الشاب "مهند بابكر" منذ نعومة اظافره سعى واجتهد حتى اصبح ذاك الحُلم واقعًا ولكنه تناسى بأنه يعيش في وطن يبتلع احلام صغاره !. وفقًا لحديث سابق لمحمد فإن شقيقه دائمًا ماكان يحلم بتأسيس مشروعه الخاص والمتمثل في )دُكان( صغير ويقين بداخله يؤكد له بأنه سيكبر مع الأيام .يقول عُرف "مهند"بحبه للتجارة منذ نعومة أظافره تاركًا مقاعد الدراسة لأجلها عاملاً في شتى مجالاتها الوعرة حتى كللت خاتمة المطاف بمشروعه الصغير الذي استقبله استقبال المولود الجديد. هذا الحُلم تحول لحقيقة ماثلة قبيل اسبوعين فقط من مليونية السابع عشر من نوفمبر.
الجريدة