الخميس 17 مارس 2022 - 5:58
جعفر عبـاس يكتب: الفول والخلل العقلي


شاب‭ ‬مصري‭ ‬إنهال‭ ‬على‭ ‬ابيه‭ ‬ضرباً‭ ‬حتى‭ ‬دشدشه،‭ ‬ولمّا‭ ‬اعتقلته‭ ‬الشرطة‭ ‬قال‭ ‬أن‭ ‬السبب‭ ‬هو‭ ‬الفول‭! ‬تقصد‭ ‬إيه‭ ‬يا‭ ‬واد؟‭ ‬بقولك‭ ‬الفول‭ ‬يا‭ ‬بيه،‭ ‬ده‭ ‬أنا‭ ‬بعز‭ ‬بابا‭ ‬قوي،‭ ‬بس‭ ‬الفول‭ ‬هو‭ ‬الشيطان‭ ‬اللي‭ ‬وسوس‭ ‬لي‭ ‬وخلاني‭ ‬أعمل‭ ‬العملة‭ ‬المهببة‭ ‬دي،‭ ‬قال‭ ‬له‭ ‬الشاويش‭ ‬المناوب‭: ‬برضو‭ ‬مش‭ ‬فاهم‭ ‬حاجة،‭ ‬إزاي‭ ‬الفول‭ ‬خلاك‭ ‬تضرب‭ ‬أبوك؟‭ ‬قال‭ ‬الشاب‭ ‬ودموعه‭ ‬تجري‭: ‬أصل‭ ‬الحكاية‭ ‬يا‭ ‬حضرة‭ ‬الصول،‭ ‬إن‭ ‬بابا‭ ‬من‭ ‬تلات‭ ‬أو‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬ما‭ ‬بيوكلنيش‭ ‬غير‭ ‬الفول‭.. ‬فطور‭.. ‬غداء‭.. ‬عشاء‭ ‬فول،‭ ‬وفي‭ ‬رمضان‭ ‬إفطار‭ ‬الصيام‭ ‬والسحور‭ ‬فول‭. ‬طهقت‭ ‬ودمي‭ ‬فار‭ ‬وأعصابي‭ ‬فلتت‭ ‬ولقيت‭ ‬نفسي‭ ‬نازل‭ ‬عليه‭ ‬بالشومة‭ ‬لما‭ ‬حط‭ ‬طبق‭ ‬فول‭ ‬قدامي‭ ‬ساعة‭ ‬الغدا‭.. ‬عملتها‭ ‬إزاي‭ ‬ما‭ ‬اعرفش‭. ‬بس‭ ‬شفت‭ ‬الفول‭ ‬وركبتني‭ ‬العفاريت‭.. ‬تهيأ‭ ‬لي‭ ‬إن‭ ‬الشايل‭ ‬صحن‭ ‬الفول‭ ‬قدامي‭ ‬عدو‭ ‬وكان‭ ‬ما‭ ‬كان،‭ ‬الله‭ ‬يلعن‭ ‬الشيطان،‭ ‬وكانت‭ ‬عاطفة‭ ‬الأبوة‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬عقوق‭ ‬الابن،‭ ‬وقرر‭ ‬الأب‭ ‬الصفح‭ ‬عن‭ ‬ابنه‭.‬
لقد‭ ‬نسبوا‭ ‬الى‭ ‬كارل‭ ‬ماركس‭ ‬زورا‭ ‬قوله‭ ‬إن‭ ‬الدين‭ ‬أفيون‭ ‬الشعوب،‭ ‬بينما‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬فعلا‭ ‬هو‭ ‬إن‭ ‬الفول‭ ‬أفيون‭ ‬الشعوب،‭ ‬وقد‭ ‬كتبت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مائة‭ ‬وسبعة‭ ‬وثلاثين‭ ‬مرة‭ ‬منبهاً‭ ‬إلى‭ ‬أخطار‭ ‬الفول‭ ‬على‭ ‬الجهاز‭ ‬العصبي‭ ‬والعقلي،‭ ‬وقلت‭ ‬إن‭ ‬سبب‭ ‬فشلي‭ ‬في‭ ‬استيعاب‭ ‬أبسط‭ ‬النظريات‭ ‬الرياضية‭ ‬ورسوبي‭ ‬المتكرر‭ ‬في‭ ‬مادة‭ ‬الرياضيات‭ ‬كان‭ ‬هو‭ ‬الفول،‭ ‬فحصة‭ ‬الرياضيات‭ ‬تكون‭ ‬عادة‭ ‬في‭ ‬الصباح‭ ‬الباكر،‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬بطني‭ ‬ممتلئة‭ ‬بالفول،‭ ‬وهو‭ ‬مادة‭ ‬لا‭ ‬تختلف‭ ‬كثيراً‭ ‬عن‭ ‬القات‭ ‬لأنها‭ ‬تسبب‭ ‬استرخاء‭ ‬العضلات،‭ ‬وبالتالي‭ ‬النعاس،‭ )‬بالمناسبة‭ ‬أثبت‭ ‬بحث‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬استشاري‭ ‬مخ‭ ‬وأعصاب‭ ‬سوداني‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬شركة‭ ‬أبحاث‭ ‬أدوية‭ ‬كندية‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬فعلا‭ ‬في‭ ‬الفول‭ ‬مادة‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬الاسترخاء،‭ ‬ومن‭ ‬مقتضيات‭ ‬الانصاف‭ ‬ان‭ ‬أذكر‭ ‬ان‭ ‬تلك‭ ‬الأبحاث‭ ‬أثبتت‭ ‬أن‭ ‬الفول‭ ‬يوفر‭ ‬المناعة‭ ‬ضد‭ ‬الصرع‭ ‬ومتلازمة‭ ‬باركنسون‭ ‬أي‭ ‬الشلل‭ ‬الرعاش‭(‬,‭ ‬ومهما‭ ‬قال‭ ‬العلم‭ ‬والعلماء‭ ‬فحادث‭ ‬الشاب‭ ‬المصري‭ ‬الذي‭ ‬اعتدى‭ ‬على‭ ‬أبيه‭ ‬دليل‭ ‬قاطع‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الفول‭ ‬يسبب‭ ‬اضطرابات‭ ‬عصبية،‭ ‬فالمواطن‭ ‬المصري‭ ‬العادي‭ ‬قد‭ ‬يؤذي‭ ‬نفسه،‭ ‬ولكنه‭ ‬لا‭ ‬يتطاول‭ ‬على‭ ‬والديه‭ ‬حتى‭ ‬باللسان،‭ ‬إذاّ‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬شاباً‭ ‬قروياً‭ ‬ينهال‭ ‬ضرباً‭ ‬على‭ ‬والده؟‭ ‬إنه‭ ‬الفول‭! ‬وخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬الشاب‭ ‬ظل‭ ‬يتناول‭ ‬الفول‭ ‬ثلاث‭ ‬مرات‭ ‬يومياً‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عدة‭ ‬سنوات،‭ ‬ومعنى‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬جهازه‭ ‬العصبي‭ ‬تعرض‭ ‬لتلف‭ ‬تام‭! ‬وإلى‭ ‬عهد‭ ‬قريب‭ ‬كان‭ ‬الفول‭ ‬وباء‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬السودان‭ ‬ومصر،‭ ‬ولكن‭ ‬فيروساته‭ ‬انتقلت‭ ‬إلى‭ ‬بقية‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬بسرعة،‭ ‬بل‭ ‬لاحظت‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬مطاعم‭ ‬الفول‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬السعودية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬العيادات‭ ‬الطبية‭ ‬الخاصة،‭ ‬ومعروف‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬عيادة‭ ‬خاصة‭ ‬لكل‭ ‬مائة‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬السعودية،‭ ‬وربما‭ ‬انتعش‭ ‬سوق‭ ‬العلاج‭ ‬الخاص‭ ‬بسبب‭ ‬تزايد‭ ‬ضحايا‭ ‬الفول‭ ‬في‭ ‬السعودية،‭ ‬بل‭ ‬سبق‭ ‬لي‭ ‬التنبيه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الزيادة‭ ‬الملحوظة‭ ‬في‭ ‬الحوادث‭ ‬المرورية‭ ‬في‭ ‬السعودية‭ ‬ليلاً،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬من‭ ‬يقودون‭ ‬السيارات‭ ‬يكونون‭ ‬تحت‭ ‬تأثير‭ ‬الفول‭. ‬وتخيل‭ ‬الحالة‭ ‬العقلية‭ ‬لشخص‭ ‬تناول‭ ‬الكبسة‭ ‬في‭ ‬الغداء‭ ‬ثم‭ ‬تعاطى‭ ‬الفول‭ ‬بالتميس‭ ‬عمداً‭ ‬في‭ ‬العشاء‭! ‬شخص‭ ‬كهذا‭ ‬معذور‭ ‬إذا‭ ‬انطلق‭ ‬بسيارته‭ ‬عكس‭ ‬اتجاه‭ ‬حركة‭ ‬المرور‭ ‬أو‭ ‬إذا‭ ‬تخطى‭ ‬الإشارة‭ ‬الحمراء‭ ‬لأن‭ ‬الكبسة‭ ‬والفول‭ ‬معاً‭ ‬يسببان‭ ‬الـ‭ )‬زغللة‭( ‬وعمى‭ ‬الألوان‭ ‬المؤقت،‭ ‬كما‭ ‬ثبت‭ ‬انه‭ ‬عندما‭ ‬يقود‭ ‬شخص‭ ‬ما‭ ‬السيارة‭ ‬وهو‭ ‬تحت‭ ‬تأثير‭ ‬الفول‭ ‬فإن‭ ‬جينات‭ ‬الاسترخاء‭ ‬تنتقل‭ ‬الى‭ ‬الكوابح‭/ ‬الفرامل‭/ ‬البريك،‭ ‬فيصعب‭ ‬كبح‭ ‬جماح‭ ‬السيارة‭ ‬وإيقافها‭ ‬عند‭ ‬حدها‭ ‬إذا‭ ‬اتخذت‭ ‬منعطفا‭ ‬خطرا‭.‬
ولأن‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تكيل‭ ‬بمكيالين‭ ‬فإنها‭ ‬تثير‭ ‬ضجة‭ ‬عن‭ ‬زراعة‭ ‬المخدرات‭ ‬في‭ ‬أفغانستان،‭ ‬وأمريكا‭ ‬اللاتينية،‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬الحكومة‭ ‬جادة‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬المخدرات‭ ‬لوضعت‭ ‬مصر‭ ‬والسودان‭ ‬في‭ ‬قائمة‭ ‬محور‭ ‬الشر‭ ‬بوصفهما‭ ‬أكبر‭ ‬منتجي‭ ‬الفول‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬الأمريكان‭ ‬خير‭ ‬لمنحوني‭ ‬مكافأة‭ ‬دولارية‭ ‬مليونية‭ ‬لأنني‭ ‬رفعت‭ ‬النقاب‭ ‬عن‭ ‬مادة‭ ‬خطرة‭ ‬على‭ ‬السلامة‭ ‬العقلية،‭ ‬وقد‭ ‬نما‭ ‬الى‭ ‬علمي‭ ‬ان‭ ‬مصاروة‭ ‬وسودانة‭ ‬فتحوا‭ ‬مطاعم‭ ‬سرية‭ ‬للفول‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المدن‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬أخطر‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬انتشار‭ ‬مطاعم‭ ‬الفلافل‭ ‬في‭ ‬أوربا‭ ‬وأمريكا‭ ‬والفلافل‭ ‬الذي‭ ‬يصنع‭ ‬من‭ ‬الحمص‭ ‬مأمون‭ ‬أما‭ ‬ذاك‭ ‬الذي‭ ‬يصنع‭ ‬من‭ ‬الفول‭ ‬فملغوم‭.‬
أقول‭ ‬قولي‭ ‬هذا‭ ‬واعترف‭ ‬بيني‭ ‬وبينكم‭ ‬انني‭ ‬أود‭ ‬تنفير‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬الفول‭ ‬حتى‭ ‬يصبح‭ ‬رخيص‭ ‬الثمن‭ ‬جدا‭ ‬فيتسنى‭ ‬لي‭ ‬أخذ‭ ‬كفايتي‭ ‬منه‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬لأنني‭ ‬أدمنه‭ ‬ولا‭ ‬يكاد‭ ‬يمر‭ ‬يوم‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬أتعاطى‭ ‬الفول‭ ‬فيه‭ ‬عمدا‭.‬