الإثنين 28 مارس 2022 - 14:53
الطاهر ساتي يكتب: )تغريدة أمل(


:: أجمل ما قرأت، تغريدة كتبها بالأمس حاكم دارفور مني أركو مناوي، ونصها: )وصلنا قبل قليل نيالا حاضرة جنوب دارفور، للوقوف على بعض المشاريع والبدء الجاد في تنفيذها.. طريق نيالا ـ الفاشر، وطريق نيالا ـ غرب بحر الغزال، والمراكز الصحية ومستشفيات، ومصالحات قبلية والجلوس مع الأهل بمعسكرات النزوح للبحث عن ترتيبات عودتهم إلى قراهم(..
:: فالتغريدة ليست تهريجاً سياسياً، كالذي تدمنه )نخب المرحلة(، وتضج به وسائل الإعلام والتواصل، بل هي برنامج عمل في مرحلة التنفيذ.. كل المشاريع مهمة، ولكن الاستراتيجي هو طريق )نيالا ـ بحر الغزال(، أي الربط بين الأشقاء هنا وهناك.. وبالمناسبة، قبل أشهر، كان القيادي بجنوب السودان استيفن لوال نقور قد تحدث عن شروعهم في تأهيل خط السكة الحديد الرابط بين البلدين، وكذلك النقل النهري بين كوستي وجوبا..!!
:: ويومها راقني العنوان الذي اختاره قسم الأخبار بهذه الصحيفة، بحيث كان )تأهيل السكة حديد بين دولتي السودان للمرة الأولى بعد الانفصال(.. توقفت عند مصطلح )دولتي السودان(، الوارد في العنوان، واستحسنته كثيراً .. وقلت فيما قلت إن كان كل شعب في هذا الكون الفسيح يفتخر بوطنه، فبقليل جهد من الحكومتين، يُمكن لشعبي الجنوب والشمال الافتخار بوطنين رائعين، السودان وجنوب السودان..!!
:: وليس عصياً تحويل الحدود إلى منطقة تكامل تخدم أهل الشمال والجنوب، كما يسعى مناوي لذلك.. ولعلكم تذكرون، كثيراً ما كتبت عن حدودنا مع أفريقيا الوسطى، باعتبارها الأجمل من حيث المظهر والجوهر، ولا يشعر بها أهل البلدين، وهذا ما قد يُسهل مهمة حاكم دارفور مناوي في خلق حدود المصالح مع أفريقيا الوسطى أيضاً.. فالحدود هناك )وهمية(، والناس هناك تجمعهم الأسواق والمراعي، أي المصالح..!!
:: ولأن مصالح المجتمعات هناك هي التي تحفظ حدود البلدين، فإن حدودنا مع أفريقيا الوسطى تصلح بأن تسمى بالحدود المثالية، وهي المطلوبة مع كل دول الجوار، وليس الجنوب فقط.. وما لا يعلمه سكان وسط البلد هو أن سكان الحدود هم من يدفعون ثمن متاعب الحدود )موتاً ونزوحاً(.. ومتاعب، حدودنا مع تشاد وإرتريا وإثيوبيا هي التي أفقرت المدن والقرى الحدودية وأخلتها من سكانها وجردتها من الإنتاج..!!
:: وتعمير تلك الديار، بحيث تعيد سيرتها الأولى، بحاجة إلى كثير )مال وأمان(.. فالحاكم مناوي يُحسن عملاً حين يشرع في تنفيذ الطريق الرابط ما بين السودان وجنوب السودان، وذلك لصناعة حدود مثالية – للبلدين – في أقليم دارفور.. فالحدود المثالية هي التي تساهم في استقرار المجتمعات وإنتاجها وتجارتها وتصاهرها، وبها تطوي الدول ملفات الحرب والفقر.. وعليه، كما غرّد مناوي بالأفعال والإعمار، غردوا أيها الثرثارون.. المُخرّبون..!!