الإثنين 16 أغسطس 2021 - 20:45
د. مزمل أبو القاسم يكتب: المحفظة معايا

للعطر افتضاح | د. مزمل أبو القاسم


* )المحفظة معايا( أحد أشهر أفلام النجم الكبير عادل إمام، بمعية النجمة نورا، وقد تم إنتاجه في العام 1978، ليروي قصة حياة )عطوة( الذي فشل في دراسته واحترف النشل والنصب والاحتيال، قبل أن يلتقي زميل دراسته )شكري(، الذي يعمل مديراً لإحدى الشركات المرموقة.
* وعد شكري عطوة بتوفير عمل له، ثم ماطله، حتى بادر الأخير بنشل محفظته، ووجد فيها مستندات تدينه مع شخصيات مهمة، وتثبت تورطها في قضايا نصب واحتيال واختلاسات.
* لا أدري لماذا ظللت أتذكر ذلك الفيلم كلما طالعت خبراً يتحدث عن إنشاء )محفظة( لتمويل أي نشاط تجاري، أو استيراد سلع قيِّمة لصالح الدولة، بمبالغ مهولة، تتكون عادةً من سبعة أرقام فما فوق.. بالدولار طبعاً!
* تم إنشاء محفظة السلع الاستراتيجية قبل أكثر من عام، وتولى بعض المسئولين التهليل لها، وزعموا أنها ستساهم في توفير كل السلع الاستراتيجية من قمح وبنزين وجازولين وفيرنس وغاز طبخ وأدوية، وتقضي على الشح والصفوف، وتم إشراك عدد من الشركات الخاصة والبنوك التجارية فيها، وتم تمكينها من احتكار استيراد معظم السلع الاستراتيجية، ومُنحت ميزة تصدير الذهب، واحتكار عوائد صادراته، فماذا كانت المحصلة؟
* فشل ذريع، وأزمات متلاحقة، وصفوف مُتراصة، وشُح تام في كل السلع المراد توفيرها، علاوةً على ضبابية شديدة، وغياب كامل للشفافية حول الأرباح، وكيفية توزيعها، وهوية الجهات المستفيدة منها.
* قبل أن تلملم المحفظة أطراف فشلها المريع، و)تختشي على دمها( كما يقولون، تم الإعلان عن تكوين محفظة جديدة، أسندت إليها مهمة استيراد مدخلات الموسم الزراعي للموسم الصيفي الحالي، برأس مال يصل )400( مليون دولار أمريكي، فماذا كانت المحصلة؟
* لم تفلح المحفظة )2( في استيراد أي باخرة للأسمدة حتى اللحظة، مع أن الموسم الزراعي شارف على نهايته، ومع أن سماد )الداب( المراد توريده يستخدم في مستهل موسمٍ شارف حالياً على نهايته.
* تعاقدت )المحفظة تو( مع شركة خاصة )اسمها زُبيدة( لتوريد الأسمدة، وكالعادة لم يتم العقد بعطاء، وانتُهكت فيه نصوص قانون الشراء والتعاقد، وسيطرت عليه شبهات الاحتكار، التي دمغ بها وزير الطاقة عمل المحفظة )ون(، قبل أن يصدرقراراً قوياً، قضى به على هيمنتها على سوق استيراد الوقود.
* أسندت إدارة المحفظة )تو( للصندوق الاستثماري للضمان الاجتماعي، الذي يعمل السيد عبد اللطيف عثمان محمد صالح مفوضاً له، والسيد عبد اللطيف يعمل في الوقت نفسه رئيساً تنفيذياً للمحفظة )ون(، ورئيساً لمجلس إدارة أحد البنوك التجارية، ليصبح مثل )سوبر مان(، أو فلنقل )سبايدر مان(، ولا نستبعد أن ينال لقب )دسيس مان تو(، طالما أنه متمدد في كل تلك المناصب المرموقة، وكأن حواء السودان لم تلد غيره، وكأن بلادنا تخلو من أي كادرٍ مؤهلٍ سواه.
* معلوم أن الجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي يُعد من أغنى المؤسسات الحكومية في السودان، بأرصدة ضخمة، وعقارات يبلغ تعدادها عشرات الآلاف، لأنها تضم مخططات سكنية كاملة، ذلك بخلاف امتلاكه نصيب الأسد من أسهم بنوك تجارية كبيرة، وفنادق وشركات ومنتزهات ومرافق أخرى عديدة، يصعب حصرها.
* بحسب ما رشح فقد تسلمت شركة زبيدة حوالي عشرة ملايين دولار، قبل أن تستورد طناً واحداً من السماد، مع أن أصول التعاقدات الحكومية تفرض عليها أن تدفع هي تأميناً قيمته عشرة في المائة من قيمة العقد وليس العكس.
* نواصل غداً إن كان في العمر بقية.