السبت 4 يونيو 2022 - 15:05

الزمان صبيحة آخر يوم من شهر رمضان المعظم الذي يوافق الثالث من يونيو للعام 2019، المكان أمام قيادة قوات الشعب المسلحة، الحدث مجزرة دموية قامت بها الأجهزة الأمنية متحدة )الشرطة والجيش والأمن( ضد المواطنين السلميين العزل الذين استجاروا بقيادة قوات الشعب المسلحة لتساعدهم على إنهاء عقود من الظلم والفرقة والشتات، وليتهم لم يستجيروا بها، فكما يقال “أصبحوا كالمستجير من الرمضاء بالنار”، فقد غدرت بهم غدر عدو لدود في أغرب حادثة غدر يشهدها التاريخ.
فالمجلس العسكري الذي حمل الأمانة بعد إسقاط البشير طمع في السلطة، فاستلهم أسلوب السيسي الذي صفى الثورة المصرية بفض اعتصام رابعة العدوية، ودان له حكم مصر، وأصبح أعظم طاغية تدعمه كل الأجهزة الأمنية. ورغم مرور ثلاثة سنوات على جريمة فض اعتصام القيادة العامة ما زال عسكر السودان يسعون لذات الهدف وهم يقرأون من كتاب السيسي الأسود.
لا أظن أن هناك مواطناً سودانياً قادر على نسيان ذلك اليوم، وما حدث فيه كشف عمق مأساة السودان ومعاناته من تركة نظام الحركة الإسلامية النازي، الذي يملك سجلاً حافلاً من جرائم الغدر والخيانة والقتل والتعذيب والتشفي ضد المواطنين. وفي الحقيقة كل العالم مندهش من هذه الجريمة التي لم يجد لها تفسيراً منطقياً ، هي أغرب جريمة غدر عرفها تاريخ الإنسانية، لم يرد أبداً أن هناك دولة تآمرت أجهزتها الأمنية الوطنية على شعبها بعد أن وضع فيها ثقته، وستظل هذه الجريمة جرحاً غائراً في نفس أي سوداني وعاراً في جبين الجيش والشرطة وجهاز الأمن إلى الأبد.
أمس عادت الذكرى الثالثة لجريمة فض الاعتصام، وما زال أهل الضحايا في انتظار العدالة التي لم تتحقق وهم يزدادون صبراً وعزيمةً، هي آتية لا محالة، بالرغم من أن الأجهزة الأمنية ما زالت ترتكب المزيد من الجرائم على أمل أن تنجح في إسكات المواطنين. وما الانقلاب الذي قام به البرهان في أكتوبر الماضي إلا جريمة أخرى يحاول من خلالها إخفاء جريمة فض الاعتصام وجرائم أخرى كثيرة، لكنه يفشل كل يوم، فالشعب مصر على إنهاء مسلسل حكم الطغاة العسكري الدموي الطويل، وتأسيس واقع جديد ينصلح فيه حال الجيش والمؤسسات الأمنية، لينعم هو بالحرية والسلام والعدالة.
لا شيء يمكن أن يعزي الشعب في شبابه الذي غدرت بهم الأجهزة الأمنية الحالية إلا بثلاثة أشياء: تأسيس حكومة مدنية مستقلة محترمة، وعودة القوات المسلحة إلى ثكناتها، وعودة الشرطة وجهاز الأمن إلى الالتزام بالمهنية. هذه هي البداية لتحقيق شعارات الثورة، ولا تراجع مهما قست هذه الأجهزة واستوحشت على الشعب من أجل هزيمته، فالشعوب لا تهزم ولكنهم لا يعقلون. وما تقوم به اليوم لا يزيد الشعب إلا جرأة ووعياً وإصراراً وعزيمة، وهو المطلوب من أجل التغيير الجذري، وسيمضي الشعب في هذا الطريق رغم مشقته والتضحية بالأرواح التي يقدمها الشباب كل يوم، لله درهم، ولا شك أنهم الآن مكرمون في عليائهم في رحاب العادل الذي سيجمعهم بقتلتهم أمامه، وسيشهدون على أنفسهم.
رحم الله شهداءنا الأبرار شهداء ثورة ديسمبر من أول شهيد حتى آخر واحد سقط يوم إحياء هذه الذكرى، لقد فتحوا الطريق لبناء السودان الجديد، السودان الذي يحمل ملامحهم التي تفيض طهراً وصدقاً ونقاءًووفاء. لقد أصبحوا وقوداً للحق والحرية والسلام والعدالة، ولا يجب ترك السودان لمن يريدون صناعة الطغاة، وستظل ذكرى هذه الجريمة الأليمة قوة ودافعاً يزيد الشعب صموداً عزيمة.