السبت 11 يونيو 2022 - 11:06
حيدر المكاشفي يكتب: كانوا يتفرجون حين كان الثوار يقتلون


بعد أن تابع مجالسي عددا من المواقع التي رصدت بداية حوار الوثبة، آسف أقصد حوار الآلية، وفرغ من حزمة الصحف التي طالع فيها خبرا هنا وتقريرا هناك مصحوبين بالصور عن جلسة الحوار، ووقف على بعض التلخيصات لافادات من بعض المشاركين في الجلسة، تنهد عميقا ثم قال )مافيش فايدة(، فما تابعته وقرأته ورأيته من صور لشخصيات الحوار ليس سوى استنساخ لحوار الوثبة الذي جرى نهايات عهد النظام البائد، ولم يغب عنه سوى المخلوع لتكتمل الصورة تماما..قلت في تعليق سريع ومن قال لك أن المخلوع غائب، صحيح أنه غائب بجسده ولكنه يشكل حضور قوي عبر ثلة من وكلائه ومكفوليه الذين عملوا عنده، وشاركوه الحكم بالتقاطهم لبعض فتات السلطة والثروة الذي القاه لهم، وثلة أخرى من داعمي الانقلاب، الا تراهم فالوجوه هي ذات الوجوه، وعليه بات من المؤكد أن يؤول مصير حوار الآلية بشكله هذا الى ما آل اليه مصير حوار الوثبة ابان العهد البائد، فأن يشارك الانقلابيون وداعميهم وفلول النظام البائد في هذا الحوار، فيما يغيب عنه لأسباب منطقية وشروط موضوعية عدد من الكيانات المفجرة للثورة والأحزاب الداعمة لها بقوة وكانت فصيلا من فصائلها المتقدمة، اضافة الى رفض بعض شركاء الفترة الانتقالية السابقين من المعنيين أصلا بتحصين هذه الفترة وحمايتها من الانهيار، لهو أمر مؤسف ومقلق ويدعو للتشاؤم مما هو قادم بل ويرهص بفشل هذا الحوار، وهذا ما أكده أيضا قادة الآلية أنفسهم، باعترافهم بأن غياب بعض القوى السياسية الأساسية عن المشاركة في الحوار، وعلى رأسها المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير وحزب الأمة والحزب الشيوعي السوداني ومجموعة حقوق المرأة وتجمع المهنيين السودانيين ولجان المقاومة، في الوقت الذي تمثل فيه هذه القوى أصحاب مصلحة رئيسيين في العملية السياسية من أجل الانتقال الديمقراطي في السودان فلن تكون العملية مجدية بدون مشاركتهم..
غير أن أكثر ما يلفت النظر ويحز في النفس، أن يرى الشخص أن هؤلاء القوم المشاركين في الحوار هم ذاتهم بشخوصهم ولحمهم وشحمهم من كانوا يتفرجون بكل برود وسادية ولم يتفوهوا بحرف واحد رفضا للمجازر الدموية التي ولغ فيها شريكهم النظام البائد، بل ربما كانوا يحثونه لمزيد من القمع حينما كان النظام الدموي المشاركين فيه يقمع الثوار بافراط ويطيح فيهم قتلا وسحلا، وهو ذات الفعل الذي يكرره الآن الانقلابيون الذين يؤيدونهم ويظاهرونهم، وكأنما انقلاب 25 أكتوبر ما هو الا امتداد للنظام البائد، حيث لم تتوقف المجازر وصار الموت حدثا يوميا، ومازال مسلسل الدم والقتل في أشكاله المختلفة مستمرا إلى هذه اللحظة، يحصد ما يحصد من أرواح وكأنهم دراكولات أدمنوا مص الدماء، إلى درجة أنهم ربما وصل بهم الإدمان لرائحة الدماء يشعرون بالإحباط والكآبة والنرفزة ان لم يقتلوا نفسا على الأقل عند كل موكب، فأي حوار هذا الذي يتشكل قوامه من دمويين وانقلابيين يمكن أن ينتهي الى شئ غير اعادة تدوير النظام الذي أسقطته الثورة وكأن لم تكن هناك ثورة..
الجريدة