الخميس 16 يونيو 2022 - 19:20

أعدها:المثني عبدالقادر
إحتفت السلطات التشادية بالمقاتلين السابقين في حركتي )UFDD وFNDJT( الذين إنضموا إلى الحكومة البالغ عددهم )217( مقاتلاً، الذين عادوا إلى الدولة الشهر الماضي بقيادة حسين شيبو أرامي ، في ماو في قاعة معهد ماو الوطني للبترول بحضور النائب الأول لرئيس الأركان اللواء نجين غينجار ومدير المخابرات العسكرية الفريق طاهر يوسف بويي وقائد الحرس الوطني اللواء أبكر شوا الله والمدير العام للجمارك علي تيمان،فيما مثل الأمين العام لولاية كانم ، ساتاجيم سوكيس نويل ،بدوره تعهد اللواء نجين غينجار أن المقاتلين سيتم إرسالهم لقائد الحرس الوطني للخضوع للتدريب العسكري في موسورو،بينما طلب من رئيس البعثة ، حسين شيبو عرامي، إحضار المقاتلين الآخرين الموجودين في أماكن أخرى:-
الذهب التشادي المُهرب
قال رئيس المجلس العسكري الإنتقالي التشادي محمد إدريس ديبي إن قيمة كميات الذهب المُهرب من بلاده كل أسبوع تقدر بنحو )57( مليار فرنك إفريقي ما يعادل )91 مليون دولار(، مشيراً إلى أن وجهة هذه الذهب تكون إلى ليبيا،وقال في مقابلة مع الإذاعة الحكومية )تيلي تشاد(، قال إن هذا الوضع ضخم ويجب أن يتوقف، حسبما نقلت وكالة )بلومبرغ( الأمريكية،وكان ديبي قد زار ، كوري بوغودي، وهي بلدة شمالية قُتل فيها ما لا يقل عن )100( عامل منجم في إشتباكات للحصول على الذهب في مايو الماضي،وتقدر تقديرات ديبي من قيمة صادرات الذهب المهرّب إلى خارج تشاد، حوالي )200( مليون دولار في عام 2020م، وفقاً لبيانات البنك الدولي،وتتطلع تشاد إلى إعادة تأكيد سيطرتها على إحتياطياتها من الذهب، الذي كان مصدراً طويلاً للصراع والتهريب، في أعقاب تصاعد الإشتباكات الدامية في مناطق التعدين.
ويسعى ديبي إلى الاستفادة من الذهب المستخرج في أقصى الشمال، إلى حد كبير تسيطر عليها الميليشيات المسلحة، ولطالما شكل تعدين الذهب في منطقة الحدود الثلاثية بين تشاد وليبيا والنيجر تحدياً أمنياً للإدارة في العاصمة إنجمينا، وتواجه تشاد حالياً أزمة أمن غذائي وتكافح للتوصل إلى إتفاق مع دائنين خارجيين، من بينهم عملاق تجارة السلع )جلينكور بي إل سي(، لإعادة هيكلة )2.8( مليار دولار من الديون الخارجية.
القضاء على الجهاديين
أعلنت قوة عسكرية مشتركة تضم جيوش تشاد نيجيريا والنيجر والكاميرون تم إنشاؤها في 1994م، مقتل أكثر من )800( جهادي خلال شهرين بمنطقة بحيرة تشاد إثر عملية شارك فيها نحو )3000( جندي، سمحت أيضاً باسترجاع كمية كبيرة من الذخيرة وتدمير أماكن لتصنيع العبوات الناسفة،وتمتد ضفاف البحيرة بين البلدان الأربعة وهي تضم مستنقعات وجزر تتمركز فيها مجموعات بوكو حرام الجهادية وتنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا،وقادت هذه القوات في الفترة الممتدة من 28 مارس وحتى 4 يونيو ، عملية مشتركة سميت لاك سانيتي )سلامة البحيرة( في جزر بحيرة تشاد والمناطق المجاورة بهدف القضاء على إرهابيين من بوكو حرام وتنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا، وفق تقرير لهذه القوة، التي أكدت أن العملية حققت نجاحاً بقتل )805( إرهابياً، وتدمير أو الاستيلاء على )44( مركبة، و)22( دراجة نارية وعدد كبير من الأسلحة الثقيلة والخفيفة.
تعيين الشافعي وسيطاً
أعلنت دولة قطر تعيين رجل الأعمال الموريتاني مصطفى الإمام الشافعي، وسيطاً بين الفرقاء التشاديين، في خطوة تهدف إلى إنقاذ الحوار الوطني،وقال موقع استخبارات )آفريكا( ، إن قطر إختارت تعيين ولد إمام الشافعي وسيطاً بين الكتلات السياسية التشادية،وتقود قطر منذ فترة وساطة لتسوية الأزمة السياسية التي تعيشها تشاد منذ مقتل الرئيس إدريس ديبي يوم 20 أبريل من عام 2020م،وكانت السلطات التشادية قد وافقت على دعوة الدوحة لتأجيل الحوار، الذي كان من المقرر عقده في 10 مايو، في العاصمة أنجمينا، بهدف منح أطراف المفاوضات في الدوحة فرصة للإتفاق.
بين الإرهاب والإحتجاجات
تعيش تشاد على وقع إضطرابات أمنية وتظاهرات إجتماعية متنامية تزيد من إضعاف القوات الحكومية وإشغالها عن مواجهة الجماعات المسلحة، فيما تتمسك بضرورة مغادرة القوات الفرنسية البلاد لصالح روسيا، الأمر الذي يهدد في حال وقوعه دون تخطيط مسبق بفتح المجال أمام الإرهابيين لتحويل البلاد إلى أفغانستان جديدة،أثبتت التطورات المتسارعة في تشاد أن إنعكاسات أحداث مالي، وآخرها الإنسحاب الفرنسي منها، ستطال دول مجموعة الساحل الإفريقي الخمس، حيث يعيد المشهد في هذه الدول تشكيل نفسه منذ تقلص الحضور الفرنسي مع بدء الإنسحاب من مالي وإعادة نشر القوات، فضلاً عن تصاعد النفوذ الروسي، ما جعل الرفض الشعبي لباريس يتدحرج ليصل أخيراً إلى تشاد،خرجت مظاهرات في شوارع مدن تشاد الكبرى والعاصمة إنجمينا أخيراً طالبت برحيل فرنسا من البلاد، وردد المحتجون المنتمون للمعارضة المدنية هتاف شعار )تشاد حرة وفرنسا على برا(.
ويتوقع أن يخلق الإنسحاب غير المنسق للقوات الفرنسية بجانب إنشغال القوات المحلية بالسيطرة على الإضطرابات الإجتماعية فراغاً يمكن أن يملأه الإرهابيون،ولم يكتف المتظاهرون بحرق الأعلام الفرنسية ورفع نظيرتها التشادية، بل رفع البعض منهم العلم الروسي على سارية بوسط إنجمينا كدلالة على تفضيل موسكو على باريس، ولم تعتد تشاد هذا النوع من الفعاليات الحاشدة والمنددة بنفوذ باريس وغير المرحبة بتواجد القوات الفرنسية على غرار ما جرى في غيرها من دول الساحل، مثل النيجر ومالي وبوركينا فاسو.
وتختلف المعادلة في ما يتعلق بفرنسا في تشاد عنها في مالي، حيث أن سبب الخلاف مع مالي وسحب القوات منها هو التوتر الذي شاب علاقة باريس بالمجلس العسكري الحاكم هناك،في واقع يكتنفه الإفتقار لحلول سريعة وعملية لتحسين معيشة غالبية سكان تشاد من الفقراء والإحباط،علاوةً على عدم التعويل كثيراً على البديل المدني يشعر المواطنون التشاديون بخيبة أمل كبيرة ويتجه الكثير منهم إلى معسكر الجهاديين والإسلام السياسي،ويقابل كل تراجع لفرنسا في تشاد وغيرها من دول منطقة الساحل بتقدم معاكس لنفوذ موسكو، وأعطى رفع العلم الروسي وسط العاصمة التشادية مؤشراً لصعود روسيا مقابل تراجع نفوذ فرنسا في مستعمراتها السابقة.
دلالات العملية العسكرية
أعلن رئيس المجلس العسكري الحاكم في تشاد، محمد إدريس ديبي )كاكا(، في 4 يونيو الماضي، إطلاق عملية لنزع السلاح في شمال البلاد، وذلك بعد تصاعد حدة الإشتباكات المسلحة في منطقة كوري بوغودي بإقليم تيبيستي، والتي أفرزت أكثر من )100( قتيل وإصابة العشرات،وشهدت منطقة شمال تشاد تصاعداً حاداً في وتيرة المواجهات العنيفة، بالتوازي مع تعثر جلسات الحوار الوطني التشادي بين الحكومة وجماعات المعارضة المسلحة التي تستضيفها قطر منذ منتصف مارس 2022م، فضلاً عن تزايد الإحتقان الداخلي من الوجود العسكري الفرنسي في البلاد. وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى أن أبرز التطورات التي شهدها شمال تشاد خلال الأيام الأخيرة هو وقوع إشتباكات دامية على الذهب شهدتها منطقة كوري بوغودي ، وتعد هذه المنطقة، الواقعة في إقليم تيبيستي بأقصى شمال تشاد، غنية بالذهب، حيث أعلنت الحكومة التشادية بأن هذه المواجهات قد إندلعت بين عمال المناجم غير القانونيين في هذه المنطقة.
وتعكس التطورات الأخيرة التي شهدها إقليم )تيبيستي( عن جملة من الدلالات المهمة، والتي يمكن عرضها على النحو التالي أبرزها أنه لا يمكن استبعاد وجود علاقة بين الأحداث التي شهدتها منطقة كوري بوغودي وتصاعد وتيرة الغضب الداخلي من الوجود الفرنسي المتنامي، حيث شهدت البلاد إحتجاجات واسعة للمطالبة بخروج باريس من تشاد، بل أن إئتلاف )وكت تاما( المعارض أكد على أن أحد أبرز أهداف الإحتجاجات الأخيرة التي نظمتها قوى المعارضة كانت معارضة التواجد الفرنسي في مواقع الذهب داخل تشاد، وبالتالي لا يمكن استبعاد وجود تطلعات فرنسية لتوسيع نطاق إنتشارها في المناجم الواقعة في شمال تشاد،كما أن التنسيق الراهن بين تشاد وليبيا بشأن ضبط الحدود الهشة بينهما يشير إلى وجود دور فرنسي نشط، من أجل تعزيز سلطة الحكومة التشادية الراهنة، والتي تعول عليها باريس وحلفائها الغربيين كثيراً بعد التوترات المتصاعدة مع مالي، مع إمكانية استغلال هذه الأحداث في شمال البلاد كمدخل يمكن من خلاله تبرير أي عنف محتمل، أو منع الإحتجاجات المتزايدة في أنجمينا. وربما يدعم ذلك إعلان وزارة الأمن العام التشادية حظر التظاهرات التي كانت تستعد لها قوى المعارضة في 28 مايو الماضي.
من جهة أخرى هناك أهداف حكومية إقتصادية حيث تعاني تشاد أزمة إقتصادية حادة، التي بدأت ملامحها تتضح من خلال إعلانها حالة الطوارئ الغذائية في البلاد، ويبدو أن الحكومة التشادية تسعى للسيطرة على المناطق الشمالية التي تزخر بالذهب وغيره من المعادن لإيجاد مصادر مالية لها، ولذلك أسندت عمليات التنقيب هناك إلى وزارتي المناجم والمالية،ووفقاً لبعض التقديرات، تخسر انجمينا نحو )57( مليار فرنك إفريقي أسبوعياً )حوالي 60 مليون دولار( بسبب عمليات التنقيب عن الذهب بالطرق غير القانونية، غير أن نجاح السلطات الحكومية في فرض سيطرتها على هذه المناطق الشمالية لايزال محل شك كبير، حتى وإن لاقت هذه الخطوة دعماً فرنسياً.
وتعكس المتغيرات التي تشهدها منطقة شمال تشاد عن عدد من الإرتدادات الداخلية والإقليمية المحتملة، والتي يمكن عرضها على النحو التالي منها تضرر الحوار الوطني ، فقد حملت بعض قوى المعارضة التشادية السلطات الحكومية مسؤولية تفاقم الوضع في منطقة كوري بوغودي، حيث أعلن الأمين العام للوفاق التشادي للدفاع عن حقوق الإنسان، محمد نور عبيدو، أن القوات التي أرسلتها الحكومة التشادية أطلقت النار على المدنيين،وتزامن ذلك مع تنامي سخط قوى المعارضة التشادية من السلطات الحاكمة بعدما قضت محكمة في انجمينا، في 7 يونيو الجاري، بسجن )6( من زعماء المعارضة مع وقف التنفيذ، والذين تم إعتقالهم منتصف مايو الماضي على خلفية الإحتجاجات المناهضة للوجود الفرنسي في البلاد.
وربما يعزز من ذلك )السيناريو( التدخل السريع من قبل التحالف العسكري من أجل التغيير في تشاد في منطقة الصراع. كذلك، ربما تزداد التوترات الداخلية في تشاد بصفة عامة بسبب حالة الإحتقان الشعبية من الوجود الفرنسي، فضلاً عن تصاعد حدة الأزمة الغذائية التي تعاني منها البلاد.
أما التنافس الروسي – الفرنسي ،فلقد عززت روسيا حضورها بشكل واضح في الساحل الإفريقي، وهو ما يضغط على النفوذ الفرنسي في تشاد، سواءً من الجنوب عبر إنتشار عناصر )فاغنر( الروسية في جمهورية إفريقيا الوسطى،لذا، يبدو أن الحراك الراهن في الداخل التشادي يعكس أحد ملامح التنافس الدولي في إنجمينا، خاصةً بين موسكو وباريس، حيث يسعى كل طرف لاستغلال المشهد المتأزم في تدعيم موقفه في مواجهة الآخر. وفي ظل المعطيات الراهنة تبدو الأمور مرجحة لمزيد من التفاقم، خاصةً حال استمرار تعثر الحوار التمهيدي الذي تستضيفه الدوحة.
لذا يبدو أن تشاد مقبلة على مرحلة جديدة من عدم الاستقرار والتصعيد بعد فترة من الهدوء الهش خلال الأشهر الماضية، التي تزامنت مع إنشغال فرنسا بالإنتخابات الرئاسية ، فضلاً عن الزخم الداخلي المرتبط بإنطلاق جلسات الحوار التمهيدي في الدوحة، بيد أن تعثر مساعي الوصول إلى تفاهمات حقيقية، فضلاً عن تحركات باريس لتعزيز نفوذها في تشاد بعد إنحسار نفوذها في مالي يدفع نحو تصاعد حدة التوترات الداخلية في أنجمينا خلال الفترة المقبلة.