الثلاثاء 17 أغسطس 2021 - 15:32
الطاهر ساتي يكتب: الشمولية الناعمة..!!

إليكم …. الطاهر ساتي
:: سبتمبر العام 2018، عندما اختار النظام المخلوع الدكتور عبد الله حمدوك وزيراً لماليته، فاعتذر عن قبول المنصب، تساءل السواد الأعظم من الناس عن الحكمة في أن يتفاجأ الوزير باختياره لهذا المنصب، ويقرأ خبر الاختيار في مواقع التواصل، ثم يقبل أو يعتذر.. وكما تعلمون، فإن النظام المخلوع كان يُدمن هذا النهج، ويتبعه في كل تشكيل وزاري، أي يعين من نلقبهم بالمسؤولين في مناصب الولاة والوزارات دون علمهم، فيعتذر البعض عن قبول المناصب، ثم يوافق البعض الآخر.
:: حمدوك من الذين اعتذروا عن منصب تفاجأ به، أو هكذا نُحسن الظن..وكان عليه أن يتعظ من هذا النوع من ) الاختيار العشوائي(، بحيث لا تتكرر مهزلة الاعتذارات في عهده أيضاً.. ولكن الشاهد، والمؤسف للغاية، لم تتعظ حكومة حمدوك ولم تتعلم الدرس من أخطاء النظام المخلوع، بدليل ما يحدث منذ أمس الأول، حيث أعلن فيه سيادته عن تشكيل آلية وطنية لمتابعة مبادرته التي أطلقها في يونيو الماضي، لحل الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال.
:: قبل أن يجف مداد الإعلان عن تشكيل الآلية، اعتذر حاكم دارفور مناوي.. نعم، مباشرة بعد المؤتمر الصحفي لحمدوك، اعتذر مناوي عن المشاركة في الآلية، نسبةً لمجيء المبادرة على هوى ياسر عرمان؛ المستشار السياسي لرئيس الوزراء، أو كما قال.. وبعد مناوي بساعات، أعلن رئيس المجلس الأعلى للبجا؛ محمد أحمد تِرِك، اعتذاره عن المشاركة في الآلية أيضاً، ثم قال في بيان الاعتذار )كنا نودَّ أن تنطلق المبادرة إلى آفاق الحل دون أن ترجع إلى مربع الخلاف بإدراج شخصيات وثيقة الصلة بأصل الخلاف(.
:: بغض النظر عن أسباب الاعتذار، ما لم يؤكد مجلس الوزراء استشارتهم وأخذ موافقتهم في بيان واضح فإن اعتذار مناوي وتِرك – وربما هناك آخرون لم يعلنوا بعد- يؤكد أن هناك خللاً في آلية اختيار )أعضاء الآلية( ..قديماً قالوا فاقد الشيء لا يعطيه، أي إن كانت آلية مبادرة حمدوك ذاتها تم تشكيلها بطريقة خاطئة، فكيف يُرجى منها بأن تأتي بحلول للأزمة الوطنية؟.. لماذا لم يشاورهم حمدوك قبل اختيارهم؟.. والغريب في الأمر، قال في مؤتمره الصحفي بالنص )تشكيل الآلية جاء بعد مشاورات طويلة مع مكونات سياسية ومدنية ومجتمعية واسعة(.
:: تأملوا، لقد شاور سيادته كل المكونات السياسية والمدنية والمجتمعية في تشكيل الآلية، أي شاور الجميع – في تشكيل الآلية – ما عدا من تم اختيارهم أعضاء فيها.. ليبقى السؤال، من أخبر حمدوك بأن كل الناس في بلادنا بحاجة إلى مثل هذه التكاليف؟، أو من أخبره بأن كل الناس في بلادنا جنود في القوات النظامية، وما عليهم إلا السمع والطاعة ثم تنفيذ التعليمات وقبول الاختيارات )بدون نقاش(؟.. على كل حال، مفاجأة المسؤول بخبر اختياره لمنصب أو لجنة نوع من الديكتاتورية الخفية.