السبت 30 يوليو 2022 - 21:49
قال قيادي بارز في ائتلاف الحرية والتغيير – المجلس المركزي – إن قوى الثورة تنوي إعلان ترتيبات دستورية ورئيس وزراء مدني خلال إسبوعين، مع منحه صلاحيات واسعة، لوضع الجيش أمام الأمر الواقع.
وفي 4 يوليو الجاري، أعلن الجيش الانسحاب من المفاوضات السياسية لإفساح المجال أمام القوى المدنية لتتوافق على حكومة مدنية، بعدها يُحل مجلس السيادة ويُشكل مجلس للأمن والدفاع بصلاحيات سيادية واسعة.
وقال القيادي في الحرية والتغيير محمد الفكي سليمان، في مقابلة مع “سودان تربيون”، السبت؛ إن “قوى الثورة ستعلن خلال أسبوعين ترتيبات دستورية جديدة ورئيس وزراء مدني، لوضع العسكر أمام الأمر الواقع”.
وأشار إلى أن رئيس الوزراء سيمنح صلاحيات واسعة لتشكيل حكومته دون أن يُفرض عليه أي شخص، شريطة أن يجري الأمر بالتشاور مع “قوى الثورة”.
وأوضح الفكي إن القوى التي يعنيها هي الحرية والتغيير والحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام ولجان المقاومة وكيانات مدنية أخرى تقاوم الانقلاب، وانها تنظر الآن في عدة ترشيحات لاختيار أحدهم رئيسا للوزراء.
وتحدث عن أن رئيس الوزراء سيكون مسؤولا أمام البرلمان عن أداء الجهاز التنفيذي، متوقعًا إلغاء مجلس السيادة في الإعلان الدستوري الجديد الذي تعتزم الحرية والتغيير تقديم مسودته إلى قوى الثورة للتشاور حوله.
وتقول وسائل إعلام محلية إن قادة الجيش الحاكمين بصدد إعلان رئيس وزراء، حيث ظلت البلاد دون حكومة لنحو 9 أشهر، أي منذ الانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر 2021.
خلافات محتملة
وشدد محمد الفكي سليمان على ضرورة وضع تعريف محدد لمجلس الأمن والدفاع، خاصة في مسألة من يكون رئيسه، وقال إنه يجب أن يكون رئيس الوزراء أو رئيس مجلس السيادة المدني حال شُكل الأخير في الترتيبات الدستورية الجديدة.
وتتحدث تقارير صحفية عن أن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان يُطالب بمنح مجلس الأمن والدفاع صلاحيات سيادية تتعلق بالسياسية الخارجية والبنك المركزي.
وقال الفكي إن الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام يجب التوصل معها إلى اتفاق، غض النظر عن وضعها الحالي، مبديًا تخوفه من عدم حدوث ذلك.
وأضاف: “الشد والجذب بيننا والحركات سيكون حول مطالبتهم بالمشاركة في السُّلطة كسياسيين فيما مطلب الشارع هو حكومة مستقلة”.
ووقعت حكومة الانتقال والحركات المسلحة اتفاق سلام في أكتوبر 2020، من بين بنوده تقاسم السُّلطة حيث منح الحركات نسبة 25% من مجموع مقاعد الحكومة التنفيذية.
وبشأن الحزب الشيوعي الذي يرفض التواصل السياسي مع الحرية والتغيير، قال الفكي إن “الشيوعي جزء من قوى الثورة وعلينا أن نجلس معًا لاختيار رئيس الوزراء”.
وتابع: “الحزب الشيوعي أسس تحالفا جديدا ويمضي في اتجاهات أخرى، وعلى الرغم من عدم وجود تواصل بيننا إلا إننا نحفظ له حقه في المشاركة لاختيار رئيس الوزراء”.
وأشار الفكي إلى أن الإعلان الدستوري الذي تنتوي الحرية والتغيير تقديمه إلى قوى الثورة للتشاور حوله والإضافة والحذف، يتضمن هياكل سُّلطة الانتقال.
وأضاف: “الخلاف الآن حول السُّلطة، فالجميع متفق على استقلال القضاء والمواطنة مثلا، ويجب أن يطوى هذا الخلاف بمشاركة الجميع في اختيار رئيس الوزراء”.
قضايا التنظيم والسياسية
وتوقع محمد الفكي سليمان أن يخفف المشهد السياسي القادم ــ أي تشكيل حكومة مستقلة تكون مساءلة أمام البرلمان ــ من خطاب ضرب الأحزاب الذي بدأ من فترة طويلة.
ولا يزال قادة الجيش يحاولون العمل لإبعاد الأحزاب عن الشأن العام، عن طريق التشكيك في حقها الطبيعي بالسعي للسُّلطة والبرامج التي تطرحها، إضافة إلى الاستعانة برؤساء القبائل والعشائر في شؤون الحكم الذي يتحكمون به بالقوة.
ورفض الفكي ما يشارع عن تعالي الصوت المضاد للحرية والتغيير في الشارع، وقال إن الائتلاف ظل يرفع رصيده السياسي كل فترة، مستدلًا بالدعوات التي يتلقاها قادته للتحدث في منابر القوى المدنية الأخرى.
ويمتنع الحزب الشيوعي عن العمل المشترك مع الحرية والتغيير ويقول إنه يرفض التعامل مع الكيانات المؤلفة منها بصورة منفردة، كما ترفض لجان المقاومة في ولاية والخرطوم التوقيع على الميثاق الذي طرحته من قبل الائتلافات.
وعلق الفكي على هذا بالقول: “نحن نرى أن العمل التحالفي أفضل، الحرية والتغيير لديها قدرة على العمل وتملك خطاب وقبول دولي مقبولين، وإذا كان الجميع يتجه إلى عمل تحالفات من الأسهل أن تتحالف مع ائتلاف موجود”.
وأضاف: “من يرفض العمل المشترك مع الحرية والتغيير يمكننا التنسيق ومن يمانع في هذا فلتعمل كل جهة بأدواتها، فإملاءات الحل غير مقبولة وعلي الجميع تقديم تنازلات”.
وأشار إلى أن الائتلاف مستعد لتقديم تنازلات، كما قدم أخرى مثل اعترافه بحق مشاركة الجميع في تشكيل المشهد السياسي القادم إضافة إلى التنازل عن رؤيته بتشكيل حكومة من كوادر حزبية.
وتحدث الفكي عن العنف الذي قُوبلت به الحرية والتغيير في الموكب الذي نظمته الثلاثاء الفائت، قائلًا: “العنف حدث لأنه الائتلاف السياسي المخيف ومارسته أجهزة أمنية بعد توفر غطاء سياسي رافض”.
وأضاف: “الحرية والتغيير تنظيم مخيف لجهات كثيرة، لذلك تعمل على محاصرته وجعله في حالة دفاع عن مواقفه، لمنع عودته لقيادة الشارع لأنه يمتلك تكنيات في العمل السياسي والميدني”.
والثلاثاء، وقعت إصابات عديدة في صفوف أعضاء وقادة الحرية والتغيير، الذين شاركوا في موكب لدعم السلم الاجتماعي بعد أعمال العنف القبلي في إقليم النيل الأزرق، وذلك بعد يوما واحدا من إعلان لجنة مقاومة بمنطقة الديم، جنوبي الخرطوم، إقامة الائتلاف منصة لمخاطبة الجماهير في المنطقة.
واعترف محمد الفكي سليمان بتجاهل تنظيم الحرية والتغيير لقضايا الولايات، لكنها أشار إلى أن هذا الأمر حالة عامة بما في ذلك الدولة، وقال إن هذا يتطلب حلول جذرية مثل أعطاء صلاحيات أكبر للأقاليم ترسخ في الانتخابات المقبلة.
وشغل الفكي منصب عضو مجلس السيادة والمتحدث باسمه، كما كان الرئيس المناوب للجنة التفكيك وإزالة التمكين؛ إلى أن وقع الانقلاب في 25 أكتوبر 2021.
ودافع الرجل بقوة عن الحكم المدني، إبان الأزمة السياسية التي افتعلها قادة الجيش مع الشق المدني في حكومة الانتقال في سبتمبر؛ وهي أزمة كان تُمهد لعملية الانقلاب.
وتقاسمت الحرية والتغيير الحكم مع قادة الجيش بعد عزلهم الرئيس عمر البشير في 11 أبريل 2019، تحت ضغط احتجاجات شعبية استمرت لأشهر؛ وظل الطرفين في السُّلطة إلى أن أُبعد الائتلاف بعد انقلاب شركاءه عليه.
فترة السُّلطة
وأقر الفكي بارتكاب الحرية والتغيير لأخطاء سياسية أثناء فترة الحكم، من بينها عدم تقديم كادرها الأول في مجلس السيادة، وقال إن من قدمتهم كانوا “دون المستوى المطلوب”.
وأضاف: “المعركة الأساسية كانت في مجلس السيادة، وعلى الرغم من تسميته بأنه شرفي إلا أنه أصبح مركز الحكم، والأخطاء حدثت من تغول العسكريين على السُّلطة المدنية”.
وتابع: “لو قدمت الحرية والتغيير كادرا مختلفا في مجلس السيادة، كان الوضع سيكون أفضلا”.
واختارت الحرية والتغيير آنذاك محمد الفكي سليمان وصديق تاور وحسن محمد إدريس قاضي ومحمد حسن التعايشي، إضافة إلى عائشة موسى التي تقدمت باستقالتها في 20 مايو 2021 احتجاجًا عن ضعف المكون المدني.
وأشار الفكي،في المقابلة مع “سودان تربيون”، إلى أن من الأخطاء هي بطء أداء الجهاز التنفيذي وعدم فعالية الائتلاف في اتخاذ القرارات.
وقال إن عمل حكومة الانتقال في العدالة الانتقالية “كان دون المطلوب”، ومع ذلك قطعت شوطا في مكافحة الفساد عبر لجنة التفكيك والقصاص لضحايا الاحتجاجات.
وأفاد بأنه ضغط على مجلس الأمن والدفاع آنذاك لإصدار قرار يقضي برفع الحصانة عن عناصر الأجهزة الأمنية والشرطية والعسكرية حال طالب النائب العام بذلك، وذلك بعد أن أبدت هذه الأجهزة عدم التعاون مع النيابة العامة بشأن التحقيق في قضايا الضحايا.
وفيما يتعلق بمستندات فساد النظام السابق عند لجنة التفكيك، قال الفكي إن “الوقت غير مناسب لتقديم هذه الملفات إلى القضاء، فالدولة مختطفة بالكامل من قبل الانقلاب، ومتى حدث استقرار سنقدم المستندات إلى المحاكم”.
وعملت لجنة التفكيك على استعادة آلاف الشركات والمنظمات وقطع الأراضي لصالح الدولة، كما فصلت مئات الموظفين من مؤسساتها، وتقول إن هذه الأموال والوظائف حصلت بطرق غير قانونية.
وجمّد قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في أولى قراراته بعد الانقلاب، عمل لجنة التفكيك وشكّل لجنة لمراجعة عملها.