الثلاثاء 13 سبتمبر 2022 - 18:56

الناظر إلى المسرح السياسي في السودان يدرك بوضوح تام ودون عناء أن الجميع فقد البوصلة وبات يتخبط ويتنكب الطريق ، والجميع (رايح ليهم الدرب ) …لا بأس السفير الأمريكي ابن صديقتنا أمريكا يجتهد الآن في إيجاد الطريق ، ويبحث بنهم لكي يوصلنا إلى (الدرب الرايح لينا)، والكل يفتح خشم البقرة لعله يجد (الدرب الرايح) ولايخرج إلا بـ (اللزوجة) اختلطت بلعاب تلك الدابة اجترتها مرات عديدة مثل أزماتنا ومشاكلنا المتكررة نجترها مثل علوق البقرة تماماً … الحل بسيط وسهل ، فإذا اجتمعوا وجدوا الطريق ، ولكنهم لايجتمعون يمنعهم التنافر والتخوين والتجريم الذي بات السمة المميزة لدى كل القوى السياسية المصطرعة على العرش المتهالك الذي أشرف على السقوط…

(2)

منهج تفكير بائس والذي يكشف هذا البؤس ويفضحه هو أن المتصارعين داخل الحلبة يغرقون في بحر من المغالطات حول لقاءات تمت بينهم ، يجتهد طرف في إثبات أن الطرف الآخر التقى معه ، بينما يكرس الطرف الآخر جهوده في إنكار هذه اللقاءات موضع الجدل والمغالطات ويتبرأ منها بدلا من أنيطلبها لإنهاء الأزمة ولعل أبلغ توصيف للخلافات السياسية هو ذلك الوصف الذي اطلقه الأستاذ عثمان ميرغني ذات مرة على تلك الخلافات التي قال أنها أشبه بـ (الشكلة)… ففي الوقت الذي يتطلع فيه الكثيرون إلى جلوس “الشريكين” ولقاءهما لإنهاء القطيعة وتسوية الخلافات أصبح اللقاء نفسه (جريمة) يتبرأ منها طرف ، بينما يحاول الشريك الذي بغى على الآخر إلصاق تلك (الجريمة) بغريمه السياسي ، كأنما اللقاء في حد ذاته (عيب) يجب التبرؤ منه ، في حين أن الوضع الطبيعي هو تكثيف اللقاءات والجلوس بين الأطراف المتصارعة في إطار الحوار الي لاسبيل لحل إلا به…

(3)

ومايكشف بؤس منهج التفكير لدى المتصارعين أيضاً عنوان رئيس قرأته ذات مرة في صحيفة السوداني ولايزال عالقاً بذهني حينما نسبت الصحيفة إلى إبراهيم الشيخ : (اشتبكتُ مع حميدتي بالأيدي وفكونا يا الله يا الله)..!!!! وقلت حينها أن السودان يحتاج إلى حكمة تصدر من عقول الحكماء ، لايحتاج إلى عضلات وتشابك بالأيدي ،فالسياسي الذي يشتبك بالأيدي ويبرز عضلاته داخل قاعات الحوار مكانه ساحات المعارك والأدغال وليس الساحة السياسية ولا مؤسسات إدارة الدولة والمفاوضات.

(4)

إنقلاب 25 اكتوبر زاد تعقيدات الأوضاع ، وضخ الدم في شرايين النظام المخلوع فتنفس تحت الماء وفاق فعليا من صدمة الثورة التي هدمت أمجاده الزائفة وبدأت تراوده أحلام السلطة وأوهام التسلط، حتى كاد اللواء أنس عمر أنييع بيان العودة وهويكيل السباب للثورة والثوار بقوله :slight_frown:

ثورة ديسمبر أكبر سمبك يرتكب بحق الشعب السوداني، الثورة دي هاملة ، بت هاملة ود هامل، في ثورة تأتي بالمثليين؟ من أنتم وكم عددكم حتى تحكموا البلد وتصبحوا وزراء علينا ..الخ..)… ولعل هذا التطور هو ما أضفى الكثير من التعقيدات والإضطراب على هذه الفترة..اللهم هذا قسمي فيما املك..

نبضة أخيرة :

ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله وثق أنه يراك في كل حين.